العقيد الليبي معمر القذافي |
تبدو إفريقيا منقسة بطريقة النظر إلى العقيد الليبي الهارب معمر القذافي، وبينما يراه البعض ملاكا، ينظر إليه آخرون على أنه مجنون.
طرابلس:قبل أشهر قليلة كان العقيد الليبي معمر القذافي ملكاً على ملوك أفريقيا، وكان أحد أبرز اللاعبين على مسرح القارة والمهندس الفعلي للكثير من الأحداث فيها، ولكن بعد الإطاحة بنظامه يحاول الجميع النظر إلى الإرث الذي تركه في دولها، وسط انقسام بين من يضعه في مصاف الملائكة، ومن يصنفه في خانة المجانين.
فقد كانت طرابلس لسنوات أحد أكبر المستثمرين في دول جنوبي الصحراء، من خلال مليارات من الدولارات التي كانت تخصصها لبناء الطرقات والمرافق العامة والفنادق.
ويقول ريتشارد دوين، المدير التنفيذي للجمعية الملكية الأفريقية في لندن، وهي منظمة معنية بتوفير فهم أفضل للقارة: quot;لقد عُرف عن القذافي دفع مبالغ مالية ضخمة كلما حاول الحصول على صداقة طرف ما.quot;
وأضاف دوين: quot;لقد تمكن القذافي من شراء الولاء عبر المال، وهذه طريقة متبعة في أفريقيا، إذ يقول البعض إن القذافي قد ساعدنا، وعلينا أن نساعده بالمقابل.quot;
ففي النيجر المجاورة لليبيا، والتي رفضت حكومتها تسليم الساعدي القذافي، نجل العقيد الفار، يبرز مسجد هائل الحجم في وسط العاصمة نيامي، حيث يحتشد الآلاف للصلاة كل يوم مستفيدين من الأموال الليبية التي استخدمت لإقامته.
وفي مالي، أقام القذافي مسجداً كبيراً في العاصمة باماكو، كما قدم الأموال الضرورية لبناء المجمّع الحكومي الذي ما زال قيد الإنشاء، كما قامت طرابلس باستثمار الكثير من الأموال في مشاريع بتشاد وبوركينا فاسو.
وقال أيو جونسون، مدير مؤسسة quot;فيوبوينت أفريقياquot; المتخصصة في توفير معلومات حول القارة السمراء: quot;كل من يقوم ببناء البنية التحتية وتوفير منتجات رخيصة في الأسواق وتأمين القروض للحكومات سيحصل على نفوذ واسع في أفريقيا.quot;
ولكن جونسون لفت إلى وجود اعتبار إضافي دفع العديد من قادة أفريقيا إلى مواصلة دعمهم للقذافي، ويتمثل في قلقهم من احتمال وصول الدور إليهم وبروز خطر الإطاحة بهم دون وجود حليف يستندون إليه.
غير أن نفوذ القذافي لم ينبع من أمواله فحسب، بل إن البعض في القارة تأثر فعلاً بأفكاره وطروحاته الشعبوية، وخاصة خلال الفترة التي تولى فيها رئاسة الاتحاد الأفريقي ودعا لإنشاء quot;الولايات المتحدة الأفريقية،quot; وهي دعوة كان القادة الأفارقة يدركون بأنها غير واقعية، ولكنهم استغلوها لإظهار القذافي وكأنه أحد كبار قادة القارة.
وفي هذا الإطار، قال ريتشارد دوين: quot;لقد عزف القذافي كثيراً على وتر الوحدة الأفريقية، وجلب هذا الأمر له الكثير من الرضا.quot;
أما جونسون، فقال إن من بين الأمور التي اعتمد عليها القذافي لبناء شعبيته إظهاره العداء للغرب، بحيث بات يعتبر الرجل القادر على الوقوف بوجه العالم، إلى جانب رئيس زيمبابوي، روبرت موغابي.
ويرى الخبراء أن القذافي اعتمد أيضاً أسلوب إذكاء النزاعات في أفريقيا والمناطق المجاورة لإبقاء نفوذه في مختلف القضايا، وقام بتمويل ميليشيات في إقليم دارفور السوداني، وقدم المساعدة لتنظيمات شكلها الطوارق في النيجر، كما قدم الأموال والمساعدات للكثير من التنظيمات والحركات المسلحة.
ولكن هذا النوع من المساعدة هو سبب شعبيته في بعض الحالات، فمن المعروف أن القذافي كان يموّل quot;المؤتمر الوطني الأفريقيquot; في صراعه لإنهاء نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
وفي هذا السياق، قال جونسون: quot;كل من يحاول كتابة الفصل الأخير في حياة القذافي سيكون أمام خيارات صعبة لتقييم تصرفات رجل لديه علاقات فصامية مع العالم.quot;
التعليقات