دعا وزير الداخلية العراقي جواد البولاني السياسيين الى دعم الجهاز الامني وتقويته وتشجيعه وتخصيص الاموال والموازنات والموارد البشرية التي تغطي حاجات الاستحداث للدوائر التي يتطلبها العمل الامني خصوصًا أن الارهاب يعيش في مأزق. واشاد البولاني في حديث مع ايلاف بالانسحاب الاميركي مؤكدًا ان المناسبة تستحق الاحتفال بها وأن الوزارة تعد لاحتفالات.

رأى وزير الداخلية العراقي جواد البولاني أن يوم الانسحاب الاميركي من البلاد كان يستحق ان تقام فيه احتفالات شعبية ورسمية وأكد في حوار مع quot;ايلافquot; أن أي جهة تحاول ان تعيد مستوى العنف الى الاعوام الماضية لن تواجه الا بحزم وصرامة من قبل الاجهزة. وفيما أكد انه لن يسمح بعودة الميليشيات، شدد على قدرة الاجهزة الامنية على مواجهة التحديات مستقبلاً، مشيرًا إلى أن الاميركيين لن يتركوا العراق تمامًا لأن حاجة البلد الى جهد جوي وبحري قائمة.

كما دعا البولاني السياسيين الى دعم الجهاز الأمني وتقويته وتشجيعه وتخصيص الأموال والموازنات والموارد البشرية التي تغطي حاجات الاستحداث للدوائر التي يتطلبها العمل الامني، وقال quot; انا ارى اليوم قدراتنا وتحركاتنا وإمكاناتنا وفق هذه الظروف تحقق هذا الامن المقبول الذي اتطلع إلى ان يتنامى وينمو مستقبلاً مع وجود هذه التعزيزات التي تساعده للاندفاع في الاتجاهات الجيدةquot;.

في ما يلي نص الحوار:

* كيف ترون الواقع العراقي مع الانسحاب الاميركي؟

- العراق يشهد هذا الحدث التاريخي المهم وهو سحب القوات الاميركية من العراق. والعراقيون اليوم أمام امتحان ومسؤولية واختبار ، الصفوة والنخبة التي تحملت هذا الجهد هم ابناء الاجهزة الامنية لترجمة هذا الواقع الى قضية عملية في ان تتحمل المسؤوليات الامنية بهذا العنوان ، وهذا اليوم نحن نفرح به ، وكنا ننتظره باستمرار ، هذا اليوم .. تحقق مثلمًا كان العراقيون يتطلعون اليه. ولكن هناك شيء واحد : هل ان الاول من ايلول- سبتمبر التاريخ الفعلي لتسلم المسؤولية ؟ ، نقول لا . فمنذ سنة ونصف او سنتين ، كنّا ندير العمليات الامنية ادارة كاملة والجهد الاميركي كان يقتصر على الدعم والاسناد في المجالات اللوجستية والجهد الاستخباري المشترك. اليوم مرحلة جديدة ، الاميركيون جهدهم سيتغير ، يتحول الى الاستشارة والتدريب وتبادل المعلومات وعمل متخصص في مجال مكافحة الارهاب وتطوير آليات العمل والتركيز على الجهد الاستخباري في مواجهة التحديات الموجودة. والموضوع المهم الذي نتطلع اليه هو تشكيل الحكومة لتنهض بأعبائها ومسؤولياتها خلال المرحلة المقبلة، المعوقات والمشاكل موجودة، ومن الضروري ان يكون هناك التفات.

