قوات البشمركة الكردية خلال استعراض عسكري

نجحت مباحثات أجراها رئيس حكومة إقليم كردستان العراق برهم صالح في بغداد في الإتفاق على أسس لحلّ الملفات العالقة بين بغداد وأربيل، تقضي بالبدء بإجراءات عملية لتنفيذ المادة الدستورية 140 حول المناطق المتنازع عليها، وإلحاق قوات البيشمركة بالجيش العراقي النظامي، وصرف نفقاتها من الموازنة العامة، وتعديل قانون النفط والغاز الجديد، وتشكيل ثلاث لجان مشتركة بين الحكومتين المركزية والكردستانية لتنفيذ هذه الإجراءات خلال شهرين.


اختتم رئيس حكومة إقليم كردستان العراق برهم صالح نقاشات متواصلة، أجراها في بغداد على مدى الأيام الثلاثة الماضية مع رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي وعدد من قادة القوى السياسية العراقية.

وقال مصدر كردي إن مباحثات رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وصالح تمخضت عن إتفاق على الإسراع باتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ المادة الدستورية 140 حول المناطق المتنازع عليها، والتي يطالب الأكراد بضمها إلى إقليمهم الشمالي، الذي يحكمونه منذ عام 1991، وتقع في محافظات كركوك وديالى ونينوى وصلاح الدين.

تتضمن هذه الإجراءات إصدار قرارات رسمية من مجلس الوزراء العراقي بذلك، والتنسيق مع مجلس النواب لإلغاء قرارات لجنة شؤون الشمال، والقرارات التي أصدرها مجلس قيادة الثورة المنحلّ، وإعادة الأملاك والأراضي التى صادرتها المؤسسات الحكومية في زمن النظام السابق.

كما تقرر عقد اجتماعات متواصلة خلال فترة أقصاها شهران بين وزارتي النفط العراقية والموارد الطبيعية في حكومة كردستان لإجراء تعديلات على قانون النفط والغاز الجديد المعروض على مجلس الوزراء لتعديله، والذي بعث به مجلس النواب إليه إثر رفض الأكراد لصيغته الجديدة. واتفق الطرفان على جعل مسودة قانون عام 2007 أساسًا للمباحثات، وأن يكون أي تغيير في القانون بموافقة الطرفين.

وفي ما يخص قوات البيشمركة الكردية، فقد تقرر ضمّ هذه القوات إلى وزارة الدفاع العراقية وإدراجها ضمن تشكيلات الجيش العراقي وإيجاد حلول دستورية وقانونية للمشاكل التي تواجهها، وخاصة إعادة إطلاق حكومة بغداد لمرتبات منتسبيها المتوقفة منذ عام 2007، إضافة إلى مشاركة هذه القوات في التدريب والتأهيل والتسليح.

أما بالنسبة إلى بعض الحقوق المالية لإقليم كردستان، والمتوقفة منذ عام 2007، فقد تم الإتفاق على قيام وزارة المالية العراقية باتخاذ الإجراءات اللازمة لصرف هذه المستحقات، ومنها مخصصات البترودولار واستيراد المحروقات لمحطات توليد الطاقة الكهربائية في إقليم كردستان ومبالغ موازنة تنمية الأقاليم وواردات المنافذ الحدودية، إضافة إلى استفادة موظفي إقليم كردستان من قرض المئة مرتب، الذي يصرف لموظفي البلاد عامة.

ومن أجل تنفيذكل هذه الإجراءات، فقد تم تشكيل ثلاث لجان مشتركة بين حكومتي بغداد وأربيل، تختص بقضايا البيشمركة وقانون النفط والغاز والمادة 140 من الدستور المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها.

وكان برهم صالح قال خلال اجتماعه مع النجيفي الثلاثاء الماضي quot;إن الاختلافات الموجودة بين الحكومة المركزية والإقليم هي ليست كردية فقط، وإنما عراقية بحتة، تتعلق بمشاكل النظام السياسي بشكل عام، وكيفية اتخاذ وصنع القرارات بشكل تشاركيquot;. من جهته أكد النجيفي quot;أن إنجاز هذه المهمات يتطلب إرادة سياسية عالية تشترك فيها كل القوى المؤمنة بالعملية السياسيةquot;.

وقد بحث الجانبان مسألة التوازنات الوطنية والمكوناتية والمناطقية وضرورة الالتزام بها، والإتفاق على تحديد الإطار العام لحلّ كل المشاكل العالقة وبدون انتقائية، فضلاً عن ضرورة الاستعجال في تمرير القوانين المهمة ذات الصلة بالنفط والغاز والموارد المالية والمحكمة الاتحادية ومجلس القضاء الأعلى وقوانين أخرى ذات الصلة بالشأن السياسي والمجتمعي.

