عزا غالبيّة قراء quot;إيلافquot; (69.93 بالمائة) ممّن شاركوا في الاستفتاء الأسبوعي أسباب عودة نشاط تنظيم القاعدة في كلّ من اليمن والعراق والمنطقة المغاربيّة إلى ضعف الأجهزة الأمنيّة. وكشفت نتائج الاستفتاء عن عدم رضا المُصوتين على طريقة تعاطي الحكومات مع تنامي خطر القاعدة.

إيلاف: يُجمع المتابعون لنشاطات quot;تنظيم القاعدةquot; العسكريّة على القول بأنّ هذا التنظيم بات يعيش حالة من الانتعاش تجلّت في تنامي عملياته ونشاطاته وقدراته القتاليّة في عدد من الدّول العربيّة والإسلامية.

ولئنّ ظلت التقارير الإعلامية والاستخباراتيّة تتحدّث لفترة طويلة عن تمركز قوة تنظيم القاعدة في شبه القارة الهنديّة وأفغانستان حيث ينشط بشكل مكثّف في منطقة القبائل والحدود بين باكستان وأفغانستان بعد الضربات المتتالية والموجعة التي تلقاها نتيجة تضافر المجهود الدوليّ للإجهاز عليه، فإنّ متابعة ما يثيره هذا التنظيم من مخاوف جمّة تكاد تنحصر اليوم في اليمن والعراق، ومنطقة المغرب العربيّ التي اكتسحها منذ سنوات قليلة.

ففي العراق يجمع المراقبون أنّ عودة الإرهاب باتت أكثر وضوحا منذ اغتيال قيادات القاعدة في بلاد الرافدين أبو أيوب المصريّ وأبي عمر البغداديّ في 18 أبريل/نيسان الماضي في عملية أميركية عراقيّة مشتركة في بلدة الثرثار شمال بغداد.

وفي اليمن، تكافح الحكومة خطر القاعدة الذي طغت أخبار القتال ضدّ عناصره على أخبار الصراع مع متمردي الحراك الجنوبيّ والحوثيين والانفصاليين التي ظلت تستحوذ لوقت قريب على اهتمام الإعلام والمجتمع الدوليّ.

أما في منطقة المغرب العربيّ، فقد أضاف تنظيم quot;الجماعة السلفية للدعوة والقتالquot; الجزائريّ المزيد من المشاكل والاضطرابات بإعلانه تغيير اسمه إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ومبايعة زعيمه التاريخيّ أسامة بن لادن.

أبرز عمليَّات تنظيم القاعدة في اليمن

وكالات

وأطلقت قيادة quot;القاعدة في المغرب الإسلاميquot; الضوء الأخضر لعناصرها لاستهداف القوات الحكومية والجيش والشرطة في كلّ من الجزائر وموريتانيا، كما أطلقت العنان لهم لاختطاف المواطنين الأجانب والتفاوض مع الغربيين من أجل إطلاق سراح المخطوفين مقابل الفدى، وهو ما تكرّر حصوله خلال الأشهر الأخيرة، في حين تدفع كل من فرنسا واسبانيا ومالي والجزائر وموريتانيا ضريبة هذا النشاط المتزايد للتنظيم.

وعلى الرغم من الاتفاق حول انتعاشة quot;تنظيم القاعدةquot; وعودته القويّة إلى واجهة الأحداث في المنطقة العربيّة، إلا أنّ الاختلاف ظلّ كامنا في تحديد أسباب هذه الانتعاشة.

ومع احتدام الجدل والاختلاف حول أسباب عودة نشاط القاعدة، خيّرت quot;إيلافquot; استفتاء قرائها طوال الأسبوع الماضي لرصد الأسباب الحقيقيّة التي يرونها الأقرب للتصديق والتبنّي تجاه هذه المسألة التي باتت تثير المخاوف.

قدّمت quot;إيلافquot; لقرائها ثلاث احتمالات للإجابة عن سؤال quot;أسباب عودة نشاط تنظيم القاعدة في العراق واليمن والمغرب العربيquot;.
وانحازت الغالبية المطلقة من قراء quot;إيلافquot; الذين شاركوا في التصويت إلى السبب الأوّل الذي يعزو عودة نشاط القاعدة إلى ضعف الأجهزة الأمنيَّة في الدول المستهدفة.