* الكثير من السياسيين أعلنوا عن تخوفاتهم من عودة الميليشيات ومن تدخلات الجوار .. ماذا تقولون في هذا وهل يمكن للميليشيات العودة؟

- بالنسبة إلي أستبعد أن تعود هذه الجماعات كما كانت تتحرك سابقا ، ما تبقى منها الان تحت المجهر ، الأجهزة الامنية وحجم قاعدة البيانات المتوفرة نتيجة الجهود التي نعتبرها مكملة لواقع العمل الأمني. وايضا المجتمع لن يسمح بعودة هذه الجماعات ، قد يكون عملها محدودًا ، ولكن ان تعود وتسيطر على مناطق أنا استبعده واعتبره حلمًا في مخيلة اشخاص يعيشون وهم الماضي وأمراضه. الأمن يوميا يحقق مكسبا جديدا واي جهة تحاول ان تعيد مستوى العنف لن تواجه الا بحزم وصرامة من قبل أجهزتنا ، وستجد أجهزتنا بالمرصاد لها. لكن اليوم المعركة هي معركة قادة ، يعني قيادات أمنية مع عناصر التمرد ، وهي تعلم طبيعة التحدي، والتطور السياسي الذي لا بد أن يتحسن.

* هناك احاديث عن تطور في قدرات الجماعات الإرهابية خصوصًا مع العمليات الاخيرة؟

- انا اعتبر السبع سنوات معيارًا مهمًا لتقييم النشاط الارهابي او الاجرامي الذي واجه بنية الدولة والمؤسسات ، هذه السنوات السبع تحتاج الى مراجعة ، نحن واجهنا سياسة الارض المحترقة او المحروقة التي كان العدو دائمًا يفكر بها ، فأي هدف امامه يضربه ، فلا يستثني سوقًا ولا محطة بنزين ولا مدرسة ، يعني الكل لديه أهداف ومن ضمنها المدنيون الأبرياء ، والمؤسسة الامنية. واليوم هناك حرب عصابات، تمارس باتجاهات مختلفة.

* سمعنا ان وزارة الدفاع تسحب قواتها من عدد من المحافظات لتتولى الشرطة مهامها فهل هي قادرة على تحقيق الامن؟

- حين نتكلم على مجمل العمل الامني في عموم العراق ، نجد ان وزارة الداخلية عليها 70 % من العمل الامني ، والباقي 30 % مشترك بيننا وبين وزارة الدفاع. اليوم هناك ثماني محافظات العمل الشرطوي هو المتسيد فيها، حتى الناس تشعر به، اما في المحافظات الباقية فنحتاج الى هذا العمل المشترك بيننا وبين إخواننا في الدفاع ، المحافظات الباقية ليست كلها ساخنة وخطرة لكن هناك مناطق في هذه المحافظات . فعندما نأخذ بغداد او الموصل او ديالى او صلاح الدين او كركوك ، فليست كل هذه المحافظات تواجه هذا العنف ، بل هنالك بعض المناطق ، وهذا يحتاج في المستقبل القريب الى العمل المشترك حتى تكون وزارة الداخلية وتشكيلاتها قد تسيّدت بالكامل ملف الامن الداخلي ، وبالتالي الأخوة في وزارة الدفاع يذهبون الى واجباتهم ، وطبعًا هذا يحتاج الى مراجعة دقيقة ويحتاج الى وضع الحقائق.

* انسحب الاميركيون وقال اوباما ان العراق اليوم سيد ومستقل، ولكن لم نسمع عن احتفالات شعبية ولا رسمية، لماذا؟

- انا ارى انه من المهم أن يحتفل الشعب ، ولكن اعتقد خيبة امل الشارع بتأخير تشكيل الحكومة سبقت هذا النصر والاحتفال ، يعني ضاعت هذه الاحتفالية الكبيرة في ظل هذا التأخر غير المبرر لتشكيل الحكومة، لكن يجب أن نحتفل. انها مناسبة تستحق الاحتفالية، وعلى اي حال نحن في وزارة الداخلية سنحتفل.

* هل ترى ان نظرتكم كانت صائبة إزاء توقيتات الانسحاب الاميركي؟

- على أقل تقدير إن الواقع أثبت حاليا حسن تقديراتنا تجاه نظرتنا الى التوقيت. فالعراق كان محتاجًا لهذا الاتفاق الامني وعملية الانتقال السلس الذي تحقق أثناء المناقشات وايضا تطور قواتنا الامنية ، والمسؤول عندما يتكلم ولديه رؤية يعرف كيف يبني أجهزته وكيف يصل الى هذا المستوى أثناء تنفيذ الفقرات والبنود التي شملتها الاتفاقية الامنية. انا اعتقد أن الشيء الواقعي والملموس أننا الآن نجني ثمار هذا الاتفاق الذي تحقق والقوات الاجنبية انسحبت، ورؤيتنا في تلك الفترة كانت تعبر عن واقعية الظروف، واقعية ما يواجهه البلد في تلك المرحلة.

