القاهرة: شهدت مصر الاحد اختبار قوة بين السلطة العسكرية والقوى السياسية حول سلطات الحكومة القادمة عشية اول انتخابات تشريعية في مصر ما بعد مبارك والتي تبدا الاثنين.

والصراع يدور بين المجلس الاعلى للقوات المسلحة، الذي يتولى ادارة البلاد، وجماعة الاخوان المسلمين، التي ترى ان الامور تسير لصالحها، والمعارض محمد البرادعي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة والمرشح المعلن للرئاسة الذي يحظى بدعم متظاهري ميدان التحرير المناهضين للسلطة العسكرية.

وحتى الان كانت مهمة الحكومة، التي يعينها الجيش منذ سقوط مبارك، تقتصر على تصريف الشؤون الجارية لكن هذا الوضع اصبح محل اعادة نظر مع استقالة رئيس الوزراء عصام شرف وقرب تشكيل برلمان منتخب بعد حل البرلمان السابق.

وفي اجواء من التجاذب والمساومات الخفية وبالونات الاختبار وضغط الشارع اكد المجلس الاعلى للقوات المسلحة تمكسه بكمال الجنزوري الذي اختاره لتشكيل الحكومة الجديدة. وطلب رئيس المجلس المشير محمد حسين طنطاوي من البرادعي ومن المرشح القوي الاخر للرئاسة عمرو موسى، الامين العام السابق للجامعة العربية، دعم هذا السياسي المخضرم الذي يبلغ الثامنة والسبعين من العمر.

لكن العقبة الرئيسية امام تكليف الجنزوري الذي سبق ان تولى رئاسة الوزراء من 1996 الى 1999 في عهد الرئيس السابق رئيس الوزراء الاسبق هو الرفض الشديد الذي قوبل به من الاف المتظاهرين المعتصمين منذ اسبوع في ميدان التحرير.

وقد ابدى البرادعي مساء السبت، بعد لقاء مع طنطاوي، استعداده للتخلي عن طموحاته الرئاسية وتولي حكومة انقاذ وطني quot;على أن تكون لهذه الحكومة الصلاحيات الكاملة لإدارة المرحلة الإنتقالية وإستعادة الأمن وإحياء الاقتصاد وتحقيق أهداف الثورة المصريةquot; وذلك في بيان اصدره مكتبه الاعلامي مساء السبت عقب لقاء عقده مع ممثلي الحركات الشبابية.

ويرى الخبير السياسي حسن نافعة ان quot;عرض البرادعي هو وسيلة غير مباشرة لرفض حكومة بقيادة الجنزوري او التعاون معهاquot;.

ويقول حسام عيسى السياسي القريب من المتظاهرين ان فكرة حكومة الانقاذ الوطني quot;اقتراح من التحرير وافق عليه البرادعيquot;.

واليوم دخل الاخوان المسلمون حلبة الصراع عشية الانتخابات التشريعية التي يرون انها ستاتي في صالحهم كونهم القوة اكثر تنظيما في البلاد.

واكد محمود غزلان المتحدث باسم الجماعة ان الاغلبية البرلمانية هي التي يجب ان تكلف بتشكيل الحكومة بعد الانتخابات وان الجماعة تؤيد اقامة نظام برلماني في مصر بدلا من النظام الرئاسي الذي كان قائما منذ عقود.

وفي تصريحات لوكالة فرانس برس، قال غزلان ان quot;البرلمان القادم المفروض انه يمثل الشعب والمجلس العسكري يجب ان يوكل للحزب الذي حصل على اكبر نسبة من الاصوات تشكيل الحكومة المقبلة والا سيعطل البرلمان قرارات هذه الحكومةquot;.

ويرى حسن نافعة ان موقف الاخوان المسلمين يعني مع ذلك انه لن تكون هناك حكومة تتمتع بسلطات حقيقية قبل انتهاء الانتخابات في منتصف كانون الثاني/يناير بالنسبة لمجلس الشعب واذار/مارس لمجلس الشورى.

وقال نافعة ان هذا الامر quot;لن يكون مقبولا من شباب التحرير. ومن ثم فان الازمة ستستمرquot;.

وقد وعد الجيش بتسليم الحكم الى سلطة مدنية بعد الانتخابات الرئاسية التي لن تجرى قبل نهاية حزيران/يونيو 2012.

مجلس استشاري مدني يعمل مع الحكومة والمجلس العسكري

وتم الاتفاق على تشكيل مجلس استشاري مدني يعمل الى جوار الحكومة والمجلس الاعلى للقوات المسلحة في ادارة مصر على أن تنتهي مهمته بانتهاء انتخابات مجلس الشورى.

المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية الدكتور محمد سليم العوا ان الاتفاق تم خلال اللقاء الذي عقد اليوم بدعوة من رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة المشير محمد حسين طنطاوي وبحضور رئيس أركان حرب القوات المسلحة الفريق سامي عنان مع عدد من رؤساء الأحزاب والقوى السياسية.

واوضح العوا أن اللقاء كان للتشاور حول الأوضاع القائمة وسبل الخروج من الأزمة الحالية والتقى خلاله عدد من أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة بكل من المرشحين المحتملين للرئاسة ورؤساء الاحزاب السياسية وعدد من رموز ائتلاف الثورة في مصر.

يذكر ان الحالة السياسية في مصر تشهد اضطرابا منذ الجمعة قبل الماضية حيث يدخل الاعتصام بميدان التحرير يومه التاسع اعتراضا على استمرار بقاء المجلس الاعلى للقوات المسلحة في السلطة وعدم تسليمها لسلطة مدنية منتخبة من الشعب بينما تبدأ مصر اولى مراحل انتخاب البرلمان الجديد غدا.

ويقوم رئيس الوزراء المكلف من قبل المجلس الاعلى الدكتور كمال الجنزوري في هذه الاثناء بمشاورات تشكيل حكومته الجديدة وسط اعتراضات المتظاهرين في ميدان التحرير.