في الوقت الذي يبدي فيه الشبان المسيحيون تذمرا من الأوضاع السائدة في قطاع غزة والمعاناة من الحياة المغلقة والحريات المصارة، فان النائب المسيحي حسام فؤاد الطويل، والذي يشغل أمين سر مجلس وكلاء الكنيسة العربية الأرثوذكسية يؤكد أن المسيحيين غير متضررين من أية جهة إسلامية أو علمانية في غزة.

غزة: اعتاد المسيحيون أن يكونوا شركاء للمسلمين في فلسطين على مدار التاريخ، فعاشوا المعاناة بكافة أشكالها، وهم اليوم متضررين ومتذمرين من حالة الحصار وإغلاق المعابر، ويذوقون المرارة يوميا، ويتعرضون للهجمات الإسرائيلية كغيرهم من المسلمين، ورغم ذلك إلا أن تجربتهم داخل قطاع غزة في ظل الإنقسام الفلسطيني، خلفت تساؤلات كثيرة حول طبيعة حياتهم، وانخراطهم في سوق العمل، وممارساتهم اليومية وعاداتهم وتقاليدهم وطقوسهم وحتى رأيهم فيما يجري على الساحة الفلسطينية، وهم يعيشون في غزة تحت حكم إسلامي، وفي دولة مسلمة، وحكومة تديرها حركة حماس منذ ما يزيد على 4 سنوات.

دونا ماريا متاس على شاطئ بحر غزة quot;إيلافquot;

دونا ماريا متاس طالبة في مدرسة العائلة المقدسة تصف لـ quot;لإيلافquot; الوضع داخل قطاع غزة فتقول: quot;الوضع ليس جيدا مع المسيحيين، وليس لدينا حرية كما باقي الناس لأننا في بلد إسلامي، وبعد حكم حماس تطورت الأشياء، وصار الضغط علينا أكبر، فالحياة مغلقة هنا، سواء كنا مسيحيين أو مسلمين فليس لدينا حرية كما كان في السابقquot;.
وتضيف: quot;حماس تمنع أي مكان فيه اختلاط ما بين الشباب والبنات دون أن تعرف ما إذا كان هذا الشيء جيد أو بؤرة فساد، فعلى سبيل المثال أن أذهب إلى الجمعية وأدرس في مدرسة مختلطة وجميعنا أخوة ونخاف على بعضنا البعض ولا نفكر بأي سوءquot;.

وتخشى دونا من أي اعتداء على أحد من أصدقاءها على غرار ما حدث مع عدد من المسيحيين في غزة فتقول: quot;لا يوجد أمان هنا، فأنا لا أخاف على نفسي بل أخاف على أصدقائي، وحتى حماس عندما جاءت لم تستطيع أن توقف القتل، وقد ظهر مؤخرا سرقة الأولاد الصغار، وهذا شيء غير مريح ومقلقquot;.
وتتابع قائلة: quot;هناك كثيرين مضطهدين في غزة، مع العلم أن الدين ليس له علاقة، فالمشكلة اجتماعية أكثر منها دينيةquot;.

وعن طبيعة علاقتها بالفتيات المسلمات توضح دونا: quot;ليس لدي صديقات مسيحيات سوى 4، أما الباقي فهم مسلمات، ولم أشعر يوما أن هناك فرق بيننا، ودائما مع بعض في المدرسة والجمعية، وائما ننظر إلى الأشياء الإيجابية والمشتركة بيننا، ولا نتحدث في أمور الدين بالمطلقquot;.
وتفكر دونا بالعيش خارج قطاع غزة فتقول: quot;سأكمل دراستي في الأردن، ولكن إذا كنت سأهاجر فسأذهب إلى اليونان وأستقر هناك لأن المعيشة أجمل بكثير ولأن كل أقربائنا هناك، وعندما نسافر أشعر أن هناك أشياء أخرى أجمل، وأننا نذهب إلى عالم جديدquot;.

أكبر مشكلة هو عدم وجود فرص عمل بغزة
الشاب رامي عياد يفكر بالهجرة لسوء الوضع داخل قطاع غزة فيقول: quot;ليس هناك عيشة ولا حياة في غزة، فهي تموت يوميا، ولم يتبقى أي شيء داخل البلدquot;.
ويرى رامي أن المشكلة الأساسية تكمن في إمكانية خروجه من غزة فيشير: quot;الخروج عبر معبر بيت حانون إيرز ممنوع وبالذات نحن جيل الشباب مرفوضين من قبل الجيش الإسرائيليquot;.
ويقول رامي أن علاقته بالشباب المسلمين علاقة طبيعية لا يشوبها أية خلافات فيوضح: quot;لا فرق بين مسلم ومسيحي في قطاع غزة، لأننا أبناء شعب واحد وقضية واحدة، وجميعنا فلسطينيين، والجيش الإسرائيلي لا يفرق بين واحدا منا، وأنا أفتخر أني فلسطينيquot;.
ويبين رامي بأن أكثر المشاكل التي يواجهها هي عدم وجود فرصة للعمل فيقول: quot;كما أن للمسلمين حرية في العمل فأيضا نحن يجب أن يكون لدينا مجال للعمل، ولكن ليس في هذه الحكومة الموجودة بغزة وهذا يرجع للإنتماء السياسي لكل شخص، وهو شيء يندرج تحت الحرية الشخصيةquot;.

