صحافيون اكراد يطالبون بالكشف عن قتلة الصحافي سردشت |
تصاعدت بشكل خطر قضية مقتل الصحافي الكردي الشاب سردشت عثمان لتؤجج صراعًا سياسيًّا حادًّا بين الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني ونجله مسرور رئيس وكالة أمن الاقليم من جهة، وحركة التغيير المعارضة بقيادة نوشيروان مصطفى من جهة اخرى، التي وجهت لها اتهامات بضرب الامن القومي للاقليم ومحاولة زج شعبه في حرب اهلية وذلك بشكل أخذ يهدد وحدة الائتلاف الكردي المعلن مؤخرًا وقبيل توجه وفده الى بغداد حاملا ما يفترض انه موقف كردي موحد ازاء تشكيل الحكومة الجديدة وحل القضايا الخلافية بين الحكومتين الكردستانية والمركزية .
لندن: في رد فعل عنيف على اتهامات حركة تغيير الكردية المعارضة لمسرور بارزاني رئيس وكالة حماية امن اقليم كردستان بالمسؤولية عن قتل الصحافي فقد اتهم هذا الاخير الحركة التي يتزعمها شيروان مصطفى والتي ظهرت بقوة خلال الانتخابات العراقية الاخيرة وحصلت على 8 مقاعد في مجلس النواب الجديد .. اتهمها باستخدام quot;دماء الشهيد (سردشت عثمان) الزكية لاغراضه ومراميه الشخصية والسياسية موجها ذلك ضد السلطات في إقليم كردستان وقياداته وشخصياتهquot;.
وكان الصحافي سردشت (23 عاما) قد اختطف من امام جامعة صلاح الدين في اربيل عاصمة الاقليم (220 كم شمال بغداد) ليل الاربعاء من الاسبوع الماضي ثم عثر على جثته بعد يومين في ضواحي مدينة الموصل (375 كم شمال بغداد) . وكان سردشت طالباً في السنة النهائية في قسم اللغة الإنكليزية في الجامعة ويعمل في الوقت نفسه صحافياً في صحيفة quot;أشتي نامةquot; وقد نشر مؤخرًا مقالاً انتقد فيه مسعود بارزاني . وافاد شقيق الضحية أن جثة أخيه عندما عثر عليها كانت تحمل آثار تعذيب كما تشير الى انه قد أُطلق عليه الرصاص في فمه على أيدي الذين اختطفوه وقتلوه.
اتهام حركة التغيير المعارضة بزج شعب كردستان في حرب طاحنة
واضاف مسرور بارزاني في بيانه ان quot;الإعلام التابع لحركة تغيير quot;كورانquot; قام بعد الحادث المأسوي لاغتيال الشاب quot;سردشت عثمانquot; بخلق جو معقد مستخدما دماء الشهيد الزكية لاغراضه ومرامه الشخصية والسياسية موجها ذلك ضد السلطات في إقليم كردستان وقياداته وشخصياته حيث قامت مجلة quot;لفينquot; التابعة للحركة بتلفيق بعض التهم المفبركة لكي تربط اسمه وشخصيته بحادث اغتيال الشهيد مدعية أنه حينما نظمت ندوة لمسرور بارزاني لطلبة الأقسام الانكليزية في جامعة صلاح الدين مؤخرا أبدى سردشت عثمان إنتقادات حادة وجهها خلال الندوة وان ذلك أدى حسب قول المجلة الى امتعاض واستياء مسرور تجاه هذا الطالبquot;.
ووصف مسرور هذه المعلومات التي نشرتها المجلة بأنها quot;تلفيقات بعيدة عن مبادئ واسس الاخلاق الصحافية وهي تروم من ذلك حض ودفع أصحابها لرد الفعل المغاير وتهدف من ذلك استخدام دمه واستغلاله لمرامها وغاياتها الشخصية والا كان من السهل جدا حين الاستفسار من بعض أصدقائه ومعارفه أن يتبين ويتضح لهم بأن ذلك غير صحيح إطلاقا وليس له أي أساس من الصحة وأن الشهيد لم يوجه أي سؤال الى مسرور بارزانيquot;.
واشار مسرور بارزاني الى أن الندوة التي نظمت جاءت في اطار إهتمامه بشريحة الطلبة والشباب وقد سارت وجرت في أجواء هادئة وحميمية وأن التسجيل الكامل للندوة بالصورة والصوت موثق لدى الطلبة والأساتذة والحضور وهو الشاهد الجلي على تلفيق وكذب مجلة لفين quot; لذا فان الانباء المضللة لحركة تغيير تدخل ضمن خانة التشهير وعدم الاحترام لعمليات ومجريات التحقيق القانونية في هذا الحادث وبلا شك إن وكالة حماية امن إقليم كردستان لن تسكت عن حقها المنتهك قانونيا ويجب بالمقابل على حركة التغيير ومجلتها الاجابة أمام القانون على هذه الاعمال والتصرفات غير اللائقة وغير الحضاريةquot;.
