عبد المهدي الكربلائي |
حذّرت المرجعيّة الشيعيّة العليا في العراق من خطر الفراغ السياسي الناتج عن تأخر تشكيل الحكومة على الأوضاع الأمنيّة والاقتصادية والإجتماعية في البلاد داعية الكتل السياسية الى الإسراع بالتوصل إلى تفاهم مشترك لتشكيل الحكومة من خلال المرونة في سقف المطالب والتنازل عن بعضها وتقديم المصالح العليا على المصالح الضيقة الحزبية أو الفئوية أو الشخصية وأكدت وجود خروق امنية داخل الاجهزة الامنية ودعت الى معاقبة المقصرين من عناصر هذه الاجهزة واشارت الى ان لصبر العراقيّين حدود على أوضاعهم الامنيّة والخدماتيّة والمعيشيّة المتدهورة.
قال معتمد المرجع الشيعي الاعلى علي السيستاني خطيب جمعة كربلاء (110 كلم جنوب بغداد) اليوم عبد المهدي الكربلائي إن ستة أشهر قد مرت على إجراء الانتخابات التشريعية العامة ولا يبدو هناك في الافق انفراج quot;يفتح الابواب لحل سياسيquot;. واكد انه quot;ليس من المعقول ان تستمر الحال في العراق على هذا الشكلquot;. وحذّر من ان بقاء الحال على ما هي عليه حاليًّا سيترك آثاراً سلبيّة على الجوانب الامنية والاقتصادية والنفسيّة على العراقيين.
وقال انّه quot;مع وجود الحكومة والوزارات فإنّ الوضع مع ذلك غير مستقر في جميع مجالاته ومن الواضح مدى تأثير عدم انعقاد مجلس النواب حتى الآن على المجالين الرقابي او التشريعيquot;. واشار الى ان هناك شبه فراغ في الوضع السياسي القائم وهو أمر سيؤدّي الى حصول تداعيات في الاوضاع الامنية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية. وطالب الكتل السياسية مراعاة هذه الظروف وعدم تحميل الشعب العراقي المزيد من المعاناة بسبب هذه التأخير في الاتفاق في ما بينهم على حلول للأزمة السياسية.
وتأتي هذه التحذيرات في وقت اشارت فيه تقارير الى ان المرجع السيستاني قد تلقّى طلباً من كتلتي الإئتلاف الوطني بزعامة عمار الحكيم ودولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي للتدخل في تشكيل الحكومة. وقالت ان المرجع يواجه مطالب قوية من السياسيين في الائتلافين الشيعيين كي يتدخل لحلّ الأزمة موضحة ان السيستاني لا يمكن ان يعزل نفسه تماماً في وقت تعصف بالساحة مشاكل تكاد تهدد العملية السياسية برمتها. وقالت ان المرجع سيتدخل اذا وصل الامر الى عنق الزجاجة وهو تدخل يكاد ان يقترب.
وكان السفير الاميركي السابق في بغداد كريستوفر هيل قالأخيرًا إنّ quot;السيد السيستاني قد يمارس تأثيره لتسريع عملية تشكيل الحكومة الجديدة بالتزامن مع انسحاب القوات الأميركيةquot;. وأضاف: quot;نحن نعلم بأنّه يتابع القضية يوميًّا وأجد انه يؤدّي الدور الذي يمكنه أن يؤدّيه بأفضل طريقة ممكنة لضمان الخروج بمردود ايجابي. والسيد السيستاني يعتقد بأنه عند تشكيل الحكومة في نهاية المطاف ستجد فيها السنة والشيعة والاكراد مجتمعين معاً.
خروق داخل الأجهزة الأمنية
وفي ما يختصّ بالانهيارات الأمنيّة التي تشهدها البلاد حاليًّا فقد دعا ممثل المرجعية الدينية اللجان التحقيقية المكلفة بالتحقيق في العملية الارهابية الاخيرة التي وقعت في بغداد ضد شبان في الجيش وادت الى مقتل واصابة اكثر من مئتين منهم الى اتخاذ اجراءات رادعة بحق كل من يثبت تورطه وتقصيره من قبل الاجهزة الامنية مستغربًا في الوقت نفسه من ترك هكذا حشود في مكان مكشوف بحمايات قليلة كما نقل عنه موقع quot;نونquot; المقرب من المرجعية من كربلاء.
