رئيس أمن حزب الله وفيق صفا (يسار) والنائب اللبناني عاصم قانصو في بيت جميل السيد أمس. أ ف ب

طغت عودة المدير العام السابق للأمن العام جميل السيد إلى لبنان أمس على الساحة اللبنانيّة حيث استقبلته شخصيات حزبية معارضة بينهم نواب في حزب الله قبل أن يرافقوه في مواكب أمنية ألى منزله. وأعلن السيد اليوم أن ملاحقته قضائياً لم تعد قانونية لأن المدعي العام هو quot;خصمه الشخصيquot;

بيروت: أعلن المدير العام للأمن العام السابق في لبنان جميل السيد الأحد أن الملاحقات القضائيّة الصادرة بحقه بتهمة توجيه تهديدات الى رئيس الحكومة سعد الحريري quot;لم تعد جائزة قانوناquot;، ووصف الاستقبال الذي حظي به في مطار بيروت السبت خصوصا من جانب حزب الله بأنه quot;دعم سياسي وشعبيquot;.

وقال السيد في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية الاحد quot;انا تحت القانون لكن باعتبار انني كنت في الماضي اقمت دعاوى بحق المدعي العام التمييزي سعيد ميرزا في موضوع تورطه في قضية شهود الزور، تكف يد هذا القاضي تلقائيا عن اي اجراء يتعلق بي لوجود خصومة شخصية بيني وبينه. هذا موجود في القانون اللبناني والدوليquot;.

وجميل السيد هو أحد الضباط الاربعة الذين سجنوا في آب/اغسطس 2005 في اطار التحقيق في اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، والد سعد الحريري. وقد افرج عن الضباط الاربعة في نيسان/ أبريل 2009 بقرار من المحكمة الخاصة بلبنان في لاهاي التي تنظر في ملف اغتيال الحريري، بسبب عدم وجود quot;عناصر اثبات كافيةquot;.

واوضح انه تقدم الجمعة quot;بمراجعة امام الغرفة الجزائية لدى محكمة التمييز طالبا تنحية القاضي ميرزا وانا في انتظار صدور القرارquot;. وتابع السيد quot;المدعي العام هو خصمي الشخصي وقد تقدمت بالوثائق التي تثبت ذلك، وبالتالي فان كل الاجراءات الصادرة عنه بما فيها التبليغ لم يعد جائزا حكما بحسب القانونquot;.

ماذا يتوقع المواطن في لبنان وهل احتمال الحرب وارد؟

وجاء هذا التبليغ بناء على كتاب تسلمه النائب العام التمييزي سعيد ميرزا من وزير العدل ابراهيم نجار طلب فيه quot;تحريك دعوى الحق العام في حق جميل السيد، في موضوع تهديد امن الدولة والنيل من دستورها وتهديد رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري والتهجم عليه وعلى القضاء واجهزة الدولةquot;. واحال ميرزا الكتاب على قسم المباحث الجنائية المركزية في قصر العدل طالبا دعوة السيد للتحقيق معه.

وقامت بالفعل عناصر من قسم المباحث بزيارة منزل السيد الاربعاء الماضي لابلاغه بموعد حضوره امام هذا القسم للتحقيق معه في موضوع quot;التهديداتquot; التي وجهها الى رئيس الحكومة سعد الحريري. وقال مصدر قضائي الخميس الماضي انه تبين ان اللواء السيد quot;موجود مع عائلته خارج لبنانquot; وتقرر ان quot;يبلغ بحسب الاصول بعد عودته الى لبنان، موعد حضوره امام قسم المباحث للتحقيق معهquot;.

يذكر أن مدير عام قوى الامن الداخلي اللواء أشرف ريفي رد على هجوم السيد، فتوجه إليه في بيان بالقول: quot;السجن لك ولأمثالك وللقتلة الذين تحميهم. سعيد ميرزا ووسام الحسن يستحقان الأوسمة على صدورهم لدورهم في قضية الشهداء، لن ينفع صراخكم وعويلكم في قضية ثانوية تافهة لحجب انظارنا وانظار الشرفاء عن القضية المركزية الاساسية وهي قضية اغتيال الشهداءquot;.

وعاد السيد الى لبنان السبت حيث استقبلته شخصيات حزبية معارضة بينهم مسؤولون ونواب في حزب الله في مطار بيروت الدولي قبل ان يرافقوه في مواكب امنية الى منزله. وأكد السيد انه quot;لم يبلغ بعدquot; باي موعد للمثول امام القضاء بشأن تهمة quot;التهديداتquot;.

ووصف السيد الاستقبال الذي حظي به في مطار بيروت السبت بانه كان quot;دعما للقانون من خلال الدعم السياسي والشعبي بعدما يئست من ان يقوم سعد الحريري بمحاسبة شهود الزورquot;. واضاف quot;خمس سنوات وانا اطالب بمحاسبة شهود الزور عبر القانون، لكن يبدو انك عندما تلجأ الى القانون في بلد مثل لبنان فان المسؤولين في الدولة يستخفون بك الا اذا كان معك دعم سياسي وشعبيquot;.

ويتهم السيد، وكذلك حزب الله وحلفاؤه، قريبين من الحريري ب quot;فبركةquot; ادلة استنادا الى شهادات زور. وطلب حزب الله تكرارا احالة هؤلاء الاشخاص على القضاء. وحاول السيد التخفيف من وطأة التصريحات التي ادلى بها السبت بعيد وصوله الى مطار بيروت وقال فيها quot;كلما منعتم القانون سنحاسب شهود الزور في الشارع وهذه هي معادلتناquot;.

