يقول القيادي الكردي هريم كمال آغا في لقاء مع quot;إيلافquot; هناك اليومقادة سياسيين في العراق،وخصوصا في الموصل يفكرون بنفس سياسات البعث القائمة على رفض القبول بالآخر، وإعتبار أنفسهم quot;القائد الأوحدquot; وهذا ما جر بالمزيد من الكوارث على أبناء المحافظة.

الموصل: توجه معظم قيادات ومسلحي تنظيم القاعدة للإستقرار في الموصل، وتحويلها الى مركز لتجمعهم الرئيسي وقيادتهم للعمليات الإرهابية من هناك بتنسيق وتعاون متكاملين مع فلوف حزب البعث المنهار في العراق، والتدهور الأمني المستمر في تلك المحافظة الشمالية بالعراق والخلافات العميقة التي حصلت وتحصل يوميا في الموصل. لكن ذلك لم يؤثر على القيادي اللقائنا بالقيادي الكردي هريم كمال أغا مسؤول تنظيمات الإتحاد الوطني الكردستاني بقيادة الرئيس العراقي جلال طالباني الذي بدا أكثر هدوءا من معظم القيادات العربية التي تحكم الموصل منذ إنتخاب مجلس المحافظة، والذي قاطعه الأكراد بسبب إستئثار قائمة الحدباء العربية بقراراته، ورفضها لأي شكل من أشكال التعاون مع الممثلين الأكراد الذين فازوا بمقاعد المجلس، كما رفضت إعطاء أي دور للمكون الكردي في إدارة المناصب الأساسية على رغم حصولهم على ثلث مقاعد المجلس.

أشار في بداية اللقاء الى quot;أنه يأسف شديد الأسف لما آلت إليه أوضاع المحافظة في ظل هذا الشحن العنصري ضد الأكراد وحرمانهم من أي دور لبناء مستقبل أفضل لأبناء المحافظة، مضيفاquot; كانت آمال العراقيين برمتهم معقودة على سقوط النظام البعثي، وتخلص العراق من أعتى دكتاتوريات العالم التي أذاقت الشعب العراقي الكثير من العذابات والويلات، وطاولت جرائمه البشعة جميع فئات وقوميات وأديان ومذاهب العراق، ولا يستثنى العرب العراقيين من تلك الجرائم التي عدل فيها النظام السابق، فلم يفرق بين العربي والكردي والتركماني، ولا بين السني والشيعي، بل وزع جرائمه على جميع العراقيين بمختلف إنتماءاتهم بشكل عادل ومتساو، وما يؤسف عليه هو، أننا كعراقيين كنا ننتظر ذلك اليوم الذي يتحرر فيه العراق من الدكتاتورية لنشرع في بناء مستقبل أفضل لأجيالنا القادمة بعد أن قدمنا تضحيات جسيمة وتحملنا سنوات طويلة من القمع والإذلال على يد السلطة الغاشمة، ولكن هناك اليوم من القادة السياسيين وخصوصا في الموصل من يفكرون بنفس العقلية الشوفينية، وبنفس سياسات البعث القائمة على رفض القبول بالآخر، وإعتبار أنفسهم quot; القائد الأوحدquot; وهذا ما جر بالمزيد من الكوارث على أبناء المحافظةquot;.

ويستطرد هريم كمال أغاquot; منذ نشوء الدولة العراقية، لم ير العراقييون أمنا وإستقرارا في بلدهم، فالحروب المتواصلة وإستفراد بعض الزعامات بالسلطة، والصراعات الداخلية العرقية والدينية والمذهبية صبغت شوارع المدن العراقية بالدم، وكانت الآمال معقودة على تحرير العراق من هذه السياسات المأساوية، ولكن للأسف لم يجن العراقيون ثمار كل هذه التضحيات التي قدموها أثناء سنوات الدكتاتورية، لقد كان العراق مرشحا ليكون في مصاف الدول الأوروبية المتقدمة لما يملكه من موارد بشرية وإقتصادية هائلة، والعراق الذي كان صاحب أكبر وأقدم الحضارات في التاريخ البشري، كان بإمكانه أن يتحول الى أعظم دولة في الشرق، ولكن سياسات الأنظمة المتعاقبة عليه جعلته من أفقر بلدان العالم وأكثرها تخلفا، وللأسف هناك من يريد أن يعود بعراق اليوم الى الماضي، كأنهم لم تكفهم كل تلك المآسي والدماء التي أريقت على يد الأنظمة المتعاقبة، وهذا ما يقلقنا ككرد عراقيين لأننا دفعنا ثمنا غاليا لتحقيق هذه الحرية التي يتنعم بها العراقيون اليوم بمختلف قومياتهم ومكوناتهمquot;.