ويشكو التحالف الكردستاني من عدم جدية الحكومة وأطراف سياسية فيها في تنفيذ ورقة المطالب الكردية التسعة عشر، التي تمت الموافقة على غالبية بنودها في محادثات تشكيل الحكومة الحالية في أواخر العام الماضي، وتتضمن: الالتزام بالدستور وبنوده كافة، وتشكيل حكومة شراكة وطنية، تمثل المكونات العراقية الأساسية، والعمل وفق مبدأ الشراكة والمشاركة في القرار.

وتدعو الورقة كذلك إلى تشكيل المجلس الاتحادي خلال السنة التقويمية الأولى من عمل مجلس النواب وإلى حين تشكيله يتمتع رئيس الجمهورية ونائباه بحق النقض... وتعديل قانون الانتخابات بما يحقق التمثيل العادل للعراقيين... وإجراء التعداد السكاني في موعده... وإعادة النظر في هيكليات القوات المسلحة وقوى الأمن الداخلي وإقرار مبدأ التوازن وتنفيذه... وتطبيق مبدأ التوازن في كل مؤسسات الدولة من وزارات وهيئات مستقلة... وتطبيق المادة 140 من الدستور وتوفير الميزانية المطلوبة لتنفيذها خلال سقف زمني لا يتجاوز السنتين... والمصادقة على مشروع قانون الموارد المائية خلال السنة التقويمية الأولى من عمل مجلس النواب (حسب آخر مسودة متفق عليها)... والمصادقة على مشروع قانون النفط والغاز خلال السنة التقويمية الأولى من عمل مجلس النواب (حسب آخر مسودة متفق عليها)... إضافة إلى تمويل وتجهيز وتسليح حرس الإقليم (البيشمركة) كجزء من منظومة الدفاع الوطني العراقية.

كما شددت ورقة المطالب على ضرورة التمثيل الكردستاني في الوزارات السيادية ومجلس الوزراء والهيئات المستقلة وكل مؤسسات الدولة بصورة عادلة ووفق الاستحقاق القومي... وأن يكون للجانب الكردستاني حق البتّ في مرشحي الوزارات السيادية والوزارات الأخرى ذات الصلة بإقليم كردستان... وأن يكون الأمين العام لمجلس الوزراء مرشحًا من ائتلاف الكتل الكردستانية.

وكان وفد يمثل أحزاب سياسية في إقليم كردستان العراق قد أجرى في بغداد في مطلع الشهر الحالي محادثات مع رؤساء الجمهورية والبرلمان والحكومة وقادة الكتل السياسية بهدف حلّ الخلافات والمشاكل العالقة بين الحكومتين العراقية والكردستانية.

وتناولت المباحثات مناقشة العلاقة بين بغداد وإربيل، وتم التطرق إلى أسباب التلكؤ في تنفيذ الإتفاقات بين التحالف الكردستاني والوطني وائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي بشكل خاص، وعدم تنفيذ إتفاقات اربيل، التي تشكلت وفقها الحكومة الحالية في أواخر العام الماضي، حيث هيأ الوفد لزيارة برهم صالح هذه إلى العاصمة العراقية.

يذكر أن حدة الخلافات بين حكومتي بغداد وإربيل، وصلت إلى مرحلة بحث فيها بارزاني في الثالث عشر من الشهر الماضي مع النواب والوزراء الأكراد إمكانية سحب الثقة عن حكومة المالكي. وقال عضو النائب المستقل في ائتلاف الكتل الكوردستانية محمود عثمان في تصريحات صحافية إن الاجتماع ناقش خيارات عديدة، من ضمنها إمكانية سحب الثقة عن الحكومة.

وأوضح أن سبب التوتر بين بغداد وإربيل ينبع في الأساس من اختلاف وجهات النظر، حيث يقول المالكي بوضوح إن تشكيل الأقاليم في العراق يتسبب في أهراق أنهار من الدماء.

وفي وقت سابق من الشهر الماضي، هددت الكتلة الكردستانية في مجلس النواب العراقي بنشر محاضر اجتماعات إربيل قبيل الوصول إلى إتفاق تشكيل الحكومة، في حال استمرت أطراف سياسية في تنصّلها من تلك الإتفاقيات المبرمة. وتشير مصادر سياسية إلى أن هذه المحاضر تتعلق بجلسة مغلقة حضرتها ثلاث شخصيات سياسية، هي بارزاني وعلاوي والمالكي، وتم على إثرها التوقيع على إتفاقيات عدة، لم يعلن عن محتواها رسميًا لغاية الآن.