يلقى الطلاق الإلكتروني رواجاً في الأردن، وتتسع دائرته لتشمل محافظات عديدة في المملكة، وذلك بعد ان سجلت 450 حالة في العام الماضي، ولكنه في المقابل أثار عدد من المشكلات الإجتماعية.
عمان: الطلاق الالكتروني، نمطا جديدا كلفته المالية لاتتجاوز ثلاثة قروش لرسالة نصية ترسل من الزوج على جوال الزوجة لتحمل لها نبأ طلاقها، او من خلال رسالة تصلها على بريدها الكتروني. هذا الطلاق الحديث يلقى رواجا عند الاردنيين ودائرته تتسع ليشمل محافظات المملكة، حيث وصل عدد القضايا التي سجلت رسميا لدى دائرة قاضي القضاة خلال العام الماضي 450 حالة طلاق الكتروني .
الغرابة في موضوع الطلاق الالكتروني ان المجتمع الاردن لا يزال يزرح تحت الاعراف العشائرية والعادات والقيود التي تحكم سلوكيات وثقافة المواطنين فيه، لكن وبالرغم من هذه التقاليد فإن الكثير من الأزواج يلجأ إلى الطلاق الالكتروني الذي يعتبر بوابة حديثة لليتخلص الزوج من زوجته ومن اعباء مؤسسة الزواج، وبكلفة زهيدة لا تتخطى الثلاثة قروش، لكن كلفتها الاجتماعية مرتفعة وتكشف عن ذكورية الرجل بقرار الطلاق الفردي، كما وانها تهدد استقرار الاسرة وفق وجهة النظر الاجتماعية .
ووقف الشرع مع هذا الطلاق لانه بات واقعيا لا يمكن انكاره او اخفائه، مما دفع بدائرة الافتاء إلى اصدار فتوى رسمية جاء فيها ان الدائرة تعتمد حكم الطلاق عبر وسائل الاتصال الحديثة، وانه لاخلاف بين العلماء على شرعية الطلاق بحال تلفظ الرجل به وسواء علمت المرأة ام لا . وقال الدكتور احمد حسنات في الفتوى الخاصة بالطلاق الالكتروني ان للرجل ان يطلق زوجته سواء في حال حضورها او غيبتها وانه لا اثر لحضور الزوجة او عدمه في ايقاع الطلاق .
واضافت الفتوى ان quot; الطلاق عبر وسائل الاتصال الحديثة يندرج ضمن طلاق الكتابة، لذا يخضع الطلاق المرسل عبر الجوال او من خلال الانترنت لاحكام منصوص عليها شرعيا عند العلماء، وهي ان الطلاق كما يقع بالنطق واللفظ الدال عليه يقع ايضا بكتابة هذا اللفظ، غير ان الفقهاء وضعوا شروطاً وقيوداً لايقاع الطلاق بالكتابة ومنها ان تكون الكتابة مفهومة وظاهرة وان يبقى له اثر ليثبت به، كالكتابة على الارض او الورق ومنها الانترنت والجوال حاليا .
ووفق الفتوى الرسمية تعتبر المرأة طالق عندما يكتب زوجها إليها رسالة الطلاق ذاكراً إسمها، واذ قال ان جاءتك رسالتي فانت طالق تعتبر طالقة متي وصلتها الرسالة. واكدت الفتوى ان الطلاق لايقع قبل ان تتاكد الزوجة من ان الزوج هو من كتب الكلمة وقصد ارسالها فاذا كان هو يصبح الطلاق واقعا .
لكن الرد الرسمي الحكومي ما يزال غامضا، لكن المعلومات المتوافرة تكشف عن ان القانون الجديد المعدل لقانون الاحوال الشخصية التي تعكف دائرة قاضي القضاة على اعداده سيتضمن احكاما خاصة لهذا الطلاق تميل نحو التشديد والتضييق في مسالة وقوع الطلاق عبر وسائل الاتصال الحديثة . فيما انتقدت الاوساط الاجتماعية والقانونية هذا الطلاق لما يحمله من اضرار على المرأة والاسرة .