قاطعناه quot;أنت تتحدث عن العراق والموصل جمعا، فهل أصبحت مشكلتكم في الموصل مع قائمة الحدباء جزءًا من مشكلة العراق، أو بالأحرى هل إنسحب الصراع السياسي في بغداد على مشكلتكم الداخلية بالموصل؟

بالطبع أصبحت مشكلتنا جزءًا من مشاكل وصراعات العراق، أنتم تعلمون بأن الموصل كانت ضمن المحافظات الأربع التي وصفها صدام حسين ونظامه بالمحافظات quot;البيضاءquot; أي تلك المحافظات العراقية التي لم تنتفض بوجه نظامه عام 1991 أثناء الإنتفاضة الجماهيرية العارمة التي إجتاحت العراق من أقصى شماله الى أقصى جنوبه، ولذلك لا زالت أفكار البعث وفلوله تنشط في المحافظة وتحاول أن تعود بالموصل الى ما كانت عليه في السابق.

ويجب أن لا ننسى كذلك دور التدخلات الإقليمية في مشاكل العراق عموما، والموصل على وجه الخصوص، فهذه المحافظة تشترك بالحدود مع دول إقليمية تتضارب مصالحها مع مصلحة العراق الجديد، ولهذه الدول أجندات خاصة فيما يتعلق بالوضع العراقي، وتجد من بين بعض القوى السياسية العراقية أداة لتنفيذ تلك الأجندات الخارجية التي تلحق أفدح الأضرار بالوضع الحالي وبمستقبل العراق ككل، كانت بداية جميلة حينما شارك السنة في الموصل والأنبار بالإنتخابات، وفي إنتخابات مجالس المحافظات العراقية التي جرت في 31/1/2009 كان الأمل يحدونا لتشكيل مجلس إدارة يغير واقع المحافظة ويحقق الأمن والإستقرار التي تحتاجهما الموصل أكثر من غيرها من المحافظات العراقية.

ولكن الذي شهدناه فيما بعد هو تنكر عرب المحافظة لكل التعهدات التي قطعوها على ناخبيهم بتحسين أحوال المحافظة، فشكلت قائمة الحدباء العربية مجلسا إداريا خاصا بها دون إشراك الكرد فيه، خصوصا من القائمة الكردية المتآخية التي تمثل مليون كردي في المحافظة، والتي حصلت على المرتبة الثانية في تلك الإنتخابات، وكانت أوضاع المحافظة من ناحية التدهور الأمني تتطلب منا كقوى سياسية في الموصل الكثير من التعاون والتنسيق لمواجهة فلول البعث وقوى الإرهاب والتطرف، وإذا نظرنا الى محافظة ديالى على سبيل المثال وهي محافظة تضم نفس المكونات الكردية والعربية، سنجد بأن هناك نائب كردي للمحافظ، ورئيس مجلس الإدارة أيضا كردي وأكثر المناصب الإدارية يديرها أكراد.

وهذا على الرغم من أن القائمة الكردية هناك لم تحصل على نسبة المقاعد بذلك الحجم الذي حصلت عليه قائمتنا الكردية المتآخية في الموصل، وهنا يظهر الظلم والغبن الذي وقع على أكراد الموصل، كما تظهر حقيقة أن التعايش السلمي والأخوي بين المكونات العرقية هو السبيل الأمثل لحماية الوضع الأمني وتحقيق الإستقرار في المحافظة على عكس ما يحصل اليوم في الموصل من تدهور أمني مستمر، والذي نرجعه الى إستغلال هذا الوضع الشاذ وتلك الخلافات التي تثيرها قائمة الحدباء والتي تستفيد منها القوى الأرهابية وفلول البعث لبث المزيد من الفتن والصراعات داخل المحافظةquot;.

