أصبح علي عبّاس يحمل أخيرًا الجنسية البريطانية. وعلى الرغم من أنّ صواريخ الحلفاء قتلت 12 من أفراد اسرته وشوّهت جسده خلال الحرب على العراق، إلا أنه يؤكد بأنه لا يشعر بأي ضغينة إزاء الشعب البريطاني الذي اصبح جزءًا مهمًّا من أسباب استرداده العافية وتصالحه مع الذي حدث.

علي عندما كان في الرابعة عشرة وقد تعلم الرسم بأصابع قدمه

قبل سبع سنوات، وفي أوج حرب الحلفاء على صدام حسين، أصابت الصواريخ الأميركية أحد أحياء بغداد وقصفت منزل الصبي علي عبّاس (12 عامًا). فقتلت 12 من أفراد أسرته وأقاربه بمن فيهم والداه وأشقاؤه. وفقد في تلك الحادثة المأسوية ذراعيه وعانى جسده من حروق بلغت 60 في المئة منه.

وبناء على طلب الأطباء العراقيين، نُقل الصبي الى الكويت حيث بدأ علاجه على نفقات الدولة قبل أن تستقبله بريطانيا. والتقطت له صورًا فوتوغرافية تناقلتها وسائل الإعلام الدولية على مختلف مشاربها فهزت ضمير العالم إزاء أهوال الحرب وشجاعة صبي صغير دفع أغلى ثمن يمكن ان يتصوره الإنسان. ولذا فقد صار علي laquo;رمزًاraquo; للحرب وللثمن الذي دفعه العراق نفسه.

وفي بريطانيا أدخل علي مستشفى laquo;كوين ميريraquo; اللندني حيث ضمدت جراحه الباقية وصممت له ذراعان اصطناعيتان. ثم أقام في منطقة ويمبلدون بجنوب العاصمة، حيث بدأ تأهيله لممارسة حياة طبيعية من دراسة ولعب مع الأصدقاء وتمتع بخيرات الحياة.

ولم تهمله وسائل الإعلام البريطانية فكانت تزوره بين الفينة والأخرى وتنقل للعالم أخباره. وكان آخر هذه الأخبار هو حصوله وهو في سن التاسعة عشرة الآن على الجنسية البريطانية في حفلة خاصة، بعدما أمضى في البلاد الفترة التي تؤهله للحصول عليها.

وتبعًا لوسائل الإعلام التي غطت المناسبة، فقد ألقى علي كلمة عبر فيها عن امتنانه لبريطانيا التي استقبلته laquo;بقلب مفتوح ومحبraquo;. وقال: laquo;سيظل قلبي عراقيًّا على الدوام، لكنني الآن بريطاني أيضًا. كم أحن الى أبوي ولا تمر علي لحظة من دون أن افكر فيهما وأتمنى أن تكون راضية عليraquo;.

ومضى قائلاً: laquo;حصولي على الجنسية سيساعدني في شتى النواحي، لأنني أصبحت جزءًا من هذا المجتمع الذي قدم لي الكثير، وأود الآن أن أرد اليه شيئًا من جميله. لدي هنا العديد من الأصدقاء وأحب لغة البلاد وثقافتها وتقاليدهاraquo;. وأضاف ضاحكا: laquo;أحب أيضًا السمك وشرائح البطاطا وغداء الأحد من لحم البقر المشوي وأعتقد أن هذا يثبت أنني بريطانيraquo;.

وقالت صحيفة laquo;ديلي ميرورraquo; إنها التقت بعلي بعد تسلمه الجنسية. فقال لها إنه على الرغم من أن صواريخ الحلفاء هي المسؤولة عن المأساة المروّعة التي غيرت حياته مرّة وإلى الأبد، فهو لا يشعر بأي ضغينة إزاء الشعب البريطاني. وأضاف قوله: laquo;قد يُدهش بعض الناس أمام حقيقة أنني سعيد ببريطانيتي الجديدة بينما بريطانيا كانت جزءا من القوات التي أصابتني بأكبر جراح حياتي ودمرت اسرتي والشعب العراقي. لكن البريطانيين أبدوا عطفًا غامرًا تجاهي وساعدوني فوق التصور، فأصبحوا جزءًا مهمًّا من أسباب استردادي العافية وتصالحي مع ما حدث. كلّي عرفان لهم وسعيد بأن أكون الآن واحدًا منهمraquo;.