اما عن الاثار الاجتماعية لهذا النمط السائد من الطلاق فيتحدث مدير مركز البحوث الاجتماعية الدكتور موسى شتيوي لــ quot; ايلاف quot; قائلا ان هذا الشكل من الطلاق يُأخذ بقرار طرف واحد مما يشكل امتهان للعلاقة الزوجية، ويعتبر اهانة للمرأة نفسها ويعزز السلطة الذكورية خصوصا وان استخدام هذه الوسائل تكون رغبة احادية من طرف الرجلquot;.
كما يرى شتيوي ان من الاثار الاجتماعية المترتبة عنه أنتقاصه من حقوق المرأة وما وصلت اليه من تقدم، ونسفه للنواة الأسرية وتحميل الزوجة اعباء ما بعد الطلاق ال اقتصادية والنفسية ، كما وإحداثه ارباكا وقلقا لدى المرأة وتهديده لاستقرار الاسرة . ويؤكد ان الضحية والخاسر الاكبر في الطلاق الكتروني هو المرأة .
من جانبها، تعلق القاضية احسان بركات على موضوع الطلاق الالكتروني بإعتباره قانونياّ خاصة وان البريد الكتروني أصبح من البينات التي يمكن الاعتماد عليها ومقبولة في المحاكم النظامية. بدورها تطرح القاضية بركات عدة تساؤلات على الجهات المختصة لتوضيح كيفية التحققّ من الارادة الشرعية في الطلاق، واثبات ان كان الزوج هو من ارسل الرسالة وإن كان في كامل وعيه ولم يتعاطَ مخدرات او مشروبات كحولية مثلا .
كما وتسأل عن حقوق المرأة بعد الزواج وإن كانت ستحصل على نفقة ومصاريف بالاستناد على رسالة نصية للطلاقquot;. كما وتنتقد الجهات المسؤولة على تحفظهم ورفضهم الافصاح عن بنود قانون الاحوال الشخصية الجديد وما يتضمنه من بنود هامة تسهم في معالجة هذا النمط الجديد من الطلاق .
غير ان المحامي الباحث في شؤون المرأة الدكتور عاكف المعايطة يرى ان الطلاق الالكتروني يلقي رواجا عند الازواج مرتكزاّ بذلك على الحالات التي سجلت لدى دائرة قاضي القضاة وبلغت 450 حالة خلال عام 2009 . ويوضح ان حالات الطلاق التي تتم تخضع لاجراءات ابرزها تسجيل الدعوى في المحاكم وتصوير تلك الرسالة النصية او البريد الالكتروني وتقديمها كدليل لاثبات واقعة الطلاقquot;. ولكن حول التقدم وتقديم الاثبات ان الزوج هو من ارسلها ليس غيره من هاتفه يقول المعايطة اننا نلجأ الى أن يقوم الزوج بحلفان اليمين .
أما الهام كركي فتعتقد ان هذا النوع من الطلاق غير مسؤول ومخادع لانهاء العلاقة الزوجية التي تنتهي برسالة وعبر الهاتف دون النظر الى الاطفال ومشاعر الزوجة . غير ان احمد سليم يرى انها وسيلة جيدة لانها تنقذ الرجل من ردة فعل الزوجة وغضبها في تلك اللحظة .
ويخضع الطلاق عادة الى شروط وضوابط شرعية وفق قانون الاحوال الشخصية المعمول به في الاردن حاليا وابرزها : ان يثبت امام القضاء ان الزوج هو من ارسل هذه الرسالة بوجه شرعي صحيح عن طريق الإقرار، وان يكون الزوج وقت كتابته للرسالة بكامل وعيه أوغير مجبّر على ذلك اضافة الى ان تكون الكتابة مرسومة بمعنى ان تكون موجهة الى الزوجة بطريقة لا لبس فيها ولا غموض، واما اذا كانت غير ذلك فلا يقع الطلاق عندئذ ومع تحقق الشروط السابقة لابد من حلف الزوج اليمين الشرعية على نيته ايراد ايقاع الطلاق او عدم ذلك، وكما ان تحتوي الرسالة على لفظ من الفاظ الطلاق الصريحة لانها ان احتوت على الفاظ غير صريحة فلا يقع الطلاق بها .
التعليقات