ويرى 69.93 بالمائة من المُستفتين أي ما يقارب 3918 صوتا من مجموع 5603 مُصوّتا أنّ القاعدة تستغلّ ضعف الأجهزة الأمنيّة لتعيد تنظيم صفوفها وشنّ المزيد من العمليات.

وأرجع 22.49 بالمائة من المشاركين في استفتاء quot;إيلافquot; الأسبوعيّ أسباب عودة نشاط القاعدة إلى القول بتنامي شعبيّة التنظيم في عدد من الدّول، وبلغ عدد متبنّي هذا الرأي الـ 1260 صوتا.

ولم ينل الاحتمال القائل بقوّة التنظيم العسكريّة كسبب لعودة نشاطاته في اليمن والعراق والمغرب العربيّ، سوى 7.59 بالمائة من مجموع من صوتوا أي 425 صوتا فقط.

فلسفة quot;الجيوش النظاميةquot; لا تنفع مع القاعدة

تكشف نتائج استفتاء quot;إيلافquot; مرّة أخرى عن نوعيّة القراء المعُلقين والمصوتين، ويبدو أننا أمام شريحة متباينة أشدّ التباين من المُصوتين رغم أنّ غالبيتهم المطلقة انحازت إلى رأي واحد يقول إنّ ضعف الأجهزة الأمنية في الدول المستهدفة بنشاط القاعدة هو السبب وراء عودة نشاطه المكثّف.

وتتناغم نتائج الاستفتاء مع التحذيرات التي أطلقت وتُطلق عربيّا وغربيّا حول ضعف الأجهزة الأمنية وتحديدا الاستخباراتيّة في دول المنطقة العربيّة مما يجعلها غير قادرة عن مجابهة تنظيم quot;هلاميّquot; كتنظيم القاعدة يعتمد حرب العصابات والكرّ والفرّ لا حرب الجيوش النظاميّة التي تدرّبت عليها الفرق الأمنية العربيّة.

ففي العراق، لطالما حذر المختصون والخبراء من أنّ قوات الشرطة والجيش العراقيين لا يتعاملان بنجاعة ولا يستفيدان من المجابهة مع القاعدة والجماعات المسلحة الإرهابية والمستمرة منذ سنوات.

ويقول مختصون أنّ الجيش العراقيّ والشرطة لا يتحركان عادة إلا بعد تنفيذ الهجمات الإرهابية، رغم الانتصارات العديدة التي تحققت هنا وهنالك.

فالقوات الأمنية لم تدرب على محاربة الإرهاب بالدرجة الأساس وإنما تدربت وانتشرت كقطعات في البلاد لحفظ الأمن،ولا يبدو أن الحكومتان العراقيّة واليمنيّة تسعيان لتشكيل وحدات خاصة لمحاربة الإرهاب تكون مدربة تدريبا جيدا وتعتمد بالأساس على المعلومة الاستخباراتية وتجميعها وتحليلها كما هو معمول به في الدول الغربيّة حيث للمعلومة الاستخبارية قيمتها الكبيرة في إحباط الأعمال الإرهابية أو التقليل من ضحاياها.

المزيد على quot;إيلافquot;:


تفاوض الغربيين مع quot;القاعدةquot; يعصف باتفاقية الجزائر

سفيان سي يوسف من الجزائر

قاعدة المغرب الإسلامي تتحرك في فضاء يتجاوز نصف مساحة أوروبا

إسماعيل دبارة من تونس

إجراءات احترازية ضد الإرهاب في اليمن

تداولوا في خطر القاعدة والانفصال وحقوق الإنسان

quot;أصدقاء اليمنquot; يحذرون من إمكانيّة انهيار البلد الأفقر عربيّا

أ. ف . ب

رئيس مؤتمر صحوة العراق يؤكد ضرورة حصر السلاح بيد الدولة:

لا خوف من القاعدة... إنما من عودة الميليشيات

صباح الخفاجي من بغداد

ويبدو واضحا للمتابعين لصراع القوات الحكوميّة في كلّ من العراق واليمن أنّ تلك القوات الأمنية لا زالت تستند إلى فلسفة quot;الجيش النظاميّquot; بالرغم أن المعركة مع تنظيم القاعدة أبعد ما يكون عن الحروب النظاميّة، فهي تواجه تنظيمات إرهابية سريعة التحرك تتخذ من السكان دروع لها، فتنظيم القاعدة له عناصر مدربة تدريبا جيدا ولا يعتمد على شخص مُعين بل يبحث دائما عن مفاجأة القوات الأمنية بتغيير أسلوبه في الهجمات وله الإمكانات المادية الكبيرة والذي يستطيع من خلالها استهداف المناطق وضربها ثم الاختفاء السريع.

