لم يكن مفاجئاً ولا غريباً على رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ان يبدي دعمه وتعاطفه مع المقاومة ممثلة بحزب الله في الذكرى العاشرة للتحرير التي احتفل بها لبنان يوم الثلاثاء الماضي ، مكرراً التزامه بمعادلة quot;الشعب والجيش والمقاومةquot; في التصدي لأي عدوان يتعرض له لبنان وفق ما نص عليه البيان الوزاري .
بيروت: هذا ما أجمعت عليه الأوساط السياسية المتابعة والعليمة بمواقف الرئيس سليمان المؤيدة للمقاومة منذ ان كان قائداً للجيش وحتى قبل ذلك . لكن ما اثار دهشة هذه الاوساط هو الهجوم المفاجئ والمركز الذي شنه قائد quot;القوات اللبنانيةquot;سمير جعجع علىالرئيس سليمان رافضاً ما أدلى به أخيراً الى تلفزيون quot;المنارquot; معتبراً ما قاله بشأن المقاومة quot;خروجاً على خطاب القسم الذي أجمع عليه كل اللبنانيين وتم انتخابه على اساسهquot; ، مذكراً إياه بأنه quot;أتى رئيساً توافقياً بحيث لا يستطيع ان ينطق بلسان فئة من اللبنانيين دون سواهاquot; ، مسجلاً اعتراضه quot;كمواطن عادي ان يمثل رئيس الجمهورية رأيه بشأن الاستراتيجية الدفاعيةquot; .
وقد اثار كلام جعجع هذا ردود فعل سريعة شاجبة أبرزها صدر عن رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي تعمد الردّ عليه من القصر الجمهوري بعد زيارته الرئيس سليمان امس اذ اعلن انه quot;شكر الأخير على موقفه في ما يتعلق بعيد الانتصار وعيد المقاومة ، ولو كان على باب القصر أريد ان أقول ان فخامة الرئيس استخدم التعابير نفسها التي استخدمها في خطاب القسم ولم يحد عنه ، والتذرع بأن من يرأس الحوار ويديره عليه ان يكون محايداً في القضايا الوطنية فهذا أمر بعيد كل البعد عن الواقعquot; .
أما رئيس الحكومة الأسبق عمر كرامي فذهب ابعد من ذلك في انتقاده لمواقف جعجع والانتصار لرئيس الجمهورية بقوله ان على جعجع سحب ممثليه في الحكومة اذا لم يكن مقتنعاً بالموقف الرسمي للدولةquot; ، فيما استغرب رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط طرح جعجع من منطلق انه quot;لا يمكن لأحد ان يكون محايداً اذا كان موافقاً على اتفاق الطائف الذي ينص على الهدنة ،أي حالة الحرب المجمدة مع اسرائيل والعلاقات المميزة مع سورياquot; . وتساءل : quot;كيف تصبح نظرية الحياد في ظل هذا المضمون السياسي للطائف الذي يفترض ان يكون اللبنانيون ملتزمين بهquot; .
وفي محاولة للتخفيف من وقع التصريحات التي أدلى بها جعجع وما أثارته من استنكار لا لفحواها فحسب بل للاسلوب غير اللائق الذي اعتمده قائلها في مخاطبته رئيس الجمهورية ، سارع النائب انطوان زهرا (القوات اللبنانية) الى وصف ما اقدم عليه رئيسه بمحاولة quot;لفت نظرquot; رئيس الجمهورية وليس الهجوم عليه ، مشيراً الى ان quot;ما يميز quot;القواتquot; عن حلفائهم هو هذا الوضوح الذي يوصف بالفج احياناًquot; ، معتبراً quot;ان موضوع تصرفات حزب الله وامتلاك السلاح هو موضوع خلافي لبناني ، لا يوجد اتفاق حوله ، ولذلك تجري محادثات على طاولة الحوار بإشراف رئيس الجمهوريةquot; .
