صرّح وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان بأنّه سيتم نقل نصف المواطنين العرب في اسرائيل إلى الدولة الفلسطينية، وأنهم سيفقدون مواطنهم في إسرائيل. وسيبقون في بيوتهم وأرضهم، لكنهم سيصبحون مواطنين في الدولة الفلسطينية.


بين الفترة والأخرى يخرج وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان بتصريحات تتعلق بالمواطنين العرب في اسرائيل ويدعو على أساسها إلى إجراء تبادل سكّاني ونقلهم إلى الدولة الفلسطينيّة المرتقبة، وذلك من منطلق مساعيه الرامية إلى تقليص عدد العرب في دولة اسرائيل، إلى جانب اعتباره إياهم خطرًا ديموغرافيًّا وامنيًّا على مستقبل الدولة الإسرائيلية.

وتباهى وزير الخارجية الإسرائيلي دومًا بطرح الأفكار والقوانين التي تقيد المواطنين العرب في اسرائيل الذين يشكلون نسبة 20 في المئة من مجمل سكان اسرائيل، ومنذ انتخابه للكنيست في العام 1999، يقود ليبرمان حملة معادية للوجود العربي في اسرائيل، فمرّة يطرح فكرة تبادل الأراضي، وأخرى يطرح فكرة تبني المشروع القبرصي للفصل بين العرب واليهود، وآخر تعليقاته السياسية كانت في الهيئة العمومية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر الماضي، حين تحدث صراحة ومن أعلى هيئة دولية ضد المواطنين العرب في اسرائيل، وضرورة تنفيذ مشروعه للتبادل السكاني.

ويرى مراقبون أن قضية التبادل السكاني أو ما يسمونه التهجير الطوعي quot;ترانسفيرquot;، مرتبطة بعقيدة الحركة الصهيونية العالمية، وترافق الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني منذ نشوبه قبل نحو 120 عامًا، ولطالما أبدى قادة اسرائيل المؤسسون ندمهم على بقاء العرب في اسرائيل منذ إقامتها العام 1948.

في العام 1948 بقي 156 ألف فلسطيني في دولة اسرائيل التي أقيمت على بقايا الأرض الفلسطينية، وخلال 63 عامًا من عمر دولة اسرائيل تعرض العرب فيها إلى شتى وسائل المعاناة والتمييز القومي والسياسي والملاحقات، بدءًا من فرض الحكم العسكري عليهم (1949-1966) مرورًا بيوم الأرض 1976، وصولاً إلى أكتوبر 2000، وما رافقها من تضييق خناق ومصادرات للأراضي العربية، ومحاصرة التجمّعات السكنية العربية، وإبقاء اقل من 3 في المئة من مجمل مساحة فلسطين التاريخية بحوزتهم.

في العامين الماضيين ومنذ عودة زعيم حزب quot;الليكودquot;ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تشهد الحلبة السياسية تصعيدا خطرا في التعامل الرسمي الحكومي الإسرائيلي مع العرب، حيث تم تمرير عشرات اقتراحات القوانين المرتبطة بما يسمى quot;الولاء مقابل المواطنةquot; وهوشعار ليبرمان الانتخابي.
هذا الأسبوع كشفت صحيفة quot;هآرتسquot; عن اجتماع سري عقده بنيامين نتنياهو وقادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لبحث قضية العرب في اسرائيل.


زيدان: حان الوقت أن تغير حكومات اسرائيل نظرتها تجاه العرب فيها

ويقول رئيس لجنة المتابعة العليا لشؤون المواطنين العرب في اسرائيل محمد زيدان في تصريحات خاصة لـquot;إيلافquot;:quot;حقيقة وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان لم يفاجئنا بتصريحاته العنصرية ضد المواطنين العرب، وهذه التصريحات جزء من الرؤية الإسرائيلية التي تنظر بقلق حيال وجود العرب، والنظرة الأمنية.
ويضيف زيدان: لكن إصرار ليبرمان وتكراره ومبادرته لطرح وإقرار القوانين ضدنا إنما تدل على مضمون هذا الشخص وتفكيره، في ظل الجو المعادي المواطنين العرب وتثير الاشمئزاز.
ونحن لا ننظر بجدية إلى تصريحاته ولكننا نشعر أن تصريحات هذا الشخص بدأت تأخذ ترجمة في الشارع الإسرائيلي، وما يزيد الطين بلة هو انضمام عشرات الحاخامات اليهود إلى جوقة التحريض، وتحولها إلى ممارسات في الشارع، حيث بدأت تظهر تداعياتها في العلاقة بين اليهود والعرب في وتضر بنا كمواطنين في الدولة، واستغرب انه لا يوجد أي مسؤول إسرائيلي كبير يقوم بلفت انتباه هذا الشخص بأن تصريحاته تضر بأمن الدولة وكل مؤسسات الدولة.


وفي رده على سؤال لـquot;إيلافquot; حول التسريبات التي نقلتها الصحف الإسرائيلية حول عقد اجتماع quot;حساسquot; لبحث قضية المواطنين العرب، أكد زيدان انه ومنذ العام 1948 وحكومات اسرائيل المتعاقبة تنظر وتتعامل مع المواطنين العرب، كقنبلة موقوتة وخطر امني، ويتعاملون معنا كجسم غريب ونحن نعاني تزايد شرعنة القوانين والممارسات الإسرائيلية المعادية لنا كمواطنين.
وختم زيدان بالقول: انتهز هذا اللقاء مع موقعكم لأؤكد انه حان الوقت أن تقوم الحكومة الإسرائيلية بتغيير النظرة حيال المواطنين العرب، وأن تقوم بالتعامل معنا كمواطنين وليس خطرًا ديموغرافيًا وامنيًّا.


