لا تزال تونس تعاني الكثير من الإشكاليات المزمنة بعد مرور أكثر من شهر ونصف شهر على الانتخابات، وإذ تمرّ البلاد بوضع اجتماعي متفجّر فإنها تشهد أيضًا منافسة قوية بين العلمانيين والإسلاميين.


التظاهرات مستمرة أمام المجلس التأسيسي

تونس:قامت الشرطة التونسية السبت بتفريق متظاهرين مؤيّدين للإسلاميين، مستخدمة الغاز المسيل للدموع، بعد مواجهات عنيفة مع مجموعة من المشاركين في تجمع أمام مقر المجلس التأسيسي في تونس العاصمة، على ما أفادت مصادر متطابقة.

وقالت إيناس بن عثمان المتحدثة باسم المشاركين في التجمع، الذي انطلق الأربعاء أمام مقر المجلس التأسيسي لفرانس برس quot;الإسلاميون هاجمونا، ورشقونا بالحجارة، والشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموعquot;.

وأضافت quot;التجمع مستمرّ، نحن باقون. إلا أن المهاجمين يستفزوننا، ولا يزالون في المنطقة، وينتظروننا في كل ناحية من الشارعquot;.

وأكد هشام المؤدب المتحدث باسم وزارة الداخلية التونسية لفرانس برس أن quot;مجموعة من المؤيدين للسلفيين رموا الحجارةquot; على المشاركين في التجمع، وquot;قامت الشرطة بتفريقهمquot;. وأضاف quot;الهدوء عادquot; إلى المكان.

وكان آلاف المتظاهرين المؤيدين للإسلاميين، بينهم سلفيون، توجّهواالسبت إلى أمام مقر المجلس التأسيسي في تونس العاصمة، في quot;تظاهرة مضادةquot; للتجمع المستمرّ منذ الأربعاء.

وتواجه المعسكران طوال النهار في أجواء متوترة، واندلعت الحوادث في أولى ساعات المساء.

وما زال الوضع الاجتماعي متفجّرًا في تونس، والاقتصاد معطلاً، بينما يحاول متطرفون كسب مواقع، في حين لا تزال البلاد من دون حكومة، والأجواء غير واعدة بعد شهر ونصف شهر من انتخابات 23 تشرين الأول/أكتوبر.

وتحوّلت ساحة باردو أمام مقر البرلمان، حيث يعقد المجلس التأسيسي اجتماعاته، إلى ميدان اعتصامات، يعبّر فيها مختلف فئات الشعب عن الغضب والمطالب.

ويعتصم هناك منذ الأربعاء مئات المدرسين، الذين يحتجّون على اقتحام متطرفين حرم الجامعة، وكذلك عاطلون عن العمل من منطقة قفصة المنجمية، ونساء يخشين على حقوقهن. وأوضحت إيناس بن عثمان الناطقة باسم المعتصمين quot;نحن هنا لأن البلاد تشهد حالات اجتماعية طارئة، يجب أن يراها المجلس، ويجد حلولاً لهاquot;.

لكن مخيّمًا جديدًا أقيم السبت عندما تجمع الآلاف من أنصار الإسلاميين بدورهم مؤكدين quot;نحن الغالبية!quot;. وفصلت قوات الأمن بينهم وبين المعتصمين الأوائل. وشاركت نساء منقبات ورجال رفعوا العلم الأسود لـquot;حزب التحريرquot; المحظور، الأمر الذي يدل، بحسب المدافعين عن العلمانية، على quot;تحالف موضوعيquot; بين حزب النهضة الإسلامي والمتطرفين الإسلاميين.

تجري هذه الاحداث بينما اتهم حزب النهضة، أكبر حزب في المجلس التأسيسي، وحتى من قبل شريكيه اليساريين، وهما المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل، بالسعي إلى احتكار السلطاتكافةفي الحكومة المقبلة.

وبعد أسبوع من المحادثات الحثيثة، توصل النواب الجمعة إلى الاتفاق داخل إحدى اللجان على تنظيم السلطات، والذي سيطرح الثلاثاء في اجتماع المجلس التأسيسي.

سيفتح هذا الاتفاق المجال أمام انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة، في حين استقالت حكومة الباجي قائد السبسي رسميًا، وهي تتولى مهمة تصريف الأعمال ليس إلا.

وأعرب هشام العلومي ممثل منظمة أصحاب العمل التونسية عن قلقه، مؤكدًا quot;أنه أمر عاجل، ولا يقبل الانتظار، هناك جو من المماطلة والتردد، ولا أحد يقرر، وهذا يشلّ الاقتصادquot;.

وبعد ما يقارب سنة من اندلاع الثورة، ما زال الوضع الاقتصادي في تدهور. وأعلن محافظ البنك المركزي مصطفى كمال النابلي السبت أن النمو سيكون في مستوى الصفر مع نهاية السنة الجارية 2011 متوقعًا ارتفاع نسبة البطالة إلى أكثر من 18%.

وقال العلومي إن quot;المشاكل الاجتماعية تفاقمت، وإن أي خلاف في شركة ما يتحول إلى نزاع. ناهيك عن التدخلات الخارجية مثل العاطلين عن العمل، الذين يأتون لشلّ مؤسسة مطالبين بوظيفةquot;.

وفي العاصمة تونس، حاول عاطلان عن العمل من منطقة قفصة المنجمية (جنوب غرب) الأربعاء الانتحار شنقًا أمام مقر شركة الفوسفات.

ونهبت بلدتان في ولاية قفصة خلال الأسبوع الماضي، بعد نشر نتائج مباراة للتوظيف في شركة الفوسفات، اعتبر المحتجون أن نتائجها مزورة.

كذلك توتر الوضع في جنوب تونس، حيث أغلق معبران على الحدود مع ليبيا، بسبب تعدد أحداث، تورّط فيها مسلحون ليبيون.

وأعلن المنجي سليم، وهو من الناشطين في المجال الإنساني أن quot;المعبر مقفل، باستثناء الحالات الطارئة، في حين أن الأمر حيوي بالنسبة إلى تونس، لكل هؤلاء الناس الذين يمارسون أعمالاً تجارية في ليبياquot;.

وأضاف إن quot;الأجواء متوترة. اليوم أحرقت سيارتان، يملكهما رجلا أعمال ليبيان أمام فندقهما في مدنينquot; فيجنوب تونس.

أمام تدهور الوضع، أصدر المجلس التأسيسي السبت بيانًا دعا فيه إلى quot;احترام القانونquot; وتفضيل quot;الحوار لحلّ الخلافاتquot;.