جنود يحرسون صناديق الاقتراع

أجمع خبراء الاقتصاد على أن حالة الاستقرار ما بعد الانتخابات ستعود بالانتعاش على الاقتصاد المصري، وستدفع بالمستثمرين العرب والأجانب إلى العودة إلى مصر، وإقامة المشاريع فيها. في الوقت نفسه رأوا أن هذه الآمال لن تتحق بسرعة، بل هي بحاجة إلى مزيد من الوقت.


القاهرة:أجمع خبراء الاقتصاد على أن خروج ملايين المصريين للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية في ملحمة حب عبّرت عن عودة الاستقرار والأمان إلى البلاد، سوف تكون لها الأثر الإيجابي الواضح على الاقتصاد المصري، وخروجه من الكبوة التي يعانيها على مدار الأشهر الماضية، حيث سيتأكد العالم من أننا نسير بخطى واثقة نحو الاستقرار الاقتصادي، الذي يحقق تشغيل طاقات المصانع، بما يوفر فرص عمل للشباب، وفتح أسواق جديدة للتصدير.

وقد توضح مدى استقرار البلاد، نتيجة الانتخابات بتحقيق البورصة 20 مليار جنيهًا من خسائرها نتيجة مظاهرات التحرير، ومدى تأثير الجولة الأولى من الانتخابات على الاقتصاد المصري.

عودة الانتعاش

يقول الخبير الاقتصادي حمدي عبد العظيم لـquot;إيلافquot;: إن حالة الإستقرار والوعي، التي خرجت من الشعب المصري في الانتخابات، سوف تمثل انطلاقة جديدة كبرى للاقتصاد المصري بالترويج للاستثمارات في الداخل والخارج، مما يحقق رواجاً كبيرًا في سوق التصدير، وبالتالي زيادة العملة الصعبة لتعويض العجز في الاحتياطي الأجنبي،والذي وصل إلى انخفاض خطر تجاوز التسعة عشر مليار دولارًا.

وقال إن أولى نتائج الانتخابات الإيجابية، تقدُّم عددًا كبيرًا من المستثمرين في الدول العربية والأجنبية، يطلبون الدخول في مشاريع فتح أسواق جديدة للاستثمار، quot;حسب تصريحات لوزير الصناعة والتجارة الخارجية في حكومة تسيير الأعمالquot;، وهو ما يعيد الأمل من جديد نحو تعافي الاقتصاد، ولكن نحن نأمل استمرار هذا الاستقرار لفترة طويلة.

مشيرًا إلى أن هناك مكاسب كبيرة، سوف تعود على الاقتصاد المصري، نتيجة ما حدث في الجولة الأولى من الانتخابات، حيث سيؤدي ذلك إلى تفكير المستثمر الأجنبي بجدية في الدخولإلى السوق المصرية أو التوسع في مشاريع موجودة في مصر، كذلك بالنسبة إلى اللمستثمر المصري، الذي يتوسع في استثماراته في الخارج.

ومن المكاسب أيضًا التأثير الإيجابي في زيادة عجلة الإنتاج، مما سيكون له الأثر في عودة استقرار أسعار السلع في السوق، ووقف الارتفاع الكبير، الذي شهدته الأسواق المصرية أخيرًا، وارتفاع أسعار السلع إلى أكثر من الضعف.

وتوقع الدكتور حمدي عبد العظيم تراجع البنك الدولي عن شروطه السابقة، التي تم فرضها، كذلك عودة مصر إلى ما كانت عليه بالتصنيف الانتمائي؛ مما سيكون له الفائدة الكبرى بتخفيف أعباء الدين المحلي، وسيكون تأثيره الأكبر على معدل النمو.

لكن كل هذه الآمال لن تتحق بالسرعة التي نتوقعها خلال الأيام القليلة المقبلة، ونحن نحتاج مزيدًا من الدفع للاقتصاد المصري، وتهيئة كل العوامل والظروف، التي تكون سببًا لعودة الانتعاش من جديد، وقد يكون نجاح المرحلة الثانية والثالثة من الانتخابات استكمالاً لما نأمله بشأن تحسن الاقتصاد المصري.

