ينتظر الفلسطينيون قرار مجلس الأمن بشأن عضوية فلسطين في الأمم المتحدة |
يدرس الفلسطينيون عددًا من الخيارات للتعامل مع تفاصيل المرحلة المقبلة، وسط نفي رسمي لإمكانية أن يكون حلّ السلطة وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل اتفاق أوسلو من ضمن هذه الخيارات، ويؤكد رئيس كتلة حركة فتح في المجلس التشريعي عزام الأحد أن الفلسطينيين لم يعودوا قادرين على العيش في ظل سلطة وهمية يحكمها جيب إسرائيلي.
تبحث القيادة الفلسطينية ملفات وخيارات متعددة عن مستقبل السلطة الفلسطينية في ظل الوضع القائم، مطالبة في الوقت عينه، المجتمع الدولي تحمّل مسؤولياته ودعم السلطة لتعزيز مكانتها ودورها، وسط حالة من الجدل بين الفلسطينيين حول إمكانية حل السلطة إذا فشلت جهود الحصول على عضوية كاملة لفلسطين في الأمم المتحدة.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال اجتماع المجلس الثوري، الذي انعقد في نهاية الأسبوع الماضي في مدينة رام الله، قال quot;إن القيادة تدرس خيارات متعددة في ما يتعلق بالإجابة عن سؤال غاية في الأهمية، وهو إلى أين نحن متجهون؟quot;.
وأضاف الرئيس عباس: quot;هذا السؤال مهم، وعلينا الإجابة عنه، لبحث ثلاث قضايا، هي: الذهاب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبيانات اللجنة الرباعية الدولية، ومستقبل السلطةquot;.
وأردف: quot;إن لجنة المتابعة العربية ستجتمع في الثلاثين من الشهر الجاري لنعرف إلى أين سنذهب، لأننا نستشير أشقاءنا العرب، ويهمّنا أن يكونوا في الصورة دائمًاquot;.
وكان الرئيس محمود عباس تحدث خلال خطابه في المجلس الثوري عن أن السلطة لم تعد سلطة بسبب الممارسات الإسرائيلية، وهناك تباحث ومتابعات حول مستقبل السلطة الفلسطينية في الفترة المقبلة.
وأثارت فكرة حلّ السلطة، في حال أخفقت المساعي الفلسطينية وفشلت في الحصول على موافقة مجلس الأمن الدولي على دعم المطلب بالاعتراف بدولة فلسطينية كاملة العضوية، جدلاً واسعًا في الشارع الفلسطيني على الصعيد السياسي والإعلامي، وأصبحت محور اهتمام المواطنين.
في هذا الخصوص، بدد عضو اللجنة المركزية في حركة فتح محمود العالول كل التصريحات والتكهنات التي تتحدث عن عزم الرئيس عباس حلّ السلطة الفلسطينية.
وأوضح العالول، في تصريح له، أن خيار حلّ السلطة غير وارد، لافتًا إلى أن المقصود هو quot;دعوة نحو وصف الحالة بأنها سلطة بلا سيادة ومسلوبة الصلاحيات وتحت سيطرة الاحتلال، الذي صادر ولاياتها، وتسبب في إفراغ محتواهاquot;.
وأكد وجود دعوة، ليس إلى حل السلطة، بل دعوة إلى وصف حالتها، وكيفية النضال من أجل استعادة سيادتها، والاشتبكاك مع الاحتلال، وعدم الرضا عن الوضع الراهن، منوهًا إلى أن السلطة تبحث عن حلول في ظل الوضع الصعب القائم.
وكشف العالول، أنه يجري البحث الآن في العديد من الأفكار، فهناك من يفكر في وصاية دولية، وهناك من يفكر بخيارات لها علاقة بمقاومة الاحتلال، وهناك من يفكر في دولة واحدة، وهناك من يفكر بالخلاص من كل الالتزامات السابقة، وهناك تفكير في إعادة القضية إلى مرجعيات جديدة كالأمم المتحدة.
وعما إذا كان خيار حلّ السلطة بيد الرئيس عباس، أجاب بنعم، وقال: quot;اذا أردنا ذلك يصبح خيار حلها في يدنا.. لا سيما وأننا بدأنا نتجه باتجاه التمرد على الاستسلام للخيارات الدولية، لأنها لا ترى الوضع الفلسطيني بشكل أساسي، ولديها أولويات أخرىquot;.