يرى الكثيرون أن هناكحالة غريبة ومليئة بالتناقض في الوضع العراقي، ففي حين يتمتع الكرد في بغداد بدور سياسي كبير، وتنظر القوى والكتل العراقية الأخرى بمزيد من الإحترام والتقدير الى القيادة الكردية، وتحاول جميع الكتل السياسية إشراك الكرد في الحكومة وفي مراكز القرار السياسي، في حين أن مجلس إدارة الموصل لا ترفض فقط إشراك الكرد في إدارة المجلس بل لا تخفي عدائها العلني للمكون الكردي، فما أسباب هذا التناقض الغريب في التعامل العربي مع الكرد؟

هذا صحيح تمامًا، فرغم أن الكرد هم جزء من العراق، والموصل بدورها جزء من العراق، ولكن التعامل يختلف هنا وهناك، وهذا راجع بإعتقادي الى الفرق الموجود في التفكير والعقلية، أنظر حتى مسألة إجراء الأحصاء السكاني عارضوها، مع أن التعداد السكاني في أي بلد بالعالم هو حالة ضرورة وطنية، لأنه عملية تحتاجها الدولة لبناء سياساتها التنموية، ووضع خطط إستراتيجية لتحديد مستقبل البلاد والإستفادة من الموارد البشرية والطبيعية الموجودة داخل البلد، فالتعداد السكاني لا يحتمل أية وصفة سياسية، بل هي عملية إدارية بحتة، إذن لماذا عارضوها، كما بينت سابقا هناك عقليتين مختلفتين في إدارة شؤون السياسة.

وهذا مربط الفرس، ثم أنهم باتوا الآن يعزفون على الوتر القومي، ويحاولون بشتى الطرق إنتزاع مكونات كردية من جسد أمتها مثل الشبك واليزيديين، مع أن اليزيديون هم أكراد أقحاح إذا جاز التعبير، ولا يمكن لأي كان أن يزور حقائق التاريخ، وأقولها بأسف شديد أن هناك البعض من قادة القائمة العراقية والتي فازت بأغلبية واضحة في الموصل لا يؤمنون بالفدرالية ولا بالمادة 140 الدستورية، وهناك من لا يؤمن منهم أصلا بالتعايش السلمي بين المكونات القومية، ولذلك لا نستغرب إذا ما اقدمت قائمة الحدباء العربية في الموصل على تهميش المكون الكردي الأصيل في المحافظةquot;.

هذه النظرة التشاؤمية دفعتنا أن نسأل القيادي الكردي عن إحتمالية ظهور صراع قومي بين العرب والكرد في المحافظة، وصولا الى حالة الإصطدام.

لقد حاولت القاعدة أن تثير فتنة قومية أو مذهبية في الموصل، ولكن الله وقانا شر هذه الفتنة، رغم أن المئات من الكرد في المحافظة قد قتلوا على الهوية، ولكن حكمة وحنكة القيادة السياسية الكردستانية حالت دون تدهور الموقف، فهذه القيادة التي تحلت بأكبر قدر من المسؤولية على رغم المخاطر المحدقة بالمكون الكردي في المحافظة أدركت بوقت مبكر حجم تلك المؤامرة، لذلك لم تنجذب لتلك المخططات الهدامة.

القاعدة إستفادت من حرب الشيعة والسنة في بغداد، وحاولت أن تثير نفس الفتنة في الموصل، لكنها فشلت بحكمة القيادة الكردستانية، أنظر كيف حاولوا تهديم العلاقة بين الكرد والعرب من خلال التفجيرات الدامية التي إستهدفت المناطق الكردية، تصور بأنهم أرسلوا شاحنتين كبيرتين مفخختين تحمل عدة أطنان من المتفجرات لنسف قرية كردية واحدة هي قرية quot; وردكquot;، وقس على ذلك مدى الحقد العنصري لمنفذي هذه الجريمة ومن يقفون ورائهم، كما أنهم نفذوا جرائمهم بالمفخخات في العديد من المناطق الكردية بهدف مشترك، الأول هو بث الفتنة بين العرب والكرد، وثانيا إستهداف الأقليات الكردية الدينيةquot;.

بالرغم من عدم نجاح تنظيم القاعدة والبعثيين في دق أسفين الخلاف، ولكن هناك اليوم أزمة حقيقية بينكم وبين عرب المحافظة وخصوصا من قائمة الحدباء ذات الأكثرية، فهل هناك عرب آخرون يساندنوكم في المحافظةquot;؟

أولاً، نحن القيادات الكردية لا نبني سياساتنا على أساس تفكير بعض الشوفينيين، أو الأهداف التي يسعون الى تحقيقها في عراق بني على دموع ودماء كثيرة، سياستنا مبنية على أساس مصلحة العراق وحاجته إلى جميع السواعد التي تبني البلد، نحن نسعى للحصول على دورنا في إعادة بناء بلدنا، ونعتبر ذلك واجبا وطنيا، كم هو واجب جميع القوى الخيرة التي ناضلت معنا لبناء العراق الجديد،وسنعمل مع هذه القوى الى أن يتحقق للعراق الديمقراطية والسلام.