* ألا ترون أن الانسحاب حدث بشكل مبكر عمّا يفترض أن تستكمل القدرات العراقية؟

- انا اعتقد انه خضع لدراسة ورؤية عراقية اميركية لتحديد هذه التوقيتات، والظروف الموضوعية تساعد كثيرًا في ان تخضع توقيتات الانسحاب الى هذا الجدول، وهذا الجدول بتقديري كان موضوعيا. ولكن الان السؤال هو اليوم هل ان الجهد العسكري الاميركي في مجال الجو والبحر من الممكن ان يستثمر؟ .

* هل يمكن اجراء تعديلات على التوقيتات؟

- هذه مسؤولية النظام السياسي الذي يحدد حاجة البلد ، المهنيون والامنيون سيتكلمون ويطرحون رأيهم في هذا الموضوع.

* لو كنتم انتم رئيسًا للوزراء .. هل كنتم ستوافقون على انسحاب الاميركيين في هذا الوقت ؟

- أي مسؤول يجب عليه ان يهتم بأولوية أمن شعبه وأمن بلده، أيًّا كانت الوسائل التي يتبعها في سبيل تحقيق هذا الهدف.

* هناك من يقول بعد الانسحاب ان الاجهزة الامنية في مأزق ، ماذا تقولون؟

- الارهاب في مأزق ، هذا ما أراه ، لان قدراته ما عادت كما كانت. هناك ثلاث مراحل كان ينوي الارهاب ان يعد نفسه في حرب العصابات وحرب الشوارع وحرب المدن والمرحلة الابتدائية الاولية التي ينشر فيها ويكسب تعاطفا ومؤيدين من خلال منشورات ولافتات، بعد ذلك مرحلة الاستعداد التي فشل بها ، انه يبدأ هذه القدرات ويحاول ان يسيطر على بعض المناطق ويحتويها. نحن جردنا الارهاب وعناصر التمرد والميليشيات من عناصر قوتهم التي كانوا يتمتعون بها في السابق ، انا اعتقد اليوم ان الارهاب وعناصر الجريمة في مأزق. وبمجرد أن ينتقل البلد الى مرحلة سياسية مستقرة وجديدة ، انا اعتقد ان هذه التحديات ستكون خلف ظهورنا وتبقى بعض الاشياء البسيطة التي تخضع الى هذه المتابعات المستمرة والجهد المتواصل في عمليات الامن الوقائي لسلب الظرف الآمن من هؤلاء المجرمين والمتمردين ، اليوم كل جهدنا ينصب على تنفيذ عمليات امنية وقائية لإحباط العمل الارهابي او الاجرامي قبل وقوعه. اليوم اذا نجحنا بهذا نعتبر أنفسنا تخطينا هذه الحالة ، ولكن من هو في أزمة ؟ انا اعتقد نحن في وضع افضل والارهاب هو الذي يعيش الازمة.

* هل من الممكن ان تعطينا قراءة للوضع الامني في المستقبل القريب واستعداداتكم للمرحلة المقبلة ؟

- طبعا كل مرحلة تبدأ تخضع لقراءة ودراسة. مرة تقرأ خارطة الانشطة الارهابية والعمليات التي ينوي العدو القيام بها ، (انا لا اسميه عدوًّا ، لان مفردة العدو تعطيه استحقاقات للمقابل) ، لكن الاجهزة الامنية اليوم بدأت تكافح من اجل الحفاظ على هذا المستوى الذي تحقق، مستوى العنف الذي قد يحصل بين مدة وأخرى هذا متوقع بالنسبة إلينا كأجهزة ، وما زالت هناك امكانية لبعض هذه العناصر ان تخلق بعض المشاكل هنا وهناك، كم هي الامكانية التي عندنا في استثمار الجهد المتاح استخباريا، توظيف الموارد البشرية المتاحة ، والعمل المستمر لمكافحة الإرهاب والتمرد.

