عناصر من قوات الأمن تعتقل أحد المحتجين الذين شاركوا في الهجوم على مقر تلفزيون نسمة

يرى محللون أن هناك حالة من التقاء بين متطرفي اليمين واليسار لإفشال العملية الديمقراطية الجارية في تونس.


تونس:قال محللون سياسيون ان التظاهرات التي شهدتها تونس ضد قناة خاصة اتهمت بالاساءة الى الاسلام في اوج الحملة الانتخابية، عكست التقاء مصالح متطرفي اليسار واليمين في افشال العملية الديموقراطية الجارية، في حين راوحت مواقف بعض الناشطين بين اعتبارها اساءة لحرية التعبير او دفاعا quot;متحمسا اكثر من اللازمquot; عن الاسلام.
وكان بث قناة نسمة الخاصة في السابع من تشرين الاول/اكتوبر الماضي لفيلم فرنسي ايراني احتوى لقطة تجسد الذات الالهية اثار غضب السلفيين لكن ايضا انزعاج الكثير من التونسيين. وقد نددت غالبية الاحزاب السياسية بالهجوم على القناة لكنها دعت الى احترام قيم الاسلام.

وهاجم نحو مئة شخص قال شهود انهم سلفيون، مساء الجمعة منزل مدير القناة نبيل القروي وذلك اثر تظاهرة ضمت الاف الاشخاص بدعوة من جماعات متشددة تطالب بغلق القناة.
وقالت صحيفة الصباح اليومية الخاصة في افتتاحيتها السبت ان quot;هناك خليطا من المتطرفين دينيا وايديولوجيا يمينا ويسارا ظل على مدى الايام الماضية ينفخ اعلاميا في رماد هذه القضية من اجل استغلالها شعبويا ربما للتشويش على العملية الديموقراطية التي لا يمكن لهم ان يكونوا طرفا فيها نظرا لطروحاتهم الفكرية والسياسية المتطرفةquot;.

ومضى المحلل السياسي سالم الابيض في الاتجاه ذاته منتقدا بالخصوص ما اسماه quot;يسار الكافيارquot; الذي اتهمه باستدراج السلفيين الى معركة هامشية لضرب العملية الديموقراطية الجارية في مهد quot;الربيع العربيquot;.
وقال لوكالة فرانس برس quot;يسار الكافيار او بالاحرى يسار السلطة في نظامي الرئيسين السابقين (الحبيب) بورقيبة و(زين العابدين) بن علي هو الذي سعى الى استدراج متطرفي اليمين لافساد الانتخابات واستخدم قناة نسمة لاستفزازهمquot;.

واعتبر الابيض ان quot;هناك التقاء مصالحquot; موضحا ان quot;متطرفي الاسلاميين من السلفيين ليسوا معنيين بالانتخابات فهم يرفضون الديموقراطية مبدئيا ويعتبرونها لا تتوافق مع الشرع، اما متطرفو اليسار القديم الاصلاحي الذين كانوا يعارضون من داخل النظام والمتمركزون في مفاصل الدولة فهم خائفون على مواقعهم خصوصا وهم يدركون جيدا انه لا امل لهم بالفوز في اي انتخابات شفافةquot; في تونس.
وايد علي العريض عضو المكتب السياسي لحركة النهضة جزئيا هذا الراي معتبرا مع ذلك ان هناك فارقا بين من اسماهم quot;غلاة العلمانيةquot; الذين انتقد موقفهم بشدة، والسلفيين الذين قال انهم quot;شباب متحمس استفز في دينه فرد بطريقة خاطئةquot;.

واوضح العريض لوكالة فرانس برس quot;غلاة العلمانية خائفون على مواقعهم ولا يريدون اي تغيير في الامر الواقع وقد عرفناهم داعمين للاستبداد في ظل النظام السابق والذي قبله لضرب كل معارضيهم وخصوصا الاسلاميينquot;.
واضاف quot;انها افعال وردود افعال خاطئة ولكن هناك فارقا بين من لديه هدف سياسي وحضاري وتاريخ من الاساءة للصحابة والرسول محمد والاسلام وصولا للمس من الذات الالهية في مسعى لتعقيد الوضع في تونس، وبين من تحركوا (السلفيون) بدافع الغيرة عن الدين وقيم البلاد من شباب متحمس استفز في دينه فرد بطريقة خاطئةquot; من خلال العنف.

غير ان مختار الطريفي القيادي في الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان قال لوكالة فرانس برس انه quot;من غير المقبولquot; تحت اي ظرف استخدام العنف لحل اي خلاف.
ورغم اقراره بان توقيت بث قناة نسمة للفيلم quot;ربما كان غير موفق في هذا الظرف الانتخابيquot; الحساس، فانه شدد على انه quot;مهما كانت الخلافات فانه من غير المقبول ان يعمد اي تونسي لاستخدام العنف لحل اي خلافquot;.

واضاف ان قناة quot;نسمة مارست ما اعتقد انه حرية التعبير، قد يكون الوقت غير مناسب ولكن من يملك الحرية في تحديد الوقت المناسب لكل طرف للتعبير عن رايه؟quot; مؤكدا انه quot;ربما توقيت البث غير موفق ولكن حرية التعبير والحريات عموما امر مقدسquot;.
واعتبرت صحيفة quot;لابراسquot; الحكومية الناطقة بالفرنسية في افتتاحيتها السبت انه quot;رغم الطابع الاستفزازي وعدم التوفيق، فان بث (قناة) نسمة لهذا الفيلم سمح لنا بان ندرك مدى المسافة التي لا يزال يتعين علينا قطعها في مجال (احترام) الاختلاف والحوار التعدديquot;.

وتشهد تونس في 23 تشرين الاول/اكتوبر الجاري انتخابات تاريخية لمجلس وطني تاسيسي تتمثل مهمته الاساسية في صياغة دستور الجمهورية الثانية في تاريخ تونس المستقلة.