صادق المجلس الوزاري الاسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والامنية على سحب قوات الجيش من الشطر الشمالي لقرية الغجر الحدودية وإعادة الوضع في القرية الى ما كان عليه قبل حرب تموز على لبنان 2006، إلا أن مصدرًا شكك بتطبيق الإنسحاب على أرض الواقع خصوصًا وانه ليس بجديد ولا يعدو كونه مناورة إسرائيلية.

بعد مرور أكثر من ثماني وأربعين ساعة على إعلان إسرائيل قرارها بالإنسحاب من الجزء الشمالي لبلدة الغجر الواقع ضمن الأراضي اللبنانية في الجنوب، إثر إجتماع عقدته اللجنة الوزارية المصغرة في تل أبيب لهذه الغاية، كرّر كلّ من الجيش اللبناني وقوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل) عدم تلقيه اي معلومات بهذا الشأن، فيما شكك مصدرعسكري لبناني مسؤول بما صدر عن إسرائيل قائلا لـ quot;إيلافquot; إنه لا يمكن الركون الى ما تقوله الحكومة الإسرائيلية عن إنسحاب مزعوم من بلدة الغجر قبل رؤية إجراءات وتحركات عسكرية ملموسة على الأرض، الأمر الذي لم يحصل حتى الساعة.

وإعتبر المصدر الذي إلتقى مسؤولين في quot;اليونيفلquot; أبلغوه بدورهم عدم إطلاع قيادتهم على القرار الإسرائيلي أو رؤية نشاط غير عادي للقوات الإسرائيلية المتمركزة داخل البلدة، ان عودة الحديث عن الإنسحاب الإسرائيلي من الغجر تأتي بالتزامن مع كشف مديرية المخابرات في الجيش اللبناني للعميل الإسرائيلي -اللبناني شربل قزي quot;المزروعquot; داخل شبكة quot; الفا quot; للتخابر الجوال في لبنان، وكأن الغاية منه التغطية على هذا الإنجاز اللبناني الكبير الذي يفضح المخططات الإسرائيلية العدوانية تجاه لبنان، وحجب الأنظار عن تداعيات المجزرة التي إرتكبتها بحق ناشطين أتراك مشاركين في quot;أسطول الحريةquot; ورفضها تشكيل لجنة تحقيق دولية بالحادث.

وذكر المصدر العسكري اللبناني ان الكلام الإسرائيلي عن الخروج من الجزء الشمالي للغجر ليس بجديد ولا يعدو كونه مناورة جديدة، إذ سبق لحكومة بنيامين نتنياهو الحالية وقبلها حكومة ايهود اولمرت أن أعلنتا اكثر من مرة عن إتخاذهما قرارًا بالإنسحاب من الغجر، ليتبين لاحقًا عدم صحة ذلك، مع الإشارة الى انه يمكن إحصاء ما يقارب اكثر من اثني عشر قرارًا بالإنسحاب منذ العام 2006 وحتى يومنا هذا بقيت جميعها حبرًا على ورق ومن دون تنفيذ، لافتًا الى ان المشهد نفسه الذي نشهده اليوم جرى مثله قبل أكثر من شهرين.

وفي هذا السياق ذكّرت أوساط سياسية متابعة بما قاله وزير خارجية إسبانيا ميغيل أنخيل موراتينوس خلال زيارته الشهر الماضي الى لبنان بأنه تلقى وعدًا من اسرائيل بالإنسحاب من القسم الشمالي لبلدة الغجر مع نهاية الشهر الماضي ما يعني ان على المسؤول الإسباني متابعة هذا الموضوع حرصاً على مصداقيته خصوصاً، ان مجيئه الى لبنان وسوريا كان بهدف معالجة الوضع المتوتر الناجم يومها عن اتهام اسرائيل لسوريا بتزويد حزب الله صواريخ سكود.

هذا و من المعلوم ان الجزء الشمالي من بلدة الغجر كان في عهدة السلطة اللبنانية قبل الحرب الاسرائيلية على لبنان في تموز/يوليو العام 2006، حيث أعادت إسرائيل إحتلالها له بعدها، كما ان هذا الجزء يشكل ثلثي المساحة التي تقوم عليها البلدة فيما الثلث الباقي أرض سورية تم إحتلالها مع إستيلاء إسرائيل على الجولان في حرب العام 1973.

ويقطن في بلدة الغجر حوالى خمسة الاف نسمة جلهم من السوريين الذين منحوا الجنسية الاسرائيلية، الأمر الذي يتيح لهم الإستفادة من جميع الخدمات التي تقدمها الحكومة الإسرائيلية لمواطنيها بما في ذلك الطبابة والتعليم والكهرباء والماء والمتطلبات الإجتماعية والحياتية الأخرى، وهذا ما إستغله الإسرائيليون للقول إن ابناء الغجر متمسكون ببقاء الإحتلال في الوقت الحاضر.

ويشكل توزع مئات العائلات السورية داخل شطري الغجر مشكلة في حال تم الانسحاب من القسم الشمالي للبلدة، لذلك جرى التفاهم بين قيادة quot;اليونيفيلquot; والقوات الاسرائيلية وبمعرفة قيادة الجيش اللبناني على إبقاء حركة التواصل بين سكان الجزئين عبر السماح لقاطني الجزء الشمالي وحدهم بالعبور الى الجزء الآخر الذي هو بالحقيقة امتداد للجزء الاول فرضه تزايد عدد السكان والتوسع في بناء المساكن. وذكرت معلومات ان قوات الطوارئ الدولية ستتولى الاشراف على الانسحاب الاسرائيلي اذا ما حصل بالفعل ان تتولى في مرحلة اولى المساعدة في ادارة شؤون البلدة ريثما يتم تسليمها الى الجيش اللبناني واعادة وضعها بالتالي في عهدة السلطة اللبنانية التي تعيد ترتيب اوضاعها بشكل يراعي الحالة الانسانية اولا على الا يتعارض ذلك مع سيادة الدولة على اراضيها.