يؤكّد الناشط السياسي الجزائري البارز quot;عبد الرزاق مقريquot; قائد الوفد الجزائري المشارك في قافلة الحرية، إنّ الأخيرة نجحت في إرباك إسرائيل، مضيفًا أنّ مبادرة quot;شريان الحياة (4)quot;، وعلى الرغم من كل الذي حصل،قد أفلحت في تمرير رسائل أخلاقيّة وسياسيّة وإنسانيّة.

قالالدكتور عبد الرزاق مقريالناشط السياسي الجزائري البارزالذي عاد برفقة 30 من مواطنيه إلى الجزائر (بقي شخص واحد في الأردن لتلقي العلاج) إنّ ناشطي قافلة الحرية يستعدّون لمقاضاة إسرائيل أمام محاكم دولية نظير ما ارتكبته بحق700 متضامن مدني تعرضوا quot;للاعتداء والقرصنة في عرض المياه الدولية وهو ما يجرمه القانونquot;.وفيما يلي الحوار الذي أجرته إيلاف من مقري.

bull;تعرضت قافلةquot;أسطول الحريةquot;التي كانت متجهة إلى غزة إلى هجوم من الإسرائيليين، هل لكم أن ترووا لنا تفاصيل ما حدث؟
الوفد الجزائري ضمّ 32 فردًا، ويتكون من شخصيات وممثلي تشكيلات سياسية وجمعيات، وكذا رجال أعمال وإعلاميين وشباب وطلبة ونساء، وكنا ضمن وفود وصل عددها إلى سبعمئة شخص.

مع أولى ساعات الليل، وبينما كنا قد فرغنا لتونا من أداء صلاة العشاء الأحد المنقضي، حتى بدأت البوارج والطوافات الإسرائيلية تناور بالقرب من الأسطول، وتواصل الأمر بوتيرة متسارعة طوال ساعات الليل إلى غاية أولى خيوط الفجر، وأثناء أداءنا صلاة الصبح، شرع الجيش الإسرائيلي في شن هجومه بفرق كومندوس جرى إنزالها فوق سقف باخرة quot;مرمرةquot;.

قام أعضاء القافلة بارتداء صدريات الإنقاذ وسعوا للدفاع عن أنفسهم، في وقت اقتحم العسكريون الإسرائيليون الباخرة بشكل عنيف وأطلقوا الرصاص في كل الاتجاهات أدت إلى سقوط جرحى وشهداء، أغلبيتهم من الأتراك، بحكم تواجدهم في المقدمة على ظهر الباخرة.

الوفد الجزائري لم يسلم من الإصابات، حيث أصيب أحد أعضائه بإصابة بليغة على مستوى العين، إضافة إلى إصابة باقي الأعضاء بجراح بسيطة، ويلح الدكتور أنّ الجيش الإسرائيلي استخدم كامل ترسانته العسكرية كما لو أنّ الأمر يتعلق بمواجهة أسطول عسكري، حيث استعان الإسرائيليون بعشرات البواخر من مختلف الأنواع، فضلاً عن طائرات حربية، وكأنّها عمليّة ضدّ دولة أو جيش، على الرغم من أنّ الأمر يتعلق بقافلة تضامنية سعت بشكل سلمي لنقل عشرة آلاف طن من مواد غذائية أساسيّة وأدوية وأدوات طبيّة، فضلاً عن مواد بناء كالاسمنت والحديد، إضافة إلى سكنات جاهزة.

الجانب الإسرائيلي حال تمكّنه من السيطرة على قمرة قيادة السفينة، عمد العسكريون إلى إطلاق كثيف وعشوائي للنيران، قبل أن يحشدوا جميع المتضامنين، ويقوموا باعتقالهم بعد أن ربطوا أياديهم بوثاق حاد، حتى صارت أيادي البعض تنزف دمًا، كما عبثوا عبثًا عجيبًا بأمتعة أعضاء السفينة.

bull;كيف عايشتم فترة الاحتجاز داخل إسرائيل، وما هي طبيعة المضايقات التي تعرضتم لها؟
-تعرضنا لسلسلة طويلة من الإهانات نفذتها إسرائيل خلال أكثر من 36 ساعة كاملة، حُرمنا خلالها من النوم والأكل وقضاء حاجاتنا الطبيعية، وتم تقييد أيدينا خلال قرابة إثنتي عشر ساعة فضلا عن إهانات كثيرة ومتعددة بميناء quot;أسدودquot; وسجن quot;بئر السبعquot; (جنوب غزة) أين جرى الزجّ بأعضاء القافلة في الزنازين، بعد أن انتزعت منا أمتعتنا وهواتفنا النقالة وأجهزة التصوير وكذا الحواسيب وجوازات السفر، وعند الافراج عنا لم يسلم الجيش الاسرائيلي جوازات السفر لصحافيين اثنين وشابة دون تقديم الأسباب.