وهناك الكثيرين من العرب من وجهاء وسياسيين وأبناء العشائر الوطنية الذين يساندون دورنا في هذا المجال، نحن مشكلتنا الأساسية ليس مع عرب المحافظة بل مع قادة الحدباء الذين يفكرون بعقلية شوفينية رافضة لأي دور كردي، أتذكر لقاءا تم بين الرئيس جلال طالباني ومحافظ الموصل غانم البصو في بدايات تحرير العراق، فقال طالباني للبصوquot; نحن في كردستان مستعدون لنتقاسم معكم خبزنا اليومي، فكل ما تحتاجونه نحن مستعدون لتلبيته لأنكم أخواننا في الوطنquot;.

نعم، لكن بمناسبة الحديث عن المفاوضات، الى أين وصلت جهود رافع العيساوي والأمم المتحدة لحل مشاكلكم العالقة مع الحدباء، خصوصا وأنه قبل عدة أشهر كدتم أن تصلوا الى إتفاقية لتطبيع الأوضاع؟

نعم، كنا قبل خمسة أشهر على عتبة توقيع إتفاقية للتطبيع، ولم تبق سوى مسألة الوضع الأمني الذي أثار مزيدا من الخلافات بيننا، ولكن للأسف توقفت المفاوضات جراء أزمة الحكومة التي عانى منها العراق ككل، فمشكلة تاخير تشكيل الحكومة العراقية للاسف أثرت علينا في الموصل، وهي مشكلة تثير قلقنا مثل جميع العراقيين.

بالطبع عندما تتشكل الحكومة العراقية القادمة سيكون لذلك تأثير كبير على الموصل،وفي المحصلة لا بد من التوصل الى حلول مرضية للجميع، فلا يمكن أن نبقى أسارى نظرات شوفينية من بعض الأطراف أو الشخصيات، وبالتأكيد هذه العقلية الشوفينية أضرت كثيرا بمصلحة العراق، وقد حان الوقت لنبحث عن أسس متينة للتعايش السلمي بيننا كما جاء في الدستور،وعلى قادة الحدباء أن يعتبروا من دروس الماضي، فالكرد لم يفنوا بطائرات ودبابات صدام وضرباته الكيمياوية وعمليات الانفال، فهذا التفكير لا جدوى منه، ويجب أن يفكروا كيف يبنون هذا البلد،وأن يعلموا بأن الكرد كان لهم دور في بناء العراق الجديد، وقدموا تضحيات كبيرة..

لماذا لم تفكروا باللجوء الى المحكمة الإتحادية لحل خلافاتكم مع الحدباء؟

المشكلة ليست ادارية بل سياسية، وهي ليست مشكلة كبيرة جدا، فمثلا هم يتحدثون عن البيشمركة، وهي قوات تبذل جهودا كبيرة لحماية الوضع الامني في المناطق المتنازع عليها، المفروض أن يقدرون دورها ويدعمونها من داخل مجلس إدارة المحافظة، وجود هؤلاء البيشمركة أعاد بالخير على سكان هذه المناطق، وفي حال انعدمت الحاجة الى تواجد البيشمركة في تلك المناطق، وإستتب الوضع الأمني فيها، عندها ستنسحب الى الحدود لحماية البلد، ولن يبقى لهم أي واجب في حدود محافظة الموصل، وسيعودون للعمل ضمن منظومة الدفاع الوطني.

اليوم هناك خطر فعلي استدعى استقدام قوات البيشمركة لحماية أرواح وممتلكات المواطنين، وهم يدافعون عن أمن المحافظة التي يفترض أن يقدرونها لا أن يطالبوا برحيلها، إذا كانوا هم قادرين على حماية المدينة فليتفضلوا، اقول في النهاية أن حماية الوضع الأمني من قبل قوات البيشمركة مهمة مشرفة، ولذلك سيبقون هناك الى أن يتحقق الأمن ويتوقف ارسال الشاحنات المفخخة الى خزنة ووردك وشيخان ومخمور والسنجار، فواجب البيشمركة هو حماية السكان الكردquot;..