يشهد العراق بسبب الكمّ الهائل من السيارات من مختلف quot;الموديلاتquot; فوضى مرورية خانقة خصوصًا أنّ السائقين هناك ليسوا مجبرين على الاستظهار برخص قيادة كما هو معمول به في الدول الأخرى. والطريف أنّ العراقيين غيّروا الأسماء المتداولة لسياراتهم بأسماء شعبية تكشف عن شخصية السائق وخصائص سيارته.

بغداد: quot;الشارع العراقي لم يعد يطيق كتل الحديد المتلاطمةquot;، هكذا تحدث شرطي المرور حميد الخفاجي بقلق عن فوضى النقل في العراق .
وبالفعل، فالعراقيون ينظرون بقلق كبير إلى نتائج هذه الزخم الكبير من السيارات في المدن.

فمنذ عام 2003 استورد العراق أعدادا هائلة ومن كافة quot;الموديلاتquot; من وسائل النقل الحديثة والقديمة، حتى صار العراق مقبرة كبرى لسيارات الدول الأخرى القديمة في بدايات 2003 والأعوام التي تلته، لكن السنتين الأخيرتين شهدتا قدوم سيارات حديثة وبأسعار مناسبة قياسًا بالدول المجاورة.

وبحسب كريم شندل صاحب معرض سيارات quot;البرقquot; فإن الفرد العراقي بدا اليوم قادرًا على اقتناء السيارات الحديثة، بل إن هناك سوقا جيدا لها اليوم في مختلف المدن.

وقال وائل عبد الحميد احد تجار السيارات إن استيراد السيارات من كل المناشئ عن طريق تجار أو وكلاء في الدول المجاورة مثل الأردن حيث السوق الحرة أو اليابان أو السعودية أو الكويت وغيرها، أحدث في العراق تراكمًا بدأ يظهر هذا العام حيث شهد السوق عدًا عكسيًّا في المبيعات بسبب التضخم.

ويجد اغلب تجار العراق في كردستان سوقا واعدة بسبب استتباب الأمن مما يسهل عمليات التسويق ، ويفضل أكراد العراق سيارات quot;اوبل فيكتراquot;، في حين يفضل عراقيو الوسط والجنوب السيارات الواسعة المكيفة وسيارات الحمل.

وخلال الأعوام 2004 و2003 راجت تجارة السيارات عبر الحدود السورية العراقية حيث
تشتري عصابات وجماعات مسلحة السيارات القديمة من تجار عراقيين يقيمون في سوريا بأسعار زهيدة، لتستخدمها تلك الجماعات في الأعمال المسلحة وأعمال التفخيخ أيضا.

واضطر رجال دين عراقيون إلى إصدار فتوى تحرم بيع السيارات لتلك العصابات.

وكانت شوارع العراق قبل 2003، خالية من السيارات الحديثة بسبب الحروب والحصار الاقتصادي، وكان اقتناء سيارة حديثة حلمًا صعب المنال بل صار سعر السيارة مساويا لأسعار العقارات، بينما سعر بيت واحد اليوم يجلب عشرات السيارات.

ويرى الخبير الاقتصادي حسن المروة أن تحسن القوة الشرائية للمواطنين وارتفاع مداخيل الفرد أسهم في ازدهار تجارة السيارات الحديثة حيث يقبل العراقيون اليوم على اقتناء ماركات quot;بيجوquot; وquot;رينوquot; وquot;كياquot; وquot;هوندايquot; .

وبينما كنت السيارة قبل العام 2003 ترفًا، لا يقتنيها إلا الأغنياء ورجال السلطة فان تحسن الوضع الاقتصادي جعل في بيت العراقي أكثر من سيارة، لتصبح اليوم حاجة بعد أن أصبحت جزء من المظهر الاجتماعي.

وتتراوح أسعار السيارات من المليونين ونصف المليون إلى سبعين مليون عراقي حسب نوع السيارة وسنه الصنع والموديل، ويبيع أكثر التجار في العراق حاليا السيارات بالتقسيط.

ويسعى عراقيون أيضا للحصول على سيارتهم المفضلة من الشركة العامة للسيارات الواقعة شرق بغداد وهي شركه حكومية تستورد السيارات من كل المناشئ.

وعلى رغم العقبات فان بعض العراقيين تسلموا سياراتهم من الشركة بعد مضي شهر واحد أو ثلاثة أشهر.

ويلعب استقرار الدولار الأميركي والدينار العراقي دورا مهما في تحديد ثمن السيارة .

وبين سيارات يصل ثمنها إلى ألف وثمانمائة دولار فان سيارات مثل quot;الهمرquot; وquot;الجا كورquot; وquot;الاكسنتquot; وquot;الكياquot; و quot;باجيروquot; تصل أسعارها إلى خمسة وستين ألف دولار .

