آية الله السيد حسين اسماعيل الصدر

قال رجل الدين العراقي الفقيه آية الله العظمى السيد حسين اسماعيل الصدر إن العراق يدخل في عمق الامن القومي للدول العربية فلا يمكن ان تتركه يغوص في فراغ مخيف ولذلك ليس هناك عودة عربية للعراق بل هناك تبنٍ واحتضان له، واكد عدم وجود طائفية شعبية في العراق وانما هناك حكام وأحزاب طائفيون، واشار الى ان الانتخابات حشرت السياسيين في الزاوية الحرجة ولم تكن الكتل الفائزة بمستوى وعي الشعب بدليل هذا التجاذب السلبي بينها والتأخير في تشكيل الحكومة وهذا التناحر حول الاسماء والكراسي التعويضية والخطاب السياسي الذي يتسم بالذاتية .

شدد المرجع الشيعي الكبير آية الله الصدر في اجابات وجهتها له quot;ايلافquot; على عدم وجود طائفية شعبية في العراق وانما هناك حكام واحزاب طائفيون . وقال ان الانتخابات برهنت على وعي الشعب وحشرت السياسيين في الزاوية الحرجة حيث لم تكن الكتل الفائزة بمستوى وعي هذا الشعب نتيجة التجاذب السلبي بينها والتأخير في تشكيل الحكومة وهذا التناحر حول الاسماء والكراسي التعويضية والخطاب السياسي الذي يتسم بالذاتية . واوضح quot;نحن الروحانيين لا نتدخل بالسياسة ولكن مصلحة الناس تفرض علينا ان نلح على هذه الكتل ان تعجل من تشكيل الحكومةquot;.

وأضاف قائلا عن الدور العربي في العراق إن العرب لم يكونوا في عزلة عنه بل كانوا يدرسون كيف يملأون الفراغ الذي حصل فجأة ويفكرون بمفارقات هذه المفاجأة وكيف يعالجونها ويتكيفون مع نتائجها لان بلدانا مثل مصر والسعودية والامارات العربية ليست بهذه السذاجة كي تترك العراق لمن هبّ ودبّ فهي لها مصالح والعراق يدخل في عمق الامن القومي لهذه الدول فلا يمكن ان تتركه يغوص في فراغ مخيف ولذلك ليس هناك عودة عربية للعراق بل هناك تبنٍ واحتضان له سوف نرى ثماره عن قريب .

آية الله السيد حسين أسماعيل الصدر مفتتحا أحد المشاريع

وفي ما يلي أسئلة quot;أيلافquot; وتوضيحات أية الله الفقيه السيد حسين أسماعيل الصدر عليها :
*** باعتبار سماحتكم متابعا مهتما بالمشهد السياسي العراقي كيف ترون تفاعلاته بعد الانتخابات البرلمانية التي جرت مؤخرا في العراق ؟

آية الله السيد حسين اسماعيل الصدر يؤم زعماء عشائر مختلفة في صلاة الظهر بالكاظمية في بغداد

**الانتخابات برهنت على وعي الشعب العراقي، وفي الوقت ذاته حشرت السياسيين في الزاوية الحرجة، ربما ليس كل السياسيين، ولكن الكثير منهم، فقد هب الشعب بكل قواه رغم الحصار الارهابي من الداخل ليدلي بصوته، انه دليل الوفاء للديمقراطية وليس الوفاء للكتل السياسية، وهو وفاء نابع من ايمان الشعب بالديمقراطية والتعددية ومقولة الرأي والرأي الاخر بكل صراحة، ولكن للاسف الشديد لم تكن الكتل الفائزة بمستوى وعي الشعب، بدليل هذا التجاذب السلبي بينها وهذا التأخير في تشكيل الحكومة، هذا الاختلاف غير الناضج حول تفسير المواد الدستورية، هذا التناحر حول الاسماء والكراسي التعويضية، الخطاب السياسي الذي يتسم بالذاتية .. كل هذه المقتربات تؤكد تخلف الكتل عن القواعد الشعبية التي انتخبتها، وكل أملي، ان تعاقب هذه القواعد الشعبية تلك الكتل، ولابد لهذه الكتل ان تسرع بتشكيل الحكومة، والا فأنها سوف تدخل العراق في دوامة غير محمودة، نحن الروحانيين لا نتدخل بالسياسة، ولكن مصلحة الناس تفرض علينا ان نلح على هذه الكتل ان تعجل في تشكيل الحكومة.

