تكريت: في سوق كبيرة عند مدخل تكريت معقل عائلة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، يتنازع المتسوقون عند مؤسسة الشفار التي تبيع ما ينوي الجيش الاميركي تركه في العراق لقاء ثمن زهيد. وعند مدخل المؤسسة التي يديرها قحطان كريم العجيلي (38 عاما) في تكريت (160 كلم شمال بغداد)، لافتة كتب عليها لدينا كل ما تحتاجون وباستطاعتنا تامين ما لا تعثرون عليه بانفسكمquot; هنا.

وتقع هذه quot;المؤسسةquot; بين معسكر quot;سبايكرquot; احدى اكبر قواعد القوات الاميركية في العراق فيما وسكة حديد بغداد الموصل (شمال). وتعمل quot;الشفارquot; في استغلال فضلات ومواد يلقيها الجيش الاميركي من قاعدته في تكريت من حاويات بلاستيكية ورافعة شوكية صغيرة وعجلات صغيرة وربما فرش وخزانة لحفظ الادوية واسلاك لاجهزة كمبيوتر او ادوات طبخ...

وهي تمثل quot;منجم ذهبquot; لقحطان لانها تؤمن ارباحا كبيرة مما قرر الاميركيون تركه ورأوا ان لا ضرورة استراتيجية لاتلافه. ويؤكد العجيلي ان بضاعته المعروضة تحت الشمس quot;رخيصة وعالية الجودةquot;، ويشدد على ان هذه الفرصة لتحقيق ارباح لن تتكرر.

ويشير الرجل الذي كان جالسا وراء مكتبه غير آبه بضجيج الاسلحة التي يختبرها الاميركيون قبل الخروج من المعسكر الى ان عبارة quot;صنع في اميركاquot; تشكل ضمانا لجودة البضاعة في نظر معظم العراقيين.

وعلى الجدران حوله، علقت صور التقطها مع عسكريين اميركيين وترمز الى تعاونه مع القوات الاميركية مع انها تشكل خطرا في محافظته التي طالما كانت احدى اكبر معاقل المقاومة. وكان العجيلي خطف تسعة ايام من قبل تنظيم القاعدة في اذار/مارس 2006، ودفع ستين الاف دولار لاستعادة حريته انذاك. وكانت عائلة كريم تعمل في قطاع النسيج. وعند سقوط نظام صدام حسين بادر العجيلي الى تقديم عرض للقوات الاميركية بتدوير مخلفاتها. ومنذ ذلك الوقت، وهو يواصل عمله بنجاح ما دفع الاميركيين لمواصلة دعمه.

ويسعى العجيلي الذي يواصل عمله بنجاح الى اتخاذ خطوات متقدمة بعد تسلم معدات مصنع اشتراه العام الماضي باربعة ملايين دولار من ميشيغن. ويعمل في مؤسسة الشفار 430 عاملا. وهي تملك 260 آلية تقوم بجمع النفايات والخردة في جميع انحاء البلاد.

وعندما بدأت القوات الاميركية تفريغ قواعدها مع بدء الانسحاب -- بموجب الاتفاقية الامنية الموقعة في تشرن الثاني/نوفمبر 2008 -- شهد مخزون quot;الشفارquot; زيادة كبيرة بينما اصبح زبائنها اكثر تنوعا.وتمتلك المؤسسة اسواقا مماثلة في مطار بغداد (غرب بغداد) وناحية بلد في محافظة صلاح الدين واخرى في محافظة الانبار غرب العراق.

ولا تقتصر هذه المنافذ الاربعة على بيع الخردة بل يمكن العثور فيها على مواد صالحة للاستعمال مثل مولدات كهرباء واجهزة تلفاز ومكيفات هواء. وتحصل مؤسسة quot;الشفارquot; مجانا على المواد البلاستيكية والاخشاب، فيما تدفع ما قيمته 55 دولار عن كل طن من الاخرى بينها الاجهزة الكهربائية والمكيفات وغيرها.

واستطاع محمد خليل (22 عاما) الذي جاء من كركوك التي تبعد نحو مئة كيلومتر عن موقع السوق، العثور عما يبحث عنه واشترى اربعة اطارات لشاحنته بقيمة سبعين دولار. وقال العجيلي مبتسما quot;ابيع المواد بنحو 25% من قيمتها في السوق، والجميع مستفيدquot;.

واعرب عن امله في استمرار عمله لدى تولي القوات العراقية المسؤولية عند رحيل القوات الاميركية بشكل كامل نهاية عام 2011. من جهته، قال علي حسين (25 عاما) بسعادة بعدما اشترى شاحنة صغيرة بمقعدين بقيمة 250 دولار من مؤسسة الشفار quot;كنا نرى هذه الاشياء في الافلام فقط لكنها اصبحت اليوم شائعة في تكريت. كل الشباب يريدون الحصول عليها، والفضل للاميركيينquot;.

اما العقيد عايد يوسف من شرطة تكريت، فقد اشاد بتعاون مؤسسة quot;الشفارquot; مع السلطات المحلية. وقال quot;خلال الاشهر السبعة الماضية، زودنا (من الشفار) ب300 سرير وعدد مماثل من الخزائنquot;. واكد العجيلي انه يفكر جديا بتنفيذ مشروع مماثل في افغانستان حيث ما زالت القوات الاميركية تتمتع بوجود كبي لان quot;منجم الذهب هذا لن ينضبquot;، على حد قوله.