وكان نوشيروان مصطفى القيادي السابق في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني قد انشق مع مجموعة من القياديين الاخرين عن الحزب العام الماضي وشكل حركة تغيير. وحصلت الحركة على 8 مقاعد في مجلس النواب العراقي خلال الانتخابات التشريعية الاخيرة وعلى 25 مقعدا في برلمان كردستان خلال الانتخابات التي جرت في كردستان في تموز (يوليو) الماضي . ومن جهته هاجم المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الاقليم مسعود بارزاني ما وصفها quot;الخطط التي تحاك ضد الحزب والرئيس بارزانيquot; .
منظمة العفو الدولية تدعو لتحقيق فوري بمقتل سردشت
ودعت منظمة العفو الدولية رئيس اقليم كردستان الى quot;إصدار أمر بإجراء تحقيق فوري ومستقل بشأن اختطاف وقتل سردشت عثمان وغيره من ضحايا الاعتداءات وأعمال القتل التي تعرض لها الصحافيون والناقدون في إقليم كردستان العراق وغيره من المناطق التي تخضع لسيطرة حكومة كردستان العراق في الواقع الفعليquot;.
واشارت المنظمة في بيان لها الى ان الأعوام الأخيرة قد شهدت نمطاً مطرداً من الاعتداءات البدنية على الصحافيين وغيرهم في إقليم كردستان العراق والمناطق المجاورة له ممن أعربوا عن انتقادهم لقياديين أو مسؤولين في الحزبين الكرديين الرئيسين في الإقليم، الاتحاد الوطني الكردستاني (بزعامة الرئيس جلال طالباني) والحزب الديمقراطي الكردستاني (بزعامة مسعود بارزاني)، اللذين يهيمنان معاً على السلطة في حكومة كردستان العراق .
واشارت الى ان اثنتين على الأقل من هذه الحالات قتل الأشخاص المستهدفون ولكن لم يحاسب أحد من المسؤولين عن مقتلهم. واضافت ان اعتداءات اخرى قد حدثت وتعرض فيها الصحافيون لانتهاكات ومن بينها قتل الصحافي سوران حمه مامه البالغ من العمر 23 عاماً في تموز (يوليو) عام 2008 فقد قتل خارج منزل والديه في كركوك بنيران مسلحين يرتدون ثياباً مدنية وكان هو الآخر قد نشر مقالات تنتقد الحزبين الكرديين .
وفي اذار ( مارس) عام 2008 قتل عبد الستار طاهر شريف (وزير سابق) البالغ من العمر 74 عاماً، بنيران مسلحين في كركوك وذلك في ما يبدو بسبب انتقاده الزعماء الأكراد. واوضحت المنظمة انه منذ مقتل سردشت عثمان تواصلت التهديدات منقبل أطراف مجهولة ضد الأشخاص الذين أدانوا مقتله . واضافت المنظمة انه في يومي 10 و11 من الشهر الحالي نظم كل من هلغورد سمد وريبين فتح وهما صحافيان من أربيل، تظاهرات في أربيل والسليمانية لإدانة عملية القتل ومنذئذ تلقى كل منهما تهديدات بالقتل عبر الرسائل النصية على هواتفهما النقالة تقول quot;إن لم تتوقف عن تنظيم هذه الحملة (لوضع حد لعمليات اغتيال وتهديد الصحافيين) فسوف تقتل كالكلبquot;.
وردا على ذلك اكد المتحدث باسم حكومة الاقليم إن الحكومة جادة في متابعة قضية مقتل الصحافي سردشت عثمان وتقديم الحقائق حولها مبينا انها شكلت لجنة تحقيقية وغرفة عمليات تابعة لوزارة داخلية الاقليم وبمتابعة من رئيس الاقليم مسعود بارزاني.
وقال كاوه ان الحكومة تحقق بهذه الجريمة النكراء ومنذ البداية اعتبرتها حاصلة ضد المجتمع والحكومة على حد سواء فضلا عن كونها جريمة بحق المواطن البريء المدني المسالم . واشار الى جدية الحكومة في التوصل الى الحقيقة وتقديمها إلى المواطنين قائلا ان quot;حكومة الاقليم شكلت لجنة تحقيقية وغرفة عمليات تابعة لوزارة الداخلية وتقوم بدراسة القضية والتحقيق فيها من الناحية المهنية الصرفة ويتابع عمل اللجنة رئيس الاقليم مسعود بارزانيquot; . واضاف أن quot;اللجنة التحقيقية مستمرة في عملها وتستفيد من خبرات مختصين من اجل الوصول الى الحقيقة وعندما تكشف الحقيقة ستعلن للمجتمع والمهم ان تتحقق الحكومة بدقة في الأمر ثم تنقل كل الحقائق وتقدم المذنبين ومقترفي الجريمة الى المحاكمة العادلةquot;.الصحافي الكردي القتيل سردشت عثمان
وكان العشرات من الصحافيين العراقيين الاكراد قد اعتصموا امس الاول امام مكتب برلمان اقليم كردستان في السليمانية (330 كم شمال بغداد) للتنديد بمقتل الصحافي سردشت . وقال كمال رؤوف رئيس تحرير جريدة هؤلاتي (المواطن) المستقلة ان quot;اعتصامنا هو متابعة للنشاطات الجماهيرية التي بدأناها الاربعاء للمطالبة بالتحقيق لكشف المجرمين الذين اغتالوا الصحافي سردشت عثمانquot;. واضاف quot;نطالب بتشكيل لجنة نزيهة محايدة للتحقيق بالجريمة وكذلك نطالب باستقالة وزير الداخلية كريم سنجاري من منصبه بالاضافة الى المسؤولين الامنيين في اربيلquot;.
