لم يسمح البرلمان الكويتي للحكومة أن تطوي دور الإنعقاد الحالي على أجواء الحد الأدنى المرصودة من التلاقي، إذ عمدت جهات برلمانية إلى تصعيد الموقف من خلال إستجوابين لرئيس الوزراء لقيا ردود فعل واسعة.
في وقت تبحث فيه الحكومة الكويتية اليوم في إجتماع مسائي حصيلة مشاورات فريق حكومي مع أطراف برلمانية لجس نبضها بشأن الإستجواب المقدم ضد رئيس الحكومة الكويتية الشيخ ناصر المحمد الصباح من قبل النائب خالد الطاحوس على خلفية ما يصر الأخير على تسميته بملف تلوث أم الهيمان (منطقة سكنية تحتوي على مصانع مخالفة بيئيا جنوبي العاصمة الكويتية)، فإن الأنظار تتجه صوب مجلس الأمة الكويتي الذي ضرب موعدا مع مخاوف إستجواب ثاني قد يقدم في أي لحظة ضد الشيخ المحمد أيضا، لكن هذه المرة فإن الملف رياضي الطابع، وعلى خلفية أزمة كرة القدم الكويتية.
وحتى الآن فإن الإستجواب الثاني لا يزال طي الكتمان، ويقف خلفه 4 نواب، هم مرزوق الغانم، عادل الصرعاوي، صالح الملا، عبدالرحمن العنجري، دون إستبعاد إنضمام أن تساند كتلتي quot;الشعبيquot; و quot;التنمية والإصلاحquot; البرلمانيتين المعارضتين هذا الإستجواب بنوابها ال 8: أحمد السعدون، مسلم البراك، سالم الدقباسي، خالد الطاحوس، فيصل المسلم، وليد الطبطبائي، فلاح الصواغ، جمعان الحربش، إذ يرى النواب ال12 حتى الآن أن إعادة تشكيلة مجلس إدارة إتحاد كرة القدم الكويتي السابق عبر قرار لمحكمة رياضية (كاس) تتبع الإتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، هي تعد صريح وواضح على السيادة الكويتية، وهيبة القانون، ومخالفة للدستور.
ووفقا لما أمكن جمعه من معلومات على مدى يومي العطلة الأسبوعية الثقيلة سياسيا في العاصمة الكويتية بشأن إستجواب التلوث، فإن الفريق الحكومي المكلف بتقديم تقدير الحالة بشأن الإستجواب الأول المنوي مناقشته يوم الثلاثاء المقبل، فإن التقدير الحكومي قد أشار بلا مواربة أن الإستجواب يجب مجابهته بالسرعة الممكنة، لإستغلال حالة التعاطف البرلمانية مع الحكومة، خصوصا وأن غالبية برلمانية ترى في إستجواب النائب الطاحوس تعسفا في إستخدام الأداة الدستورية، إذ من المتوقع أن تجهض الغالبية البرلمانية الإستجواب من خلال التصدي له في قاعة البرلمان، وإسقاطه بعد نقاش محوره الوحيد مباشرة، وهذا يعني أن المستجوب لن يجد 9 أعضاء غيره للتوقيع على كتاب عدم تعاون مع رئيس الوزراء الكويتي.
وبحسب ما أتيح أيضا من معلومات فإن الحكومة ستواجه الإستجواب لكن عبر جلسة سرية للبرلمان الكويتي يصعد خلالها الشيخ المحمد لتفنيد المحور الوحيد للإستجواب، في تكتيك حكومي يهدف الى الحد مما أسمته أطراف برلمانية لـquot;إيلافquot; الظاهرة الصوتية، والتجريح تجاه من تم إستجوابهم في الأشهر الأخيرة، إذ أثبت هذا التكتيك نجاعته في الإستجواب ضد رئيس الوزراء في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، حين حجبت وقائع الجلسة عن وسائل الإعلام والشارع الكويتي.
ووفقا للنائب الكويتي المعتدل عدنان المطوع فإنه سيبادر الى تأييد أي طلب حكومي بإحالة جلسة الإستجواب الى سرية، على إعتبار أن المقصود منها هو رئيس الوزراء لا مادة الإستجواب، معتبرا أن تأييده للسرية سيتواصل مع أي إستجواب جديد، الى أن يتم تحسين مستوى إستخدام الأداة الدستورية.
ويؤكد المطوع لـquot;إيلافquot;: quot;لم يعد أحد يفسر القفز مباشرة الى إستجواب رئيس الوزراء مع كل تقصير لوزير، وعدم إستهداف الوزير المعني، سوى أن المقصود هو الشيخ المحمد، وتأزيم الموقف، والتصعيد لغايات معروفةquot;.
وبشأن الإستجواب فإن النائب الطاحوس أبلغ quot;إيلافquot; أنه قدم إستجوابه بعد إنقضاء مهلة ثانية أبلغها للحكومة لمعالجة إختلالات بيئية في منطقة أم الهيمان السكنية شمالي العاصمة الكويتية، وهي منطقة تحدها من جميع الأطراف مصانع يقول المستجوب أنها تلوث البيئة بمعدلات خطيرة جدا، أضرت في السنوات الأخيرة بصحة آلاف القاطنين هناك، وأنه جرى رصد أمراض غريبة.
وقال الطاحوس أنه تمنى أن تقدم الحكومة على إجراءات حازمة ضد المصانع المعتدية على البيئة بعد مهلته الأولى، إلا أن الحكومة ماطلت واتبعت إجراءات شكلية جدا لا تحل المشكلة، ولجأنا في كتلة العمل الشعبي الى تكرار المهلة، وهو الأمر الذي تجاهلته الحكومة، وهو الأمر الذي دفعنا- وفقا للطاحوس- الى تفعيل أدوات المساءلة السياسية ضد رئيس الوزراء، ليس من قبيل إتخاذ موقف ضده فهو يحظى بكل الإحترام والتقدير، إلا أن هذه القضية خطيرة جدا، وإنسانية الى أبعد حد، وتتداخل إختصاصات أكثر من وزارة في المسؤولية عن الإهمال، لذلك جاء إختيار رئيس الحكومة لمسؤوليته السياسية عن الوزراء وأعمال وزاراتهم.
ويأتي هذا الإستجواب ليعقد المشهد السياسي الكويتي، رغم أن أطراف كويتية عدة ترى في هذا الإستجواب ضعفا حادا، سيعطي الحكومة المقدرة على دحض سابع إستجواب يوجه إليها منذ تشكيلها قبل عام بالتمام والكمال، وهو الإستجواب السابع أيضا في عمر البرلمان الحالي الذي أنتخب قبل عام أيضا، إلا أن الحكومة تملك في الوقت الحالي أغلبية برلمانية مريحة، ستمكنها من تفنيد محور الإستجواب، خصوصا وأن الحكومة أعلنت منذ اليوم الأول لبدء مأساة أم الهيمان أنها ستتخذ قرارات متدرجة قانونيا ضد المصانع المخالفة، وأنها لا تملك وفقا للقانون حق سحب تراخيص المصانع المخالفة دفعة واحدة.
التعليقات