اعرب العنصر النسائي في البرلمان العراقي عن تذمره مما وصفه بتعمد تهميش دور المرأة في المفاوضات الجارية حول تشكيل الحكومة الجديدة. ووصفت فئة من البرلمانيات العراقيات ما يجري بـ quot;الديكتاتورية الذكوريةquot;، فيما نفت برلمانيات أخريات ذلك، مؤكدة ان الكفاءة هى المعيار الوحيدالمعمول به.


بغداد: اعربت برلمانيات عراقيات عن تذمرهن من تهميش دورهن وحرمانهن من المشاركة في المفاوضات الجارية بين الكتل السياسية لتشكيل الحكومة المقبلة، واعتبرت النائبات ما يجري في بلاد الرافدين دكتاتورية ذكورية على المستوى السياسي، واكدن السعي لتشكيل كتلة برلمانية مستقلة تضم 80 نائبة ينتمين الى مختلف الكتل السياسية الممثلة في مجلس النواب الحالي.

احدى البرلمانيات العراقيات

وفي حديث خاص لـ quot;إيلافquot; أعربت النائبات العراقيات عن انحسار دور المرأة السياسي بسبب ظروف اجتماعية وسياسية، فضلاً عن هيمنة قادة الكتل من الرجال على النشاطات السياسية والمفاوضات الجارية لتشكيل الحكومة المقبلة.

انعدام الثقة

وأكدت النائبة سهاد فاضل حميد العبيدي عن القائمة العراقية، إن المرآة مغيّبة عن المشاورات السياسية سواء كان في المفاوضات أو في اللجان التنسيقية وتقول: quot;لذلك نحن نسعى لأن تتولى المرأة مناصب قيادية، ايمانا منا بعطائها الفعال، ولكننا لم نجد حتى الان أي استجابة او آذان صاغية، ولا نستطيع ان نعزي السبب في ذلك الى الرجل او نقول انها دكتاتوريته وهيمنته فقط، لأن هذا الامر يعود الى جذور قديمة ترجع الى مجتمعنا وتقاليده القبلية والبدوية، التي تفضل بقاء المرأة في الظلquot;. وتشير الى انه خلال الانتخابات الاخيرة التي جرت في اذار/مارس الماضي، حصلت قلة من النساء على اصوات تعادل اصوات الرجال، وهو ما يعني ان هذا الوضع يشكل قضية مجتمعية امتدت لتكون ظاهرة واضحة في البرلمان العراقي الحالي.

وتتابع سهاد فاضل بأن هناك قضية اعمق واخطر من ذلك وهي عدم ايمان المرأة بالمرأة الاخرى، إذ لا تمنح المرأة نظيرتها صوتها quot;لذلك نحن نسعى في البرلمان الحالي وعند انعقاد جلساته الى تشكيل تكتل يضم النساء الأعضاء، وعددهن 80 نائبة، ومن خلال تحركاتنا حول باقي النساء من الكتل الاخرى، سنعمل على تفعيل دور المرأة وعدم بقائها مغيبة في المفاوضات والمباحثات والنقاشات الجارية الان، او التي ستشهدها جلسات مجلس النواب المقبلةquot;. واشارت الى انه عندما تبدأ مفاوضات توزيع المناصب في الحكومة سوف يطالب هذا التكتل النسوي بمناصب سيادية لدعم المرأة العراقية، التي عانت الكثير وهي بحاجة الان الى دعم كبير لأداء دورها في المجتمع وبمختلف مجالاته. واكدت وجود عدد من الرجال الذين يدعمون هذا التوجه.

وتعتقد النائبة في العراقية ازهار الشيخلي ان هيمنة الرجل سياسيا وضعف مبادرات المرأة، ساعد على تغييب دورها في المفاوضات والمباحثات السياسية التي تدور لتشكيل الحكومة. واشارت الى أن الوعي المجتمعي ما زال لايؤمن بعمل المرأة في السياسة ولا في قدرتها على ممارسة هذا النشاط، ولذلك فان اللجان التنسيقية والتفاوضية الحالية قد اقتصرت على الرجال، ونادرا ما تشارك المرأة في المفاوضات السياسية، بسبب عدم ايمان الرجل بقدرتها على أداء دور سياسي.

