بعد جمود quot;الثلاث الأواخرquot; من عمر ولاية الرئيس بوش
ثنائيَّة عبد الله - أوباما تعيد إلى العلاقات السعوديَّة الأميركيَّة حرارتها !
quot;فخامة الرئيس أوباما شخص محترم جدًّا... أتمنى أن يظل وقتًا أطول في منصبهquot;، هذه الكلمات لم يقلها أحد مؤيدي الحزب الديمقراطي في إحدى الولايات الزرقاء، بل كان، عبد الله بن عبد العزيز، ملك السعوديَّة وأهم اللاعبين في منطقة الشرق الأوسط الَّتي تزنِّر خاصرتها الحرائق، ولعبت أكثر من مرَّة دور الإطفائي الموثوق بهمن قبل الغرب.
وتعكس هذه الكلمات طبيعة العلاقة بين الزعيمين الَّتي أثرت إيجابًا على التعاون الثنائي بين الرياض وواشنطن، عقب سنوات من الجمود وصلت فيها علاقات الكبار بين البلدين إلى حد القطيعة، إذ أحجم الملك عبد الله مرات متعددة عن زيارة البيت الأبيض، وقلَّت خطوات الرسل والزوار بين العاصميتين اللتين لم تكن خطوط الهاتف تنقطع بينهما قبل ذلك بتاتًا.
وجاء لقاء عبد الله ndash; أوباما قبل أيام معدودة من مناورات quot;العلم الأحمرquot; التي تشارك فيها القوات الجوِّيَّة السعوديَّة رفقة نظيرتها الأميركيَّة وعددًا من الدول الحليفة في الشرق الأوسط، وذلك في إطار الإستعدادات الدوليَّة لما قد يسفر عنه التصعيد الغربي في مواجهة إيران، حيث بات من المتوقع أن تكون الضربة للمنشآت الإيرانيَّة خلال منتصف العام المقبل.
وتقول همسات الوفد المرافق، والسعوديين في واشنطن ذوي القرب من مراكز صناعة القرار، أن إدارة الرئيس أوباما بدت أكثر اقتناعًا واستعدادًا لدعم صفقة التسلح الجديدة مع السعوديَّة والَّتي تهدف إلى تحديث الأسطول الجوي السعودي بعشرات الطائرات الجديدة من طراز quot;اف-15quot;، وتطوير قدرة الطائرات القديمة.
وهذا يعني أن أوباما نفسه هو الذي سيتولى مواجهة الكونغرس، الذي يرفض صفقة كهذه جملة وتفصيلاً كونها ستؤثر على ميزان القوى في الشرق الأوسط، كما فعل ريغان حين أشترى السعوديون لأوَّل مرَّة هذا النوع من الطائرات قبل ربع قرن، وانتهى الأمر إلى صالحهم بعد معركة أستهلكت أشهرًا وملايينًا من الدولارات الخضراء.
ويقول جميل الذيابي، وهو مدير تحرير صحيفة quot;الحياةquot; في السعوديَّة، وهو يتحدث مع quot;إيلافquot; من واشنطن، عن كيمياء العلاقة الشخصيَّة بين الزعيمين: quot;أوباما يصف الملك عبد الله بأنه رجل الحكمة وينظر إليه على أنه نموذج مختلف عن الزعامات الموجودة في المنطقة الشرق الأوسط... هناك رغبة أميركيَّة في تعميق العلاقات أكثرquot;.
وهذا هو اللقاء المعمّق الثاني بين الزعيمين، توسطته بضعة لقاءات عابرة خلال مناسبات دوليَّة متفرقة خلال الأشهر الفائتة، وكان أهمها اللقاء الذي تم في الرياض بعد أشهر من تولي أوباما زمام الحكم، والذي قال عنه دبلوماسيون غربيون إنَّ أوباما quot;ربح قلب الملك خلال ساعتينquot; في ذلك الإجتماع.
ويضيف الذيابي قائلاً عن تطور العلاقة الشخصيَّة في زمن بسيط: quot;العجيب هو هذه الصداقة السريعة بين الزعيمين جراء أربعة مقابلات رسميَّة لا أكثر، لا يمكن القول إنَّ العلاقة هي أكثر من بوش لكن أوباما يقترب من السعوديين أكثر ويراعي رأيهم ويأخذ مشورتهمquot;.
ولم يعرف كيف ولماذا وماذا حدث خلف أسوار مزرعة الملك في الجنادريَّة، وهي مقر الملك السعودي حين يريد الاستجمام، كما هي quot;كرووفوردquot; لبوش وآله، وquot;كامب ديفيدquot; للزعماء الأميركيين كافة، وذلك لأن السعوديين يتحفظون على محادثتهم الخاصَّة مع المسؤولين الأجانب، لكن يبدو أن أوباما أفلح في توضيح طبيعة الدور الأميركي للملك.
وفتح وصول أوباما إلى الحكم الباب أمام مراجعة صورة أميركا في المنطقة، بل في السعودية نفسها على وجه التحديد، حيثوصل كره أميركا إلى سقفه الأعلى، ليتحوَّل إلى صورة أكثر إيجابيَّة بفضل أوباما وأكثر من ثلاثين ألف طالب سعودي يدرسون في الجامعات الأميركيَّة، ويدعمون فكرة أنَّ التحالف مع أميركا ضروري لخدمة استراتيجيَّة المملكة في الشرق الأوسط.
ويقول عضوان الأحمري، وهو صحافي في quot;الوطنquot; السعوديَّة، ألتقى الملك بعد ساعات لقائه مع أوباما رفقة عدد من الطلاب السعوديين في أميركا: quot;علاقة الملك عبد الله مع أوباما ممتازة جدًّا ومهمَّة لتعميق الصداقة بين البلدين لأنهما يتشاركان المصالح الإستراتيجيَّة ذاتها في المنطقةquot;.
ومع أنَّ السعوديَّة مشهورة بعلاقتها الوطيدة مع الجمهوريين منذ عقود، إلاَّ أنَّ ذلك لم يمنعها من تعيين سفير يمتاز بعلاقة جيِّدة مع الديمقراطيين هو، عادل الجبير، الذي يعتبر واحدًا من تلاميذ مدرسة رئيسه السابق الأمير بندر بن سلطان، ثم أرتقى إلى أنّْ أصبح مترجمًا خاصًا لرئيس رؤسائه، إلى أن تولى زمام أهم سفارة سعوديَّة في الخارج.
إلاَّ أنَّ الأحمري يستدرك القول: quot;لا يمكن أن نقول إنَّ علاقة الملك عبد الله مع أوباما أقوى من بوش... العلاقة مع آل بوش تاريخيَّة وقديمة جدًّاquot;.
التعليقات