ليبيا... أمل بغدٍ جديد

آمال وتمنيات يرسمها مقرّبون من الثورة الليبية الجديدة حول مستقبل بلادهم. وبينها عودة الملكية التي يرى فيها جمهورها إستقراراً وأماناً، بينما ينتفض آخرون لتلك الفكرة، ويؤكدون أيضاً رفضهم لرئيس يحكم أكثر من8 سنوات. ويجمع هؤلاء على أن نفوذ الإخوان المسلمين في ليبيا ليس بتلك القوة.


بروكسل: في بهو فندق لا بلازا، ذو الواجهات الفرنسية والأسقف العالية، وسط بروكسل، التي قد تغيّر لسانها إلى الهولندية قريبًا، يتحدث الدكتور محمد ناجي زعبي عن مستقبل بلاده، بعد انتصار الثوار، بأمل في غدجديد.

يقول بصوت واثق، وكأنه ريح خفيفة تهبّ في الصحراء، إن quot;ليبيا لن ترجع إلى الوراء، مهما كان، بعد نجاح الثورةquot;، وذلك بعد زيارة صباحية مرهقة، إلى مقر حلف quot;الناتوquot;، سمع فيها الكثير عن الربيع العربي، وما يقال عن بلاده، وما يتوقعه الآخرون لمستقبلها.

quot;سترى ليبيا جديدة يا صديقي الملكي قريبًا... قريباً جداًquot;. هكذا قال لي بثقة رجل مر بنوافذ العمر المطفأة، نافذة، نافذة، ورأى الكثيرين من رفاق الحرف والحرفة، يساقون إلى المشانق من دون حكم أو محاكمة في ليبيا القذافي.

كيف يمكن أن تكون ليبيا غدًا؟

إقرأ أيضاً
من دفتر ملاحظات صحافي في حلف الناتو 1:
معمر القذافي... الأيام الأخيرة وquot;المغيرات صبحاquot;!

يقول زعبي بهدوء، وهو يسند معطفه على الأريكة الحمراء: quot;لن يختطف أحد ثورتنا. هذا لن يحدث مرة أخرى، ولا يمكن قياس ما يحدث الآن من ثورات الربيع العربي، على الثورات التي كانت موجودة قديماً فلن تقبل الشعوب ديكتاتورًا جديدًاquot;.

ويضيف هذا الصحافي، الذي يعمل في مركز الزنتان الإعلامي: quot;الشارع الآن يحكم، وليس الإنقلابيين، كما سبق وحدث طوال السنوات الماضية في ليبيا وغيرها... تلك كانت انقلابات ضباط. أما ما يحدث الآن هو ثورة شعب وشارعquot;.

إلا أن للملكية الليبية جمهورها أيضًا، وهي الحركة السنوسية التي تحوّلت ملكية، ومُلكًا، وأعاد الثوار علمها إلى الحياة، في أولى أيام ثورة الغضب ضد نظام القذافي.

حسن القلاي، أحد محرري صفحة ثورة 17 فبراير على فايسبوك، والتي يقرأها ما لا يقلّ عن مليوني متصفح منذ أشهر، واحدٌ من الذين يريدون عودة الملكية.

يقول القلاي، الرجل الذي يبتسم أكثر مما يتحدث، عن الملكية: quot;إنها استقرار وأمان، وأتمنى لو كانت لدينا في ليبيا ملكية على طراز الملكيات الأوروبيةquot;. هنا ينتفض زعبي :quot;لا نريد عودة الملكية، بل لا نريد أن نرى رئيساً لأكثر من8 سنواتquot;.

وحول نفوذ جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، يتفق الموجودون على طاولة الحوار، وهم عيون ليبيا الجديدة، علىأنهم quot;موجودون بالفعل على الأرض، لكن نفوذهم ليس بتلك القوة، وبالطبع هنالك عناصر متمردة من هذه الجماعة، لكن حين يحكم القانون وتتطور البلاد، سيستعيد الشعب عافيتهquot;.

ويقول دبلوماسي ليبي، يعمل في سفارة الثورة في بروكسل: quot;المهم أن يكون مرجع أي طرف يفوز في الانتخابات المقبلة ليبيًا مهما يكن، ليبراليًا أو إخوانيًا أو غيره، المهم أن يكون وطنياً. موشكلة الإخوان دومًا أن مرجعتيهم خارجيةquot;.

ويؤكد جلال العشي قائلاً: quot;صدقني سترى كيف ستكون ليبيا... ستكون نموذج المنطقة كلهاquot;.

وفيما بدأ دور قطر يثير انزعاج الكثير من سياسيي ليبيا، خصوصًا وأن نفوذها وصل إلى أنها بدأت تعد زوارها الليبيين، بمناصب في الحكومة الجديدة، يقول العشي، إن quot;قطر دولة صديقة، لا أحد ينكر مساهماتها، لكن العلاقة معها ستكون ضمن الأطر القانونية، والدولة المعترف بهاquot;.

ويضيف هذا الدبلوماسي، الذي عمل مع نظام القذافي، واستمر بعد الثورة في موقعه: quot;لا توجد لديّ معلومات عن الدور القطري في ليبيا حالياً، لكننا نرفض أي تدخل في شؤون إدارة الدولةquot;. لكن هذا ليس رأي الجميع في ليبيا عن دور قطر.

وحول لماذا كانت القاعدة مشاركة فيالانتفاضة ضد نظام القذافي، قال: quot;هذا ليس صحيحاً، فالجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة كانت تعارض القذافي، ولا علاقة لها بالقاعدة أبدًاquot;.

ومعروف أن القاعدة كانت quot;بعبعquot; القذافي، الذي كان يخوّف به الغرب، في حال لو سقط نظامه على يد الثوار، وقت بدء العمليات، التي ظن بثقة أنه سيقمعها بسهولة.

ويتفق الموجودون على طاولة الحديث في هذا الفندق البارد أن أمام ليبيا وقت، لكنه ليس طويلاً، لإعادة بناء البلاد، وتحويلها إلى بلد مؤسسات.

نتحدث عن الغد لساعات، وتمر لحظات من الصمت، نحدق فيها في هذا البهو الرخامي الأنيق، ونكتشف وجود قبة مطلية بالأبيض، وثريات أنيقة من الزجاج، فيما أصواتنا تعلو وتهبط، حتى يتنبه إليها موظفو الفندق المتعبون. الفناجين على الطاولة لم تمسّ، بل لم نتذكر إن كانت هنالك فناجين، أو طاولة حتى. كل ما نفكر فيه هو كيف ستكون ليبيا ما بعد القذافي، وما ينبغي لها أن تكون.