يرى مراقبون أن الربيع السوري سيلقي بظلاله على الفلسطينيين وقضيتهم وأن وضع الفصائل في سوريا قبل الثورة كان أفضل حالا ولا يمكن الجزم بأوضاعهم بعدها. وانقسمت الفصائل بين مؤيدة ومعارضة لنظام الأسد في حين أعلن آخرون عدم التدخل، ما سينعكس على طبيعة العلاقات السورية الفلسطينية لاحقا.
رام الله: أكد سياسيون ومراقبون أن الثورة السورية وما سيعقبها من نتائج، سينعكس على الفلسطينيين وقضيتهم ولاسيما أن سوريا تعد من الدول الداعمة للمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وقال نصر أبو جيش عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني، في لقاء خاص مع quot;إيلافquot;: quot;بعيدا عن الدخول في شكل النظام السوري وممارساته على أرض الواقع، فإن سوريا اليوم تتعرض لمؤامرة صهيو امبريالية، واضحة المعالم للجميع، وتحالف قطري تركي ضد النظام السوري، كونه نظاما ممانعا داعما للقضية الفلسطينية بشكل واضح وجلي للعيان، وداعم للمقاومة في وجه المخططات الصهيو امبرياليةquot;.
وأكد أن سوريا وافقت على الخطة العربية رغم تحفظات نظامها على بعض بنودها، إلا أن جامعة الدول العربية اتخذت قرارها بحق سوريا بتجميد عضويتها في الجامعة، لافتا إلى أن هذا القرار لاقى ترحيباً من الاتحاد الأوروبي وأميركا، ومن بعض الدول العربية.
وقال أبو جيش: quot;إذا سقط النظام السوري فإن ذلك سيؤثرفي الوضع الفلسطيني سواء في الداخل أو في الخارج، كما حصل في العراق بحيث سنفقد داعما أساسيا للقضية الفلسطينية ولحقوق الشعب العربي الفلسطينيquot;.
وأضاف: quot;لو قارنّا بين سوريا ودول الجوار التي تستضيف اللاجئين الفلسطينيين، لوجدنا أن حياة وظروف الفلسطينيين في سوريا، أفضل بكثير من غيرها، ناهيك عن الدعم المتواصل من سوريا باتجاه القضية الفلسطينية، بعكس من يدافعون عن قيمة الحرية من الدول العربيةquot;.
وأكد عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني، انحيازه للشعب السوري بمواقفه ومطالبه العادلة، ودعمه لبرنامج الاصلاح الذي يقوده النظام والحوار الوطني الذي ربما يشكل مخرجا من هذه الأزمة.
وقال أبو جيش: quot;من هنا نثمن عاليا الموقف الروسي الصيني تجاه سوريا، باستخدام حق النقض الفيتو ضد قرار التدخل في الشأن السوري الذي تطالب به دوما المعارضة السوريةquot;.
ولفت إلى أن سوريا بغض النظر عن شكل النظام فيها، تتعرض لمؤامرة واضحة عربية صهيو امبريالية، وشدد على ضرورة أن يقف أحرار العالم مع سوريا، خوفا من تنفيذ السيناريو الليبي فيها، حيث تريد أميركا ومن ورائها للمنطقة، شكلا اسوأ من quot;سايكس بيكوquot;.
وذكر أن هناك من يريد للمنطقة أن تكون عبارة عن مجموعة دويلات صغيرة، طائفية مفتتة، لا حول لها ولا قوة، تمتاز بالتبعية الاقتصادية والسياسية، خادمة لمصالح الغرب في المنطقة، وحامية لإسرائيل ربيبتها، كما أن هناك تنافسا واضحا بين الدول العربية على من يخدم المصالح الغربية.
للربيع العربي تأثيراته
بدوره، قال الدكتور فريد أبو ظهير، المحاضر في كلية الإعلام في جامعة النجاح الوطنية: quot;برأيي إن مجمل ما يحدث في المنطقة من ثورات له تأثير عميق على القضية الفلسطينية وعلى الفلسطينيينquot;.