وشدد العالول على أن هذا التفكير ليس تكتيكًا، بل هو جاد، quot;لأننا لن نقبل بأن تكون هناك سلطة مسلوبة الصلاحيات، لكن لا يعني أننا نتحدث عن حلهاquot;.
وأقرّ بصعوبة وضع السلطة في ظل هذه الظروف نظرًا إلى انسداد الأفق والمتغيرات في العالم العربي والعالم بكامله. وقال في الوقت نفسه: quot;نحن نبحث في آفاق الخروج من ذلك، حيث استطعنا أن نعيد البريق إلى القضية الفلسطينية، من خلال التوجّه إلى الأمم المتحدة، رغم الوضع العربي الصعب والأزمة المالية العالميةquot;.
قراءات متعددة في خطاب عباس
حول قراءات ما أورده الرئيس محمود عباس في خطابه أمام اجتماع المجلس الثوري الذي انعقد أخيرًا، في مقر المقاطعة في مدينة رام الله، وأن السلطة لم تعد سلطة، أكد الكاتب والمحلل السياسي الدكتور عبد المجيد السويلم في لقاء خاص مع quot;إيلافquot; أن هناك قراءات متعددة ومختلفة لمضمون ما أورده الرئيس عباس.
وأوضح السويلم، أن هناك من يعتقد بأن هذه السلطة ضمن الصلاحيات المعدودة جدًا والمسيطر عليها بالكامل من قبل الاحتلال لم تعد مقبولة لكون المستفيد الوحيد من هذا الواقع هو الاحتلال، من خلال تقويضه لدور السلطة.
وأشار إلى أن هناك من يعتقد بأن المقصود بما أورده الرئيس عباس هو أن السلطة الفلسطينية إذا لم تتحول إلى دولة لا فائدة منها، وبالتالي لم تعد تخدم المشروع الوطني ستشكل عبئًا على هذا المشروع وتخلص إسرائيل من أعبائها بحكم واقع احتلالها الحقيقي والفعلي بغضّ النظر عن وجود السلطة لأنها فعليًا هي سلطة تحت الاحتلال.
ونوه إلى أن ذلك يقتضي بأن تتحمّل إسرائيل هذه المسؤولية، وأن يتم وضعها أمام الاستحقاقات التي تفرضها الحالة في الأرض المحتلة.
وأكد أن هناك من يعتقد أن إسرائيل تقوم باحتلال دون تكلفة، ثم إن إسرائيل لا تواجه الحقائق في ظل وجود السلطة، بمعنى إذا أرادت أن تضم الأراضي الفلسطينية، فهذا سيحوّل المشروع الصهيوني إلى خيال، بمعنى أنه ستكون هناك إشكالية كبيرة حول الدولة ثنائية القومية، وبالتالي إذا لم تقم بهذا الضم فعليها أن تغادر هذه المنطقة، وأن لا تبقى الأمور بهذه الصورة.
وقال السويلم: quot;المقصود أن كلام الرئيس عباس يحمل في مضامينه الكثير من المعاني، ولكنني لست واثقًا في أي اتجاه يمكن تفسير ما أورده الرئيس في هذه المرحلة تحديدًاquot;.
وعن الترقب في الشارع الفلسطيني بخصوص ما طرحه الرئيس عباس من تساؤل أين نحن ذاهبون؟ وفي ظل الضغوط الدولية، أكد أن هذا الأمر صحيح، والفلسطينيون يترقبون لمعرفة ما ستؤول إليه الأمور.
وبيّن أن الفلسطينيين يتعرّضون لضغوط استثنائية، وليست عادية، ولا تستطيع تحملها دول كبيرة، فكيف يكون الحال بالنسبة إلى السلطة الفلسطينية الواقعة تحت الاحتلال، وتعتمد على المساعدات الخارجية؟، وبالتالي فإن هذه الضغوط ليست بسيطة.
ونوه السويلم، إلى أن المعركة الفلسطينية، التي تم خوضها في الأمم المتحدة حتى هذه اللحظة، كانت معركة ناجحة، لافتًا إلى أن الضغوط الأميركية لن تثني القيادة الفلسطينية عن توجهاتها.
