صحافيات يتظاهرن في قطاع غزة quot;أرشيفquot;

تواجه الإعلاميات في قطاع غزة حيرة كبيرة بشأن العمل كمراسلات لمحطات فضائية يفضل اغلبها أن تطل مراسلاتها على المشاهدين من دون حجاب. وبينما الفتيات يردن اللحاق بقطار الشهرة والمال، يصطدمن بواقع العادات والتقاليد التي يفرضها المجتمع.


تضطر الكثير من الفتيات العاملات في مجال الصحافة في قطاع غزة، إلى خلع الحجاب والاستجابة لشروط العمل التي تفرضها الكثير من المحطات الفضائية الإخبارية، والتي عادة ما تفضل أنتكون مراسلاتها من غزة من دون حجاب، وبات الكثير من الفتيات على قناعة بأن quot;طريق الشُهرة دوماً لن يكون مفروشاً بالورودquot; وهو ما يدفعهن للخروج من بند العادات والتقاليد القائمة في القطاع الذي يوصف بأنه محافظ، كما أن حركة حماس التي تسيطر على غزة، تحاول بطرق مختلفة فرض واقع لباس محدد. quot;إيلافquot; ومن داخل العمل الإعلامي كان لها لقاء مع عدد من المراسلات اللواتي خلعن الحجاب من أجل العمل.

عادات وتقاليد
quot;نورquot; إبنة الأربعة والعشرين عاماً -وهو اسم مستعار لفتاة تعمل في إحدى القنوات الفضائية- أجرينا معها لقاءً لكنها رفضت ذكر اسمها، تقول:quot;أرفض بعض الإملاءات أو الشروط التي تفرضها القناة على الفتيات من أجل العمل فيهاquot;، مستنكرةً تلك الشروط لأنها تعتبر عمل الفتاة في جوهرها وليس في مضمونها، لافتةً إلى أن المجتمع في قطاع غزة محافظ بالدرجة الأولى وأنه ينتقد عددا كبيرا من الفتيات عند عدم ارتدائهن الحجاب.

وفي ردها على اتهامات بعض الصحافيين لها أنها كانت محجبة وخَلعت الحجاب من أجل العمل، قالت:quot;صحيح أنني كُنت أرتدي الحجاب لكن في الجامعة فقط لأنها كانت تفرض قيودا على الفتيات بارتدائها الحجاب ولمسايرة العادات القائمة فيهاquot;.

وأضافت:quot;في كثير من الأحيان وفي مناسبات عدة أضطر إلى ارتداء الحجاب حفاظاً على العادات والتقاليد الموجودة في غزة كوني أحترمها وأحبها أرغب في مسايرة الناسquot;, مستدركةًَ:quot;كثير من المواقف من الممكن أن تزعجك كونك لا ترتدين الحجاب وقد يحدث ما لا يُحمد عقباه في بعض الأحيان خاصة عندما لا أكون في عمليquot;.

انفصام شخصية
ولا تعتبر المراسلة الصحافية ارتداءها الحجاب في الشارع وخلعه في العمل انفصامًا في شخصيتها إنما هو لاحترام المجتمع وعدم التمرد على الواقع.
أما عن وجهة نظرها في القنوات التي تطلب خلع الحجاب من أجل العمل فيها، فقالت:quot;لا أحترم هذه القنوات لأنها أولاً يجب أن تبحث عن المهنية واللغة والجرأة وبعد ذلك يمكن الاهتمام بالشكلquot;، لافتةً إلى أن ما يثير غضبها أن هذه القنوات عربية وإسلامية في مضمونها لكنها تطلب أن تكون المراسلة من دون حجاب.

وأكدت أن المرأة الفلسطينية استطاعت أن تثبت نفسها في مجال العمل الصحافي بغض النظر عن نوع العمل الإعلامي، موضحةً أن هذا النجاح أثار غيرة الشباب فأصبحوا يتهمون المراسلات بأنهن يعملن فقط من أجل الشكل وليس المضمون.

وتَعد الفتاة التي كَانت ترتدي قميصا رماديا وبنطالاً أزرق نفسها أفضل مراسلة في القناة التي تعمل بها رغم أنها الفتاة الوحيدة بينهم ومن غزة، ذاكرةً أن عملها يعطيها قوة للاستمرار ويزعج الوسط الذكوري لأن الأنثى اقتحمت عالما خاصا بهم quot;كما ترىquot;.

وفي سؤالها عن نظرتها للحجاب كفتاة، أجابت:quot;عندما أخرج بالحجاب أشعر بالسعادة لأني بذلك لا أكون ضد المجتمعquot;، مفسرةً حديثها بالقول:quot;أعرف عددا كبيرا من زميلاتي وقريباتي يرتدين الحجاب في الشارع وعند وصولهنّ للعمل يقمن بخلعه لأنهن بذلك يحترمن المجتمعquot;.
في آخر حديثنا معها كان لا بد من سؤالها ألا تفكري بارتداء الحجاب فأجابت:quot;طبعاً أفكر في ذلك فوالدتي محجبة وأخواتي محجبات حجابا كاملا لكن هذا سيكون في وقت سألتزم به التزاما واضحا لأنه فرض على كل مسلمةquot;.

