لماذا تأخر لبنان 17 مرتبة هذا العام في ما خص الحريات الاعلامية بحسب ما ورد في التقرير السنوي لمراسلين بلا حدود؟ هل الاسباب تعود الى طبيعة النظام السياسي فيه؟ ام ان المهنية في لبنان تفتقد الى الموضوعية بسبب اسباب اقتصادية منها يعود الى تمويل المؤسسات؟ ما الذي نحتاجه اليوم في لبنان لتطوير حريتنا الصحافية اسوة بالدول الغربية؟

بيروت: تأخر لبنان 17 مرتبة في ما خص الحرية الإعلامية فيه بحسب التقرير السنوي لمراسلين بلا حدود، يفتح المجال امام تساؤلات حول اسباب هذا التأخر، ولماذا دائمًا الاعلام الغربي يسبق العربي في ما خص الحريات، وما هي المضايقات التي يتعرض لها الاعلامي اللبناني وكيف السبيل الى تطوير الحريات الإعلامية في لبنان.

يقول الاعلامي انطوان خوري لإيلاف ان سبب تراجع لبنان في ما خص الحريات الاعلامية هو الوضع السياسي الصعب والحساس، الذي ينعكس على الحرية الصحافية.

ويضيف:quot; ان المواضيع الاعلامية في لبنان خطيرة وتتضمن موضوع المحكمة الدولية وتشعباتها وقضية quot;شهود الزورquot; ولان الاعلامي في الواجهة وينقل الخبر للناس، لذلك سيصطدم مع المتضررين، والاعلام في لبنان ليس حرًا 100%، لان هناك التزامات بالنسبة للوسيلة الاعلامية وتوجهاتها.

ويتابع:quot; الاعلام الغربي يسبق العربي في ما خص حرية الإعلام لان الذهنية مختلفة والرقابة الذاتية متراكمة لدينا منذ سنوات عدة، وكذلك في الاعلام الغربي مالك المؤسسة لا يتدخل في تفاصيلها ولا يفرض امورًا كما هو الحال هنا. في لبنان تقام المؤسسات الاعلامية للتسويق لاصحابها ان كانوا ضمن حزب سياسي او للاعمال.

ويقول خلال فترة عمله كإعلامي منذ 25 عامًا لم يكن هناك ضغط معين ولكن عندما نعيش بجو محدد، يصبح للمرء رقابة شخصية تمنعه من الانفلات في ما خص الكتابة.

عن دور الانظمة والحكومات العربية في تأخير الحريات الصحافية فيها يقول:quot; هي الاساس، وتلعب دورًا بارزًا في ذلك، لم يعد هناك سوى الصين حيث النظام توتاليتاري، حيث التسويق للرئيس والنظام، وهذا لم يعد موجودًا سوى في العالم العربي.

اما ما الذي يحتاجه لبنان كي تتقدم الحريات الصحافية فيه يجيب:quot; الحرية هي الاساس وطالما نحن مجتمع متعدد ومختلف في ما بينه جذريًا لا امل في حريات متطورة في الامد المنظور.

بدوره تحدث الاعلامي علي الامين لإيلاف فأكد ان التراجع يرتبط بالوضع السياسي القائم في لبنان وحدة هذا الانقسام السياسي وتراجع سلطة الدولة والقانون بشكل عام لحساب دور كبير للقوى السياسية والميليشيات، ولا شك ان حالة الإنقسام المذهبي والطائفي التي يشهدها لبنان اليوم ساهمت بدرجة كبيرة لتطال وسائل الإعلام للحد الذي باتت فيه هذه الأخيرة ناطقة باسم قوى سياسية اكثر مما هي تعبر عن مساحة مختلفة، او انها مساحة منفصلة عن هذه القوى، وتتسم بنوع من الحرية والقدرة على ممارسة دورها المهني والصحافي بشكل حر، هذه الحالة التي نشهدها في لبنان وهي لها سنوات عدة وساهمت بدرجة كبيرة الى ان نفتقد في لبنان حد كبير وتراجع في الحريات.

ويتابع:quot; اعتقد ان النقطة الاساسية المحورية ترتبط بتمويل الإعلام، الى جانب عناصر اخرى، فمسألة تمويل الإعلام وعدم قدرته على ان يشكل لنفسه موارد مالية خارج تلك التي تؤمنها القوى السياسية، سواء المحلية او حتى خارجية، هذا برأيي لعب دورًا كبيرًا بخلق ضغوط كبيرة على الإعلام ومحاولة تجييره في اتجاهات لا تتصل بمهمته ودوره الاساسي المفترض على ان يكون اعلامًا حرًا ومستقلاً.

ويضيف:quot; الاعلام الغربي يسبق العربي لانه يرتبط بتطور المجتمعات والدول اكثر من ارتباطه بمهنية المؤسسات الإعلامية او بمعنى القدرة والكفاءة المهنية لدى الصحافيين والإعلاميين، هناك تراكم في التجربة الديموقراطية وتطور القوانين، وايضًا وضع قوانين تحمي هذه الحرية وتحول دون ان يذهب الإعلامي باتجاهات تتنافى مع دوره، هذا ما جعل الإعلام الغربي متقدمًا على العربي عمومًا رغم وجود تفاوت بين الاعلام العربي داخل المؤسسات الاعلامية وبين دولة واخرى، ولكن في المجمل لدينا فقر على مستوى القوانين التي تحمي هذه الحرية في كل ما تعنيه تأمين شروط حرية هذا الإعلام على المستوى المالي او حتى على مستوى التطور المهني والإقتصادي.

ويتابع:quot; لا شك ان السلطات والانظمة كما اشرنا سابقًا لها دور في الحد من الحريات، حيث الطابع الاحادي والديتاتوري وانعدام مظاهر التنوع، وتشكل كلها عائقًا امام تطور الإعلام، وبالتأكيد الانظمة السياسية العربية هي ايضًا بدرجة كبيرة تعكس واقع المجتمعات العربية، لا اريد ان اقول ان هناك بونًا شاسعًا بين المجتمعات العربية والنظام، ولكن هناك نقطة اساسية باننا لا نشهد تطورًا ومحاولات جادة من اجل الخروج من هذا الواقع الذي يتسم بالآحادية والديكتاتورية، من اجل الانتقال الى مرحلة متطورة تتطلب جهودًا مشتركة لكل قوى المجتمع سواء السلطة او المستوى الاجتماعي والاقتصادي.

ويضيف:quot; ما يحتاجه لبنان اليوم كي تتطور الحريات الإعلامية فيه هو نقاط عدة ترتبط منها على صعيد المهنة بشكل عام، من اجل ايجاد ميثاق مهني بين وسائل الإعلام يضع قواعد اساسية لإعلاء شأن الإعلام وممارسة هذه المهنة وشروط حمايتها بطبيعة الحال واعتقد ان هناك امرًا آخرًا يتصل باصدار سلسلة قوانين تساهم في حماية هذه الحرية الإعلامية والفصل بين هذه الاخيرة والمسؤولية، بمعنى اننا نشهد في لبنان فائضًا من الحرية بالشكل ويبدو اقرب الى الفوضى منه الى الحرية الإعلامية.