الشيخ الدكتور محمد العريفى |
توالت ردود الأفعال الكويتية على خلفية منع دخول الداعية السعودي الشيخ الدكتور محمد العريفي للكويت، حيث إنقسمت الآراء إلى فريقين، أحدهما معقرار المنع والآخر ضده وكل له حجته وبراهينه وأسبابه، وذلك على خلفية وصفه للمرجع الشيعي العراقي علي السيستاني بـquot;الزنديق الفاجرquot;.
الكويت: quot;ما إن تخرج من أزمة إلا وتدخل في نفق أزمة جديدةquot; هذا ما يمكن أن توصف به الساحة السياسية في الكويت حاليًّا، حيث تظللها سحابة أزمة شتوية بين السلطتين الإجرائية والتشريعية على خلفية منع دخول الداعية السعودي الشيخ الدكتور محمد العريفي للكويت وهو في طريقه quot;ترانزيت quot; إلى الدوحة حيث يقدم برنامجًا أسبوعيًّا بعنوان quot;مع الناسquot; على شاشة تلفزيون قطر.
وكانت الأزمة قد تفجرت عندما أوردت جريدة الوطن الكويتية - في عددها الصادر يوم السبت الماضى - خبرًا مفاده أن الكويت أدرجت إسم العريفي على قائمة الممنوعين من دخول البلاد، وذلك في أعقاب الهجوم الذي شنه العريفي في خطبة له تناول فيها الشيعة، إضافة إلى وصفه للمرجع الشيعي العراقي علي السيستاني بـquot;الزنديق الفاجرquot; الأمر الذي إعتبره الكثيرون هجومًا على الشيعة وإثارة للخلافات المذهبية.
النائب د.ضيف الله بورمية
وكان العريفي ndash; وهو إمام وخطيب مسجد البواردي بالرياض- قد تناول في خطبة الجمعة التي كانت بعنوان quot;قصة الحوثيين quot; حيث قال quot;إنهم خلال معاركهم مع الحكومة اليمنية أصروا على أن يكون السيستاني هو الوسيط لحل النزاع ولم يطلبوا وساطة كبار العلماء بل شيخ زنديق وفاجرفي طرف من أطراف العراقquot; ndash; على حد قوله-. كما أشار إلى أن الشيعة قد عاونوا المغول خلال هجمات هولاكو في القرون الوسطى على الخلافة العباسية، كما هاجموا الحجاج في السعودية في الماضي والحاضر، وإتهم العريفي أيضًا الشيعة بإضطهاد السنة في إيران ومنعهم من بناء مساجد لهم في طهران، وبقتل أكثر من مئة ألف سني في العراق.
وإنتقلت ظلال الأزمة إلى الكويت بعد نشر خبر منع العريفي وكانت البداية من قاعة عبدالله السالم بمجلس الأمة حيث شهدت سجالات وتجاذبات بين النواب الأسلاميين من جهة ونظرائهم الشيعة من جهة أخرى وتحت ضغوط نيابية من الأسلاميين رفعت الحكومة إسم العريفي من قوائم منع دخول البلاد ثم تردد أنها أعادته مرة أخرى إلى قوائم المنع خشية إندلاع أزمة جديدة.
لكن يرى المراقبون هنا أن الحكومة قد أقدمت على إجراء منع العريفي من دخول الكويت حتى تقفل باب أزمة، وتوئد فتنة قد تندلع في حالة دخوله للكويت، حيث يربطون بين ذلك ومنع دخول السيد محمد الفالي للكويت في وقت سابق من العام الماضى حيث تصدى لذلك عدد من النواب الإسلاميين حينئذ وهددوا بإستجواب وزير الداخلية إذا لم يتم إدراج إسم الفالي ndash;الذي إتهمه النواب الإسلاميون بسب الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة وأمهات المؤمنين رضوان الله عليهم ndash; على قائمة الممنوعين من دخول البلاد .
