نظم التونسيون والعرب وبعض الأجانب السبت مظاهرة حاشدة في مدينة ميونيخ الألمانية لمؤازرة الشعب التونسي في ثورته الشعبية التي اسقطت الرئيس زين العابدين بن علي من سدة الحكم، ودعوا ابناء الشعوب العربية الأخرى الى التحرك والاقتداء بهذه التجربة.


صورة من التظاهرة- عدسة إيلاف

تونس: صباح مشرق وشمس دافئة تلك التي أحاطت بالمظاهرة الحاشدة التي نظمتها الجالية التونسية السبت في ميونيخ، فمنذ ساعات الصباح الأولي كان التوانسة وكثير من العرب الذين يعيشون في مدينة ميونيخ والمدن البافارية الأخرى يتدفقون بإتجاه القنصلية التونسية في ميونيخ للتجمع حيث بداية مظاهرتهم التي شقوا بها طريقهم باتجاه شارع شفانتلر شتراسة ثم شارع زندلنجر تور، وانتهي بهم المطاف في ميدان مارين بلاتز في وسط مدينة ميونيخ .

فرحة عارمة كانت تعلو وجوه المتظاهرين، من كل الأعمار ومن كل الفئات أطفال ونساء ورجال شاركوا في المظاهرة الحاشدة وبين الحين والحين يعلو صوتهم وهم يتغنون بابيات شاعر تونس الكبير أبو القاسم الشابي quot;إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر.. ولا بد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر.quot;

شعارات وهتافات حماسية وقوية جداً تنطلق من أفواه المقموعين والهاربين من ذل القمع الديكتاتوري، أما النساء المشاركات في المظاهرة فكانت أصواتهن ترتفع بالزغاريد في صورة تعبيرية جميلة عن الفرحة بالديمقراطية، كان ذلك يشد المشاهدين الألمان من علي جانبي الطريق، الجميع يتعانق والمصري والمغربي والجزائري يشاركون في المظاهرة فرحين باول ثورة شعبية عربية.

في شارع شفانتلر شتراسة اكتملت المظاهرة ووصل عدد المتظاهرين إلى الألاف يشقون طريقهم رافعين الأعلام والشعارات وزغاريد النساء ترتفع والجميع وكانوا يناشدون ابناء الدول العربية الأخرى في أن يهبوا ويقتدوا بالثورة الشعبية التونسية.

رغم تغطيتي للعديد من المظاهرات في ميونيخ إلا أنني لم أرى مظاهرة تسير بهذا الحماس منقطع النظير، وفرحة الحرية لدي المتظاهرين التي جسدتها هتافاتهم كانت فرحة حقيقية نابعة من اناس عانوا من كبت وقمع كبير.

يقول ناصر احد الشباب المشاركين في المظاهرة إنه يوم تاريخي ..لقد إنتفضنا الأن ويشير إلى المتظاهرين ويقول أنظر الي تلك الوجوه إنها تنطق بالفرحة ـ ويقول متظاهر آخر يحمل لافتة كبيرة خط عليها شكرا فايسبوك ويو تيوب يقول إنها الأدوات الجديدة التي يستخدمها الشباب الآن لفضح القمع والديكتاتوية، وهي قد أوصلت الي العالم كله حقيقة ما حدث في تونس مما أدى الى تعاطف المغتربين التونسيين في كل دول العالم مع شرارة الثورة.

تصل المظاهرة الي شارع زندلنجر تور أحد أهم شوارع ميونيخ، وما زالت الصيحات والهتافات تعلو وتزداد واسم الشاب الراحل بوعزيز صاحب عربة الخضار مفجر الثورة علي كل لسان وفي كل هتاف، ماتياس هو أحد الألمان الذين شاركوا في المظاهرة تعاطفا مع الحرية لتونس، اقترب منه واساله لماذا يشارك في تلك المظاهرة؟ يقول انني احب الثورات الشعبية المطالبة بالحرية واحب جيفارا وسوف اقوم بوضع صور هذه المظاهرة علي اليوتيوب فانا مع إنتفاضة تونس من أجل الحرية، لقد قدمت من مكان بعيد مع صديق للمشاركة في تلك المظاهرة، وارجو ان لا تتوقف وتستمر في باقي الدول العربية. اما علي فهو شاب تونسي يقول إنها انتفاضة تذكر بإنتفاضة رومانيا ضد شاوشيسكو وانتفاضة ايران ضد الشاه ويستطرد قائلاً quot;اننا خائفون من ان يتم سرقة الثورة بشكل او باخر من المتامرينquot;.

لم يتأخر علي ما يبدو احد في المشاركة في المظاهرة، طوال الطريق كانت شرطة ميونيخ تحمي المظاهرة وتفتح الطريق امامها في صورة حضارية مثالية، والناس علي جانبي الطريق يشاهدون صيحات الحرية والكل يرفع يديه بعلامة النصر مهنئين الشعب التونسي بالحرية.

اقترب من احد الألمان الذين يشاهدون المظاهرة من علي جانب الطريق وقد أخرج كاميرا وراح يلتقط صور لها وسألته عن مشاعره تجاه تلك المظاهرة الحاشدة، فاوضح انه يحب تونس وقد زارها مرات عديدة وهو يفهم مطالب الشعب في الحرية والديمقراطية، وهو يحب ان يرى تلك الروح التي تجعل الناس فرحين بالحرية، ويقول من المدهش ان الناس الذين يعيشون في المانيا هنا في مناخ ديمقراطي لم ينسوا بلادهم، واندهش لتفاعل هؤلاء الناس، وهم علي البعد البعيد مع حرية بلادهم.

تظل هكذا مدينة ميونيخ عنوان للتحضر والديمقراطية وصوتا للمقموعين والمضطهدين والمهمشين فطالما شهدت شوارعها مظاهرات لجاليات عديدة من دول اخري عانت شعوبها من نظم القمع والديكتاتورية.