وقال: quot;علينا أن ندرك أن التوجّه إلى مجلس الأمن ليست معركة فاصلة في تاريخ القضية الفلسطينية وتاريخ الديبلوماسية الفلسطينية، وهي تحتمل النجاح والفشل بخصوص الحصول على اعتراف مجلس الأمن بدولة فلسطينية كاملة العضويةquot;.
وأضاف: quot;الحلقة الأولى من هذه المسألة معروفة نتائجها، فإما سنحصل على تسعة أصوات، ويتم التصويت على عضوية، وتستخدم الولايات المتحدة الأميركية حق الفيتو كما هو معلن، وبالتالي لن نحصل على هذه العضوية، وإما قد لا نستطيع أصلا الحصول على الأصوات التسعة، بفعل الضغوطات الأميركية، وبالتالي لن نحصل على العضويةquot;.
وأكد أنه إذا تم النظر على الحصول على العضوية كمعركة فاصلة في يوم التصويت المقبل، فإننا سنقع في خطأ كبير، فهذه معركة بدأت، ولن تنتهي بالتصويت المقبل، وإنما هي البداية، بمعنى إمكانية إعادة المحاولة مرة ومرتين وربما أكثر، كما حصل مع عدد من الدول، وهذه معركة مستمرة في مجلس الأمن.
وذكر أنه قد يذهب الفلسطينيون إلى الجمعية العامة للحصول على دولة غير كاملة العضوية، وهي خطوة ستنقل الفلسطينيين خطوة كبيرة إلى الأمام، وهو لا يتعارض مع استمرار المحاولات الدؤوبة للوصول إلى العضوية الكاملة، لكونه سيعمل على خلق واقع سياسي جديد.
وقال السويلم: quot;ستصبح فلسطين دولة تحت الاحتلال ومحتلة من قبل دولة أخرى، والمسألة في إطار السياق السياسي والديبلوماسي، حتى المفاوضات ستكون مختلفة، وسيكون الواقع مختلفًا من حيث الوضع القانوني الدولي، وستخسر إسرائيل كثيرًا جراء تحولنا إلى دولة مراقبة، وفي هذا المعنى ستبقى المعركة مستمرةquot;.
وذكر أنه إذا فهمنا المعركة في الأمم المتحدة على هذا الأساس، فلا يوجد عند الفلسطينيين مشكلة، فالمشكلة هي عند الإسرائيليين وعند الأميركيين.
وفي حال عدم الوصول إلى هذا المبتغى وعدم الحصول على دولة وكيف سيكون الوضع؟ قال السويلم: quot;حسب قراءتي لا أعتقد أن يتم التوجه نحو حل السلطة، لافتًا إلى أن المقصود يتمثل في ضرورة أن يتغير محتوى أو مضمون السلطة ووظيفتها، وأن نبحث عن الأشكال التي لا تحوّل السلطة إلى غطاء للمشروع الإسرائيلي، وفي الوقت نفسهتحفظ الكيانية الفلسطينية، وتقوم بكل ما يجب أن تقوم به من أجل تعزيز صمود شعبنا على الأرضquot;.
وأضاف: quot;أعتقد أن التغير سيكون في هذا الاتجاه، لافتًا إلى أن القيادة الفلسطينية هي في نوع من الورشة الوطنية من أجل بلورة الموقف النهائي حيال هذا الاستحقاق، وهذه الرؤية تحديدًاquot;.
وبخصوص موضوع المصالحة وتصريح الرئيس نيته لقاء رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل للتشاور والتباحث، أكد السويلم أن قضية المصالحة الفلسطينية قضية غاية في الأهمية، لكنه أشار في الوقت عينه إلى غياب التطبيق الفعلي لعملية المصالحة، وأن الأمور لا تزال على حالها، رغم التصريحات الإيجابية.
وعن الخيارات المتاحة أمام السلطة والبدائل المطروحة، أكد أنه ليس مع التسرع في طرح أحكام نهائية، خاصة وأن الفلسطينيين يعيشون نوعًا من الورشة الوطنية للتباحث، وقال: quot;أنا أميل إلى الاعتقاد بأن خيار الحراك الشعبي الفلسطيني المنظم السلمي الديمقراطي سيشق طريقه بقوة في المدى المرئي والقريبquot;.