النائب محمد هادى الحويلة
وما زالت تتواصل ردود الأفعال في الشارع الكويتي وبين الأوساط والشرائح الإجتماعية والدينية والثقافية وتحت قبة مجلس الأمة حيث هناك فريقين أحدهما مع قرارالمنع والآخر ضده وكل له حجته وبراهينه وأسبابه التي يعتبرها من وجهة نظره أنها وجيهة ومبررة لذلك. وناشد نحو 106 من علماء الدين بالكويت الجهات الرسمية لرفع المنع عن دخول الداعية الشيخ العريفي حيث أشادوا بإسهاماته التي تعزز القيم والثوابت.
مثير للفتنة
وقد رصدت quot;إيلاف quot;ردود أفعال وآراء كلا الجانبين من المعارضين والمؤيدين لقرار منع دخول الداعية الدكتور الشيخ محمد العريفي، وفي البداية وصف النائب ضيف الله بورمية قرار المنع بأنه مثير للفتنة وأنه غير مدروس، وداعيًا الحكومة إلى التراجع عنه، كما إتهمها بنبش الفتنة بشكل او بآخر كلما هدأت .
تصحيح خطأ
وإنتقد النائب محمد هادي الحويلة قرار المنع ودعا الحكومة إلى تصحيح خطئها ورفع إسم العريفي من قائمة الممنوعين، مؤكدًا أن العريفي كان يدافع عن بلاده ضد فئة الحوثيين الذين تعدوا على سيادة المملكة، مبيّنًا أن الكويت حكومة وشعبا أدانت تلك الإعتداءات وأكدت أكثر من مرة إستعدادها للمشاركة في الدفاع عن أراضي المملكة.
موقف متشدد
النائب حسين القلاف
وفي المقابل حذر النائب الشيعي حسين القلاف من السماح لـquot;العريفيquot; بدخول البلاد قائلا quot;إن بعض التكفيريين يصرون على الفتنة، معتبرًا وصف أحد مراجع المسلمين بالزنديق من قبل العريفي أمرا غير مقبول وسيكون لنا موقف متشدد لو دخل البلاد وليتحمل دعاة الفتنة النتائجquot;.
إساءة
أما النائب الشيعي صالح عاشور فقال مخاطبا وزير الداخلية quot;ياوزير الداخلية ..أخطأت بتراجعك عن منع العريفي من دخول الكويت حيث أنه أساء لفئة كبيرة من المواطنين وهاجمهم في معتقدهم، وأضاف: quot;ياوزير الداخلية ما هكذا تورد الإبل وأعتقد إنك بهذا القرار خسرت من وقف معكquot;.
محاسبة
ومن جانبه أكد الكاتب الليبرالي سامي النصف أنه لا يتفق مع ماذكره الشيخ محمد العريفي من إساءة لطائفة مسلمة كريمة، والسادة طائفة إسلامية كريمة وأتصور أن الكويت هي التي تنفرد فقط في قرار الدخول أو منع الدخول إليها بالنسبة إلى الدعاة، ولا توجد مشكلة طالما أن ما قاله وصرح به هو خارج حدودها وهذه القضية تحتاج إلى وقفة أمامها.
وهل ستصبح الكويت هي المرجع في قضية محاسبة كل رجل دين أو داعية أو سياسي على ما يقوله؟ الحقيقة أنها قضية محيرة وهذا الأمر حدث في المملكة العربية السعودية والمرجع الديني في العراق، وهل سنستخدم هذه المسطرة طول الوقت وسنبحث في خلفيات وارشيف كل شخص ومواقفه؟ وإذا لم نرض عن تصريحاته سيهدد بعض النواب المسؤولين بينما يهدد نواب آخرين إذا ما دخل وهذا ما حدث مع الفالي حيث تم التعامل مع موضوعه بطريقة خاطئة واليوم ندفع ثمن تداعيات ذلك، وأرى إنهم يبحثون عن أزمة أو فلنقل مشروع بحث عن أزمة، وهذا الأمر قابل للتطبيق على دعاة ومشايخ ومسؤولين من السعودية ومصر وإيران والعراق وغيرها من الدول.
