رافعات تعمل في الجانب المصري من الحدود مع غزة |
تصاعدت تداعيات الجدار الصلب الذي تبنيه مصر على حدودها مع قطاع غزة دينيًّا وبرلمانيًّا، وشهد مجلس الشعب جلسة ساخنة أمس بين نواب الإخوان والوطني انتهت بطرد المتحدث بإسم الكتلة الاخوانية حمدي حسن من قاعة المجلس، بعد اعتراضه على قرار رئيس لمجلس فتحي سرور بعدم مناقشة الموضوع، والاكتفاء ببيان الحكومة. فيما تصاعدت حدة الجدل دينيًّا بين رجال الدين على خلفية فتوى الأزهر أو مجمع البحوث بشرعية بناء الجدار، لكن لا يبدو ان هذه المعارضة ستؤثر على موقف القاهرة من بناء الجدار، بحسب خبراء.
القاهرة: حسم مجلس الشعب أمس الجدل بتصويت حول الجدار بعد خلافات حادة بين اعضاء الوطني والإخوان، وذلك بتصويت أغلبية أعضاء المجلس على بناء الجدار على الحدود مع غزة. ودافع الوزير مفيد شهاب في بيان مطول عن الإنشاءات الهندسية التى تتم على الحدود، ملخصًا الأسباب وراء الجدار قائلاً ان quot;هناك تنظيمات متطرفة تستغل الحدود مع غزة لاستهداف الساحة الداخلية بتهريب الاسلحة والقنابل والأحزمة الناسفةquot;، لافتًا الى ان quot;الانفاق تهدد منازل مدينة رفح بالانهيار، وان رجال حرس الحدود والشرطة أصبحوا هدفًا لرصاص المهربينquot;.
ولم يكن السجال الديني حول الجدار اقل من السياسي الدائر في البرلمان، إذ اتهم علماء بمجمع البحوث بيان جبهة علماء الأزهر بالجهل، وشككوا في شرعية الجبهة وآرائها الفقهية، ويأتي ذلك ردًا على بيان الجبهة الذي وصف فتوى مجمع البحوث بأنها من quot;الموبقات السبعة quot;.
مصر تنفي بناء جدار فولاذي: الأمر يدخل في سياق الأكاذيب الإسرائيلية |
وإتهم الدكتور عبد المعطي بيومي، عضو المجمع، جبهة علماء الأزهر بعدم فهم فحوى الفتوى التي صدرت، وقال بيومي في تعليقه quot;لإيلافquot; ان المجمع يرى ان سيادة مصر أهم من أي قضية سياسية، وان مصر من حقها الحفاظ على أمنها وسيادتها وتأمين حدودها، مشيرًا الى ان quot;الجدار لا يساهم فى حصار الفلسطينيين ولا قتلهم ولا قطع المعونات عنهمquot;، بل الهدف منه منع تهريب الأسلحة والمخدرات والمواد التي تتسبب الضرر للمصريين.
مشيرًا الى عدم وجود ما يسمى بجبهة علماء الأزهر.
وقد أفتى المجمع، الذي يمثل أعلى سلطة دينية في مصر، في بيان بحق مصر فى بناء الجدار قائلاً quot;من الحقوق الشرعية لمصر أن تضع الحواجز التي تمنع أضرار الأنفاق التي أقيمت تحت أرض رفح المصرية، والتي يتم استخدامها في تهريب المخدرات وغيرها مما يهدد ويزعزع أمن واستقرار مصر ومصالحهاquot;، وأضاف البيان، الذي نشر في ختام اجتماع شارك فيه شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي quot;إن الذين يعارضون بناء هذا الجدار يخالفون بذلك ما أمرت به الشريعة الإسلاميةquot;.
بينما ردت جبهة علماء الأزهر في بيان مضاد وصف الجدار بالموبقات السبعة فى حق أهل غزة، وتأكيد لسياسة الكافرين، مشيرًا الى تحقق معالم السبع الموبقات في سياسة الجدار الفولاذي العازل، الإشراك بالله، وجريمة حصار غزة، والقتل المتحقق للمحاصرين، والتولي يوم الزحف. وأضافت أن quot;هذه القرارات المنقولة عن مجمع البحوث قديما، فوق أنها قرار مجمعية على الحقيقة، لم ينسخها ناسخ من شرع الله، أو يبطلها إجماع على مثل درجتها، والقرار الجماعي في شرع الله من العلماء يمثل مصدرًا من مصادر الشرع، والخروج عليه هو خروج على معالم الدين على ما قضىquot;.