وأعرب عن اعتقاده بأن المعركة الديبلوماسية السياسية الفلسطينية ستستمر في اتجاه تحويل مسألة عضوية فلسطين الكاملة في مجلس الأمن إلى خط استراتيجي غير قابل للتراجع عنه، وعدم ربط هذا التوجه بأية مقايضات سياسية، بمعنى أن القيادة الفلسطينية ربما تتجه لاعتبار التوجه نحو مجلس الأمن للحصول على دولة كاملة لا يتناقض مع أية مفاوضات قد تجري.
وعن المطلوب في ظل الوضع القائم، أكد السويلم أن المطلوب الأساسي يتمثل في إنجاز المصالحة، التي بإنجازها سيتم توجيه ضربة قاصمة للمشروع الإسرائيلي ولكل التوجهات الإسرائيلية، وسنقطع الطريقعلى محاولات الالتفاف على حقوق الفلسطينيين الوطنية.
وقال: quot;إذا نظمت عملية الحراك الشعبي الفلسطيني، وتحول الربيع الفلسطيني إلى ربيع ملتحم مع الربيع العربي لإنهاء الاحتلال في ظل الربيع العربي المنشود، وأنجزت الوحدة وتعزز الحراك، فإن هذا سيدفعنا لنكون على عتبات مرحلة جديدة من النضال الوطني، التي ستتوّج حتمًا بإقامة دولة فلسطينية على كل الأراضي المحتلة عام 67quot;.
لجنتان لتدارس آفاق المرحلة المقبلة
وكان عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية لحركة quot;فتحquot;، قد كشف النقاب لصحيفة quot;الأيامquot; الفلسطينية عن وجود لجنة منبثقة من حركة فتح، وأخرى من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، لبحث آفاق المستقبل الفلسطيني، والاستراتيجية الفلسطينية، وهو الأمر الذي سيكون مثار بحث ما بين الرئيس محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل في اللقاء المقبل.
ورفض الأحمد الحديث عن حلّ السلطة، ولكنه أكد على أنه quot;لم نعد قادرين على العيش في ظل سلطة وهمية يحكمها جيب إسرائيليquot;.
وقال: quot;السلطة تنهار، ولا تحل، ولذلك نحن بانتظار نتائج التحرك السياسي الحالي، وأعتقد أن الرئيس أبو مازن، كما قال للرئيس الأميركي باراك أوباما ولجميع من التقاهم، نريد أن نعرف هل نحن سلطة فعلية أم وهمية؟، وهل نحن سلطة تحت احتلال؟. وأضاف إذا كان المجتمع الدولي جادًا فإن عليه إنهاء الاحتلال لكي تكون السلطة قادرة على ممارسة مهامهاquot;.
بدوره، أكد نصر أبو جيش، عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني، في لقاء خاص مع quot;إيلافquot;، أنحزب الشعب يعرب عن دعمه لموقف الرئيس الداعي الى الاستمرار في المساعي الدبلوماسية إلى الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
وأوضح أبو جيش، أن حزب الشعب جدد دعوته للرئيس أبو مازن إلى ضرورة إجراء انتخابات محلية كمقدمة لاجراء انتخابات تشريعية ورئاسية وضرورة العمل الجاد لإنهاء الانقسام وآثاره الكارثية.
وأشار إلى أن الحزب، عبّر مبكرًا عن تخوفه من أن تفقد السلطة وظيفتها كسلطة وطنية على طريق التحرر الوطني وإقامة الدولة، وعبّر عن تساؤله عن جدوى وجود سلطة دائمة تحت الاحتلال.
وشدد على أهمية العمل على تعزيز وتمكين دور السلطة، منوهًا إلى أهمية العمل وفق ما أكده الرئيس بأن على القيادة الفلسطية أن تنتهج خطًا واضحًا بانحيازها إلى القضية الوطنية وإظهار تعارضها مع الاحتلال.
عن المطلوب القيام به في المرحلة الراهنة، أكد أبو جيشquot; ضرورة إنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الوطنية على أرض الواقع، وتشكيل مجلس انتقالي، وتعزيز المقاومة الشعبية لمواجهة التحديات الراهنة.
التعليقات