تقول الشائعات إن وفودًا من كل أنحاء البلد تتجه صوب العاصمة الكوريّة الشماليّة بيونغ يانغ للمرة الأولى منذ 30 سنة لحضور مؤتمر الحزب الحاكم quot;حزب العمال في كورياquot; لكن لا أحد من المسؤولين الكبار في البلد قال متى سيعقد المؤتمر وكم يومًا سيستغرق أو ما هو جدول أعماله وما هي أهدافه.

إيلاف: في بلد شديد السرية والتعتيم مثل كوريا الشمالية، من المنتظر عقد أكبر مؤتمر سياسي فيه منذ العام 1980 من دون أن يكون هناك أي إعلان عنه، حيث ظل الموضوع مغلفًا بالغموض.

وتدور شائعات هذا الأسبوع عن أن وفودا من كل أنحاء البلد تتجه صوب العاصمة بيونغ يانغ للمرة الأولى منذ 30 سنة لحضور مؤتمر الحزب الحاكم quot;حزب العمال في كورياquot; لكن لا أحد من المسؤولين الكبار في البلد قال متى سيعقد المؤتمر وكم يومًا سيستغرق أو ما هو جدول أعماله وما هي أهدافه.

عند انعقاد المؤتمر الأخير العام 1980 كان الأب كيم إيل سونغ لا يزال حيًّا وكان الهدف منه ترسيخ موقع quot;القائد العزيزquot; باعتباره خليفة لـ quot;القائد العظيمquot;.

ويبدو الآن وبعد مرور ثلاثة عقود، أن جدول الأعمال هو نفسه الذي كان في المؤتمر السابق.

فحسب بيان صدر عن المكتب السياسي لحزب العمال سيسعى المؤتمر quot;لانتخاب الجهاز القيادي الأعلى ليعكس مطالب الحزب وتطور الثورةquot;.
وترجمة ذلك يعني أن quot;كيم يونغ إيل الذي يعاني من تدهور صحي بعد الجلطة الدماغية التي عانى منها في أغسطس 2008، قد بدأ يتحرك لضمان أخذ ابنه الثالث quot;كيم يونغ أنquot; مقاليد السلطة حال إعلان ذلك النظام عن موته.

ونقلا عن مجلة التايم الأميركية قال شيونغ سيونغ- شانغ الاستاذ المتقدم في معهد سيجونغ بالعاصمة سيول، والذي يعد من المعاهد الاستراتيجية في كوريا الجنوبية، إنه على الرغم من أن عملية نقل السلطة ظلت مطروحة لأكثر من 18 شهرا فإنه لم يتم التعرف عليها إلا بشكل ضئيل ،وما يعرف عن quot;كيم يونغ أنquot; لا يشكل إلا الشيء النزير، فهو في أواخر العشرينيات من عمره وكان قد درس في مدرسة داخلية بسويسرا حين كان صبيا.

ويؤمن معظم المحللين أن تهيئته للصعود إلى أعلى السلطات في بلده قد تم الإشراف عليها بواسطة وصي من نوع خاص: إنه عمه يانغ سونغ تايك.

وحسبما ذكر تشيونغ فإن quot;كيم يونغ أنquot; بدأ يلعب أدوارا في قسم السياسة العامة للجيش الكوري إضافة إلى وزارة أمن الدولة.
وهاتان المؤسستان هما أهم مركزين للسلطة في كوريا الشمالية. واضاف تشيونغ أن quot;الإنشاء السريع لتركيب معنيّ بنقل السلطة هو ذو علاقة وطيدة بالوضع الصحي غير المستقر لكيم يونغ إيلquot;.

وعلى الرغم من ترديد بعض المحللين بأن المؤتمر قد بدأ أعماله ابتداء من يوم الأربعاء فإن الشيء المهم بالنسبة للمراقبين هو معرفة ما إذا كان ابن كيم يونغ إيل سيمنح أي منصب جديد.

ويرى تشيونغ أن quot;كيم يونغ أنْquot; سيتم تعيينه أمينا للجنة المركزية لحزب العمال الكوري.

وقال هوانغ يانغ يوب أحد الهاربين من كوريا الشمالية إن أمناء اللجنة المركزية يمتلكون نفوذا كبيرا داخل النظام.

كذلك يتطلع المراقبون في الخارج لمعرفة إن كان كيم سيعطى موقعا قياديا في اللجنة العسكرية المركزية، بينما قال المحللون إن أيا من الموقعين وبالتأكيد كليهما سيشيران إلى أن توريث الحكم بدأ مساره في كوريا الشمالية.

ويرى المحللون أن إضافة مسؤوليات وخبرات جديدة لـ quot;كيم يونغ أنquot; خلال فترة تمتد لعدة سنوات هي الطريقة المعقولة الوحيدة لتهدئة شكوك أولئك المنتمين للنخبة الحاكمة بقدرات الشاب كيم على حكم البلد.

ومقارنة بما يتوقعه المراقبون أن يحدث لكيم الابن، فإن الأب كيم يونغ إيل قد عُيِّن أمينا للجنة حزب العمال المركزية وعضوا في اللجنة العسكرية المركزية عام 1980 خلال انعقاد المؤتمر السابق للحزب الحاكم. ولم يأخذ quot;القائد العزيزquot; مهام الحكم إلا بعد 14 سنة عند وفاة والده quot; القائد العظيمquot; كيم إيل سونغ.

من جانب آخر، أثارت زيارة زعيم كوريا الشمالية المفاجئة للصين الكثير من الافتراضات.

وجرت هذه الزيارة قبل عدة أسابيع وقابل كيم يونغ إيل هناك الرئيس الصيني هو ينتاو يوم 27 أغسطس.

ونشر الإعلام الصيني تقارير عن زيارات قام بها الزعيم الكوري لمصانع عديدة، وعبر عن اهتمامه في الكيفية التي جددت الصين الحياة في الجزء الشمالي الشرقي من البلد.

وإذا كان صعود quot;كيم يونغ أنquot; مؤشرًا على تطلعات الشباب في قيادة كوريا الشمالية مثلما يتكهن البعض فإنه سيدير البلد بطريقة أكثر برغماتية وأخيرا إزالة الآيديولوجية الاقتصادية المتزمتة التي ظلت تقود كوريا الشمالية إلى الفقر المدقع.

وإذا كان الأب كيم يونغ إيل قد زار الصين عدة مرات خلال السنوات الماضية فإنه كان دائما منذهلا لما حققه رفاقه في الحزب الشيوعي الصيني من انفتاح اقتصادي. وهم من جانبهم ظلوا يحثونه على تقليد تجربتهم لكن حال عودة quot;القائد العزيزquot; إلى بيونغ يانغ ينسى كل الحماس الذي شعر به داخل الصين للانجازات الاقتصادية العظمى التي تحققت هناك.

ولعل وصول الابن quot;كيم يونغ أنquot; إلى السلطة سيجلب معه تغييرات مختلفة .

لكن مزاعم أولئك الذين يرون أنهم يعرفون مرامي الخليفة المتوقع للزعيم الحالي ينسون حقيقة أن العائلة كيم تجلس حاليا على قمة بلد يعاني من ركود اقتصادي عميق، وأن هذا البلد كان حتى عقود قليلة مضت أكثر رفاهية وثراء من كوريا الجنوبية.

يمكن القول إن الشيء المؤكد الوحيد هو استمرار سلالة كيم في الحكم.