دمشق: لم تعلن سوريا عن زيارة فريدريك هوف مساعد المبعوث الأميركي الخاص للسلام في الشرق الأوسط جورج ميتشل، كما لم تُشر أي من وسائل الإعلام السوريا الرسمية إلى هذه الزيارة أو نتائجها.

ووفقاً لمصادر مطلعة فإن هوف التقى بعدد من المسؤولين السوريين وأجرى معهم مباحثات تركزت حول عملية السلام في الشرق الأوسط استكمالاً لمحادثات سابقة قام بها ميتشل وهوف في الأشهر الماضية مع سوريا وعدد من دول المنطقة.

وتأتي هذه التحركات الأميركية بعد أيام من عقد لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي جلسة استماع للسفير المرشح لدمشق روبرت فورد، وهو نائب سابق للسفير الأميركي في العراق، قبل التصويت على تعيينه في الأسابيع المقبلة.

وتبني سوريا كثيراً من الآمال على زيارة الوفود والمسؤولين الأميركيين، فهي تعتبر أن هذا التحرك الكثيف نحو سوريا هو اهتمام استثنائي من الولايات المتحدة بها، ودليل على quot;الدور المحوريquot; لسوريا في المنطقة، واستدراك أميركي لأهمية العلاقة مع سوريا.

ووفقاً لمصادر متابعة فإن هوف بحث من جملة ما بحثه مع السوريين أسباب اعتراض سوريا على قرار لجنة المتابعة العربية القاضي ببدء مفاوضات غير مباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كما ناقش معهم ما قاله وزير الخارجية التركي داوود أوغلو بوجود quot;بوادرquot; من إسرائيل بقبول أن تستأنف تركيا دور الوسيط في المفاوضات غير المباشرة مع سوريا. وقالت المصادر إن المباحثات تجرى في إطار ما يمكن وصفه quot;بخارطة الطريق بين واشنطن ودمشقquot;، كما كان أسماها وزير الخارجية السوريا وليد المعلم عند بداية انطلاقتها قبل أكثر من عام.

وملف السلام الذي تتبناه الولايات المتحدة لم يحقق أي تقدّم يذكر، فالرئيس السوري بشار الأسد جدد تأكيده أمس خلال استقباله للرئيس الإيطالي جورجيو نابوليتانو على عدم وجود طرف إسرائيلي يرغب بتحقيق السلام، وشدد على أن أهمية الوسيط التركي، واتهم تل أبيب بأنها وراء فشل المفاوضات غير المباشرة. ومن غير المتوقع أن يحقق هذا الملف أي تقدم يذكر ما لم توافق الولايات المتحدة على تبني هذه المفاوضات ورعايتها، وهو أمر تشدد عليه سوريا كثيراً.

ووفقاً لمصادر دبلوماسية أوربية في دمشق فإن الولايات المتحدة مازالت تعتقد بإمكانية إبعاد دمشق عن أصدقائها (حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله وإيران)، وإقناعها ببذل جهد أكبر لمنع المقاتلين من دخول العراق عبر الحدود السوريا.

وقالت المصادر في تعليق لوكالة (آكي) quot;تعيين سفير أميركي جديد في سوريا يأتي في إطار استراتيجية الإدارة الأميركية للتواصل مع خصومها، ويصب في إطار المصالح الجيوسياسية لها في الشرق الأوسط، ولا شك أنها طلبت من سوريا الكثير مقابل هذه الخطوةquot; وفق قولها.

وأضافت quot;رغم ارتياح بعض المسؤولين الأميركيين من تطور العلاقة مع دمشق وقولهم أن العلاقة تسير بطريقة مرضية، إلا أن واقع الأمر يشير إلى أن هذه العلاقة ما زالت تشوبها خلافات، تمتد عبر هلال الأزمات كله، من إيران إلى العراق فلبنان وفلسطين وإسرائيلquot; حسب تعبيرها.

ولا تزال غالبية القضايا الخلافية عالقة وتهدد المسار التصاعدي لعلاقات الدولتين، فلا تزال سوريا ـ وفق المنظور الأميركي ـ دولة داعمة للحركات الراديكالية، والتنظيمات الإرهابية في العراق، وحليفاً إقليمياً لإيران، وداعمة للفصائل الفلسطينية المقاتلة، ورافضة للتسوية مع إسرائيل.

بالمقابل تأمل سوريا أن يقتنع المسؤولون الأميركيون الذي يترددون على دمشق بضرورة الانفتاح عليها ومنحها الثقة، خاصة فيما يتعلق برفع العقوبات الاقتصادية عنها وقبول لعب دور الراعي لمفاوضات السلام مع إسرائيل، والقبول بدور سوري إقليمي تلح عليه سوريا.