لندن: يحاول ملالي إيران وقادة الحرس الثوري منذ أشهر تحجيم الرئيس محمود أحمدي نجاد بالحد من سلطاته. ولكن الرئيس الإيراني انتقل خلال الأسابيع الماضية الى الهجوم بخطابات نارية وتهديدات برفع الغطاء عن فساد خصومه.ويبدو ان هذا التكتيك يثبت جدواه، بحسب اعضاء في البرلمان الإيراني ومحللين.

وعلى الضد من كل التوقعات التي رأت أن أيام أحمدي نجاد باتت معدودة فانه ابدى براعة في تخطي العقبات التي وضعت في طريقه حتى ان معارضين يقولون انهم لا يعتقدون انه سيتنحى أو يقضي ما تبقى من ولايته التي تنتهي عام 2013 بهدوء.

وهم يقولون ان أحمدي نجاد يبدو مصمما على البقاء ابعد من هذا التاريخ بتعيين مقربين في مواقع حساسة. وبدأ الرئيس الإيراني بالفعل حملة تعبئة سياسية نشيطة في انحاء البلاد وهو يستعد لانتخابات برلمانية بالغة الأهمية من المقرر اجراؤها في 2 آذار/مارس المقبل.

ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن معارض ينتمي الى الحركة الخضراء التي أسكتها النظام قوله quot;اننا جميعا قللنا من شأن أحمدي نجادquot;. واضاف المعارض الذي طلب عد ذكر اسمه لأنه أُبلغ مع عشرات غيره بأن يعود الى السجن لإنهاء محكوميته quot;ان أحمدي نجاد عاد كالعنقاء التي تنهض من الرمادquot;.

وبدا موقع أحمدي نجاد مهزوزا بعد اشتباكه مع المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية علي خامنئي في الربيع الماضي. ورغم انهما لم يقرا بالنزاع علنا فان عددا من الملالي وقادة الحرس الثوري الإيراني الذين كانوا من انصار أحمدي نجاد شنوا سلسلة من الحملات ضد الرئيس واعلنوا ولاءهم للمرشد الأعلى.

وحتى قبل نشوب النزاع كان التوتر بين أحمدي نجاد وخامنئي يختمر منذ ما يربو على عام. ورفضت حكومة أحمدي نجاد ان تفرض ما كان رجال دين متزمتون يرون انها قواعد سلوك لا بد ان تلتزم بها المرأة المحجبة، وعمدت الى ترويج تاريخ بلاد فارس قبل الاسلام واطلقت تلميحات بشأن التحادث مع الولايات المتحدة. وكانت هذه كلها تشكل تحديا لموقف المرشد الأعلى وحلفائه.

والآن يتهم خصوم أحمدي نجاد الرئيس الإيراني ومستشاريه المقربين بقيادة quot;تيار منحرفquot; يتآمر لانتزاع السلطة من رجال الدين الذين يقودون إيران منذ الثورة الاسلامية عام 1979.

ولكن أحمدي نجاد رد بضراوة مماثلة. وبعدما كان اتهام مسؤولين كبار في النظام بالفساد من المحرمات أصبحت هذه التهمة الآن موضوعة متكررة في خطابات الرئيس. وتتمتع مثل هذه الحملات بشعبية بين الإيرانيين البسطاء الذين يتهمون كبار الملالي منذ زمن طويل بالإثراء ثراء فاحشا من خلال استغلال مناصبهم.

وتحدث أحمدي نجاد مؤخرا امام نحو 500 مسؤول انتخابي في طهران. ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن شاهد عيان قوله ان الرئيس الإيراني حذر في كلمته من وقوع مواجهة لا مفر منها بينه وبين خصومه قائلا انهم quot;يذهبون في اجازة لمدة ثلاثة أشهر بمحافظ نقود عامرةquot;. واتهم خصومه بأنهم فقراء quot;تحولوا الى اصحاب ملايينquot; عن طريق الفساد.

ولم تكن كلمة أحمدي نجاد معدة للنشر ولكن مقتطفات منها نُشرت على موقع dolatema.com المؤيد لحكومة أحمدي نجاد والممنوع في إيران رغم ذلك، في مؤشر الى تزايد الضغط على الرئيس. وقال أحمدي نجاد ان سبب معاناة الشعب وتذمره quot;اولئك الذين يدَّعون تأييدهم للمرشد الأعلىquot;.

وسُربت في وقت واحد تقريبا مع كلمة أحمدي نجاد وثائق الى الصحافة تربط خصما كبيرا من خصومه في البرلمان بقضية اختلاس كبرى. وفي هذه الأثناء فاز أحمدي نجاد في عملية تصويت كان من المتوقع على نطاق واسع ان يُهزم فيها.

وقدم النائب البارز علي مطهري استقالته في اعقاب التصويت ولكنها رُفضت. ولخص مطهري قبضة أحمدي نجاد على القادة الإيرانيين في صحيفة امروز الإيرانية قائلا quot;انه شخص بحوزته بعض الوثائق وهو جرئ وسنفعل ما يشاء الى ان تنتهي ولايتهquot;.

وقال محللون ان خطابية أحمدي نجاد النارية تدفع المؤسسة الدينية والأمنية الى اتخاذ قرار بشأن مستقبله السياسي. وقال المحلل السياسي المعارض عباس عبدي لصحيفة واشنطن بوست ان الحل التوافقي الوسط ليس ممكنا مع أحمدي نجاد quot;وإذا أراد احد تنحيته جانبا فان ذلك سيحدث بأثمان سياسية باهظةquot;.