لمتابعة آخر اخبار تونس أنقر على الصورة:

لم ينتظر التونسيون طويلاً حتى تمكنوا من ترجمة محلية لوثائق quot;ويكيليكسquot; الشهيرة، الخاصة ببلدهم، فحصيلة تونس من الوثائق كانت قليلة لكنها عميقة، ووصلت الى الشارع الذي يمكن القول إنه استند الى تقديرات تقول إن العالم لن يدافع عن نظام بن علي.


كرة اللهب التي كبرت وتدحرجت في عموم تونس أمس كشفت لكثيرين حول العالم بأن مستصغر الشرر يمكن أن يتحول الى حرائق كبيرة تجرف في طريقها أنظمة وحكومات وجنرالات، إن لم يوفقوا في تقدير الغضب الشعبي، وإستمروا في نظام القمع المدني والعسكري والأمني، فإحتجاجات تونس التي إنطلقت من quot;سيدي بوزيدquot; ولم تكن تستهدف إسقاط النظام بادئ الأمر، ولم تصل أغلب وقائعها للإعلام في بداياتها، جاءت تاليا لتسريب العديد من الوثائق الدبلوماسية الأميركية التي سربها الموقع الإلكتروني الشهير (ويكيليكس)، وهي تقارير صدمت التونسيين، وربما أملت تحركهم نحو التغيير والإصلاح.

ورغم قلة عدد الوثائق المتعلقة بتونس، والمنشورة في الموقع الدولي الشهير، إلا أن هذه الوثائق كانت غير مسبوقة لجهة عمقها ودلالاتها، بل وخطورتها، الأمر الذي دفع أجهزة الإستخبارات التونسية الى إغلاق المئات من المواقع الإلكترونية التي تناولت التقارير المتعلقة بتونس، وقررت حجبها عن التونسيين، فهده التقارير كشفت بأن الولايات المتحدة الأميركية المتهمة في أوساط الشعوب العربية بأنها المثبتة للقيادات والأنظمة العربية قد رفعت الغطاء عن النظام التونسي، وأبقته في مهب الريح بلا دعائم، إذ كشفت التقارير الصادرة عن السفارة الأميركية بأن النظام التونسي لم يعد يقبل النصائح لا الداخلية ولا الخارجية، وأنه لا يتعاطى مع الوصفات الدولية لتوفير الحد الأدنى من الإصلاح.

وكشفت هذه الوثائق بأن النظام التونسي لا يقبل مناقشة مسألة خلافة الرئيس المتغيب زين العابدين بن علي المتقدم في السن، والذي لم يجهز بديلا أو نائبا له، ويحكم البلاد المتعثرة سياسيا وإقتصاديا بقبضة أمنية تنذر بمخاطر بعيدة المدى، كما أن بن علي- والمضمون لوثائق ويكيليكس المسربة- يحيط نفسه بمافيا خطرة هي تجمع لأصدقاء وأقارب ومستشارين وجنرالات ورجال أعمال، يشكلون عنوان الفساد السياسي والمالي في الدولة التي تقوم بقمع جميع أصوات المعارضة وحركات الإصلاح السياسي.

وتطرقت تقارير ويكيليكس الى زوجة بن علي الثانية ليلى التي قامت باغتصاب ملكية العديد من الشركات والمشاريع الإقتصادية الناجحة، وقامت بزرع العديد من القيادات السياسية و الأمنية في مناصب عليا في حلقات القرار التونسي، وهو أمر ينظر إليه الشارع التونسي بغضب شديد، كما تطرقت الوثائق للقوة المتصاعدة لعقيلة بن علي، ونفوذها وتسلطها على القرار السياسي، وإمتلاكها القرار في المراحل التي يغيب فيها الرئيس عن المشهد اليومي بسبب نوبات المرض الغامض الذي لم تتسرب تفاصيله الى وسائل الإعلام، إذ يؤكد التونسيون في مجالسهم الخاصة الحيوية والشباب الذي يطبع شخصية بن علي للوهلة الأولى في إطلالاته تخفي خلفها أزمات صحية يتعرض لنوباتها بصفة متكررة.

وتشير التقديرات الى أن فشل النظام الرسمي التونسي في حجب معلومات ويكيليكس عن التونسيين، قد أكد القناعات لدى نخب الشارع التونسي بأن النظام التونسي بلا غطاء دولي، وأن المطالبة برحيل نظامه لن يحظى بمعارضة دولية، وهو الأمر الذي إستندت إليه النخب التونسية في بلورة رفض عارم لنظام بن علي الذي لم تفلح مسابقته للزمن في إنهاء الغضبالشعبي، وتقويض حركة الشارع، الذي رفض الغرق في قطرات الإصلاح التي أعلن عنها نظام بن علي على مدى اليومين الماضيين.

وجاء الموقف الأميركي السريع فيما كانت الطوافات تنقل بن علي الى طائرته الخاصة في مالطا، والمؤيد لحرية وكرامة الشعب التونسي وحقه في اختيار زعمائه، ترجمة حرفية لوثائقها الدبلوماسية المسربة عبر ويكيليكس، المتعلقة باستحالة نجاح وصفات ونصائح الإصلاح في تونس.