تضمنت كلمة السعودية خلال منتدى quot;الخليج والعالمquot;، الذي افتتح في الرياض، مختلف القضايا السياسية الأساسية، وأكدت حرصها على إحلال السلام والاستقرار في المنطقة، ودعم قيام دولة فلسطينية، مع تطبيع كامل للعلاقات مع إيران، شريطة حظر كامل لأسلحة الدمار الشامل.


جانب من افتتاح منتدى quot;الخليج والعالمquot; في الرياض

الرياض: أكدت المملكة العربية السعودية سعيها الدائم مع دول مجلس التعاون الخليجي إلى إحلال السلم والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك دعم قيام الدولة الفلسطينية، وحظر أسلحة الدمار الشامل، وبناء علاقات تسودها مبادئ الاحترام المتبادل، والتعاون مع دول الجوار، وفي مقدمتها إيران.

جاء ذلك خلال افتتاح منتدى quot;الخليج والعالمquot;، الذي ينظمه على مدى يومين معهد الدراسات الدبلوماسية في وزارة الخارجية السعودية، بالتعاون مع مركز الخليج للأبحاث في دبي، وذلك في قاعة الملك فيصل للمؤتمرات في الرياض.

افتتح الأمير الدكتور تركي بن محمد بن سعود الكبير وكيل وزارة الخارجية للعلاقات المتعددة الأطراف صباح الأحد المنتدى نيابة عن الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، وقد حضر الافتتاح عدد كبير من الشخصيات السعودية، من بينهم وزير المالية الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف، ووزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز محيي الدين خوجة، ورئيس هيئة حقوق الإنسان الدكتور بندر بن محمد العيبان، وحشد من كبار القادة الدبلوماسيين والاقتصاديين والمهتمين بالشأن الخليجي من مختلف دول العالم.

وألقى نيابة عن الأمير سعود الفيصل، الأمير تركي بن محمد بن سعود الكبير، كلمة أكد فيها سعي المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الدائم إلى إحلال السلم والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.

وقال الأمير تركي إن السعودية تريد دعم قيام الدولة الفلسطينية وحظر أسلحة الدمار الشامل، وبناء علاقات تسودها مبادئ الاحترام المتبادل والتعاون مع دول الجوار، وفي مقدمتها إيران، مشيراً إلى أن دول مجلس التعاون ليست لها مصالح توسعية أو توجهات إلى التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ولكنها مصمّمة على حماية أمن شعوبها واستقرارها ومكتسباتها في وجه المخاطر والتهديدات.

وقال quot;لا يمكن أن نتناول جهود إحلال السلم في منطقة الشرق الأوسط، بما فيها منطقة الخليج، من دون التطرق إلى مستجدات القضية الفلسطينية، ووصول المفاوضات في هذا الخصوص إلى طريق مسدود، بسبب تعنّت إسرائيل المستمر، ورفضهاكل المبادرات السلمية لحلّ النزاع، بما فيها مبادرة السلام العربيةquot;.

وأكد على مسؤولية المجتمع الدوليفي الضغط على إسرائيل بحزم، للتخلي عن منطق القوة، وتبني خيار السلام، والاعتراف للشعب الفلسطيني بحقه في إنشاء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وفقاً للقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي.

وأضاف quot;أؤكد سعينا الدائم إلى بناء علاقات تسودها مبادئ الاحترام المتبادل والتعاون مع دول الجوار، وفي مقدمتها إيران، والتي مع الأسف، تتصرف على نحو يشير إلى عدم اهتمامها بهذه المبادئquot;، مبيناً أن التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول الخليجية ما زالت مستمرة، كما إنها ماضية في تطوير برنامجها النووي، وتجاهل مطالبات العالم، ومخاوفه المشروعة من سعيها إلى تطوير هذا السلاح الفتاك، وخلق تهديد جدي للأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي.

وأشار إلى أنه مع تأييد حق إيران وبقية دول المنطقة في الاستعمال السلمي للطاقة النووية، إلا أن هذا يجب أن يكون تحت إشراف ومراقبة وكالة الطاقة الذرية ووفقاً لأنظمتها، مما سيساعد على نزع فتيل الأزمة، وبناء الثقة بين إيران من جهة، وجيرانها في الخليج والمجتمع الدولي من جهة أخرى.

