لندن: قبل 24 ساعة من إنطلاق الاحتجاجات والتظاهرات الإيرانيةفي ذكرى الثورة الإسلاميّةوصلت إستعدادات السلطات لمواجهة المشاركين فيها أعلى درجات الإستعداد الأمني من خلال نشر قوات مكافحة الشغب حول ساحة quot;آزاديquot; وسط العاصمة والتي سيخطب فيها الرئيس محمود أحمدي نجاد، أضف إلى التجول في المدارس لمعرفة الطلاب الذين سيشاركون فيها، ونصب كاميرات مراقبة وعزل الصحافيين والمراسلين الاجانب عن المناطق التي ستشهد الاحتجاجات ونصب كاميرات مراقبة وتعقب ناشطي شبكة الانترنت التي يتم تعطيلها بين الحين والاخر، وعرقلة سرعتها باستمرار.

وقد وزعت وزارة المخابرات إلإيرانية استمارات على الطلاب في المدارس والمعاهد التعليمية والمراكز التربوية تطلب فيها منهم أن يزودوها بأسماء ومعلومات عن زملائهم الناشطين الذين يتهيأون للمساهمة في التظاهرات والاحتجاجات التي ستنطلق الجمعة المقبل لمناسبة الذكرى السنوية الحادية والثلاثين للثورة الإيرانية للحيلولة دون المشاركة الواسعة للمواطنين فيها، كما ابلغ مصدر في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية quot;إيلافquot;. وقد أثار الطلب هذا من طلاب المدارس التجسس على زملائهم موجة من الامتعاض والاحتجاج لدى الطلاب والمعلمين والمدرسين وأولياء امور الطلاب.

وبهدف استعراض القوة وتعبئة شوارع طهران بالمؤيدين لها فقد نظمت السلطات رحلات مجانية لزيارة دينية الى طهران تحت شعار quot;الراحلون إلى النورquot; بهدف سحب الموظفين الحكوميين وعوائل قتلى الحرب ومليشيات البسيج quot;قوة التعبئةquot; والفقراء من المدن إلى العاصمة طهران لحشدهم في ساحة quot;آزاديquot; التي سيلقي خاتمي كلمته فيها.

وفي محاولة للتغطية على حجم الاحتجاجات فقد اختارت السلطات موقعًا للصحافيين والمراسلين الاجانب في ساحة quot;آزاديquot; باتجاه شارع quot;محمد علي جناحquot; بشكل لن يتيح لهم الاطلاع على حجم التظاهرات إضافة إلى عدم السماح لهم بالتوجه إلى مناطق اخرى من العاصمة وحتى إلى مواقع اخرى في ساحة quot;آزاديquot;.

كما اتخذت السلطات إجراءات أمنية إحترازية واسعة للحيلولة دون امتداد الاحتجاجات إلى ساحة quot;آزاديquot; حيث أعدت وحدات خاصة مجهزة بسيارات رش الماء ووحدات مكافحة الشغب المزودة بالهراوات والقنابل المسلة للدموع وبدأت بنشرها في الشوارع المحيطة بالساحة.

وخوفًا من إحراق المتظاهرين للجداريات والملصقات الكبيرة لصور القادة الإيرانيين وخاصة قائد الثورة الراحل خميني ومرشدها الاعلى خامنئي والرئيس أحمدي نجاد فقد باشرت السلطات منذ السبت الماضي بإزالتها ووضع إعلانات مكانها.

كما تستمر السلطات بنصب مكبرات الصوت من الصنفين السلكي واللاسلكي في المنطقة الفاصلة بين ساحتي quot;الامام الحسينquot; وquot;آزاديquot; لبث الشعارات الحكومية. كما نصبت كاميرات أمام مكبرات الصوت هذه بهدف التعرف على الاشخاص الذين سيقومون بقطع أسلاك مكبرات الصوت وقد اخفيت بين لوحات الاعلانات الدعائية للحيلولة دون رؤيتها بسهولة وذلك بعد قام شبان خلال احتجاجات سابقة بتعطيل الكاميرات ومعها المنظومة الصوتية لمكبرات الصوت.

واضافة الى هذه الاجراءات يقوم عناصر قوات المشاة وراكبي الدراجات النارية التابعة لوحدة مكافحة الشغب في الشوارع والساحات المركزية في طهران بالإخلال بعمليات الاتصال عبر شبكة الإنترنت وبث رسائل quot;إس إم إسquot; والتي تعتبرها السلطات أعمالاً مخلة بالامن.

وتنتشر رسائل عبر الانترنت عن مسيرات غد الخميس لكن الأجواء في إيران الان أصعب بكثير من تلك التي سادت قبل الاحتجاجات التي أعقبت الانتخابات الرئاسية في حزيران والتي أشاد الغرب خلالها بمواقع التعارف الاجتماعية لانها توفر لأنصار المعارضة منبرا للتجمع دون التعرف إلى هوياتهم لاسيما عند الدخول عليها عبر خوادم البروكسي التي يمكنها التغطية على تحركات المشاركين وأماكنهم.

