جرار يشق الطريق بين حقول الذرة
أدت الأمطار والفيضانات الأخيرة في باكستان إلى كارثة إنسانية ستحتاج إلى وقت طويل لمعالجتها. ومن أضرار هذه الكارثة أنها خلفت أثرا على كل منطقة من المناطق الباكستانية؛ إلا أن حجم هذا الأثر يختلف من مكان إلى آخر.

أغرقت الفيضانت آلاف القرى والمئات من المدن الصغيرة والكبيرة في جنوب باكستان،وتسببت في انجرافات أرضية في الشمال، مما أدى لقطع الطرق. وهذا ما أدى إلى نشوء حالة من المجاعة والقحط في بعض المناطق جراء انتهاء المواد الغذائية وعدم توافر وسائل نقل تلك المواد إلى المناطق النائية الوعرة.


قامت quot;إيلافquot; بجولة ميدانية في وادي نيلم التابع لـquot;كشمير الحرةquot; لتطلع على المشاكل التي عانى منها ساكنيه جراء الفيضانات والأمطار، علما أن هذه المنطقة من المناطق التي تضررت من الزلزال المدمر لعام 2005.

يبدأ وادي نيلم من مدينة مظفر آباد عاصمة كشمير الحرة وينتهي إلى الحدود بين كشمير المحتلة والحرة ووادي أستور التابع لمنطقة كلكت بلتستان في الشمال. وإجمالي طوله نحو 250 كلم. وهذا الوادي من أجمل مناطق كشمير الحرة إذ أنه يملك جمالا طبيعيا خلابا بسبب غاباته الكثيفة وجبالها الشامخة ومياه نهر نيلم الصافية والذي يجري من أعلى الوادي إلى أسفله ويفقد اسمه بعد انصبابه في نهر جهلم وسط مدينة مظفر آباد. كما وأنه يشتهر باخضراره إذ لا يوجد أي مكان لا ينبت فيه العشب خلال الصيف، بينما تكسو المناطق الشمالية منه ملابس الثلوج البيضاء شتاء.

مراسل إيلاف خلال سفره إلى نيلم
وشهد وادي نيلم فيضانات شديدة؛ إلا أن الخسائر في الأرواح كانت قليلة، في حين تسببت الفيضانات في انجراف الطرق بين مدينة مظفر آباد وأتمقام التي تبتعد عن العاصمة بنحو 80 كلم. ومما يثير الحزن هو أنه لا يوجد أي اخضرار على الجانب الشرقي من نهر نيلم بين مظفر آباد ومنطقة كهوري ndash; على مسافة نحو ساعة من مظفر آباد- بسبب الانجرافات الأرضية الشديدة. وقد تمكنت السلطات المعنية من فتح الطريق أخيرا وذلك أيضا فقط لتمكين سيارة واحدة من المرور.

ويشير أحد المقاولين في قطاع بناء الطرق خلال حديث خاص مع إيلاف إلى أن عملية إعادة بناء الطرق المدمرة ستحتاج إلى وقت طويل وميزانيات هائلة، مضيفا أن الشركات الصينية التي جاءت هنا لبناء الطرق إثر زلزال عام 2005م قد تغادر المنطقة بسبب الخسائر الهائلة التي أصابتها إذ الأمطار انجرفت بمعظم الطرق التي قامت تلك الشركات بإعادة بنائها خلال السنوات الثلاثة الماضية.

ولم تتسبب الفيضانات في الخسائر الكبيرة في المناطق الشمالية من الوادي؛ إلا أن معاناة المواطنين هنا لم تكن أقل من أي منطقة أخرى. وفي هذا الصدد يذكر أحد المواطنين معاناة أهالي المنطقة ليقول: quot;انتهى كل شيء. انتهى الطحين والسكر والزيت والأدوية. وبعض الناس قد اضطروا لفرض صيغة ترشيدية للطعام في البيت يطبخون أخبزة معدودة ويوزعونها على الأطفال والكبارquot;، فيما يشير مواطن آخر إلى أنهم اضطروا لشراء المواد الغذائية بأضعاف الأسعار العادية. كما وأن البعض اجتازوا الجبال بين كشمير الحرة وأستور لجلب المواد الغذائية من هناك أيضا، بسبب انسداد طريق مظفر آباد.

منظر لقرية بهولاواي بوادي نيلم

ويستذكر سمندر خان وهو أستاذ في كلية رسمية بوادي نيلم ما جرى في قريته quot;كيلquot; ويقول: شهدنا بأم عيوننا ما فعل أحد روافد نهر نيلم. كان النهر يجري هنا أحيانا وهناك أحيانا أخرى. قضينا يومين ونحن على مضض ونخاف أن يجرف النهر بالقرية كاملةquot;. ويذكر أن نهر quot; شونترquot; دمر مناطق واسعة من منطقة quot;كيلquot; حتى لم يعد لطريق كيل-تاوبت أي أثر بعد الفيضانات. وأخيرا اضطر الجيش لشق طريق بين حقول خضراء للذرة لتمرير المواد الغذائية إلى المناطق العليا من الوادي.

وصرح نوشيروان خان مدير بقالة المواد الغذائية التابعة للحكومة في قرية quot;بهولاوايquot; بأن الحكومة لم تقصر في نقل المواد الغذائية إلى المنطقة إلا أن المعاناة كانت أكبر حجما من الإجراءات الحكومية، مضيفا أنه تم نقل كيس واحد من الطحين بأجرة تساوي 250 روبية بينما سعر الكيس 700 روبية، مع دفع الأجرة من حساب الدولة.

كما وأن المواد الإغاثية من جانب المجتمع الدولي بدأت تصل إلى المنطقة أخيرا. وقد شهدت إيلاف أكياس طحين من ضمن المساعدات السعودية - التي تم توزيعها عن طريق منظمة الأغذية الدولية التابعة للأمم المتحدة- في منطقة quot;كيلquot;.

والمناطق التي لم تتضرر من الفيضانات تضررت بارتفاع أسعار الحوائج اليومية مما دفع المواطنين إلى بيع أغراضهم ومواشيهم بسعر بخس مع شدة حاجتهم إليها أكثر من الآخرين وذلك لسد رمق الحياة.

إلى ذلك ويؤكد أهالي المنطقة أن المحاصيل الزراعية هذا العام لن تكون على ما يرام. وذلك بسبب كثرة هطول الأمطار، في حين يشير أهالي المنطقة إلى أن المحاصيل لن تؤتي أكلها إذا جاء الشتاء مسرعا وقد تتعرض المنطقة لشح شديد في المواد الغذائية.