وكانت عدة تقارير أمنية حذرت في السابق من أنّ quot;القاعدةquot; كتنظيم لا تُواجه ميدانيا بالانتشار الكثيف للقطعات العسكرية أو القوى الأمنية وهو التنظيم القادر على ضرب أشدّ المواقع تحصينا (المنطقة الخضراء في العراق وسفارات الدول الغربية في اليمن نموذجا) وإنما يواجه بتكتيك وسرعة لضربه في المناطق التي يتواجد فيها أو يتمتّع بدعم داخلها، وذلك بالاعتماد على المعلومة الاستخباراتية.

وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قد وجه في 7 يونيو الماضي انتقادات حادة لاستمرار ضعف المنافذ الحدودية العراقيّة مع دول الجوار الست مشيراً إلى افتقارها لأجهزة كشف المتفجرات، في حين حذر وزير داخليته في عدة مناسبات من ضعف التنسيق الاستخباراتيّ والاختراق الأمني الذي يستهدف المؤسسات العراقيّة من طرف القاعدة والميليشيات.

أما في منطقة المغرب العربيّ، فإنّ الوضع يبدو مختلفا بعض الشيء، فالتنظيم لا يضرب بالقوة التي يضرب فيها في اليمن والعراق، ولكنه اختار نهجا آخر لا يقلّ خطورة تجاه ضرب الأمن والسلم الاجتماعيين في تلك الدول.

وكان المحلّل المتخصّص في الشأن المغاربيّ رشيد خشانة قد ذكر في تصريحات لإيلاف أنّ الخبراء العسكريين في الغرب لا زالوا يشككون في قدرة القوات النظامية لبلدان المنطقة على احتواء خطر تنظيم quot;القاعدةquot; على رغم الإعتمادات الماليّة والبشريّة الهائلة التي تنفق لتعزيز جاهزيتها القتالية.

وقال رشيد خشانة:quot; من الصعب فعلا على قوات ضئيلة العدد وضعيفة التجهيز أن تلاحق عناصر الجماعات المسلحة التي تهيمن حاليا على منطقة تعادل مساحتها نصف مساحة أوروبا، وما الدعوات الأخيرة التي أطلقتها الحكومات والاستخبارات الغربية لرعاياها بتجنب زيارة الصحراء إلا دليل على عدم ثقة الأوروبيين والأميركيين في جهود القوات المحلية على ضبط الأمن ومجابهة هذا التنظيم عسكريّاquot;.

ويختلف مفهوم quot;ضعف الأجهزة الأمنيّةquot; بين الشرق والمغرب العربيّ، إذ أن المقصود بذلك في منطقة المغرب العربيّ هو ضعف التنسيق الأمني بين الدول وهو شكل آخر من أشكال ضعف الأجهزة الأمنيّة التي تجابه خطرا مشتركا.

وكان خبير أمني فرنسي اعترف في حوار صحيفة quot;لوفيغاروquot; الفرنسيّة، بضعف التنسيق الأمني بين فرنسا والجزائر في ما يخص محاربة تنظيم القاعدة في منطقة الساحل الصحراوي.

وأقرّ الخبير في مديرية الاستخبارات الخارجية الفرنسية بصعوبة التعاون الأمني بين الجزائر وفرنسا فيما يتعلق بملف مكافحة الإرهاب بمنطقة الساحل، بسبب تذبذب العلاقات السياسية بين الدولتين، قائلا quot;إن التعاون الأمني بين الجزائر وفرنسا ليس جيدا مقارنة بدول أخرى في منطقة الساحل على غرار مالي وموريتانيا في القضايا التي تخص اختطاف الرعايا الفرنسيين بالمنطقةquot;.

كذلك يوجد خلاف ثان حول محاربة تنظيم quot;القاعدة في بلاد المغرب الإسلاميquot; بين كل من الجزائر والمغرب حيث تشكو الرباط مما تعتبره تحييدا متعمدا لها من جهود محاربة التنظيم التي تحاول الجزائر تنسيقها مع دول الجوار عبر الاجتماعات الأمنية المتكررة التي لا تدعو المغرب لحضورها.

