تشير تقارير إلى أن المجتمع السياسي السوري الذي كُبّلت يداه لعقود، سيكشف عن وجهه الحقيقي وستنشأ من صلبه حكومة وقوى معارضة جديدة بعد إسقاط النظام. هذا لن يكون كانبعاث طائر الفينيق من الرماد، بل ظهور مجتمع كان قابعاً تحت القمع والعنف ليجد طريقه بعد فترة ظلام طويلة.

معارضون سوريون في اليونانيلوّحون بالعلم

بيروت: اعتبرت صحيفة الـ quot;غارديانquot; البريطانية أن المجتمع السياسي في سوريا لن يكشف عن وجهه الحقيقي إلا عند رحيل نظام الرئيس السوري بشار الأسد، مشددة على أن هذا المجتمع بحاجة إلى الدعم اللازم الذي يؤهله لإدراك مكانته.

ورأت الصحيفة أنه من quot;غير العادلquot; استخدام مصطلح quot;المعارضةquot; لوصف الشعب السوري الذي يثور ضد نظام الرئيس بشار الأسد، مشيرة إلى أن ما بات يطلق عليه quot;معارضةquot; هو المجتمع السياسي في سوريا الذي كُبلت أياديه على مدار عقود طويلة، إذ أنه من المتوقع أن ينشأ من صلب هذا المجتمع، حكومة وقوى معارضة جديدة بعد إسقاط النظام.

وأضافت إن النظر إلى ما يحدث في سوريا بصفته معارضة ضد نظام في السلطة، نظرة غير صائبة لأنها تضفي في نهاية المطاف شرعية على نظام الأسد نفسه، وتضع على المعارضة عبء إثبات شرعيتها الخاصة.

وأشارت إلى أن حرص النظام في سوريا على تقديم سيناريو خاص به يتمثل في عدم وجود بديل لحكمه بعيداً عن الفوضى العارمة التي قد تجتاح البلاد في ظل أصولية إسلامية وتوترات طائفية وانقسامات داخلية وأعمال عنف وحرب أهلية.

كما ان النظام السوري يتهم المحتجين بأنهم مجموعة منال محرضين والمسلحين من قبل القوى الأجنبية فيما يزعم هو حرصه على الحفاظ على استقرار البلاد وإجراء الإصلاحات.

وعلى الرغم من ان التظاهرات في الشوارع السورية هي تحركات سلمية بمجملها، غير أنه يكفي أن تتوارد الانباء حول أعمال العنف أو التوترات الطائفية لتعكير صفو الطابع السلمي لتلك التظاهرات، وذلك لتعزيز السيناريوهات التي يروج لها النظام هناك.

لا يمكن مطالبة المتظاهرين السوريين بإثبات وحدتهم، فالتعددية شيء طبيعي وهي مصدر قوتهم وليست سبب ضعفهم، كذلك لا يمكن أن يتوقع أحد أن يبرهن الثوار السوريون على أنهم البديل المناسب، فقد ضمن النظام السوري بقائه في سدة الحكم من خلال وأد أي طرف يظهر كبديل محتمل له في الساحة السورية.

والحقيقة القائمة منذ زمن طويل في سوريا تتمثل في أن أي شخص يُنظر إليه باعتباره يشكل تهديداً على النظام، سرعان ما يتم القضاء عليه سواء بالنفي خارج البلاد أو الاعتقال أو تصفيته نهائياً، وقد يضطر الكثيرون إلى تقديم تنازلات نتيجة ابتزازهم أو من أجل حماية ذويهم.

إلى ذلك، إن المناخ السائد في سوريا حالياً يدور حول الريبة والتآمر، فلا يمكن اتهام السوري في المنفى بأنه عميل، ولا يمكن اعتبار من اختار البقاء بأنه متواطئ، فالجميع في سوريا هم ضحايا نظام الأسد.

واعتبرت الصحيفة أن القوى الإقليمية تزيد الوضع سوءاً بسبب تنافسها على عقد المؤتمرات ورعايتها، الأمر الذي فتح ذلك الباب أمام التنافس الإقليمي الذي يؤكد زعم النظام بوجود تدخل خارجي.

ويشارك نظام الأسد في هذه quot;اللعبةquot; من خلال خلق quot;حوارquot; خاص به، يدعو في ظاهره إلى تحقيق الاستقرار والإصلاح ، بينما يخبئ في باطنه استمرار العنف والحرب الأهلية والطائفية والتدخل الخارجي والتقسيم.

أما quot;الديناموquot; الحقيقي في الثورة السورية هو لجان التنسيق المحلية التي يقودها الشباب الشجعان بقليل من الإمكانيات، باستخدام وسائل الاعلام الاجتماعية كفايسبوك وتويتر وغيرها.

ويعمل هؤلاء الشباب بسرية مطلقة، لأنه لو تم الكشف عن أسمائهم وهويتهم، لكانوا في عداد الموتى الآن، كما ان العديد من القادة المحليين لقوا حتفهم عندما تم التعرف على هويتهم، ويخاطر الكثير منهم في المشاركة في اجتماعات اللجان. بالنسبة لهم، نجاح الثورة مسألة حياة أو موت، فهم يدركون أن لا عودة إلى الوراء.

وختمت الـ quot;غارديانquot;: quot;المجتمع السياسي السوري سوف يكشف عن وجهه الحقيقي بعد رحيل النظام. وهذا لن يكون كانبعاث طائر الفينيق من الرماد ، بل ظهور مجتمع كان قابعاً تحت القمع والعنف ليجد طريقه بعد فترة ظلام طويلة.