وحمل روؤف الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه رئيس اقليم كردستان مسؤولية مقتل الصحافي. كما خرج حوالى خمسة الاف شخص في تظاهرة في السليمانية تنديدا بمقتل الصحافي تحت شعار quot;لن نسكت!quot;.
سردشت كتب مقالا بعنوان quot;أنا اعشق بنت مسعود بارزانيquot;
وكتب سردشت (23 عاما) مقالات انتقد فيها سياسة السلطات الكردية في الاقليم والمحسوبية والفساد الاداري. وكان من ابرز كتاباته التي نشرها موقع quot;كردستان بوستquot; المعارض لسياسة الأحزاب الكردية مقال بعنوان quot;انا اعشق بنت مسعود بارزانيquot;.
وفي المقال الذي تناوله بصورة ساخرة يروي سردشت حلما اذا فعلا تزوج بنت رئيس اقليم كردستان كيف تنفتح له الافاق ويتحول من رجل فقير الى مترف. وقال quot;عندما اصبح صهرا للبرزاني سيكون شهر عسلنا في باريس، ونزور قصر عمنا لبضعة ايام في اميركا. سأنقل بيتي من حيّنا الفقير في مدينة اربيل الى مصيف (سري رش) حيث تحرسني ليلا كلاب اميركا البوليسية وحراس اسرائيليونquot;.
وفي مقاله الاخير قبيل مصرعه كشف سردشت انه تعرض الى تهديدات وبلغ عميد كليته عنها لكنه لم يأبه لها وقال له إن قضية اعرضها للشرطة. وقال quot;في الايام القليلة الماضية قيل لي انه لم يبق لي في الحياة الا القليل و كما قالوا ان فرصة تنفسي الهواء اصبحت معدومةquot;. واضاف quot;لكنني لا ابالي بالموت او التعذيب وسأنتظر حتفي وموعد اللقاء الاخير مع قتلتيquot;. وناشد من يهددونه قائلا quot;ادعو ان يعطوني موتا تراجيديا يليق بحياتي التراجيدية .. اقول هذا حتى تعلموا كم يعاني شباب هذه البلاد وان الموت هو ابسط اختياراتهم. حتى تعلموا ان الذي يخيفنا هو الاستمرار في الحياة وليس الموتquot;. واوضح ان quot;همي الاكبر هو اخوتي الصغار وليس نفسي .. ما يقلقني في هذه التهديدات هو ان هناك الكثير الذي لابد ان يقال قبل ان نرحل .. مأساة هذه السلطة هي انها لا تبالي بموت ابنائهاquot;.
ويأتي هذا التصعيد في المواجهة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني وحركة تغيير بعد ايام قليلة من اعلان ائتلاف القوى الكردية الفائزة في الانتخابات العراقية والاتفاق على برنامج موحد تجاه القضايا الخلافية مع الحكومة المركزية في بغداد . وتخشى مصادر كردية من ان يؤثر هذا التصعيدفي وحدة مواقف الائتلاف الذي اعلن الاحد الماضي خلال المفاوضات التي سيجريها وفد من هذا الائتلاف في العاصمة بعد ايام حول تشكيل الحكومة الجديدة والقضايا الخلافية مع بغداد . ويضم الائتلاف التحالفالكردستاني بحزبيه الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني وحركة التغيير والاتحاد الاسلامي الكردستاني والجماعة الاسلامية الكردستانية.
وكان مسعود بارزاني قال لدى اعلان الائتلاف انه مشاركة فاعلة في توحيد موقف ومطلب وخطاب القوى السياسية في إقليم كردستان كي تحاول في شكل أكثر فاعلية لتنفيذ وضمان حقوقنا في إطار عراق إتحادي على أسس الشراكة والتوافق والدستور .
وحصلت قائمة التحالف الكردستاني المشكلة من 12 حزباً كردياً أبرزها الديمقراطي الكردستاني و الاتحاد الوطني على 43 مقعداً في الانتخابات التشريعية التي أجريت في السابع من آذار (مارس) الماضي فيما حصلت حركة التغييرعلى 8 مقاعد والاتحاد الاسلامي الكردستاني على 4 مقاعد والجماعة الاسلامية الكردستانية على مقعدين ليصبح المجموع الكلي لمقاعد الاكراد في مجلس النواب العراقي الجديد 57 من مجموع مقاعد المجلس البالغة 325.
التعليقات