وأضاف: quot;ليست مصر وتونس إلا نموذجا وبداية لهذا التأثير، حيث إن الأيام المقبلة تحمل في جعبتها الكثير من التداعيات لما حدث في تلك الدول على الشعب الفلسطيني وقضيتهquot;.
وبالنسبة إلى تأثيرات ما يجري في سوريا على القضية الفلسطينية، أكد أبو ظهير أنه وكونها تقع على خط التماس مع الحدود الفلسطينية، وتقع في قلب الأحداث بسبب الحدود وبسبب تواجد مئات الآلاف من الفلسطينيين في مخيمات سوريا، وبسبب اتخاذ فصائل فلسطينية من دمشق مقرا لها، فإن ما يحدث في سوريا، وما سيترتب على هذه الأحداث سيكون له انعكاسات واضحة على الشعب الفلسطيني.
وذكر أن المشكلة في ما يحدث في سوريا بالنسبة إلى الفلسطينيين، يتمثل في أن مواقف النظام السوري من القضية الفلسطينية هي مواقف ايجابية تمثل التمسك بالحق الفلسطيني، وتشكل كوابح لمسار التفاوض، بصرف النظر عن دوافع هذا النظام من مواقفه هذه.
وبحسب أبو ظهير فإن هذا لا يعني أن الثورة تهدف إلى تغيير الموقف السوري، بل ربما العكس، فقد يأتي نظامٌ بعد نظام الأسد يكون موقفه أكثر وطنية وتمسكا بالحقوق الفلسطينية.
وقال: quot;ولكن هذه المرحلة التي تمر بها سوريا تعتبر بلا شك مرحلة حساسة ودقيقة بالنسبة إلى الفلسطينيين الذين يرون أنه من الصعب إدارة الظهر للنظام الذي كانت له مواقف إيجابية من قضيته، ولكن في المقابل، هناك أيضاً صعوبة في إدارة الظهر للثورة التي ربما تكون حقيقية ومعبرة عن إرادة الشعب السوريquot;.
وأضاف: quot;وبالتالي، فإن عدم الوقوف مع الشعب يعني أن أي نظام قد يأتي بعد نظام الأسد سيتخذ موقفا سلبيا من الشعب الفلسطيني الذي لم يسانده في ثورتهquot;.
وأردف: quot;برأيي إن عدم الإستقرار الحالي في سوريا، وما قد يتبع ذلك من تغيير للنظام، سيكون له انعكاس ايجابي على القضية الفلسطينية، لأن قضيتنا بحاجة الى أنظمة تعبّر بصدق عن مشاعر وطموح شعوبهاquot;.
وفي لقاء سابق مع quot;إيلافquot; قال صالح رأفت، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية: quot;نحن وقفنا منذ البداية مع خيارات الشعوب العربية نحو الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية وترسيخ أنظمة مدنية ديمقراطيةquot;.
وأضاف:quot;سبق وقلنا إننا لا نتدخل في هذه الأوضاع الداخلية، ونحن نقف مع خيارات الشعوب، معربًا عن أسفه لزجّ السلطات السورية بالفلسطينيين في هذه الأحداث الداخلية، كما جرى حين تم الاعتداء على مخيم الرمل في اللاذقية قبل عدة أشهر، حيث سقط سبعة شهداء، ونزح العشرات، بل المئات، من الأهاليquot;.
وأكد رأفت أن القيادة شجبت وأدانت هذه الاعتداءات، وطالبت القيادة السورية بالكفّ عن الاعتداء على مخيم الرمل، وعدم استخدام العنف في مواجهة المحتجين السوريين.
وقال: quot;نحن على اتصال وتواصل دائم مع أبناء شعبنا في سوريا، ولسنا طرفًا في الأوضاع الداخلية، وندعو إلى عدم زجّ الفلسطينيين في هذا الصراع، ونحن مع خيار الشعب السوريquot;.
