لم تكن العلاقة بين الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل بالصورة التي تتحدث عنها وسائل الإعلام دائما، وتكشف وثائق سرية عن تحيز وزير الخارجية الأسبق هنري كيسينجر إلى العرب، ومعاداة إسرائيل في بعض الأحيان.

أشرف أبو جلالة: تكشف وثائق خاصة بالبيت الأبيض رفعت عنها السرية مؤخراً عن أن العلاقة الخاصة التي تربط إسرائيل بالولايات المتحدة، والتي كثيراً ما تم التنويه إليها خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخيرة للولايات المتحدة، ربما لم تكن دائماً كذلك.

وتشير اليوم صحيفة وورلد نيت دايلي الأميركية إلى أن النسخ طبق الأصل من الوثائق، التي تحصلت عليها، تغطي بعض الأيام الأخيرة في إدارة الرئيس نيكسون والثمانية عشر شهراً الخاصة بإدارة الرئيس فورد، حين كان يقوم وزير الخارجية هنري تكشف وثائق سرية عن تحيز وزير الخارجية الأميركي الأسبق كسنجر للعرب ومعاداة إسرائيل في بعض الأحيان بقيادة السياسة الخارجية الأميركية.

وبينما كان معلوما أن كيسينجر لديه مشاكل مع العديد من الحكومات الإسرائيلية، إلا أن عمق العداوة لم يسبق أن تم تفسيره بشكل واضح مثلما حدث في تلك الوثائق التي رفعت عنها السرية أخيراً.

وتمضي الصحيفة لتقول إن كيسينجر كان يشير في الوثائق إلى وزير الدفاع الإسرائيلي حينها والرئيس الحالي، شيمون بيريز، بـ quot;الكاذبquot;، وإلى السوريين بـ quot;أصدقائيquot;. كما قال إن الدخول في حرب خامسة بين العرب وإسرائيل قد لا تكون خطوة شديدة السوء بالنسبة لواشنطن والعرب. وبينما حاولت الصحيفة من جانبها الحصول على تعليقات من الأشخاص الذين تم ذكرهم في تلك الوثائق، إلا أنها لم تفلح في ذلك.

ثم تتابع الصحيفة حديثها، من واقع ما ورد في الوثائق من معلومات، لتشير إلى أن تعليقات كيسينجر هذه جاءت بعد عامين ونصف فقط من حرب أكتوبر عام 1973، التي شهدت، بعد نكسات أولية، تقدما من جانب قوة الدبابات الإسرائيلية تحت قيادة الجنرال آرييل شارون قبل أن تتحرك صوب العاصمة المصرية، القاهرة. وقد توقف شارون حينها، بعد أن ضغط كيسينجر على وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك، موشيه ديان، لكي يسافر بنفسه إلى مخيم الجنرال الميداني ويصدر أوامره بوقف التقدم. وقد قيل، بحسب ما أفادت الصحيفة، أن كيسينجر كان خائفا من احتمالية تدخل الاتحاد السوفيتي إذا انتقل شارون إلى القاهرة. وذكرت الصحيفة أن الحرب تسببت أيضاً في تحريض كيسينجر ونيكسون ضد رئيسة الوزراء الإسرائيلية وقتها، غولدا مائير.

وتبين كذلك، استناداً لما ذكرته الصحيفة الأميركية، أن كيسينجر اختار تأخير المساعدات العسكرية إلى إسرائيل في الأيام الأولى للحرب، وقت أن كانت تقوم القوات المصرية والسورية بإحراز نجاحات مفاجئة ضد قوات الدفاع الإسرائيلية. ووقتها، لم يكن يُفصَح بشكل واضح عن الأسباب. بيد أن الشيء الذي أصبح واضحاً في ما بعد هو ذلك المتعلق بتلك الرسالة التي بعثت بها مائير إلى كيسينجر وتفيد بأن إسرائيل قد يكون عليها أن تنظر في quot;خيار غير تقليديquot;، ما لم تمدها واشنطن بالإمدادات العسكرية عما قريب.

وذلك الخيار الذي عُرف في ما بعد بـ quot;خيار سامسونquot;، هو خيار يمنح إسرائيل الحق في تنشيط ونشر الأسلحة النووية في حال تعرض كيانها لتهديد. وهو ما جعل كيسينجر يتراجع بشكل سريع، وبدأ سلاح الجو الأميركي حملة تموين ضخمة لقوات الدفاع الإسرائيلية، لكن كيسينجر لم ينسى مطلقاً تلك المواجهة.

وفي النهاية، تنوه وورلد نيت دايلي إلى ذلك الاجتماع الذي جمع كيسينجر في أواخر عام 1975 بوزير الخارجية الجزائري وقتها والرئيس الحالي للبلاد، عبد العزيز بوتفليقة، في مقر إقامة السفير الأميركي بباريس، حيث تطرقا لأمور عدة، وحينها أكد كيسينجر على أن خوض غمار حرب أخرى ضد إسرائيل قد تكون خطوة مفيدة من الناحية السياسية. ورغم تطرق كيسينجر في تلك المقابلة إلى العديد من القضايا الإفريقية، إلا أنه قام بعدها بتوجيه جدول الأعمال إلى الحديث عن الشرق الأوسط وتداعيات حرب 1973.