وعن حظر الأسلحة النووية وبقية أسلحة الدمار الشامل، جدد وزير الخارجية تأكيد دعم المملكة المستمر للجهود الساعية إلى جعل منطقة الشرق الأوسط منزوعة من كل أسلحة الدمار الشامل، لافتاً إلى أن رفض إسرائيل المستمر للانضمام إلى اتفاقية حظر الانتشار وبقاء برامجها النووية خارج نطاق الرقابة الدولية، يعدّ أحد العراقيل الرئيسة لتحقيق هذا الهدف المشروع لشعوب المنطقة وللعالم أجمع.

وأوضح أن المنطقة العربية تشهد تحولات عميقة، لم تشهد مثلها من قبل، الأمر الذي يتطلب من الجميع وقفة مسؤولة للحفاظ على دول المنطقة ووحدة أراضيها وسلامتها الإقليمية والسلم المدني، مندون إغفال المطالب المشروعة لشعوب المنطقة، إضافة إلى استمرار آثار الأزمة الاقتصادية العالمية، التي ما زالت تلقي بظلالها على العديد من الدول والشعوب.

مبيناً أنه بالنظر إلى ما تحظى به منطقة الخليج العربي من أهمية كبرى مرتبطة بموقعها الاستراتيجي المهم، وما تملكه من احتياطيات ضخمة من النفط والغاز، واللذين يشكلان أهم مصادر الطاقة في العالم، فإن هذه التحديات والتهديدات التي تواجهها منطقة الخليج، تمثل بلا شك تهديداً للأمن والاستقرار العالميين.

ولفت إلى أن من أهم الدروس المستفادة من هذه الأزمات هو أنها برهنت مرة أخرى للجميع على حقيقة صعوبة السيطرة عليها بشكل إنفرادي من قبل الدول، ولهذا فإن التعاون الإقليمي والدولي هو السبيل الوحيد لمواجهتها، كما إنه الوسيلة لتحقيق أهداف الدولة في التنمية المستدامة والرفاه والاستقرار لشعبها، وهو الضامن لعدم تكرار مثل هذه الأزمات في المستقبل، حيث لا يمكن لدولة أو منطقة معينة من العالم أن تعيش في استقرار ورخاء، بينما يعجّ باقي العالم بالقلاقل والأزمات بشتى أنواعهاquot;.

وأفاد وزير الخارجية أن المملكة أدركت حقيقة دور التعاون الإقليمي والدولي منذ مرحلة مبكرة، حيث كانت من الدول المؤسِّسة للعديد من المنظمات الدولية والإقليمية العريقة، وعلى رأسها الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، كما إنها تساهم في كثير من الهيئات والصناديق والبنوك التنموية على كل المستويات الإقليمية والدولية، إضافة إلى مشاركتها كعضو فاعل في مجموعة العشرين الاقتصادية.

وأوضح أن المنطقة العربية تشهد تحولات عميقة لم تشهد مثلها من قبل، الأمر الذي يتطلب من الجميع وقفة مسؤولة للحفاظ على دول المنطقة ووحدة أراضيها وسلامتها الإقليمية والسلم المدني، من دون إغفال المطالب المشروعة لشعوب المنطقة، إضافة إلى استمرار آثار الأزمة الاقتصادية العالمية، التي ما زالت تلقي بظلالها على العديد من الدول والشعوب.

ولفت إلى أنه بالنظر إلى ما تحظى به منطقة الخليج العربي من أهمية كبرى مرتبطة بموقعها الاستراتيجي المهم، وما تملكه من احتياطيات ضخمة من النفط والغاز، واللذين يشكلان أهم مصادر الطاقة في العالم، فإن هذه التحديات والتهديدات التي تواجهها منطقة الخليج تمثل بلا شك تهديداً للأمن والاستقرار العالميين.

كما ألقى مدير معهد الدراسات الدبلوماسية الدكتور عبدالكريم بن حمود الدخيل، كلمة أوضح فيها أن انعقاد هذا المنتدى يتصاحب مع تطورات أحداث غير مسبوقة في منطقتي الخليج العربي والشرق الأوسط، كان أحد معالمها تنامي دور مجلس التعاون الخليجي كلاعب إقليمي وصانع مبادرات دبلوماسية، تسعى إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، ولعل من أهمها المبادرة الخليجية بشأن الأزمة اليمنية، والتي تم توقيعها في الرياض بتاريخ 23 / 11 / 2011.

وأوضح أن مجلس التعاون الخليجي اكتسب خلال الفترة الماضية مكانة مرموقة في الدبلوماسية الدولية، وذلك عبر عقد الشراكات، والدخول في الحوارات الإستراتيجية مع عدد من الأقطاب الدولية، كالاتحاد الأوروبي، والصين، وروسيا، والهند، وتركيا، وغيرها.