يقول عبد الحسين الجبوري لـquot;إيلافquot; وهو تاجر سيارات: السيارة الحديثة مازالت إلى الآن مصدر قلق بسبب أعمال العنف وحالات السلب الموجودة، لكن تحسن الوضع الأمني أسهم في رواج السيارات باهضة الثمن.

ويعيب المهندس سليم حسين على آلية استيراد السيارات التي أضحت ارتجالية من دون تخطيط، لان الجهات المعنية فتحت الأبواب مشرعة لاستيراد وسائط نقل من مختلف المناشيء من دون أن يصاحب ذلك تنظيم لحركة المرور وتوسيع للشوارع وتهيئة الأرضية المناسبة، وما رافق ذلك من أزمات مرورية زادت من تفاقمها شح البنزين حين يضطر المواطن العراقي إلى الانتظار ساعات طويلة لغرض ملأ خزان سيارته بالوقود .

ومنذ العام 2008 منعت الحكومة العراقية استيراد الموديلات القديمة واشترطت تسقيط السيارة القديمة ليضاف رقمها إلى السيارة الجديدة في محاولة للتخلص من الكم الهائل من السيارات.

وبحسب وسام رائد وهو ضابط مرور فان الجهات الحكومية لم تسيطر على الاستيراد، ومازال التجار أصحاب القرار الفصل في تحديد كمية ونوعية السيارات المستوردة.

ولعل من اغلب الظواهر التي رافقت فوضى استيراد السيارات، سيارات يابانية وأوربية مقودها على الجانب الأيمن وهذا مخالف للنظام المروري في العراق، لكن ميكانيكيين يحورون المقود إلى جهة اليسار، مما أدى إلى حوادث كثيرة بسبب هذا التحوير الذي يتم بشكل ارتجالي ومن دون دراسة علمية.

واغرب ما رافق استيراد الكم الهائل من وسائط النقل تلك الأسماء الغريبة للسيارت حيث بتداولها الشارع العراقي بشكل ملفت، فلم يستبدل العراقيون قطع السيارات فحسب بل quot;عرقنواquot; أسمائها في لغة شعبية متداولة تعبر عن شخصية مالك السيارة بل تتضمن توصيف دقيق للسيارة بحسب خاصية فيها من ناحية الشكل أو الأداء.

ومن الأسماء التي يطلقها العراقيون على السيارات المختلفة، ليلى علوي والبطة والكاسحة وسيناتور ورأس الثور والاقجم والغزالة والفارة و فلاونزا والقرش وغيرها.

وتسمى اللاندكروزر موديل99 فما فوق quot;مونيكاquot;، أما اللاندكروزر موديلات 90الى98 فيطلق عليها لقب ليلى علوي، لسعتها وخلفيتها الكبيرة.

ويطلق على كراون سوبر صالون موديل 93 فما فوق اسم أرنب لسرعتها ولانسيابيتها، أما كراون رويال صالون موديل 93 إلى 96 فلقبها بطة لتوازنها ،وBmw موديلات 94 إلى 2002 فاسمها الصقر لجرأتها في الشارع وهيبتها.

أما Bmw 7 موديل 2003 فما فوق فاسمها القرش لانسيابية قالبها، ويطلق على Pajero موديل 2002 فما فوق اسم عنكبوت لتقوس شكلها ورصانة حركتها.

ومن التسميات الغريبة (المسعدة) تويوتا ذات 14 راكبا والبزون والغواصة والبجعة (ميتسو بيشي ) 2008 والأخرى موديل 2007 تسمى (أسد بابل).

لكن هناك سيارات لم تتغير أسماءها ويفضل العراقيون تداول اسمها الأصلي مثل الفورت والرولزرويس والفيراري والكوبراو لامبور جيني والدوج وشوفرليت و الهونداي ووالمسيوبوشي والكيا والسبب يعود بحسب تاجر السيارات على شاكر إلى أنها quot;ماركاتquot;
معروفة تعوّد العراقيون النطق بها لسهولتها، إضافة إلى كونها أسماء عالمية مشهورة حيث يصل سعر الواحدة منها في السوق العراقي إلى ستين مليون وأكثر.

ويطلق العراقيون على أنواع أخرى من وسائل النقل اسم الكوبرا والديناصور والخرسة بسبب نعومة صوت محركها، أما quot;القجمهquot; فنالت اللقب عن جدارة لأنها من دون quot;مقدمةquot;.وهناك أيضا سيارات بنجو وسيارة الجيب وسيارة إلام بي دبليو وquot;أم عليوي quot;
وهي سيارة مصنوع هيكلها من خشب الصاج.

المشكلة المروية الكبرى في العراق هو في رجوع البلد إلى مصاف الدول المتخلفة في هذا المجال ، حيث أصبح من الدول القلائل بل ربما الدولة الوحيدة في العالم التي يستثنى سائقو السيارات فيها من إجازات المرور بعد أن كان من أوائل الدول التي دخلت فيها السيارة كوسيلة نقل، وما صاحب ذلك من انضباط مروري كان تفتقر له الكثير من الدول.