وقد فتح بيان الأزهر بابا للتناحر بين علماء الدين داخل مؤسسة الأزهر نفسه، إذ انقسموا ما بين مؤيدين ومعارضين لبناء الجدار. وبينما يؤكد المؤيدون على شرعية بناء الجدار، يصف المعارضون الجدار على الجانب الأخر بأنه quot;حرام شرعًا ولا يجوز من قبل القانون الإسلاميquot;، مشيرين الى انه يهدف إلى محاصرة سكان قطاع غزة، وإغلاق كافة الخيارات امام سكان القطاع لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض منذ ثلاث سنوات من بعد إغلاق المعابر.
واعتبرت جماعة الأخوان المسلمين وعدد من علماء الأزهر فى بيان الجدار بأنه quot;وسيلة للضغط من أجل القضاء على حركة حماسquot;، وناشدوا الحكومة المصرية وقف بناء الجدار وتقديم اعتذار رسمي للشعب المصري.
تناقض ديني
كشفت قضية الجدار ظاهرة تناقض في الفتاوي الدينية وعن التداخل بين السياسة والدين. وترى الدكتورة هالة مصطفى، رئيسة تحرير مجلة الديمقراطية التى تصدر عن مؤسسة الأهرام، ان مسألة الجدار الفاصل بين مصر وقطاع غزة تتعلق بحسابات واعتبارات سياسية، ولا يجب ان تخضع للتفسير الديني، quot;المسألة ينبغي أن تخضع فقط للمعاهدة المنظمة للحدود بين مصر وإسرائيل، وإلى تفاهمات مصر مع الاتحاد الأوروبي والسلطة الفلسطينيةquot;، وفقا لما ذكرت لموقع quot;ميديا لاينquot; الاخباري.
لكن ما يجري الان له ما يبرره quot; نظرا لأنها ثقافة وقضية شعبية، يجب على الدولة تغليف القضية فى إطار ومرجعية دينيةquot;، و ان quot;التداخل بين الدين والسياسة مشكلة تعاني منها مصر، وربما العالم العربي والإسلامي بأسرهquot;، بحسب هالة مصطفى.
وكان وزير الأوقاف محمود حمدي زقزوق دخل على الخط أيضا وابدى موافقته على فتوى بناء الجدار، مؤكدا حق مصر في الدفاع عن حدودها quot;بأي طريقة تراها مناسبةquot;، وشدد على أن مصر quot;قدمت الكثير للقضية الفلسطينية، وفقدت مئات الآلاف من أبنائها من أجل حماية الفلسطينيينquot;.
وحول رأيها فى التباين فى مؤسسة الازهر نفسها حول الجدار قالت مصطفى quot;وجود تباين في وجهات النظر داخل الأزهر الموالي للحكومة، ينبغي ألا يفاجأ أحدquot;، مضيفة ان quot;المتشددين من رجال الدين داخل الأزهر، ممن لديهم ميول وهابية وسلفية، يتم التسامح معهم إلى حد ما من قبل الحكومة، بالرغم من آراءهم التى تخالف أحيانا خط الحكومةquot;. بيد أنها أكدت ان quot;الأزهر لن يتخذ موقفًا يتعارض مع الحكومة المصرية لأنه جزء من مؤسسات الدولة، ومن الصعب ان نرى الأزهر يتخذ موقفا ضد الدولة أو ضد سياسات الحكومة quot;.
وأكدت مصطفى ان مثل هذه المعارضة من غير المرجح ان تؤثر على قرار القاهرة لأنها quot;تحاول جاهدة ألا تدخل في مشاكل مع الولايات المتحدة، وخاصة بعد أن اتهمت واشنطن القاهرة بعدم بذل جهود كافية لوقف التهريب عبر حدودها، وهذا موضوع رئيسي بين مصر والولايات المتحدة، مدرج في شروط مساعدات الولايات المتحدة العسكرية والاقتصادية لمصرquot;. وأضافت quot;قبل بضع سنوات، جمدت الولايات المتحدة 200 مليون دولار من اموال المعونة بسبب مشكلة الحدود مع غزة وتهريب الأسلحة، لذلك لا اعتقد ان مصر سوف تكون على استعداد لتكرار هذه التجربة مرة أخرىquot;.
التعليقات