وقال ان بعض مدن العراق تشهد حاليًّا موجة من العمليات الارهابية والاجرامية تؤدي الى سقوط الكثير من الشهداء والجرحى ومنها عملية التفجير الانتحارية وسط جموع المتطوعين في ساحة باب المعظم اضافة الى اغتيال بعض القضاة وجرح آخرين. وعبر عن الامل في ان تتخذ السلطات الاجراءات المناسبة والرادعة لمنع تكرار مثل هذه العمليات خصوصًا مع وجود معلومات استخباراتية ndash; كما كشف احد كبار المسؤولين الامنيين ndash; تفيد بأن هناك عملية تفجير انتحارية محتملة وسط هذه الحشود من المتطوعين.
وتساءل قائلاً: quot;لماذا تركت الاجهزة الامنية المختصة هذه الحشود الكبيرة في مكان عام مكشوف وبحماية بسيطة إذ كان من المفترض اخضاع الموجودين الى رقابة مشددة واجراءات تفتيش دقيقquot;، واضاف: quot;ان مثل هذه العملية الاجرامية تؤشر لوجود خرق داخل بعض الاجهزة الامنية لذلك فالمأمول من اللجنة التحقيقية اتخاذ الاجراء الرادع بحق كل من يثبت تورطه او تقصيره في اداء مهامه الامنية اضافة الى التشديد على الاجهزة الامنية في توفير الحماية لمثل هذه التجمعات من خلال اتخاذ الاجراءات الامنية المناسبة والوقائيةquot;.
واضاف: quot;اما بالنسبة إلى جريمة اغتيال القضاة (الذين قتل واصيب عدد منهمأخيرًا بأسلحة كاتمة للصوت وعبوات لاصقة) فمن الواضح ان الهدف منها هو ترهيب القضاة وارعابهم لمنعهم عن اداء دورهم المهني والوطني في اتخاذ الاجراءات القضائية المناسبة لمعاقبة المجرمين وردعهمquot;. ودعا الاجهزة الامنية الى توفير الحماية الكافية لجميع القضاة وتأمين حراستهم وتوفير آليات مناسبة لتنقلهم. كما ناشد القضاة بألاّ تكون هذه الاعمال الارهابية مثبطة لهم عن اداء دورهم الوطني والمهني. وشدد بالقول: quot;لا شك في أنّ هذا البلد وتوفير الامن لشعبه وحماية ارواح مواطنيه والذي يؤدي من قبل الاجهزة الامنية والقضائية امور تستحق التضحية والفداء من اجلهاquot;.
واليوم تبنى تنظيم quot;دولة العراق الاسلاميةquot; التابع للقاعدة الاعتداء الانتحاري الذي استهدف الثلاثاء مركز تجنيد للجيش العراقي في بغداد. وقال التنظيم في بيان نشرته مواقع اسلامية ان احد انتحارييه انطلق quot;متسلحًا بحزامه الناسف مستهدفًا تجمعًا لقطعان الرافضة (الشيعة) المشركين وغيرهم من المرتدين ممن باع دينه بعرض قليل وثمن بخس، ورضي ان يكون مطية تركب، ويدًا دنيئة تستخدم في حرب المسلمين اهل السنة خدمة للمشروع الصفوي (الايراني) في البلادquot;.
لصبر العراقيين حدود
من جانب آخر اشاد ممثل المرجعية الدينية بصبر العراقيين على معاناتهم الكبيرة وسط موجة حر مرتفعة وساعات تغذية كهربائية قليلة ونقص في مفردات البطاقة التموينية قائلاً: quot;ان المسؤولين وعدوا بزيادة الحصة التموينية لكن هذا ظل كلامًا من دون تنفيذ لم يجد له أي مصداقية على ارض الواقع حيث صاحب ذلك ارتفاع اسعار بعض المواد الغذائية وبخاصة مع حلول شهر رمضانquot;.
وحذر من ان لصبر العراقيين حدود ولا يمكن ان يستمر الى ما لا نهاية وقال: quot;لذلك نوصي الكتل السياسية بضرورة الاسراع للتوصل الى تفاهمات مشتركة لتشكيل الحكومة من خلال المرونة في سقف المطالب والتنازل عن بعضها وتقديم المصالح العليا على المصالح الانانية الضيقة الحزبية او الفئوية او نزعات الأنا الشخصيةquot;.
يذكر ان العراق يشهد منذ إعلان المحكمة الاتحادية عن مصادقتها على نتائج الانتخابات في الاول من حزيران - يونيو الماضي حراكًا سياسيًّا بين الكتل الأربع الفائزة في الانتخابات لتشكيل الحكومة إلا أنها لم تنجح لغاية الآن بالاتفاق على تشكيل الحكومة نظرًا للخلافات القانونية بشأن الكتلة التي ستكلف بترؤس الحكومة المقبلةquot;.
التعليقات