السفير السعودي في الولايات المتحدة عادل الجبير |
لندن: جاءت ردود أفعال المسؤولين الإيرانيين متناقضة على اتهام طهران بالتخطيط لاغتيال السفير السعودي في واشنطن. واعتبر مراقبون ان في هذا التضارب مؤشراً جديداً الى وجود انقسام بين صانعي السياسة الإيرانيين.
وكانت واشنطن أعلنت ان جميع الخيارات مطروحة على الطاولة بشأن الرد على المؤامرة المفترضة، بما في ذلك العمل العسكري وتشديد العقوبات على البنك المركزي الإيراني، القناة الوحيدة المتبقية لعائدات النفط التي تشكل العمود الفقري لخزينة الدولة في إيران.
ونفى الإيراني الاميركي منصور آرببسيار أمام محكمة في نيويورك يوم الاثنين تهمة الاتفاق مع مخبر أميركي ظنّ أنه عضو في عصابة مخدرات مكسيكية لاغتيال السفير السعودي.
وفي حين أن مسؤولين إيرانيين كبارا نفوا بلغة تتّسم بالتحدي الاتهامات الاميركية وسخروا منها، فإنّ دبلوماسيين إيرانيين أبدوا استعدادهم للمساعدة في التحقيق في مؤشر الى قلق إيراني من أن تداعيات المؤامرة قد تكون اسوأ من الاتهامات المعهودة بشأن برنامج إيران النووي.
وقال مراقبون إن شكل الرد الإيراني على الاتهامات سيتوقف على نتيجة الصراع بين الداعين الى المواجهة ومؤيدي الطرق الدبلوماسية لحل الأزمة. وينقسم المحافظون الإيرانيون الذي يسيطرون على الحكم الآن بين موالين للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي وموالين للرئيس محمود أحمدي نجاد الذي يريد الحد من سيطرة الملالي.
ولاحت أولى البوادر التي تشير إلى أن إيران تواجه صعوبة في إيجاد استراتيجية فاعلة للحد من الأضرار الناجمة عن الاتهامات الاميركية في تأخر ردود افعال المسؤولين. فان ستة ايام مرّت قبل ان يعلق اكبر مسؤولَين في إيران على المؤامرة وهو تأخر غير معهود. وحين رد المسؤولان جاء ردهما ساخرا من التهم بلغة إنشائية تقليدية.
وحذر خامنئي من أي أعمال غير شرعية تقوم بها الولايات المتحدة فيما رفض أحمدي نجاد التعاون مع المحققين الاميركيين. ثم طلعت وسائل اعلام إيرانية تساير النهج الرسمي باتهامات تقول إن المؤامرة من تدبير جماعة معارضة.
ولكن مؤيدي أحمدي نجاد سارعوا الى الحديث بلهجة تصالحية. وقال وزير الخارجية علي أكبر صالحي إن إيران مستعدة لدراسة الأدلة الاميركية بعناية وإجراء تحقيق quot;جاد وصبورquot; حتى إذا كانت التهم مفبركة.
ولاحظ الكاتب فرناز فصيحي في صحيفة وول ستريت جورنال ان تصريح صالحي حليف أحمدي نجاد يعكس ميل الرئيس الى إبداء قدر من الاستعداد للتفاوض على الضد من موقف خامنئي. وكان رئيس السلطة القضائية آية الله صادق لاريجاني المحسوب على منتقدي أحمدي نجاد، اعلن الاسبوع الماضي تعيين مبعوث خاص للتحقيق في جرائم الولايات المتحدة ضد المسلمين.
ويتبدى هذا الإنقسام كل يوم تقريباً في السياسة الداخلية والخارجية. وفي يوم الأحد صوت البرلمان الذي يسيطر عليه المحافظون لصالح قرار يدين وزير مالية أحمدي نجاد بشأن عملية اختلاس مصرفية حجمها 2.6 مليار دولار هزت السياسة الإيرانية. ونفى الرئيس أحمدي نجاد وجود تقصير من جانبه أو من جانب إدارته.
وربط محللون هذا الخلاف بالضغوط الدولية على إيران لوقف برنامجها النووي. وكان أحمدي نجاد عرض خلال وجوده في نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، اجراء محادثات مع الولايات المتحدة. ولكن خامنئي سارع إلى إجهاض الفكرة، بحسب تقارير إيرانية.
وقال المحللون إن تضارب التصريحات وردود الأفعال نابع من خلافات حول طريقة التعامل مع الغرب. ومن بواعث القلق بصفة خاصة احتمال ان تتحرك الولايات المتحدة في مجلس الأمن الدولي ضد البنك المركزي الإيراني رغم معارضة الصين وروسيا.
ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن المحلل السياسي حسين بستاني الذي عمل في إدارة الرئيس السابق محمد خاتمي أن رد فعل إيران على الإتهامات بتدبير مؤامرة اغتيال السفير السعودي يبين أن القيادة الإيرانية تشعر بقلق بالغ. واضاف ان العديد من المسؤولين يتساءلون في السر quot;ماذا لو صدقت الاتهامات؟quot; وحتى إذا لم تثبت فان الضرر حدث بالفعل، على حد تعبير بستاني.
التعليقات