***هل يرى سماحتكم بان الشعب العراقي قد تجاوز عتبة التناحر والتجاذب والاصطفاف الطائفي ؟
**هذا السؤال كثيرا ما يوجهه إلي الصحافيون، وانا استغرب من السؤال حقيقة، لا توجد طائفية في العراق، هناك حكام طائفيون، ربما احزاب طائفية، ربما رجال اعمال طائفيون، اما العراق، العراق شعبا، العراق أمة، ليس هناك مشكلة بهذا العنوان، أقول لك شيئا مهما، العراقي لم يشهد طوال عمره المديد حربا طائفية، حتى حرب الامين والمامون لم تكن حربا طائفية، لو كان العراق يختزن المرض الطائفي لتجزأ من زمان، لقد بقي العراق محافظا على وحدته الشعبية والوجدانية والسياسية والجغرافية رغم الحروب الدامية بين الصفويين والعثمانيين على العراق لمئات السنين، ماذا نفهم من ذلك غير ان عراقنا يمتلك اصالة الجغرافية والتاريخ والمكونات الاساسية له، كل مكوناته اصلية، وكل مكوناته تاريخية، وكل مكوناته ساهمت في بنائه.
لكن بعض السياسيين هم الطائفيون، الناس زرع الله عز وجل، كلهم ابناء العراق، وكلهم أبناء الرافدين ومن هنا اقول إن ما يسمى بالاحتراب أو الاصطفاف الطائفي حتى اذا كانت هناك معالم تشير اليه فهي موقتة، زائلة، بدليل ان الكتل السياسية ذاتها راحت ترفع شعار الحرب على الطائفية، وتعلن أن من أساسيات برامجها تجاوز الحالة الطائفية، وهذا لشعار ساذج، لانه بحد ذاته يوهم بالطائفية، فهذه الكتل لا تعرف حتى تسييس شعاراتها، ترفع شعارات ضد الطائفية ولكنها هي تختزن شحنة تشير الى الطائفية !

آية الله السيد حسين الصدر يؤم صلاة شيعية سنية في الكاظمية

***هل ترون توقا عربيا للانفتاح على العراق بعد هذا الابتعاد، خاصة وهنالك تصريحات مهمة للسفير المصري في بغداد قبل ايام طالب فيها العرب بأن يملأوا الفراغ في العراق؟
**العراق دخل التاريخ من جديد، وله مستقبل كبير جدا، أقول لك ان ولاء شيعة العالم يتجه نحو النجف الاشرف، كما ان الولاء الروحي لسنة العالم يتوجه نحو الامام ابي حنيفة، هناك تجاذب ايجابي بين الولاءين الشيعي والسني العالمي تجاه العراق، يجب ان لا ننسى ان بغداد كانت عاصمة الدولة الاسلامية لعشرات القرون، فكيف لا تتجه الانظار للعراق، وكيف لا يشغل العراق مكانه حضارية كبيرة في المستقبل، اضف الى ذلك ان الدراسات المهتمة بالشأن النفطي في العالم تؤكد ان العراق يطوف على بحور من النفط، ثالث الامور ان العراق جسر التواصل بين العرب والفرس، بين العرب والاتراك وبالتالي هو معبر حضاري متبادل.

وكل هذه المقتربات تجعل العراق محط نظر العرب، لابد ان يقدروا هذه المقومات، والسياسة تنطلق من تقدير كبير لمقومات البلدان الحضارية والجغرافية، انا اعتقد ان العرب لم يكونوا في عزلة عن العراق، بل كانوا يدرسون كيف يملأون الفراغ الذي حصل فجأة، ومعالجة المفاجآت السياسية الكبيرة لا تكون بسرعة، ولا تكون هوائية، بل تحتاج الى قراءة بعيدة، عميقة، العرب كلهم كانوا يفكرون بمفارقات هذه المفاجأة، كيف يعالجونها، كيف يتكيفون مع نتائجها، ان مصر والسعودية والامارات العربية ليست بهذه السذاجة كي تترك العراق لمن هب ودب، لها مصالح، والعراق يدخل في عمق الامن القومي لهذه الدول، فكيف تتركه يغوص في فراغ مخيف. ولذلك ليس هناك عودة عربية للعراق، بل هناك تبنٍ للعراق، هناك احتضان عربي للعراق، وسوف نرى ثماره عن قريب باذن الله.

***العراق بين حكومة أكثرية وحكومة شراكة وطنية .. اين هو موقف السيد حسين الصدر من هذه الثنائية ؟
** الامر يعود الى قرار الشعب العراقي، ولكني شخصيا احبذ حكومة الشراكة الوطنية ففي الشراكة هذه احراز رضا وطني عريض، نعم، في الانظمة الديمقراطية المستقرة يكون الاستحقاق الانتخابي هو المسؤول عن تشكيل الحكومة، ولكن ما زلنا نحبو، ونريد ان نقطع الطريق على كل محاولات الاثارات والتشويش على السلام الاهلي، وعلى الانجاز الكبير لشعبنا العراقي، وبالتالي، يتطلب الوضع ان تكون هناك حكومة شراكة وطنية.

