رجحت الصحف اللبنانية تأجيل صدور القرار الظني بقضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، ومحاولة تحقيق تهدئة محلية لتجنب أي تصعيد قد يشهده لبنان خلال الفترة القريبة القادمة.


بيروت: شهدت نهاية الأسبوع في لبنان، العديد من التطورات والأحداث كان أبرزها المواقف التي حملها خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله من موضوع القرار الظني في قضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، إضافة الى المفاجأة التي أعلنها وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري باحتمال تأجيل صدور القرار إلى ما بعد الأعياد، وقد بات هذا الأمر محسوماً.

وقد أتت صحيفة السفير اللبنانية بعنوان رجحت فيه تأجيل صدور القرار الظني بقضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، بانتظار الوصول إلى تسويات داخلية، فكان المانشيت quot;موجة تفاؤل بتأجيل القرار الاتهامي لما بعد الأعياد.. تمهيداً لتسوية سياسية متكاملةquot;. ولفتت الصحيفة إلى التطورات التي حصلت خلال اليومين الماضيين فقالت quot;عكست أجواء الساعات الثماني والأربعين الماضية حدوث تطور سياسي مفاجئ في مسار الاتصالات العربية والدولية المتعلقة بلبنان، الهادفة الى إيجاد تسوية لموضوع المحكمة الدولية وقرارها الاتهامي الذي بات في حكم المؤجل الى ما بعد السنة الجديدة، تبعاً لمصادر دبلوماسية عربية في بيروت ولوزير خارجية العراق هوشيار زيباري الذي أعلن من نيويورك، عن وجود توجه لتأجيل صدور القرار من الشهر الحالي الى موعد لاحق laquo;بسبب مطالبات حتى لبنانيةraquo;، وذلك من ضمن توجه أميركي للتهدئة في موضوع الملف النووي الايراني!quot;.

وأشارت quot;السفيرquot; إلى أنّ الطرفين اللبنانيين المعنيّين بالأمر وهما رئيس الحكومة سعد الحريري وquot;حزب اللهquot; تكتما حول quot;العناصر التي استجدت، وفرضت مناخ تهدئة ترجم سريعاً في إعلام quot;المستقبلquot; ومواقف قياداتهquot;، كاشفة عن أنّ مصادر لبنانية واسعة الاطلاع صرحت للصحيفة بأن quot;التشاور السوري السعودي قطع شوطاً كبيراً جداً وهناك إيجابيات ستبدأ بالظهور تدريجياًquot; ورفضت الإجابة على سؤال حول ما اذا كان ما نشهده هو مجرد هدنة أعياد.
واعتبرت الصحيفة أن هذه التطورات تزامنت مع حدثين هما الخطاب الهادئ لنصرالله وصفته بالمتكامل والشامل، في يوم العاشر من محرم، ناقلة عنه جزمه quot;أن محكمة مسيسة تشترى وتباع وتستخدم في المطابخ الدولية ضد المقاومة quot;ستذهب أدراج الرياحquot;، مشيرة إلى أنه أطلق مجموعة quot;لاءاتquot; أبرزها quot;لا لاستهداف المقاومة، ولن تكون فتنة سنية شيعية في لبنانquot;. وأعلن نصر الله كما لفتت السفير تأكيده quot;التزامنا وحرصنا على بلدنا الغالي لبنان وعلى وحدته الوطنية، وعلى العلاقة السليمة والإنسانية والوطنية والأخلاقية بين جميع مكونات شعبنا، بطوائفه ومذاهبه واتجاهاتهquot;.