وأكد أن نهج الحوار والدبلوماسية والعمل السياسي الفعال هو أحد مسالك السياسة الخليجية، حيث تبتعد دول المجلس عن مسالك العنف والقوة، وتسعى إلى البناء والاستقرار والتنمية لخدمة مصالح شعوبها والعالم، مبيناً أن مداولات هذا المنتدى في محاوره المختلفة السياسية، والأمنية، والاقتصادية تتيح فرصًا لتعزيز الفهم الصحيح، وتنمية قيم التعاون البناء، والحوار بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول العالم كافة.

عقب ذلك ألقى رئيس مركز الخليج للأبحاث الدكتور عبدالعزيز بن صقر بن عثمان كلمة أشار فيها إلى أن انعقاد هذا المنتدى يتزامن مع الاستعداد لاستضافة قمة مجلس التعاون الخليجي خلال أيام، واستعداد المجلس في البدء بالعقد الرابع من عمره في ظل وجود الكثير من الطموحات والتطلعات المرجوة منه من ناحية، والتحديات الكبرى التي تواجهه من ناحية أخرى.

وأكد أن دور دول مجلس التعاون ككتلة اقتصادية وسياسية موحدة لها تأثير لا يمكن تجاوزه في الاقتصاد العالمي وموازين القوى العاملة، مبيناً أن حجم مبادلات دول المجلس التجارية مع دول العالم يصل الآن إلى تريليون دولار، مقابل نحو 2612 مليار دولار عام 2000م.

كما إن دول المجلس كسبت ثقة المستثمر الأجنبي، باستثمارات بلغت 300 مليار دولار، بعدما كانت 30 مليار دولار عام 2000م، أي بنسبة تفوق 827%، وبمعدل سنوي تجاوز 28%، فضلاً عن أن دول المجلس تعدّ أهم مصادر الطاقة في العالم، وبإنتاج يتراوح في حدود 15 مليون برميل من النفط يومياً، وإحدى هذه الدول، وهي المملكة، ضمن أعضاء نادي الدول العشرين الأكبر اقتصاداً في العالم.

وأشاد بقدرة مجلس التعاون الخليجيعلى الصمود والحفاظ على بقائها، رغم الحروب والتحولات التي مرت بها المنطقة، مفيداً بأن التحديات التي الراهنة التي تواجهها المنطقة تلقي بظلالها المباشرة وغير المباشرة الآنية والمستقبلية على دول المجلس، مما يتعيّن التعامل معها بالجدية الواجبة، حتى يتسنى قطع الطريق على المتربصين بها والطامحين إلى تفتيتها أو الطامعين في خيراتها.

وأبرز رئيس مركز الخليج للأبحاث في كلمته التحديات التي تواجه المنطقة، تتقدمها المحاولات الإيرانية للتدخل في الشؤون الداخلية لدول المجلس، وتلويحها باستخدام القوة العسكرية ضدها، وتحدي ملء الفراغ الأمني في منطقة الخليج، في حال غياب أو ضعف الدور الأميركي الموجود حالياً، إلى جانب تحديات الأزمات المالية العالمية، وتدهور الأوضاع في بعض دول الجوار الجغرافي، خاصة في سوريا واليمن، وأحداث ما يسمّى بالربيع العربي، والانتقال إلى مجتمع المعرفة وتحديث مناهج التعليم.

ودعا في ختام كلمته دول مجلس التعاون إلى تأمين جبهتها الداخلي وتعزيز وحدة صفوف شعوبها، من خلال الإعلاء من شأن المواطنة، ومواصلة جهود الإصلاح السياسي التدريجي، ومعالجة مشكلة البطالة، وتمكين المرأة، وتحقيق المزيد من التنسيق والتعاون بين دول المجلس في مختلف المجالات الأمنية والدفاعية والسياسة الخارجية.

بعدها بدأ المنتدى أعماله عبر عقد ثلاث جلسات، الأولى بعنوان quot;دور دول مجلس التعاون الخليجي في المتغيرات الدوليةquot;، والثانية تحت عنوان quot;ديناميكية الأمن الإقليميquot;، والثالثة عن quot;تحولات القوى العالمية ودور القوى التقليديةquot;.

ويركز المنتدى خلال أعماله على أهمية ومستقبل علاقات دول المنطقة مع بقية دول العالم، ورصد المستجدات والتطورات التي تشهدها الساحة الدولية، وتقويمها، وإبراز موقفها منها، إلى جانب تسليط الضوء على علاقات دول مجلس التعاون الخليجي مع المؤسسات الدولية المختلفة، والدور الذي يتعيّن على دول المجلس أن تضطلع به في المرحلة المقبلة.