أية الله السيد حسين الصدر .. سيرة ذاتية :
هو نجل العلاّمة المرجع الديني آية الله السيد اسماعيل الصدر وابن أخ المرجع الديني آية الله السيد محمد باقرالصدر وابن أخ العلوية بنت الهدى quot;اللذين اعدمهما رئيس النظام السابق صدام حسين في نيسان (أبريل) عام 1980quot;.
منذ طفولته المبكرة وقبل دخوله المدرسة الابتدائية كان السيد حسين الصدر يتلقى دروس اللغة العربية وحفظ القرآن الكريم وتفسيره على يد والده ثم واصل الدراسة الابتدائية والمتوسطة وكان والده يقوم بتدريسه العلوم الدينية ايضاً. وبعد انهائه الدراسة الاعدادية التحق بكلية الفقه في النجف الاشرف وكذلك الدراسة على يد استاذه وعمه السيد محمد باقر الصدر وقد أجيز من أستاذيه والده وعمه . وبعد استشهاد السيد محمد باقر الصدر بإعدامه تعرض السيد حسين الصدر الى الاعتقال مراراً وذاق ألوان التعذيب الجسدي والنفسي معاً .

وقد انبرى السيد حسين الصدر لمهمة تثقيف شرائح المجتمع وتعويضها عمّا فقدته من ثقافة وفكر منفتح جرّاء ممارسات النظام السابق فدأب بعزيمة وجهد على تأسيس شبكة من المراكز الثقافية التوعوية تمتد على أرض معظم محافظات العراق والتي تحمل اسم مؤسسات quot;آية الله العظمى الإمام الشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدرquot; .. والمؤسسات النسويّة التي تحمل اسم quot;مؤسسات الشهيدة العلوية بنت الهدىquot; متيحاً الفرص أمام الشباب والشابات لسدّ عوزهم الثقافي والفكري عن طريق هذه المؤسسات الثقافية .
وقد كان لأحداث 9 نيسان (ابريل) عام 2003 والحرب في العراق وما تلاها من متاعب فترة عصيبة على الشعب العراقي فبادر السيد الصدر الى جمع وجهاء وأعيان مدينة الكاظمية quot;في بغدادquot; بالاضافة الى جمع كبير من الشباب الواعي وتمت حماية مدينة الكاظمية من أيّ اعمال طائشة وغير مسؤولة. كما اصدر السيد الصدر العديد من الفتاوى بتحريم ممارسة القتل أو إيذاء أي شخص كان يعمل مع النظام السابق .. وقد تم جمع الكثير من أنواع الأسلحة والأعتدة والاحتفاظ بها لحين استقرار الوضع وتسليمها لأجهزة الدّولة المختصّة .. كما تم وضع الحراسات على مرقدي الإمامين موسى بن جعفر ومحمد الجواد في الكاظمية كإجراء احتياطي .

ثم تواصل السيد حسين الصدر مع شيوخ العشائر ومختلف أطياف الشعب العراقي .. ولغرض تنسيق وتنظيم هذا التواصل قام بتأسيس مؤسسة الحوار الإنساني في محافظة بغداد وفتح لها فروعا في جميع محافظات العراق حيث تمّ عقد الكثير من المؤتمرات التي ساهمت بشكل فاعل ومؤثر في تقريب وجهات النظر وتقديم رؤية جديدة لمعالجة الواقع العراقي خلال فترة العنف الطائفي التي تفجرت عام 2006 حيث لا يزال هذا النشاط مستمراً في هذا الاتجاه .



يذكر ان مرجعية آية الله العظمى حسين اسماعيل الصدر تتميز بانفتاحها الفكري والاعلامي ولمرجعيته قناة فضائية خاصة تحمل اسم quot;السلامquot; ولها مؤسسة اطلق عليها quot;مؤسسة الحوار الانسانيquot; لها فروع في جميع المحافظات العراقية وستفتتح لها في لندن قريبا مكتبا لتنظيم النشاطات الخيرية والندوات الثقافية والفكرية وللتواصل مع الجالية العراقية والعربية وإغناء اواصر التفاهم والتعاون مع المجتمع البريطاني من اجل ابراز الجانب الانساني للعراق وتعزيزه بالحوار والعمل المشترك . كما ترعى المؤسسة العشرات من المعاهد الدراسية المهنية المجانية داخل العراق والتي تدرس اختصاصات الكومبيوتر وفنون الرسم والخط واللغة الانكليزية والنجارة والخياطة والأداء الصوتي والحدادة والميكانيك .

ويشير اية الله الفقيه الصدر الى ان مؤسسة الحوار الانساني تعنى بكل الاطياف والمذاهب والتوجهات العراقية وتؤكد فكرة الحوار والقبول بالرأي الاخر واحترامه .. ويقول ان اختلاف الرأي الاخر يشكل إنماء في الواقع الفكري والثقافي وخصوصاً الواقع العراقي الذي كان ولا يزال يجمع كل الافكار والتوجهات والمذاهب وهذا ما يعطيه جمالاً مشرقاً. والفقيه الصدر رجل دين أحبه العراقيون سنة وشيعة لان وطنيته اكبر من مذهبيّته وإنتمائه إلى العراق أقوى من إنتمائه إلى طائفته . ولعلّه من قلائل علماء الدين ممن يصلي خلفه سنة وشيعة لانفتاحه على الاخر لامتعصبا ولامتحزبا .. لونه عراقي ومذهبه إسلامي. فلم يقتصر دوره على الجانب الوعظي والافتائي بل تعداه الى الاجتماعي والثقافي أيضا ناهيك عن الدور الاسلامي.