تحت عنوان quot;العلمانيّة هي الحلّquot;، إعتصم نحو 3 آلاف لبناني للقضاء على النظام الطائفي في البلاد، الذي يقسم المجتمع اللبناني إلى طوائف متناحرة. وفيما رفع المتظاهرون شعارات تندّد بالطائفية، قال الداعون إلى المسيرة إنّ الوقت قد حان لإعادة تعريف ما يعني أن يكون اللبناني لبنانيًّا.
بيروت:شارك الآلاف في بيروت الأحد في مسيرة للمطالبة بدولة علمانيّة في لبنان، حيث للطوائف دور رئيس في النظام السياسي. وشارك رجال ونساء واطفال حملوا الاعلام اللبنانية في المسيرة التي نظمتها حركة مستقلة تدعو الى العلمانية. وهتف الحشد مطالبًا quot;بالعلمانيةquot; فيما سار حتى مقر البرلمان اللبناني في ساحة النجمة وسط بيروت وقدم ناشطون الزهور للمشاركين.
كما رفع المشاركون في المسيرة وأغلبيتهم من الشباب لافتات كتب على بعضها quot;زواج مدني وليس حرب اهليةquot;. كما ارتدى كثير من الشباب قمصانًا بيضاء مكتوب على مقدمتهاquot; ما هي طائفتك؟quot; ومكتوب على ظهرهاquot; ليس هذا من شأنكquot;.
وقال احد المنظمين عبر مكبر للصوت quot;التغيير يبدأ منّاquot;، امام مبنى البرلمان حيث نصبت قوى الامن حواجز لمنع اقتراب المتظاهرين من المبنى. وتابع المنظم quot;وحدنا، نحن المواطنون، نستطيع ذلكquot;.
كما حضر ناشطون من اجل حقوق المثليين رافعين اعلام قوس قزح ولافتات تقول quot;مثليون من اجل العلمانيةquot;. وقال هاني (24 عاما) المشارك في المسيرة quot;هذا التجمع رمزي، وان كان تاثيره السياسي طفيفا او حتى لا يذكرquot;. وتابع quot;المهم ان الجماعات المهمشة كافة جاءت للمطالبة بدولة للجميعquot;.
يذكر ان لبنان الذي يبلغ عدد سكانه 5 ملايين يتبنى نظامًا طائفيًّا في تقسيم السلطة في البلاد منذ الاستقلال العام 1943 والذي يقضي بأن يكون رئيس البلاد مسيحيًّا مارونيًّا، ورئيس الوزراء مسلمًا سنيًّا، ورئيس البرلمان مسلمًا شيعيًّا.
ودعت مسيرة العلمانيين جميع اللبنانيين الى الاتحاد والعمل على القضاء على النظام الطائفي في البلاد، الذي يقسم المجتمع اللبناني الى طوائف متناحرة.
وقالت كيندا حسن احدى منظمات المسيرةquot; نحن لا نستطيع ان نعيش في بلد حيث لا يتمكن اساتذة الجامعة ان يعملوا طوال الوقت ما لم يتناسب ذلك مع حصة السنةquot;. واضافتquot; لا نستطيع العيش في بلد حيث يتم تقسيم مناصب الوزراء وفقًا لمعتقداتهم وليس وفقًا لكفاءاتهمquot;.
بدوره، قال حسن ويبلغ من العمر 26 عامًا يعمل مديرًا في شركة تسجيلات ان الدستور اللبناني يحدد لبنان كبلد ديمقراطي يحترم حرية المعتقد ويمنح حقوقًا متساوية لمواطنيهquot; لذا نحن نطالب بتطبيق هذا البندquot;.
ويقول الداعون الى المسيرة ان الوقت قد حان لإعادة تعريف ما يعني ان يكون اللبناني لبنانيًّا. ويشير هؤلاء الى ان المواطنة اللبنانية تأتي في المرتبة الثانية بعد الدين، كالإسلام والمسيحية، وبين المذهبية الاسلامية كالسنة والشيعة، او المسيحية كالكاثوليك والارثوذوكس.
بدوره قال الشاب سعيد شعيتو quot;لا نستطيع ان نغير تفكير اربعة ملايين شخص ولكن نظهر العدد... اللبناني لا يعرف شيئًا عن العلمانية. هو خائف منها. خائف من ان تأتي ضد دينه... وبعضهم خائف من ان تقوي العلمانية طائفة اكثر من أخرى. نريد ان نظهر لهم ان الحل الوحيد هو العلمانية لأنّه عندما نحمل العلمانية نبقى لبنانيين فقطquot;.
كما كتب على بعض اللافتات عبارات quot;الطائفية رجس من عمل الشيطان فاجتنبوهquot; وquot;احترم حرية الرأي والمعتقدquot; وquot;ماذا عن المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع اللبنانيين دون تمييز او تفضيلquot;.
وغلب على الاعتصام الطابع النسائي وخصوصا المتزوجات من اجانب والمطالبات بالهوية اللبنانية لاولادهن والناشطات تحت حملة quot;حقي جنسيتيquot;.
ورغم محاولات عدة قامت بها مؤسسات المجتمع المدني الا ان الامر ما زال غير كاف. وكان وزير الداخلية زياد بارد اصدر العام الماضي مذكرة تمنح المواطنين اللبنانيين الخيار في عدم الاشارة لطائفتهم الدينية من السجلات المدنية.
وكانت البلاد قدشهدت صراعات طائفية ومذهبية خلال الاعوام الخمسة الماضية خصوصًا عقب اغتيال رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري، اوصلت البلاد الى شفا حرب اهلية جديدة في العام 2008.
وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري قد دعا إلى الغاء الطائفية السياسية في وقت سابق هذا العام، قائلاً إنّ quot;إلغاء الطائفية السياسية هدف وطني أساسي ينص عليه الدستور وهو كذلك أحد بنود اتفاق الطائفquot; الذي انهى الحرب الاهلية.
وفي نظر الكثيرين فإنّ إلغاء الطائفية السياسية يجب ان يبدأ بإلغاء الطائفية الاجتماعية مع الحفاظ على حقوق الطوائف. لكن بري قال quot;لو انتظرنا ان تذهب الطائفية من النفوس كما يطالب بعضهم قبل الغائها من النصوص لانتظرنا إلى الابدquot;.
يذكر ان النظام الطائفي في لبنان يقسم الطوائف الى 18 طائفة، وتتحدد الحقوق المدنية لكل مواطن حسب طائفته ودينه ومذهبه ومن قبل الزعماء الدينيين لتلك الطوائف.
وفي لبنان للسلطات الدينية الحق الحصري في تسجيل وثائق الزواج والولادة او الوفاة، او احكام الميراث، وهو ما يعني أنّ كل لبناني له حقوق مختلفة عن مواطنه الآخر من طائفة مختلفة.
وبينما يدافع بعض عن نظام تقاسم السلطة المؤسس على الطائفية ويشيرون الى انه يمنح تمثيلاً سياسيًّا للطوائف اللبنانية يقول الكثير من الشباب الذين شاركوا في المسيرة، انه نظام مليء بالاخفاقات، اذ ادى الى عدم الاستقرار، والى حكومات ضعيفة، والى توترات طائفية انتهت الى حروب اهلية.
التعليقات