وللقفز على quot;الحليفquot; الجزائريّ صعب المراس ومتذبذب المواقف تجاه تدخل فرنسا في الحرب على القاعدة بالساحل الصحراوي، تمر باريس مباشرة إلى العمل العسكري الميداني عبر التعاون مع موريتانيا ومالي في القيام بهجمات على معاقل التنظيم بالصحراء على غرار الهجوم المشترك بشمال مالي في يوليو- تموز الماضي.

قوّة القاعدة

واستنادا إلى ما يكتب في الصحافة الغربيّة، خصوصا الفرنسيّة والأميركيّة والبريطانيّة، فإنّ ضعف الأجهزة الأمنيّة في دول مثل العراق واليمن والجزائر ومالي يجعل من العسير على تلك الحكومات أن تفهم نقاط قوة تنظيم القاعدة التي صوّت لها 7.59 بالمائة من المشاركين في استفتاء quot;إيلافquot; الأسبوعيّ.

وتتمثّل قوّة القاعدة أساسا في القدرة على المبادرة، إذ يستطيع تنظيم القاعدة تنفيذ الضربات الاستباقية ضد خصمه في العديد من أماكن العالم ولا يكتفي بالمناطق التي له فيها حضور.

كما يعتبر عامل المفاجأة أحد اشدّ أسلحة القاعدة فتكا. وتتمثل القدرة على المفاجأة، في أن تنظيم القاعدة بات قادرا على مباغتة خصومه في الأماكن العامة التي لا يجد فيها الملاحقة والمراقبة، ذلك لأن الأجهزة التي تلاحق عناصره لا تستطيع وضع كل المناطق تحت الرقابة.

ناهيك عن القدرة على تنويع مصادر الإمداد، وذلك عائد إلى تنوع جنسيات العناصر وبسبب تعدد الفروع فقد أصبح كل واحد من هذه الفروع قادراً على تنمية موارده الذاتية.

وربما تكون التقارير التي تتحدّث عن تحالف بين عصابات الجريمة المنظمة وتجار المخدرات في صحراء مالي والمغرب العربيّ مع القاعدة، أبرز دليل على فشل سياسات quot;تجفيف المنابعquot; التي لا تأخذ بعين الاعتبار حيوية التنظيم وقدرته على الالتفاف على ملاحقة مصادر تمويله.

للقاعدة حزام !

ولأنّ تنظيم القاعدة تحوّل منذ سنين إلى ظاهرة، فإنه بات من الصعب حصر أسباب استمرارية أية ظاهرة بعامل واحد.

ولا يمكن بأي حال اختزال عودة نشاط القاعدة في بعض الدول العربيّة بضعف الأجهزة الأمنية والاستخباراتيّة في تلك الدول.

22.49 بالمائة من المشاركين في الاستفتاء عزوا انتعاشة القاعدة إلى تنامي شعبيته، وربما لمتبنّي هذا الموقف حججهم القابلة للتصديق.

فعلى المستوى الفكري لا يمكن إنكار أنّ للقاعدة أنصار خصوصا في بعض المناطق الفقيرة في اليمن والعراق وصحراء إفريقيا.

ولا زالت quot;أيديولوجيا العنفquot; التي يمثلها هذا التنظيم الإرهابي قادرة على اختراق المجتمعات المختلفة والتغلغل في الكثير من المناطق.

ومن البديهيّ أن يكون للقاعدة التي تنشط بهذا الشكل المكثف حزام يدعم وجودها ويوفّر لها المخابئ الآمنة والمدد.

فتنظيم القاعدة أصبح فكرة قادرة على التوسع والانتشار أكثر منه هياكل تنظيمية محددة يمكن استهدافها والتصدي لها وضربها خصوصا وأنّ هذا التنظيم لا يزال متقدما على خصومه في توظيف التكنولوجيات الحديثة والانترنت لكسب الأنصار وتجديد عناصره وبثّ أفكاره المتشددة للشباب.

ورغم أهمية العمل العسكريّ ضد quot;القاعدةquot; إلا أنّ القتال قد لا يعني شيئا إن لم يرفق بمجابهة فكرية وثقافيّة، ففكرة quot;القاعدةquot; ما دامت قادرة على حشد المؤيدين والأتباع لا يمكن التفاؤل معها بمستقبل القضاء على هذا التنظيم الذي أثبتت التجارب انه قد ينسحب عن الأضواء لفترة لكنه سرعان ما يعود بشكل أقوى وأنجع وأكثر دمويّة.