لسنا متضررين من أي جهة إسلامية كانت أو علمانية

النائب في المجلس التشريعي حسام الطويل في مكتبه

النائب المسيحي حسام فؤاد الطويل، والذي يشغل أمين سر مجلس وكلاء الكنيسة العربية الأرثوذكسية بغزة تحدث quot;لإيلافquot; عن تعداد المسيحيين في قطاع غزة وممارساتهم اليومية في ظل حالة الإنقسام الفلسطيني فيقول: quot;المسيحيون 2000 نسمة، وهم أقلية بالمنظور العددي، ولكنهم لا ينظرون إلى أنفسهم على أنهم أقلية، بل نحن جزء من الأكثرية العربية التي بها مكونات إسلامية وعلمانية ويساريةquot;.

ويشارك المسيحيون أبناء جلدتهم من الفلسطينيين معاناتهم وطموحاتهم وعاداتهم وتقاليدهم كما يقول الطويل ويؤكد: quot;نحن متضررون من الإنقسام والحصار ومن حالة العدوان، ولسنا متضررين من أي جهة إسلامية كانت أو علمانية، ونمارس طقوسنا بكل حرية، ولم يختلف علينا شيئا، لأننا شركاء في صياغة المعادلة الوطنيةquot;.
ويضيف حول الدور المسيحي بشأن الإنقسام فيقول: quot;ليس من المتوقع أن يفعل المسيحيون شيئا أو يتحركوا بصفتهم مسيحيين، فالمسيحيون لا يميزون بديانتهم عن غيرهم بأي شيئ، وليس لهم أفضلية في ذلك إطلاقا، فنحن لسنا حزبا سياسيا بل منتشرين في المجتمع الفلسطيني ومؤسساته التي نعمل بها كمسيحيين، فهناك الجبهاويون والفتحاويون والمستقلون، والكل لديه حس الوحدة الوطنية ويدفع من أجلهاquot;.
وعن دوره كنائب في المجلس التشريعي وعمله لصالح الأسرة المسيحية أوضح الطويل: quot;لا أنظر إلى نفسي في المجلس التشريعي كنائب مسيحي بل كنائب مستقل، وبالتالي لا أمثل المسيحيين في البرلمان، وعلاقتي بالأسرة المسيحية تأتي من خلال كوني أمين سر مجلس وكلاء الكنيسة العربية الأورثوذكسية بغزةquot;.

ويشيد الطويل بعمل المؤسسات المسيحية التي تحتل مكانة بارزة في صمود الشعب الفلسطيني ودعمه، فيقول: quot;لدينا مؤسسات رسمية فاعلة في المجتمع، وكثير منها مصممة لخدمة المجتمع المحلي وتلبية احتياجاته، وليست لخدمة أبناء الأسرة المسيحية فقط، ومن هذه المؤسسات مدرسة دير اللاتين والعائلة المقدسة والروم الأرثوذكس وراهبات الوردية، ومؤسسات مجتمعة كجمعية الشبان المسحية ومجلس الاتحاد الكنائسي، ومؤسسات طبية كالمستشفى الأهلى العربي ومؤسسة كاريتاس التابعة للكنيسة اللاتينيةquot;.
ويتحدث الطويل عن الاعتداءات التي طالت المؤسسات المسيحية في قطاع غزة، فيقول: quot;لقد أثرت علينا بشكل سلبي ولكن ما كان يعزي أن كافة قوى المجتمع وعلى رأسها الإسلامية وقفت إلى جانبنا، واعتقد أن مصدر تلك الاعتداءات هم أشخاص ضيقو الفكر، وقد وقف المجتمع بكل قواه الوطنية ضدهم على شكل هبة فلسطينية، وقد نجحت السلطات في اعتقال بعضهمquot;.

ونفى الطويل ما قاله الأب مانويل مسلم حول أن المسيحيين يسيطرون على ثلث إقتصاد قطاع غزة، فقال: quot;ليس هناك احصائيات حول ذلك، وهذا شيء مبالغ فيه خاصة أن الأسرة المسيحية بها لاجئين ومعوزين، ولم يقصد الأب مانويل مسلم إعطاء احصاءات، وإنما يقصد أن المكون المسيحي في العائلة الفلسطينية مهم من الناحية الاقتصادية والثقافية والاجتماعيةquot;.

وبين الطويل أنه لا توجد حقوق للمسيحين يمتازون بها عن غيرهم لكونهم مسيحيين، وأضاف: quot;هناك أطباء ومدرسين منخرطون في عملهم بشكل طبيعي على اختلاف انتماءاتهم الحزبية والفكرية، ومن كان موظفا في الحكومة السابقة فحاله كغيره من الموظفين الذين جلسوا في بيوتهم، وهناك من حصل على وظيفة في ظل الوضع الحاليquot;.
أما هجرة المسيحيين من قطاع غزة فيتحدث الطويل بهذا الشأن ويقول: quot;سألت عن هذا الموضوع كثيرا وأنا أوؤكد أنه ليس هناك هجرة مسيحية من غزة، ولكن إذا كان أحد الشباب المسيحيين أو المسلمين فمن حقه أن ينظر إلى مستقبل أفضل وأن يتطلع إلى بناء أسرة، وأن ينخرط في مجال عمل، ولذلك من حقه أن يبحث عن هذه الفرصة، ولكن ما يميز فلسطينيو اليوم انهم لا ينزحون ولا يهاجرون بعد الهجرة القسرية عام 1948quot;.