تعويض الخسائر

كما يتوقع الدكتور محمد الحسيني أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر تحسناً طفيفاً للاقتصاد المصري، مؤكدًا لـquot;إيلافquot;أن هذا المشهد سوف يكون عاملاً مهماً في عودة رجال الأعمال إلى الاستثمار في الداخل والخارج، وفتح مجالات جديدة للإنتاج باستيعاب العدد الكبير من الشباب العاطل، بسبب توقف عجلة الإنتاج بعد الثورة، والانفلات الأمني والمظاهرات الفئوية.

كما إن استقرار المشهد السياسيي؛ سيكون سببًا لوقف الخسائر اليومية، التي تتكبدها البورصة على مدار الأيام الماضية، بسبب اعتصامات التحرير، والتي وصلت في بعض الأحيانإلى أكثر من عشر مليارات جنيه في اليوم الواحد، كما وصلت خسائر أحداث ميدان التحرير إلى ثلاثين مليون جنيهًا حتى الآن، وفقًا لتقارير المراكز الاقتصادية المتخصصة.

كما توقع الدكتور الحسيني المزيد من التحسن لحال الاقتصاد المصري في ظل رئاسة الدكتور كمال الجنزوري للحكومة الجديدة، حيث تحتاج مصر في هذه المرحلة من لديه الخبرة، والقدرة على التخطيط الاقتصادي السليم، فرئيس الوزراء الجديد تعهّد بأن تكون أولى أولويات الحكومة استعادة انتعاش الاقتصاد المصري بالعمل على إصدار مجموعة من المقترحات لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتقليل نسب الإنتاج والعمالة في البعض الآخر بعد الثورة بسبب عدم استقرار البلاد.

التحسن تدريجي وملموس

يتفق معهم الدكتور العزب منصور أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأميركيةقائلاً لـquot;إيلافquot;: إنه كلما زادت فترة الاستقرار تأثر الإنتاج إيجابيًا، وبالتالي تتأثر حركة التجارة والتعاملات الاقتصادية، مما يتسبب في استقرار الأسعار بشكل إيجابي، ويترتب عليه رفع مستوى المعيشة للأفراد.

معتبرًا أن المشهد الإيجابي، الذي نعيشه الآن بعد بداية الانتخابات، هو المشهد الحقيقي؛ لطمأنة رجال الأعمال المصريين، والأجانب إلى العودة من جديد للاستثمار في مصر، حيث إن ديمقراطية الانتخابات تطمئن المستثمر إلى حقوقه في حال وقوع أي خلاف داخل مصر، وهو الأمر الذي لم يره المستثمر، ويشعر بالأمان على مدار عهد النظام السابق.

وطالب رجال الأعمال في مصر بسرعة استغلال التحسن الملموس، الذي تشهده البلاد، والتعاون مع حكومة الجنزوري، بالدخول في استثمارات جديدة، وخاصة المتعلقة بتقديم الخدمات، وإنتاج السلع الغذائية، التي تعاني ارتفاعًا كبيرًا في الأسواق حاليًا.

وطالب الدكتور منصور جموع المصريين بعدم استعجال الحصول على نتائج إيجابية بشأن التحسن الكبير في الاقتصاد المصري، حيث إن هذا الأمر يحتاج وقتًا كبيرًا نظرًا إلى أن الاقتصاد كان قد وصل إلى مرحلة اللاعودة، حيث زيادة معدلات النمو، والتضخم، وارتفاع الدين المحلي إلى درجة مخيفة.

وتوقع في حال استمرار استقرار البلاد سياسيًا وأمنيًاأن يعود ذلك بالضرورة على المزيد من تحسن الاقتصاد. ورأى أن مؤشرات التحسن المستمرة في البورصة دليل إيجابي على أننا نسيرعلى الطريق السليم.