واضافت الشيخلي ان النائبات يعملن حاليا على تشكيل كتلة نسوية مستقلة عن الكتل الاخرى هدفها الدفاع عن المرأة وحقوقها وتطلعاتها من دون تسييس، لأن هناك قضايا لا تحتاج الى وحدة الرأي، خاصة في ما يتعلق بالنهوض بواقع النساء الصحي والتعليمي، لأن امية النساء قد اصبحت مرتفعة، اضافة الى وجود قضايا ذات طابع اجتماعي ليس عليها خلاف، ومن الممكن ان تعمل الكتلة النسوية التي يجري تشكيلها على معالجتها.

تجارب سياسية

اما النائبة أمينة حسن عن التحالف الكردستاني، فاشارت الى أن غياب دور النساء في مفاوضات ومباحثات تشكيل الحكومة قد خلق نوعا من الاعتقاد بضعف المرأة والاستهانة بدورها في الحياة والمجتمع.

وترجع النائب امينة الاسباب التي خلقت هيمنة الرجال في هذا المجال الى ان جميع المشاركين في المفاوضات يحتلون مناصب في الدولة، الأمر الذي جعلهم يستغلون هذه المناصب ونفوذها لتقتصر المفاوضات عليهم وحدهم على الرغم من وجود الكثير من النساء اللواتي يمتلكن تجارب سياسية غنية.

أما النائب بشرى الزويني عن حزب الفضيلة الاسلامي، فنفت وجود تمييز بين الرجل والمرأة في نشاطات وتوجهات حزبها، إذ يؤدي كل نائب دوره بحسب الامكانيات والمؤهلات التي يتمتع بها كما تقول.

وتشير الى انه عند اختيار اللجان المتخصصة داخل الحزب ويكون هناك تنافس بين رجل وامرأة فيتم اللجوء الى التصويت، واذا كانت المرأة افضل من الرجل فتكون النتيجة لصالحها. اما بالنسبة إلى غياب المرأة عن المفاوضات السياسية فترجع الزويني الامر الى حرية الحركة والعلاقات الواسعة التي يتمتع بها الرجل، واستدركت بالقول ان هذا يحصل مع أن المرأة غير بعيدة عن التطورات الحاصلة، فهي مستمرة في حضور اجتماعات الكتل، ويتم أخذ رأيها في كثير من القضايا السياسية التي تهم البلد.

من جانبها ترى النائبة سميرة الموسوي عن ائتلاف دولة القانون ان دور النساء في المفاوضات فعال وهو يأتي من باب طرح الموقف والنصح، حيث يتم استشارتهن في المباحثات والاجتماعات الداخلية للكتل والاحزاب. وتقر الموسوي بأنه على الرغم من عدم مشاركة المرأة في المفاوضات السياسية الحالية، الا أن هذا لايعني تهميش دورها لانها تساهم في الكثير من القرارات التي تتخذ.

وفي مقابل ذلك يرى النائب عن ائتلاف دولة القانون كمال الساعدي ان قضية مساهمة المرأة في المفاوضات السياسية لم تبن على التمييز بين الرجل والمرأة وإنما على أساس الكفاءة ولمن يتصدى للمبادرة.

وقال quot;لا اعتقد ان الذكورية لها دور في المباحثات السياسية وانما الدور للكفاءة، وان كان هذا لايعني التشكيك بكفاءة النساء، ولكن: quot;اعتقد ان القضية في المفاوضات لاتعود للجنس، لان المفاوضين يتم اختيارهم على اساس المقدرة او القبول من الطرف الاخر، وان يكون للمفاوض إلمام بملابسات الوضع السياسي وخلفية عن التحالفات ومعرفة بشخصية الطرف الاخر المحاور، ولديه خطوط حمراء وفي الوقت نفسه مرونة في النقاش والتحاورquot;. ويضيف: quot; لا اعرف ما اذا كان غياب النساء عن المفاوضات هو حالة مقصودة ام لا، لكني اعتقد ان المرأة لابد ان تكون لها المبادرة وان تتصدى وتعبر عن رأيها وموقفها، ولكن يبقى غياب المرأة ظاهرة تلفت الانتباه وتستحق المعالجةquot;.