نشرت quot;الإيكونوميستquot; تحقيقًا تناولت فيه الوضع السياسي الحالي للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مدرجة ملاحظات عدة لأدائه الرئاسي، ورأت أن الدعم الشعبي له انخفض إلى نسبة 40%.
لندن: عندما خاض نيكولا ساركوزي الانتخابات الرئاسية الفرنسية العام 2007 وعدًا بأن يكون رئيسًا معاصرًا على صلة مع المواطنين العاديين. ولذلك تخلى عن البروتوكولات الرسمية القديمة فراح يهرول وهو يحمل quot;آي بودquot; معه ويتكلم بلغة بسيطة بل حتى دعا رؤساء النقابات إلى الغداء.
مع ذلك، فإنه بعد انقضاء نصف فترة ولايته وجد ساركوزي نفسه تحت طائلة اتهامات موجهة ضده تتضمن الاستخدام المغرور للسلطة والاستخفاف الرأي العام. وهناك جهود مبذولة حاليًا لإعادة تسميته بديلاً عن الاسم السابق الذي كسبه بأنه رجل الشعب.
ولمواجهة هذه الحال، شارك ساركوزي بحوار تلفزيوني استمر لأكثر من ساعتين تبادل خلاله الحديث مع 11 شخصًا عاديًّا من بينهم عامل ألبان وسائق سيارة ومدرّس وكل منهم قدم طلبًا يخدم مصلحته. وفي اللقاء كان ساركوزي في أفضل حالاته من حيث طرحه لأفكاره والمحاججة لصالحها.
وشرح أن فرنسا لا تستطيع فقط رفع الضرائب على الصناعة لأن ذلك سيدفع الأخيرة إلى الذهاب إلى مكان آخر. شارحًا أن على فرنسا إغلاق عدد من المستشفيات وإلا فإن العجز المالي الذي تعاني منه مؤسسات الصحة الحكومية سيؤدي إلى رفع الضرائب على المستخدمين. ولوحظ أن الرئيس ساركوزي تمكن من البقاء هادئًا وضبط أعصابه على غير عادته.
ويبدو أن تلك المقابلة التلفزيونية حققت كسبًا كبيرًا لساركوزي، فحسب ما قالت مجلة الايكونوميست البريطانية عبر 9 ملايين مشاهد عن تأييدهم له وهذا يشكل ثلث عدد الذين تابعوا البرنامج كذلك وجد 57% من المشاهدين أنه كان نافعًا. إلا أن المشكلة تظل محددة لا بما يقوله في الحوارات بل بما يقوم به وعلى ضوء ذلك يحكم عليه.
فبعد سلسلة من الأخطاء التي تكشف عن فشل في إدراك ما اعتبر quot;محسوبيةquot; واستخدامًا سيئًا للسلطة اهتزت صورة ساركوزي التي نجح في رسمها عن نفسه خلال الانتخابات. وكان آخر ما اثار ردود فعل غاضبة في الشارع الفرنسي تعيينه للصناعي ـ quot;هنري بروغليوquot; وهو أحد أصدقائه ليتولى رئاسة مؤسسة quot;إي دي أفquot; الحكومية المسؤولة عن التحكم في استهلاك الطاقة، خصوصًا أنّ بروغليو وافق على احتلال المنصب مع راتب يصل إلى 2.2 مليون دولار سنويًّا، لكنه في الوقت نفسه أصر على الاحتفاظ بمنصبه في شركته السابقة quot;فيوليا انفيرونمينتquot; إضافة إلى راتبه.
واستنكر زعماء المعارضة روحية المحسوبية التي اتبعها ساركوزي مع أصدقائه في وقت ظل ينادي بجعل الرأسمالية quot;أخلاقيةquot; مثلما فعل مرة أخرى في الندوة الاقتصادية العالمية بدافوس هذا الأسبوع. بل حتى رجال الأعمال الفرنسيون شعروا بانزعاج شديد منه. ومع تزايد الضغط السياسي قرر بروغليو التخلي عن الراتب الذي يقبضه من شركته السابقة quot;فيولياquot; في حين قال الرئيس الفرنسي إن صديقه سيبقى رئيسًا غير تنفيذي لأشهر عدة فقط.
وجاء الدفاع لحكومة ساركوزي على قرار تعيين بروغليو تذكيرًا بما حدث في العام الماضي حين برر عدد من الوزراء اختيار جان ابن الرئيس الفرنسي رئيسًا لمجلس بلدية quot;لا ديفنسquot; الباريسية ولكن في الاخير اضطر طالب الحقوق جان إلى سحب اسمه وما هز الجمهور هو أنه في كلتا الحالتين فشل االرئيس الفرنسي في رؤية الخلل القانوني بهاتين الممارستين.
لعل ساركوزي فقد الآن كل طموحاته بتحقيق إصلاحات جذرية مثلما كان عليه الحال في أول سنة من حكمه لكنه ما زال بحاجة إلى الدعم الشعبي في وقت انخفض الدعم له إلى 40%. وإذا كان أداؤه التلفزيوني الأخير أظهر براعته في شرح ما يلزم القيام به، فإنه بحاجة الآن إلى تنفيذه.
التعليقات