أنوّه هنا بأنّ الحضور القوي والمكثف لعديد البعثات الدولية وعشرات الدبلوماسيين والمحامين وسائر الحقوقيين إلى بئر السبع، دفع الجانب الإسرائيلي على تليين موقفهم والسماح للأسرى بالالتقاء والتحادث مع محامين، ليحصل الإفراج بعد ذلك.

bull;تردّد أنّ السلطات الاسرائيلية سعت لتمديد احتجازكم، ماذا عن الأمر؟
-سعت السلطات الإسرائيلية للإبقاء علي شخصيًا أسيرًا لديها، إلاّ أنّ أعضاء الوفد الجزائري رفضوا بشدة، وصمموا على خروجه بمعيتهم، وكان تدخل نائب رئيس الوزراء التركي بولنت أرينتش، حاسمًا حيث خاطبني:quot;لن نغادر المكان قبل أن نفك أسر الجميعquot;.

bull;أثارالهجوم على السفنجدلاً بين الجيش والحكومة الإسرائيلية، إلى أي مدى يمكن أن يؤثر ما حدث علىإسرائيل مستقبلاً؟
-الإسرائيليون في حالة شديدة جدًا من الإرباك والإحراج، لأنّهم واجهوا مدنيين قاموا بعمل إنساني، ومن خلال كل ما ارتكبوه من اعتداءات وقرصنة في عرض المياه الدولية، وأعتقد أنّ هذا السلوك عقد وسيعقد عليهم الأمور أكثر، ومهما كان، فإنّ الخاسر الوحيد والأوحد هي إسرائيل.

bull;برأيكم، هل يشكّل ما حدث بداية نهاية الحصار على غزة؟
-مبادرتنا كانت ناجحة، حيث كانت العملية هامة للتعريف بمآسي الفلسطينيين وإعادة إدراج القضية الفلسطينية على مستوى الساحة الدولية، والرسائل الموجهة كانت كثيرة، وفي صدارتها رسالة أخلاقية عرّت إسرائيل وفضحت رعونة ساستها وعسكرييها، فضلاً عن رسالة سياسية أضعفت الدولة العبرية، وثالثتها رسالة إنسانية من خلال اجتماعنا مع نواب وفعاليات من مختلف الدول، حرصنا من خلالها على الارتفاع بحرمة وقيمة الإنسان وكرامته.

bull;هل تنوون تحريك دعاوى قضائية بصفتكم ضحايا الهجوم وهل سيكون ذلك على مستوى المحكمة الجنائية الدولية؟
-بحكم تصرفهم كقراصنة، فإننا سنفتح مثلنا مثل الأتراك والأوروبيين العديد من الجبهات القضائية ضدّ الدولة العبرية في المحاكم الدولية، ونتكئ على القانون الدولي الذي يحظر اعتراض السفن، وتبعًا لنهوض الأخيرة بدور إنساني ينص عليه القانون الدولي، فإنّ الحماية القانونية في صالحنا ونحن محميون بالتشريعات المتعارف عليها دوليا، فنحن لم نكن نحمل أسلحة، ولم يكن بحوزتنا أي شيء يعطي مبررًا للإسرئيليين كي يشنوا اعتداءً علينا.

نعتزم مقاضاة الإسرائيليين باعتبارهم تصرفوا كقراصنة، وارتكبوا جرمًا مزدوجًا (القرصنة والاعتداء)، وهو ما سيفتح أمامهم أبواب مشاكل جديدة، فأعضاء الوفود المشاركة أتوا للقيام بعمل يشرف العالم، لكن إسرائيل تصدّت لهذا الدور الأخلاقي الكبير واستخدمت العنف مع ناشطي الحرية على الرغم من كونهم مدنيين، ما قد يسبب مشكلة كبرى لإسرائيل أمام الرأي العام الدولي.

bull;ماذا عن خططكم للتضامن مستقبلاً مع سكان غزة؟ وهل من تنسيق في الأفق مع الجانب التركي ودول عربية وأوروبية؟
-ستكون هناك محاولات أخرى تشترك فيها وفود أكثر ضخامة ومن دول أكثر عددًا عبر العالم، لفك الحصار عن غزة كهدف كبير أخلاقيًا وقيميًا وإنسانيًا.