أما الحدث الآخر فهو كما أشارت السفير quot;التعاطي الهادئ من قبل رئيس الحكومة سعد الحريري مع خطاب نصر الله، حيث نقل عنه نواب كتلة المستقبل ارتياحه لمضمونه وللخطوات الإيجابية التي قطعها المسار العربي للحل في لبنانquot;. كما لفتت الصحيفة إلى أن الحريري عبّر عن رغبته في تجديد الحوار مع quot;حزب اللهquot;.
وبحسب المصادر فإنّ مقربين من الحريري كشفوا أنه سعى جدياً في الفترة الاخيرة لتأجيل القرار الاتهامي الى ما بعد انتهاء العام الحالي، وربما حتى آذار المقبل، وأشار هؤلاء الى أنه أرسل موفداً شخصياً وثيق الصلة به اكثر من مرة الى نيويورك لمتابعة الموضوع عن كثب، وللوقوف على كل المستجدات المتصلة بالمحكمة والقرار الاتهامي.

أما صحيفة النهار فجاءت عناوينها الرئيسة بعيدة عن موضوع توقيت القرار الظني وركزت على مساهمة فرنسا في تسليح الجيش اللبناني وفي تمويل المحكمة الدولية فعنونت quot;فرنسا تسلّم الجيش صواريخ قبل 20 شباط وتدفع مساهمتها في لاهايquot;. أما في ما يتعلق بصدور القرار الظني فجاء العنوان quot;المحكمة: على لبنان أن يكون حاضراً.. quot;حزب اللهquot; لا يرى تغييراً بعد الاتهامquot;.
وأتى مضمون افتتاحية الصحيفة ليعبر عن وجود quot;نكسة سياسيةquot; هي إخفاق مجلس الوزراء quot;في تجاوز بند شهود الزور للإنصراف الى مئات البنود الأخرى في جدول أعماله والتي تهم المواطنين كافةquot;، لافتة إلى quot;المنحى الإيجابي في مجرى التهدئة الداخلية التي اعتبرها الحريري نجاحاً للمسعى السعودي ndash; السوري، على ان يتشاور مع رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان قريباً في دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد مجدداً لتحمل مسؤولياته في تلبية متطلبات الدولة والناسquot;.
وركزت النهار على مصادر كتلة quot;المستقبلquot; النيابية أنه تم التشاور في اجتماع الكتلة في المواقف التي أطلقها نصرالله، حيث اعتبر الحريري ان المسعى السعودي ndash; السوري في لبنان يحقق خطوات ايجابية يعوّل عليها quot;وقد بدأنا نلمس الايجابية من خلال تراجع التوتر في الخطاب السياسي في اتجاه الاستقرار في الشارعquot;.
وفي تحرك لافت، جال امس رئيس مكتب الدفاع في المحكمة الخاصة بلبنان فرنسوا رو على الرئيسين سليمان والحريري ووزيري العدل والداخلية ابراهيم نجار وزياد بارود. وتردد انه زار ايضاً رئيس مجلس النواب نبيه بري، ولكن تبين ان هذه الزيارة لم تتم.

ونقلت النهار عن لسان نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، هجومه على المحكمة، حيث قال quot;القرار الظني ترنّح ومات وأصبح بلا لون أو طعم أو فائدةquot;. وأضاف: quot;لو افترضنا أن صدور القرار الظني غداً فلن يتغيّر شيء في الواقع القائم لأننا دفناه قبل أن يصدرquot;. ولفتت إلى أنه نصح quot;بتشجيع التسوية التي يعمل عليها سورياً وسعودياً لأننا نريد الخلاص لهذا البلد، ولأن المصلحة أن نكون بعيدين عن الروزنامة الأميركية ndash; الاسرائيلية بما يؤدي الى تفاهمنا معاً على كل الخطوات، فهذا ما ينقذ لبنان ويريحهquot;.

