من التظاهرة المحدودة التي طالبت باطلاق سراح الصحافيين

حين بدأت محاكمة الصحافيين التركيين المحبوسين أحمد سيك ونديم سنر بتهم متعلقة بالإرهاب في اسطنبول يوم الـ 22 من شهر تشرين الثاني- نوفمبر الماضي، تجمعت حفنة من زملائهم ndash; بعدد يقل بكثير عن المتوقع ndash; أمام قاعة المحكمة التي ستحدد مصيرهما.

وفي الوقت الذي احتشدت فيه العديد من وسائل الإعلام لمتابعة كواليس المحاكمة، قالت مجلة فورين بوليسي الأميركية إن قضية هذين الصحافيين ربما تمثل النموذج الأبرز لما يعتبرها المنتقدون الحملة القمعية التي تمارسها الحكومة التركية ضد الأصوات المعارضة، والتي حولتها لواحدة من أبرز الحكومات المقيدة لحريات الصحافيين في العالم.

وارتدى المتظاهرون الذين تجمعوا أمام المحكمة قمصان عليها رسوم كاريكاتيرية لِيَدّ وهي تكمم فم ثمة شخص يحاول أن يتلكم. بينما حمل آخرون لافتات مكتوب عليها بالتركية والإنكليزية quot; يا تركيا حرري الصحافيين، فليس هناك وجود لمجتمع حر بدون صحافة حرةquot;. وبما يعكس حالة الخوف التي يعيشها الصحافيون الأتراك نتيجة ما يواجهونه من إجراءات صارمة، نقلت المجلة عن كاتبة عمود شهيرة بيومية هابر تورك، ايسي تيميلكوران، قولها quot;أنا خائفة للغاية. وأعيش في فزعquot;، وذلك على خلفية كتابتها عديد المرات عن ما تعتبره قمعهاً يمارس ضد كل من يعارض حزب العدالة والتنمية أو أردوغان، ويكفي أن محاميها مستعد دائماً حال استدعائها.

وبالفعل، وفي أثناء التظاهرة، تحدث كثيرون إلى تيميلكوران، وقالوا لها quot; المرة القادمة سنكون هنا من أجلكquot;. هذا وقد تم اعتقال سيك وسنر منذ آذار- مارس الماضي، بتهم تبدو للوهلة الأولى مضحكة للغاية. حيث اتهما بانضمامهما لعضوية جماعة متطرفة غامضة يطلق عليها quot;إرغينيكونquot; يقال إنها تحاول التحريض على القيام بانقلاب ضد الحكومة التركية ndash; رغم حقيقة أن سيك معروف في تركيا بكشفه عن تلك الجماعة.

ويعتقد أنصار سيك أنه اصطدم بالنظام القضائي التركي عندما بدأ يحقق في النفوذ الذي تحظى حركة فتح الله غولن، تلك الشبكة الإسلامية القوية التي تعتبر واحدة من أهم ركائز دعم رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان. كما اعتقل سنر على خلفية بحثه في واقعة قتل الصحافي التركي الأرمني هرانت دينك ndash; التي تأكد تورط الشرطة والسلطات التركية بها ndash; وهي الواقعة التي لمست إحدى الجوانب المحرمة بالنسبة لتركيا.

ووفقاً لإحصاءات استندت عليها المجلة في تقريرها الذي خصصته لحقيقة الحرب التي تشنها تركيا على الصحافيين، فإن 76 صحافياً تركياً محتجزون خلف القضبان الآن، وهو العدد الذي يزيد عن عدد الصحافيين المحبوسين في أي دولة أخرى. كما تم حبس أعداد إضافية من الصحافيين مع مجموعة أشخاص تم اعتقالهم مؤخراً من جانب الحكومة التركية، قدرت أعدادهم بـ 40 شخصاً، بعد اتهامهم بالارتباط بالميليشيات الكردية.

ثم مضت فورين بوليسي تنقل في هذا الشأن عن أحد ممثلي جماعة إنسان هاكلاري ديرنيغي التي تعني بمراقبة أوضاع حقوق الإنسان في تركيا، قوله :quot; بدأ حزب العدالة والتنمية يتصرف مثل نظام استبدادي مدني. وبعد النتائج الجيدة التي حققها في الانتخابات، بدأ يشعر مسؤولوه بأنهم أقوياء للغاية، وأن بمقدورهم فعل ما يشاؤون لأن الشعب شرع لهم الصلاحيات والسلطات التي يتمتعون بها، إلى أن باتوا كالطفل المدللquot;.

وفي غضون ذلك، مازال الصحافيون الأتراك يواجهون مصيراً مجهولاً، وهم ينتظرون الحكم المتوقع صدوره بحق سيك وسنر، بعد أن تم تأجيل المحاكمة إلى يوم السادس والعشرين من الشهر الجاري، وسيبقى سيك وسنر في محبسهما على الأقل حتى ذلك الحين.

وأضافت هنا المذيعة التلفزيونية بانو غوفين :quot; لا توجد وسائل إعلام حرة حين يكون لديك حكومة تريد أن تضع كل الأمور تحت سيطرتهاquot;. وفي مقابل ذلك، أكد مدافعون عن الحكومة أن اعتقال هؤلاء الصحافيين ليس له علاقة بمحاولة إسكات المعارضة.