أساسيات الشكل
quot;نهىquot; وهو اسم مستعار أيضاً لإحدى الفتيات التي خلعت الحجاب من أجل العمل في إحدى القنوات الفضائية، تقول:quot;للأسف كل جهة إعلامية أو فضائية لها سياستها فبعض القنوات المتشددة بالاسم تطلب مراسلة بالحجاب أما غير الملتزمين فيريدونها من دون حجاب على الأغلبquot;، موضحةً أنها ضد هذه السياسة لأن عددا كبيرا من الفتيات طموحهن العمل كمراسلات لكنهن لا يجدن فرصة.
وأضافت:quot;هناك فتيات غير دارسات للصحافة ولا يعرفن من فنونها شيئا يعملن كمراسلات فقط لأن شكلهن جميلquot;، ذاكرةً أنها تعرضت لأكثر من موقف تطلب خلعها الحجاب واضطرت إلى الموافقة على ذلك.

وفي سؤالها عن اعتراض الأهل على تصويرها من دون حجاب خاصة وأنها محجبة، أجابت:quot;في البداية كان هناك اعتراض من قبل الأهل ومن قبلي أنا تحديداً لكنني الآن مضطرة للعملquot;.
وتحدثت عن أحد المواقف التي غيرت وجهة نظرها تجاه الحجاب لتقول:quot;كان لي صديقة تدرس الإذاعة والتلفزيون في جامعة الأقصى وتضع نقابا وعرضت عليها إحدى الإذاعات العمل مقابل خلعه وحصلت على موافقة من مفتٍ بخلعه وفي النهاية وافق أهلها على الفكرةquot;، موضحةً أنها لقيت اعتراضاً من والدها في البداية لكنه بعد ذلك اقتنع.
أما عن طموحها للعمل كمراسلة، فلفتت أنها صورت بايلوت لإحدى القنوات الفضائية من دون حجاب وتنتظر الرد منهم، مشيرةً إلى أن أمنيتها الوحيدة هي أن تصبح مراسلة.

السياسة التحريرية

مفيد أبو شمالة
ويعتقد مدير شركة سكرين للإنتاج الإعلامي مفيد أبو شمالة أن طلب القنوات مراسلة غير محجبة نابع من السياسة التحريرية للقناة، موضحاً أن الغالبية العظمى من الجمهور تعتبر أن وضع الحجاب أو غطاء الرأس بالنسبة إلى المرأة هو تعبير عن مدى الالتزام الديني.

وأكد أنه في المقابل فإن عددا كبيرا من القنوات ترفض تعيين مراسل ملتحٍ للسبب ذاتهخوفاً من نظرة الجمهور إلى المراسل الملتحي والمراسلة المحجبة باعتبارهما منحازين لفكر سياسي معين يلتزم بالفكر الإسلامي.

ويرى أبو شمالة أن مجرد وضع هذا الشرط من قبل القنوات في الإعلان هو مسألة عنصرية ومهينة، ذاكراً أن هذه القنوات تستطيع أن تحتفظ بمعايير الانتقاء بشكل سري دون أن تضطر إلى التمييز بين مراسلة أو أخرى على خلفية الحجاب ولا مراسل أو آخر على خلفية اللحية.
وأضاف:quot;من المعروف أن القنوات تطلب تقريرا تجريبيا للمراسل قبل تعيينه، وبالعادة يتم إرسال عدد من التقارير المرشحة لعدد كبير من المراسلين أو المراسلات ويمكن اختيار المراسل المطلوب أو المراسلة دون الإفصاح عن الأسباب، أو دون أن تضطر إلى تقديم تبريراتquot;.

وزاد:quot;بخصوص الفرص من المعروف أن عدد القنوات الدينية (الإسلامية) آخذ بالازدياد، فلو أن هذه القنوات بالمقابل اشترطت أن يكون مراسلها ملتحياً أو مراسلتها محجبة فإن ذلك يعني تكافؤ الفرص بين الصحافيينquot;، مبينّاَ أن القنوات الإسلامية تختار مراسلين ملتزمين دينياً وتختار القنوات غير الدينية مراسلين غير ملتزمين دينياً.

راتب مغرٍ
وفي رده على سؤال حول وجهة نظره في قضية خلع الحجاب للمراسلة، أجاب:quot;المراسل أو المراسلة هو صاحب القرار بالعمل وليس القناة، فإذا تعارض العمل الإعلامي مع الموضوعية والمهنية يتوجب على الصحافي المحترم أن يرفض العمل، ويتمسك بمبادئه، ولا ينجرف وراء الإغراءات المادية التي تطرح من قبل القنواتquot;، مستدركاً:quot;إذا تجنب المراسل العمل المهني وتخلى عن مبادئه طلباً للمادة والراتب المغري من قبل القنوات فإن ذلك يضر بهيبة المراسل واحترامه من قبل أبناء شعبهquot;.

أما بخصوص اشتراط خلع الحجاب، فيرى أبو شمالة أن الفتاة المحجبة يجب أن ترفض العمل من دون حجاب، والعكس، وأن ترفض الفتاة غير المقتنعة بالحجاب العمل في قناة إسلامية تشترط الحجاب، مستطرداً:quot;وكذلك يرفض الشاب الملتحي حلق اللحية إذا كان ذلك شرطاً للوظيفة والعكس يرفض الشاب غير الملتحي إطالة لحيته بغرض إقناع قنوات إسلامية بلياقته للعمل، لأن ذلك يعلم المراسل التكلف الزائد والتزييف للواقعquot;.

وفي تعليقه على خلع الحجاب من أجل العمل، قال:quot;هناك مراسلات خلعن الحجاب أعرف عدداً منهن في بلدي، وكذلك يتذكر المشاهدون لأشهر القنوات الإخبارية التلفزيونية أن بعض مذيعاتها كنّ بلا حجاب ووضعن الحجابquot;.