كناعنة: تصريحات ليبرمان استمرار لما كان قائمًا

أمين عام حركة quot;أبناء البلدquot; محمد اسعد كناعنة قال لـquot;إيلافquot; :quot;تصريحات ليبرمان هي استمرار لتصريحات قادة دولة اسرائيل منذ العام 1948، وخصوصًا جيل المؤسسين الذي قاد حرب العام 1948، واعتبروا في حينه أنهم أخطأوا حين لم يقوموا باستكمال عملية طرد المواطنين العرب آنذاك.
ويضيف: quot;هذه التصريحات ليست بجديدة وهي موجودة في أروقة السياسة الإسرائيلية بمختلف مركباتها وأطيافها السياسية، ولكن بطبيعة الحال كون المتحدث وزير خارجية، ويتحدث بصراحة ويظهر أكثر وأكثر عنصريته وبالتالي عنصرية الدولة تجاه مواطنيها العرب، وخصوصًا أن الهيئات القضائية والتشريعية لا تتخذ أي إجراء ضد من يتحدث بهذا الخصوص، ولو كان الأمر عكسيًّا لقامت الدنيا ولم تقعد.
ويؤكد كناعنة أن هذه التصريحات خطرة للغاية ولكن لسان حالنا نحن العرب الفلسطينيين موحدون حول رفضنا وإصرارنا وتمسكنا بأننا أبناء هذه الأرض وباقون، ومشاهد نكبة العام 1948 لن تتكرر، وسنبقى نناضل لأجل البقاء في أرضنا.


ويوضح كناعنة أن التسريبات التي نشرتها صحيفة quot;هآرتسquot; حول الاجتماع السري لمناقشة أوضاع المواطنين العرب، إنما تدل على تخوف المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة من ازدياد الوعي الوطني والقومي لدى العرب، وتمسكهم وتماثلهم مع قضايا شعبهم وخصوصًا مناهضة الاحتلال والاجتماع يدل على عقلية الاستخبارات وعقلية التعامل البوليسي مع العربي كونه عربيًّا فقط.

جمّال: حزب quot;الليكودquot; يقع بين جانبي المعادلة

د. أمل جمّال المحاضر في قسم العلوم السياسية في جامعة تل-أبيب قال لـquot;إيلافquot;:quot;واضح أن اسرائيل تنظر إلى الأقلية العربية ليس من منطلق المواطنة كاملة، وهي تحاول إفراغ مواطنتهم وتتعامل معهم كنزلاء وترى فيهم أعداء للدولة اليهودية، بموازاة النظرة العدائية لإيران وغيرها كأعداء للدولة الإسرائيلية.
ويضيف: quot;هذا الأمر بدأ يتبلور حسب اعتقادي بعد الانتفاضة الفلسطينية الثانية في الفكر الأمني والسياسي الإسرائيلي، واخذ زحمًا خلال ولاية رئيس الوزراء الأسبق ارييل شارون منذ العام 2001، حيث بدأت تطوّر مشاريع حول كيفية التعامل مع المواطنين العرب.

وهناك ثمة خلاف داخلي بين الفكر الليبرماني، الذي يتحدث علانية عن التخلي والتنازل عن المواطنين العرب، من خلال صفقة تبادل لحل القضية الفلسطينية، والذي يرى الحل بالتنازل عن الكم الأكبر من العرب خلال حل القضية الفلسطينية بشكل عام.

ويوضح جمّال أن الفكر الليبرماني في خلاف مع الحركة الوطنية الفلسطينية بما فيها المواطنون العرب في اسرائيل والدولة اليهودية، وهذه عودة إلى دفاتر العام 1948، ونرى أن هناك طرحًا مع رؤية أمنية تتحكم بالمواطنين العرب ومنع التواصل مع الدولة الفلسطينية وعدم إقامة أي مجال لتطوير مؤسسات وبناء منظم قد يؤدي إلى الحكم الذاتي. وهذا يأتي من خلال سياسات التفكيك وسياسة فرّق تسد، واختراق المجتمع العربي من خلال طرح سياسات اقتصادية وأمنية ومدنية آخرها مشروع الخدمة المدنية.


ويبدو الخلاف جليًّا واعتقد أن حزب quot;الليكودquot; الحاكم، يقع بين الجانبين ومحاولاً عدم البت في الموضوع، ويبدو أن حكومة نتنياهو تقدس الوضع القائم، وان أي تغيير في الوضع القائم وبالذات رئيس الوزراء هو خسارة وبقاء الوضع الراهن هو أفضل الحلول.

ويضيف: quot;تصريحات ليبرمان هي جزء لا يتجزأ من شعاره الانتخابي، والمؤسف في الموضوع أنها باتت طبيعية وشرعية، إذ ما كان مرفوضًا ضمنًا في السياسة الإسرائيلية في سنوات الـ80 واعتبر خارج السياسة الإسرائيلية، حيث تأتي بحلة جديدة وبصياغة أفكار جديدة حذرة، يربط ليبرمان التخلي والتخلص والتنصل من العرب، وهذا ما نراه في الكنيست الإسرائيلي من سن تشريعات عنصرية وغيرها.