يتّضح من وثيقة جديدة سربها موقع ويكيليكس أن مبعوثًا أميركيًّا عبّر خلال اجتماع دولي للخبراء النوويين عقد في فينيا عن اعتقاده بأنّ لدى إيران قدرة على إنتاج يورانيوم مخصب بدرجة عالية. وإن صحّ هذا التقدير فهو يثير تساؤلات عن جدوى العقوبات في حجب الخبرات والقدرات المطلوبة لإنتاج القنبلة النووية الإيرانية.


اعرب مسؤولون اميركيون عن اعتقادهم بأن لدى ايران الآن القدرة على انتاج يورانيوم مخصب بدرجة عالية، وبذلك تحقيق خطوة أساسية نحو بناء قنبلة نووية، كما افادت برقية مسربة على موقع ويكيليكس.

وقال مبعوث اميركي خلال اجتماع دولي للخبراء النوويين عقد في فيينا إن ايران تقوم الآن بتشغيل اجهزة طرد تمنحها القدرة التقنية على انتاج يورانيوم مرتفع التخصيب. وتكشف البرقية المسربة أن الاجتماع عُقد في نيسان/ابريل 2009 بضيافة السفير البريطاني في العاصمة النمساوية سايمون سمث.

ويأتي كشف البرقية في وقت تُستأنف اليوم الجمعة المحادثات بين ايران ومجموعة القوى الكبرى الست في اسطنبول لبحث البرنامج النووي الايراني. ولا يُنتظر من اجتماعات اسطنبول التي تستمر يومين ان تسفر عن اختراق.

ولكن الحكومات الغربية لا تتفق كلها مع الاستنتاج الاميركي الذي إذا ثبتت صحته يشير إلى فشل العقوبات الرامية الى حجب الخبرات والقدرات المطلوبة لانتاج قنبلة نووية عن ايران. ويعتبر انتاج يورانيوم على درجة عالية من التخصيب مرحلة حاسمة يتعين على كل دولة تطمح في انتاج قنبلة نووية أن تتخطاها أولاً.

وتبين البرقية أن الخبراء الذين اجتمعوا في فيينا من بريطانيا والولايات المتحدة وروسيا وفرنسا والصين والمانيا، لاحظوا أن ايران استهلكت تقريبًا كل الـ 531 طنًا من الكعكة الصفراء أو مسحوق اليورانيوم الذي اشترته من جنوب افريقيا في الثمانينات. وجاء في البرقية أن الفرنسيين اوضحوا أن مخزون ايران من اليورانيوم يتناقص وأن المتبقي منه يقل الآن عن 100 طن.

ولكن الخبراء البريطانيين ذهبوا الى ان التركيز على خام اليورانيوم ليس مجديًا لأن ايران استطاعت ان تحول كمية كافية منه الى غاز فلوريد اليورانيوم السداسي الذي يمكن تخصيبه في اجهزة الطرد وابقاء منشأة نطنز تعمل لسنوات قادمة. وتوصلت الحسابات البريطانية إلى أن إيران سيكون لديها من هذا الغاز 20 طًنا بحلول العام 2014، وهي كمية تكفي لانتاج 19 رأسًا نوويًا.

ويقول الخبراء البريطانيون الآن إن هذه التقديرات تتطلب الآن مراجعة باتجاه تخفيضها مشيرين الى ان العام الماضي كان كارثيا على منشأة نظنز التي استمرت اجهزة طردها في التعطل وتعين اغلاقها تماما لعدة ايام في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.

ويعود ذلك، من بين اسباب اخرى، الى فيروس ستاكسنت ولكن مسؤولين غربيين يقولون ان عمليات تخريبية أخرى تركت أثرها وكذلك التصميم الايراني الابتدائي والعتيق لأجهزة الطرد الايرانية. وتنصب الاستراتيجية الغربية الآن على تأخير التقدم الايراني وكسب الوقت بأمل ان يؤدي الضغط الاقتصادي في النهاية الى تغيير الموقف الايراني. ويؤكد مراقبون أن هذا التوجه حقق بعض النجاح أخيرًا مشيرين الى أن الفيروس ستاكسنت، الذي يُعتقد انه سلاح الكتروني اميركي/اسرائيلي، عطل انشطة تخصيب اليورانيوم الايرانية العام الماضي. وارتبطت عمليات تخريبية اخرى بالبحث عن مواطن ضعف في البرنامج الايراني ومحاولة تشديدها.

قدر اولي هاينونين، كبير المفتشين السابق في الوكالة الدولية للطاقة الذرية والباحث حاليا في جامعة هارفرد، ان لدى ايران ما يكفي لتصنيع 12 الف جهاز طرد مستندًا في تقديره الى مشتريات ايران من الخارج. ويتفق بعض المسؤولين الاوروبيين مع هذا التخمين.

وإذا صح ذلك تكون ايران قد استخدمت كل مكونات الأجهزة تقريبًا وصنعت منها 11 الف جهاز منها 2000 عاطلة عن العمل و5000 أخرى اصبحت خارج الخدمة. ويُبقي هذا 4000 جهاز فقط تعمل على تخصيب اليورانيوم في نطنز.

ويعترف مسؤولون غربيون بأن ايران ستجد طريقة لتفادي أي محاولة تهدف الى وقف برنامجها. وان ما يمكن عمله في احسن الأحوال هو تأخير البرنامج الذي يتوقف مصيره في نهاية المطاف على قرار القيادة الايرانية.