هذا وتراقب الأوساط السياسية ما سيكون عليه موقف رئيس الحكومة سعد الحريري مما قاله حليفه الدكتور جعجع ، مع الاشارة الى ان الوزير السابق النائب سليمان فرنجية تساءل في مقابلة تلفزيونية أجريت معه أمس عن أسباب امتناع الفريق المسيحي في 14 آذار عن الرد على كل من الحريري الذي سبق ان اعلن دعمه للمقاومة غداة انتهاء الانتخابات النيابية وثبت المعادلة المتعلقة بها في البيان الوزاري للحكومة الاولى التي يرأسها ، وكذلك على النائب جنبلاط حيث اكتفى جعجع في تعليقه على تصريحات الأخير بهذا الشأن بالقول quot;ضرب الحبيب زبيبquot; .
وفي هذا الاطار ظهر تباين في توجه quot;كتلة المستقبلquot; النيابية ازاء الهجوم الذي شنه رئيس الهيئة التنفيذية لـ quot;القوات اللبنانيةquot; على رئيس الجمهورية . ففي حين رأى النائب سمير الجسر في حديث اذاعي امس ان ما ذكره العماد سليمان يعبر عمّا ورد في البيان الوزاري ، خالف النائب احمد فتفت هذا الرأي وقال لـquot;إيلافquot; انه لمس في كلام رئيس الجمهورية تسرعاً وتفرداً في الرأي بالنسبة إلى النظرة الى المقاومة لافتاً الى ان هناك طاولة حوار تبحث في هذه المسألة وبالاستراتيجية الدفاعية ولم تتوصل بعد الى قرار نهائي بشأنها .
هذا وفيما تنوه الاوساط السياسية بالحديث الذي ادلى به رئيس الجمهورية الى محطة quot;المنارquot; عشية الاحتفال بذكرى التحرير وما كشفه من وقائع ومحطات تبين الدور الذي قام به لحماية المقاومة ومناصرتها حتى كاد يلقى حتفه في احدى المرات اثناء قيامه عند الساعة الثالثة من بعد منتصف ليل التاسع والعشرين من تموز 2006 بتفقد المراكز التي قصفت من قبل الطيران الاسرائيلي فدمر quot;الجيبquot; الذي كان يستقله واحترق واستشهد سائقه ريمون البطاني وقد حالفه الحظ حينها حيث خرج من quot;الجيبquot; قبل بضع ثوان وهذا ما جنبه القتل ، فان هذه الاوساط تذكّر ايضاً بواقعة لا تقل أهمية عمّا سرده رئيس الجمهورية في حديثه التلفزيوني تعود الى الايام الاولى للحرب الاسرائيلية على لبنان في العام 2006 حيث عقد مجلس الوزراء جلسة عاصفة برئاسة رئيس الجمهورية حينذاك العماد اميل لحود وحضور رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة على وقع الحملة التي اثارها فريق الاكثرية ضد حزب الله واتهامه باعطاء الذريعة لاسرائيل لمهاجمة لبنان بأسره جنديين من قواتها وما رافق ذلك من سجال حول قرار الحرب والسلم . وقد سئل قائد الجيش العماد سليمان عند دخوله مجلس الوزراء عن رأيه في ما فعلته المقاومة فأجاب أن من حقها اسر الجنديين للمطالبة بإطلاق سراح مئات الاسرى اللبنانيين في السجون الاسرائيلية .
موقف سليمان هذا لم ينزل برداً وسلاماً على قوى 14 آذار بالتأكيد وثمة من يؤكد انه كان عائقاً امام قبولها به رئيساً للجمهورية في بداية الأمر . ويروي عارفون في هذا الاطار ان قطباً بارزاً فيها ابلغ سليمان صراحة عندما طرح اسمه لرئاسة الجمهورية صعوبة الأخذ بهذا الاقتراح الا انه عاد وابلغه بعد اسبوعين الموافقة عليه من دون ان يوضح الاسباب التي حملت على الرفض ومن ثم على القبول ...
التعليقات