يعجّ عالم الجاسوسية بالمفاجآت والمنعطفات المدهشة. وعلى هذا الخط تكشفت قصة حسناء روسية، يلقبّونها بـlaquo;مصيدة العسلraquo;، اتهمتها وكالة الاستخبارات البريطانية الداخلية بأنها جاسوسة لموسكو، وتغلغلت بفضل جمالها وأنوثتها إلى قلب المؤسسة السياسية، وقدمت لروسيا معلومات دفاعية حساسة.


كاتيا تبتسم للعدسات إثر القرار القضائي التاريخي

صلاح أحمد: في تطور غير مسبوق في عالم الجاسوسية الغامض المثير، تمكنت حسناء روسية، ينظر إليها على أنها laquo;جاسوسةraquo; روسية من الفوز في معركة غير مألوفة. فقد أقنعت السلطات القضائية بأنها ترغب في البقاء داخل الأراضي البريطانية، وبأن لها الحق القانوني الذي يكفل لها ذلك، وفقًا لما تناولته الصحافة البريطانية على نطاق واسع الأربعاء.

المرأة موضوع القضية هي إيكاترينا (كاتيا) زاتوليفيتر (26 عامًا)، التي كانت تعمل laquo;مساعدةraquo; للنائب البرلماني عن حزب الليبراليين الديمقراطيين مايك هانكوك.

ولكن اتضح أولاً أن هذه الوظيفة كانت مجرد واجهة لكونها عشيقته، وثانيًا أنها صارت متهمة باستغلال بطاقة مرورها إلى برلمان ويستمنستر، لجمع معلومات مهمة زوّدت بها موسكو. زاذ من خطورة الموقف أن هانكوك عضو بارز في اللجنة البرلمانية الخاصة المعنية بشؤون الدفاع، وقيل تاليًا إن كاتيا حصلت بفضل عملها له على أسرار دفاعية حساسة.

وكان عملاء وكالة الاستخبارات البريطانية الداخلية laquo;إم آي 5raquo; قد أعربواعن قناعتهم بأن موسكو زرعت كاتيا داخل أكبر أعمدة المؤسسة السياسية البريطانية، بفضل جمالها وأنوثتها الطاغية. ولذا فقد أطلقوا عليها - وشاركتهم الصحافة البريطانية - لقب laquo;مصيدة العسلraquo;.

ومضوا إلى القول إنها نجحت في إغواء هانكوك (65 عامًا) المتزوج، والذي كانت كاتيا تناديه بـlaquo;دبدوبي الحلو المدللraquo; في مجالسهما الخاصة.

وأضاف عملاء laquo;إم آي 5raquo; أيضًا أن هاكوك laquo;ليس الوحيد الذي وقع في حبائلهاraquo;، وأنها laquo;كانت تتخير كبار السنّ نسبيًا لأنهم الأسهلraquo;. وقالوا إن من بين laquo;ضحاياهاraquo; دبلوماسي هولندي، وضابط رفيع المستوى في قوات حلف شمال الأطلسي laquo;الناتوraquo;، وإن لم يكشف عن هويّة أي منهما.

مثلما هي العادة في مواقف كهذه، فقد تلقت كاتيا إخطارًا بأنها laquo;شخص غير مرغوب فيهraquo;، وطلب منها مغادرة البلاد. لكنها احتجّت قضائيًا بأن هذا laquo;حكم جائر، ولا يستند إلى دليل دامغraquo;. وجادلت بأنها لم تقدم إلى موسكو أي معلومات تمسّ الأمن القومي البريطاني.

فالتأمت لها محكمة استئناف في شؤون الهجرة، شُكّلت خصيصًا للنظر في قضيتها. وبعد جلسات عديدة ومطوّلة (منعت كاتيا نفسها من حضور عدد منها لأسباب أمنية) قالت هذه المحكمة إنها لا تجد الدليل على أنها كانت تمدّ أي جهة خارجية بمعلومات سريّة، أو أن موسكو جنّدتها في زمرة عملائها الخارجيين.

ومضت المحكمة إلى حد الإقرار بأن علاقتها بالنائب البرلماني laquo;مدفوعة في ما يبدو بالحب المنزّه عن الغرضraquo;. وهكذا وافقت على مطلبها بالبقاء داخل بريطانيا ومغادرتها أو العودة إليها، كما شاءت وبدون عوائق. يذكر أن بين قضاة تلك المحكمة الخاصة مدير سابق لـlaquo;إم آي 5raquo;، الذي وجّهت إليه التهمة في المقام الأول.

ويعتقد الآن أن اللجنة البرلمانية لشؤون المخابرات والأمن ستجري تحقيقاتها الخاصة حول أي هفوات أو أخطاء ارتكبتها laquo;إم آي 5raquo; في ما يتعلق بقضية كاتيا. وصار هذا متوقعًا بعدما جادل فريق الدفاع عن الحسناء الروسية بقوله إن وكالة الاستخبارات البريطانية الداخلية laquo;تعاني نقصًا في الكفاءةraquo;، وإنها laquo;استندت في اتهاماتها إلى زاتوليفيتر على مجرد تكهنات وتخمينات وتحامل على شخص معين فقط بسبب جنسيتهraquo;.

وكشفت الصحافة عن أن كاتيا نفسها قالت في برنامج laquo;بانوراماraquo; التابع لتلفزيون laquo;بي بي سيraquo; إن عملاء laquo;إم آي 5raquo; الذين حققوا معها مرارًا كانوا laquo;يفتقرون المهنية، ومصابين بالذعر الذي يعمي صاحبهraquo;. وأضافت قولها: laquo;بالنسبة إليّ فقد كانت هذه تجربة مريرة، لأنها أقنعت العديد من الناس بأنني جاسوسة، وفقط لأن الحكومة ألصقت بي هذه التهمةraquo;.

من الأشياء البارزة التي خرجت بها المحكمة الخاصة... ما جاء في بيانها الختامي، الذي يلقي بظلال من الشك حول الأمر برمته، ويوحي بأن كاتيا كسبت دعواها على أسس laquo;تقنية بحتة بسبب غياب الدليل الدامغraquo;. بعبارة أخرى فإن سيف الاتهام بأنها جاسوسة يظل معلقًا فوق عنقها رغم تبرئتها.

وجاء في هذا البيان ما يلي: laquo;لا يمكننا القول بشكل قاطع إننا لم نقع في فخ ما. وإذا كان هذا هو الحال، فلا مناص من الاعتراف بأن الشخص الذي أوقعنا فيه (كاتيا) على درجة رفيعة من الذكاء والثقة، وأنه تلقى تدريبات عالية في فنون البقاءraquo;.