وبالنسبة إلى الإيرانيين المستعدين للاحتجاجات تعتبر هذه المواقع تكتيكا عالي المخاطر في لعبة استراتيجية مع السلطات وسط تقارير عن تزايد تعطيل شبكة الانترنت. ويستخدم حوالى 32 في المئة من الإيرانيين شبكة المعلومات الدولية ويشترك 59 في المئة تقريبًا منهم في خدمات الهاتف المحمول وفقًا لتقديرات الاتحاد الدولي للاتصالات السلكية واللاسلكية لعام 2008.

ومنذ الانتخابات الرئاسية المتنازع على نتيجتها التي دفعت إيران الى أسوأ أزمة داخلية منذ الثورة الاسلامية عام 1979 أبطأت السلطات سرعة الانترنت وأغلقت مواقع المعارضة كما انها تباهي بقدرتها على تعقب تحركات عبر الانترنت حتى مع وجود خوادم البروكسي.

وتلت الانتخابات الرئاسية احتجاجات ضخمة نظمها أنصار المعارضة الذين يقولون ان الانتخابات زورت لتأمين إعادة انتخاب الرئيس المحافظ نجاد لكن السلطات تنفي هذا الاتهام. ويتم الاعلان عن معظم هذه الاحتجاجات وتعقبها عبر الانترنت لا سيما عبر موقع التدوين تويتر غير انه مع ذلك تتزايد المخاوف في الوقت الحالي في إيران من أن تتمكن السلطات من تعقب الأشخاص الذين يستخدمون البروكسي.

ولا يعني ذلك أن جهود المعارضة للتخطيط لتحركاتها والاعلان عنها قد أحبطت حيث يؤكد احد مصممي المواقع الذي يساند المعارضة لوكالة quot;رويترزquot; ان السلطات لن تنجح حيث ان quot;أي موقع تعرقل الحكومة الوصول اليه عبر الانترنت يجد الناس وسيلة أخرى.quot; ويؤكد quot;انها لعبة القط والفأر التي لا يمكن للحكومة الفوز فيها.quot;

ويتوقع مراقبون ان تشهد طهران احتجاجات الخميس بشكل اوسع خاصة مع الاعلان امس عن صدور حكم على مواطن إيراني بالاعدام لاشتراكه في الاعمال المناهضة للحكومة التي جرت في يوم عاشوراء الاخير في السابع والعشرين من كانون الاول/ ديسمبر الماضي.

وقالت نيابة طهران quot;ادين تسعة من المسؤولين عن اضطرابات عاشوراء احدهم حكم عليه بالاعدام والثمانية الاخرون بالسجنquot; دون اي ايضاح اخر. وقتل ثمانية اشخاص واصيب المئات خلال تظاهرات عاشوراء كما اعتقل المئات من المتظاهرين او المعارضين خلال او بعد هذه التظاهرات التي كانت الاكبر والاعنف منذ التظاهرات الحاشدة التي اعقبت اعادة انتخاب الرئيس نجاد في حزيران (يونيو) الماضي.

ورفع حكم الاعدام الذي صدر امسالى 12 العدد الاجمالي لاحكام الاعدام المتعلقة بتظاهرات المعارضة. ونفذ في الثامن والعشرين من الشهر الماضي حكم الاعدام في معارضين اتهما بانهما من quot;اعداء اللهquot; وذلك لقيامهما بquot;التخطيط لاغتيال مسؤولينquot; إيرانيين في اطار التظاهرات الا ان محامية احد هذين الاثنين اكدت انه اعتقل قبل شهرين من التظاهرات التي اعقبت انتخاب احمدي نجاد في حزيران.

وينتظر تسعة اخرون تاكيد حكم الاعدام الصادر عليهم في الاستئناف كما اعلن المساعد الاول لرئيس السلطة القضائية سيد ابراهيم رئيسي. وقال quot;هؤلاء التسعة المحكوم عليهم بالاعدام استانفوا الحكم وملفهم معروض الان على محكمة الاستئناف التي ينبغي انتظار قرارهاquot;.

وترددت تصريحات متناقضة الاسبوع الماضي بشان quot;اعداء الثورةquot; التسعة هؤلاء المتهمين بالسعي الى اطاحة النظام الاسلامي. فقد اوضح مدعي طهران ان الحكم باعدامهم لم يؤكد بعد في حين اشار رئيسي الى انه سينفذ quot;قريباquot;. من جهة اخرى اعلنت النيابة العامة ان محكمة الاستئناف اكدت عقوبة السجن لمدة خمس سنوات التي حكم بها على بهزاد نبادي احد زعماء المعارضة وكذلك احكام السجن الصادرة على 34 متهما اخر.