النائب صالح عاشور
ورأى أن الدولة التي يتحدث منها الشخص أيًّا كانت هويته هي المسؤولة عن محاسبته وليست الكويت، وأن الأصل هي الإباحة في دخول الكويت، والحالة التي يمكن من خلالها محاسبة الداعية أو الشيخ أو المسؤول هو في حال وجوده بالكويت وعلى أرضها إذا خرج عن الآداب العامة أو طعن بالآخرين عندئذ يمكن محاسبته من خلال القضاء. وحول تراجع الحكومة كما يتردد عن قرارها برفع إسم العريفي من قائمة الممنوعين ثم إعادته مرة أخرى قال النصف إن الوزير المعني يستجيب للضغوط النيابية من بعض النواب وفي المقابل نواب آخرون يستخدمون المسطرة نفسها في الضغط على الوزير المعني.
الحل.. الدستور
وأضاف quot;والآن نحن في معضلة ما لم يتفق الـ50 نائبًا في مجلس الأمة، وهناك دعوة من النائب علي الراشد لعقد جلسة سرية بمجلس الأمة لمناقشة هذا الأمر لان هذه الإشكالات تسيء إلى الكويت، وأعتقد أن هذا هو الحل ويتم وضع خطوط عريضة على أساس أن يكون إختصاص السلطة التنفيذية هو دخول أو عدم دخول الشخص، لأن تدخل النواب الحالي هو قفزة على المادة 50 من الدستور التي تطالب بفصل السلطات وهذا تدخل مباشر وسافر من جانب السلطة التشريعية تجاه السلطة التنفيذية، ومضيفًا أن السبيل الوحيد لتلافي مثل هذه الأزمات هو الإلتزام بالدستور الذي وضع الأمور بيد السلطة القضائية والتنفيذية ولم يضعها بيد 50 نائبًا لديهم آراء متعارضة ومتناقضة.
خطأ
ومن جهته قال رئيس الجمعية الكويتية لتنمية الديمقراطية ناصر العبدلي quot;إن مبدأ منع شخصيات من دخول الكويت سواء كانت عربية أم غير عربية هو خطأ في حد ذاته، ولذلك أي شيء يصدر عن هذا الإجراء من مبررات سواء من الطرف هذا أو ذاك لاتعطي تصريحاً للحكومة بإرتكاب مثل هذه المخالفات الدستورية، وإذا كان هناك خلاف حول قضية ما وهذا الطرف جزء من هذا الخلاف يجب أن يكون الرد عليه من خلال طرح أفكار مشابهة وفتح حوار وليس بإتخاذ إجراءات قمعية مثل إجراءات منع
سامى النصف
الدخولquot;.
وتساءل العبدلي quot;لماذا يمنع العريفي أو الفالي أو أبو زيد؟ ولماذا يمنع من دخول الكويت اي شخص أساء إليها؟ فهناك قضاء والدول الديمقراطية تلجأ إلى القضاء فقط الدول الديكتاتورية هي التي تتعسف بإستخدام السلطة.
سمعة الكويت
ورأى أن هناك ضعف في الأداء الحكومي وأنه ليس لديها إجراءات محددة بالتعاطي مع مثل هذه القضية بل ستتجاذبها الأهواء من ذاك النائب أو هذا كل حسب مصلحته، وهذه القرارات تثير أزمات داخلية بين السلطتين وتسيء إلى سمعة الكويت في الخارج، كما لم يسبق أن منعت السعودية أو البحرين أي داعية كويتي من دخول أيا منهما او أي دولة خليجية أخرى، وإذا كانت الحكومة تريد منع شخص ما الدخول لأراضيها فعليها باللجوء إلى القضاء لمحاسبته حول الإساءة التي إقترفها وتحصل على حكم قضائي لكنها لا تمنعه. ولم يستبعد العبدي نشوب أزمة جديدة بين السلطتين .
ناصر العبدلى
على صعيد آخر، نفت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أي تدخل من جانبها في قرار منع الداعية العريفي من دخول الكويت، وفي هذا السياق وجه نائب رئيس الوزراء للشؤون القانونية وزير العدل والشؤون الإسلامية المستشار راشد الحماد دعوة رسمية إلى عضو هيئة كبار العلماء والإفتاء في المملكة العربية السعودية عبدالله المطلق لزيارة الكويت خلال الفترة القادمة.
التعليقات