وقال الاحد quot;انا ابن الدولة وخدمت فيها اربعين سنة وبالتالي انا احتكم الى المؤسسات (...) قلت فقط ان هناك طبقة سياسية اخترعت شهود الزور (...) ويحق للمواطنين استخدام كل مظاهر التعبير والاحتجاج والتظاهر في الشارع ضد هذه الطبقة كما يحصل في كل البلدان الديموقراطيةquot;.

واعتبر السيد ان الملاحقات القضائية التي اطلقت ضده جاءت نتيجة quot;ضغوط سياسية تمت ممارستها على وزير العدل الدكتور ابراهيم نجار علما ان هذا الوزير يسعى في معظم الاحيان ليبقى ضمن دائرة اطار القانونquot;. وكان السيد قال في مؤتمر صحافي عقده في الثاني عشر من ايلول/سبتمبر الحالي quot;اقسم يا سعد الحريري اذا لم تعطني حقي سآخذ حقي بيديquot; وهو ما اعتبر quot;تهديداquot; بحق رئيس الحكومة.

هذا وأصدرت الأمانة العامة لقوى 14 آذار بيانًا أعلنت فيه أنه quot;في ضوء التطورات الخطيرة التي حصلت في الساعات الماضية، لا سيّما قيام quot;حزب اللهquot; باستباحة مطار رفيق الحريري الدولي عسكريًا وأمنيًا، عقدت الأمانة العامة لقوى 14 آذار اجتماعاً طارئاً مساء اليوم تدارست فيه الإنقلاب المتمادي على الدولة ومؤسساتها، وقررت متابعة البحث في اجتماعات أخرىquot;. ونقلت أوساط رئيس الحكومة أن quot;الحريري قدّم كل ما يمكن تقديمه ولن يتهرّب من المواجهة إذا ما فُرضت عليهquot;، وأن quot;رئيس الحكومة لن يقبل بغرز مسامير إضافية في نعش الدولةquot;.

من جانبه شن النائب محمد كبارة الاحد حملة عنيفة على حزب الله مؤكدا ان من يعتبر المحكمة الخاصة بلبنان quot;عدوة له فنحن نعتبره عدوا لناquot;، ودعا رئيس الوزراء الى quot;الدفاع عن كرامة الطائفة السنيةquot;. وقال كبارة الذي ينتمي الى كتلة quot;تيار المستقبلquot; النيابية بزعامة الحريري ان quot;اعداء الحقيقة والعدالة، اي حزب ايران وملحقاته، اسقطوا الدولة اللبنانية تمهيدا لاسقاط المحكمة الدوليةquot;.

واعتبر في مؤتمر صحافي عقده في طرابلس (شمال) في حضور عدد من رجال الدين السنة ان quot;كل من يعتبر المحكمة عدوة له فنحن نعتبره عدوا لنا (...) ومن هو ضد الدولة فليغادر الحكومة كائنا من كانquot;. واكد ان quot;الحرب بدأت على الدولة والسلطة والشعب الحر فاستعدوا لمواجهتها بالوحدةquot;.

ويطغى التشنج السياسي مجددا على الوضع اللبناني على خلفية تصعيد حزب الله حملته الهادفة الى تعطيل المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، ووسط تحذيرات من quot;فتنةquot; واحداث امنية في البلاد.

وحذر النائب حسن فضل الله المنتمي الى حزب الله السبت من quot;فتنة ربما لم يشهدها لبنان من قبلquot; وذلك على خلفية استدعاء القضاء جميل السيد للتحقيق معه. وكان الامين العام لحزب الله حسن نصر الله اعلن في تموز/يوليو انه يتوقع ان توجه المحكمة الدولية الاتهام بمقتل الحريري الى عناصر من حزبه. وبدأ الحزب منذ ذلك الحين حملة تدرجت صعودا ضد المحكمة متهما اياها بانها مسيسة.

واضاف كبارة ان quot;من يتعرض لزعيم السنة او مقام رئاسة مجلس الوزراء بالتهديد سترد عليه الطائفة السنية بتهذيب لسانه ولن يكون التهذيب بيدها حتما (...) ندعو دولة الرئيس سعد الحريري الى تبني هذا النهج علنا دفاعا عن الشرف الوطني وعن كرامة الطائفة السنيةquot;.

ويشير كبارة في كلامه الى المدير العام السابق للامن العام اللواء جميل السيد الذي كان هاجم الحريري في مؤتمر صحافي الاحد الماضي، طلب بعده وزير العدل اللبناني من النيابة العامة تحريك دعوى الحق العام في حق السيد بسبب quot;تهديدهquot; الحريري quot;وامن الدولةquot;.

بالمقابل اتهم رئيس الكتلة النيابية لحزب الله محمد رعد قوى الرابع عشر من اذار/مارس بالعمل على quot;الاثارة المذهبيةquot; في رد غير مباشر على النائب كبارة. وقال رعد حسب ما نقلت عنه الوكالة الوطنية للاعلام الرسمية quot;نحن اليوم نواجه حفلة من الصخب السياسي ونستشعر من خلالها حفلة جنون اضافية سيشهدها الوطن خلال الايام والاسابيع المقبلة نتيجة افلاس منطق البعض في مواجهة الحقائق والوقائعquot;.

وتابع quot;حين يتدنى الخطاب السياسي الوطني الى مستوى الاثارة المذهبية الضيقة، فذلك مؤشر لافلاس ومستوى الافلاس الذي وصل اليه هؤلاءquot; في اشارة الى قوى الرابع عشر من اذار/مارس التي تشكل الاكثرية.