المستقبل والتهدئة
رأت صحيفة المستقبل الناطقة بلسان تيار الحريري، أن هناك تحولاً في الأحداث على الساحة اللبنانية فقالت quot;بعد مسار تصعيدي تهديدي، بدت معه البلاد على شفير الفوضى، يبدو أن هذا المسار quot;العاصفquot; قد انحسر نسبياًquot; معتبرة أن quot;الخطاب quot;الهادئquot; عاد ليسيطر على الكلام المتلفز. ومن يستمع الى الخطب الأخيرة يشعر أن دفقاً مفاجئاً من العقلانية قد تسلل الى لغة أصحاب الوعيد والنذيرquot;. وأشارت إلى أن quot;هذا التطور لا يسع اللبنانيين سوى الترحيب به وتشجيعه، بل ولا يسعهم سوى أن يطمحوا لأن يستمر ويتكرس كنهج في التعاطي معهم ومع دولتهم. فاللغة الهادئة وحدها تجعل السياسة ممكنةquot;.
وتمنت الصحيفة quot;ترجمة هذه العقلانية الى مرونة عملانية تتيح للدولة أن تخرج من حال quot;التعطيلquot; الى حال الفعالية، وتتيح للحكومة أن تعود الى قدرتها على رعاية مصالح اللبنانيين واتخاذ القرارات الملحّة لتسيير شؤون الدولة والبلادquot;، كما أملت quot;أن تتحول اللغة الهادئة الى أسلوب وحيد في المخاطبة وفي المعاملة وفي التفكير، من قبل الجميع، أكانوا في هذه الضفة أو في الضفة المقابلة.. بلا تهديد وبلا تخوينquot;.

وتلمست الصحيفة تفاؤلاً في هذا quot;الهدوءquot; النسبي، خاصة في فترة الأعياد ملمحة إلى أن quot;اللبنانيين (وضيوفهم) لن يحرموا من بهجة العطلات في الأيام الأخيرة لهذا العامquot;. مؤكدة أن quot;هذا المناخ الجيد والمستجد قد يدفع المغتربين اللبنانيين والسيّاح العرب والأجانب، الذين ألغوا حجوزاتهم في الفترة الأخيرة، الى التوجه مجدداً نحو لبنانquot;.

لهجة تصعيدية
أما صحيفة الشرق الأوسط، فقد حملت عنواناً مختلفاً ركز على السلبية في خطاب نصر الله فكتبت quot;حزب الله: قضيتنا أصبحت إسقاط المحكمة الدولية.. والمستقبل يرد: خسر المعركةquot;.
وكتب مراسل الصحيفة من بيروت أنه quot;من الواضح أن المرحلة الفاصلة عن صدور القرار الإتهامي في قضية اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، التي قد تكون قصة أيام معدودة فقط، مرشحة إلى مزيد من التصعيد السياسي بين حزب الله وتيار المستقبلquot;.
ونقلت الصحيفة حديثاً للنائب عن حزب الله نواف الموسوي اعتبرته يؤدي إلى تسعير السجال بقوله quot;إن قضيتنا أصبحت إبطال المحكمة الدوليةquot;. وفي المقابل نقل المراسل عن تيار المستقبل انه اعتبر quot;حملة حزب الله على المحكمة الدولية هي مؤامرة على المحكمةquot;، وأنه أكد أن quot;حزب الله خسر معركة المحكمة والقرار الإتهاميquot;.

واستطلعت الصحيفة رأي شخصيتين بارزتين في تيار المستقبل هما وزير التربية حسن منيمنة والنائب أحمد فتفت، فرأى منيمنة أن خطاب السيد نصر الله quot;الهادئ على الرغم من نبرته العاليةquot;، مشيراً إلى quot;أن مضمون الخطاب الذي لم يطلق تهديدات ضد أي قوى داخلية ولم يوزع إتهامات كما كان يجري سابقا، يعكس بصورة أو بأخرى أن هناك تقدما في المسار السوري ndash; السعوديquot;. ونقلت الصحيفة عن منيمنة قوله إن quot;التحذيرات من أن التسوية ما قبل صدور القرار الاتهامي للمحكمة ستكون مختلفة ما بعد صدور القرار، كلام تهويليquot;.

وأشارت الصحيفة إلى أن النائب فتفت اعتبر خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله هادئا ، ورأى انه تضمن نقاطا جديدة منفتحة، ولاسيما لجهة الحديث عن أن جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري هي جريمة وطنية، واعتبر فتفتف أن في قول نصر الله أن لكل حادث حديث ما بعد القرار الإتهامي ، quot;أمرا إيجابياquot;.