انعكاسات الثورة السورية على الفلسطينيين
من جهته، أكد المحلل السياسي الدكتور عثمان عثمان، في لقاء خاص مع quot;إيلافquot;، أن للربيع السوري وثورة السوريين انعكاسات واضحة على الفلسطينيين خاصة وأن آلاف الفلسطينيين يعيشون في مخيمات سورية ويتمتعون بعلاقات وظروف أفضل حالا من دول أخرى.
وأشار عثمان، إلى أن وضع الفلسطينيين في سوريا جيد، بالمقارنة مع بقية الدول العربية، حيث حظي المقيمون هناك بعلاقات جيدة مع السوريين خاصة وأن هناك العديد من الفصائل الفلسطينية التي تنسجم في رؤيتها مع النظام القائم.
وأكد أن العلاقات السورية الفلسطينية اهتزت نوعا ما بسبب مواقف الفصائل الفلسطينية المعارضة للنظام، والتي أعلنت تضامنها مع الثورة، وأيدت النظام مضطرة ضد الشعب في ثورته.
وكانت هذه العلاقة قوية ومتينة بحسب عثمان، ويعود ذلك إلى أن الانسجام القائم كان على أساس اتفاق الفصائل مع المواقف الخارجية للنظام السوري تجاه القضية الفلسطينية.
وكانت هذه الفصائل وسوريا وإيران وحزب الله وحماس في قطاع غزة، تُعتَبر محور الممانعة في المنطقة كونها ترفض الاستسلام والإملاءات الأميركية والإسرائيلية، ولأنها كانت ناقدة وسلبية تجاه الأنظمة العربية المعتدلة الراغبة في التسوية السلمية.
وعن طبيعة العلاقات السورية الفلسطينية مع هذه الثورة أوضح عثمان، أن هذه العلاقة قد اهتزت حين أعلنت بعض الفصائل مجبرة تأييدها للنظام، للحفاظ على مكتسباتها داخل سوريا، فيما أبدت فصائل أخرى معارضتها النظام وانحازت للثورة وتطلعات السوريين.
وأشار عثمان إلى أنه ورغم المواقف السورية الخارجية المتضامنة مع القضية الفلسطينية، إلا أن شكل النظام السوري في حكم الشعب هو نظام استبدادي وقامع للحريات والتعددية.
وفي ما يتعلق بالفصائل التي رفضت تأييد النظام بشكل مطلق، قال عثمان: quot;إن حركة حماس لم تؤيد النظام لسببين الأول يتعلق بميثاق الحركة الذي يمنعها من التدخل بشؤون الغير، والثاني يتعلق بالتجربة السابقة للفلسطينيين حين أيّدت منظمة التحرير العراق أثناء غزوه للكويت الأمر الذي انعكس سلبا على الفلسطينيينquot;.
ومن بين الانعكاسات المحتملة على القضية الفلسطينية هناك احتمالات متعددة، فإذا بقي النظام قائما، فإن الفصائل التي أيّدته ستحظى بقدر من الاحترام، والعلاقة القائمة ستبقى كما هي، أما الفصائل المعارضة له فستخسر. وإذا خسر هذا النظام وسقط فإن الفصائل التي أيدته ستدفع الثمن فيما ستحظى الفصائل المعارضة بالإهتمام.
وقال عثمان: quot;إذا سقط النظام السوري فإن العلاقة لن تكون واحدة باتجاه القضية الفلسطينية، وسيحدد النظام القادم طبيعة وشكل العلاقة، وفي حال أفرزت الثورة نجاحا للتيار الإسلامي فإن الفصائل التي عارضت النظام وخاصة حماس ستكون في وضع جيد لأن التيار الإسلامي يدعم نهج المقاومة الذي تتبناه حماسquot;.
وفي إطار الدعم المعنوي الشعبي الفلسطيني للثورة السورية قامت عدة مسيرات في المحافظات الفلسطينية وطالبوا خلالها النظام بالاستجابة إلى مطالب الشعب ورؤيته وتطلعاته.
التعليقات