هذه واجبات مستمرة ، والقطعات الأمنية كلّفت بتنفيذ واجبات متواصلة لسلب الظرف الآمن ، هذه عملية الجاهزية ، يبقى التدريب المهم. فدائما لديك جزء من مواردك تبدأ تطوير قدراتها في مجال التدريب في مكافحة الارهاب والجريمة ، ايضا في الجانب الاخر هناك معزز اخر لقدرتك هو وجود الاحكام القضائية الرادعة ، نحن نحتاج الى إجراءات تردع هؤلاء وتصدر بحقهم أحكامًا وتنفذ هذه الاحكام لتحجيم المجرمين وبالتالي ان القضية مفهومة : (من امن العقوبة اساء الادب) ، قضية العقوبة للمجرم الذي تمرد او استهدف الابرياء ، ذلك القطاع الذي تشتغل به اجراءاتك التي تعزز هذا الامن هي إجراءات امنية عسكرية ، عمل الشرطة والجيش ، عمل القضاء والتحقيق.

ايضًا بالمقابل يحتاج البلد الى اشياء اضافية لعمل واجبات الشرطة والجيش وبالتالي لا نريد ان نترك فرصة للارهابيين والمجرمين ان يفشلوا خططنا ، خطط الدولة او يقع تشويش على خطط انسحاب القوات الاميركية.

* هل هناك خطط أمنية لمواجهة المستجدات التي قد تحدث ؟

- قواطع العمليات تشهد هذا التسيد الشرطوي بالعمل ، هناك قواطع فيها عمل مشترك بيننا وبين الدفاع ضمن مفهوم قيادة العمليات كما نسميه ، الخطط الامنية اليوم التي تبدأ بالتقليل من حجم التحدي وتخفض من مستوى العنف الذي يسعى الارهابيون الى رفعه من مستوى لآخر بين فترة واخرى ، ايضًا هذه الخطط تعتمد طبيعة استثمار الجهد الامني ، الاستخباري ، جهد المواطن ، تطوير خطط امنية في عمليات بحث وتحرٍ وتفتيش مستمرة في قواطع العمليات ، هذا واضح نظرًا لحاجة بعض المناطق الى هذا العمل .

* لنكن واقعيين .. هناك ضباط كبار في الجيش العراقي يتحدثون عن عدم جاهزية الجيش ماذا تقولون؟

- الجاهزية نتكلم عنها بعنوان الامن الداخلي وهذا يقع ضمن قابلياتنا كأجهزة امنية، فملف نظام المعركة لقوى الامن الداخلي. اعتقد ان قوات الامن العراقية هي مسيطرة عليها فيما الاخوة في الدفاع مسؤولياتهم أكبر من هذا المفهوم ، لا يوجد بلد من دون جيش يدافع عن السيادة ويحتاج الى تطوير إمكانياته.

* هل تعتبرون أن الجيش قادر على حماية البلد من خطر خارجي؟

- الجيش العراقي مهيّأ لعمليات أمن داخلية، يعني الجيش الآن يقدر أن يقوم بعمل شرطوي ، ليس لعمل دفاعي.

* برأيكم .. هل يمكن للاميركيين ان يتركوا العراق فعلاً؟

- انا استبعد ذلك، حاجة البلد الى جهد جوي وبحري قائمة، بدليل ان تقارير الاخوة في وزارة الدفاع تشير الى حاجة البلد للاميركيين على المدى المنظور ، ولكن ايضًا هذا الموضوع يعتمد على قرار الحكومة في ان تناقش هذا الملف، وهو اصلاً موجود في الاتفاقية الامنية وايضًا خاضع لقرار البرلمان طبعًا، أي تعديلات ستذهب للبرلمان وهذه الامور تحدد اهمية كيف تبني قدراتك في مجالات كثيرة.