المعارضة السورية وجهت انتقادات للغرب لعدم تحرّكه بشكل جدي ضد نظام الأسد

يعمل كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية على الإعداد سراً لمجموعة من الخيارات لمساعدة المعارضة السورية، بما في ذلك التلويح بخيار إقامة منطقة حظر طيران، والإعداد لمبادرة دبلوماسية كبرى جديدة، في الوقت الذي يتهم فيه البعض إدارة الرئيس باراك أوباما بمماطلتها وترددها في اتخاذ موقف قوي تجاه آلة القمع الأمنية الرهيبة لنظام بشار الأسد. ويقول العديد من المشرعين الأميركيين إن البيت الأبيض يتحرك من الخلف، بينما تركيا وفرنسا والجامعة العربية تبادر بتحركات أكثر فعالية لتشديد الخناق على نظام الأسد.


كشفت صحيفة الـ quot;فورين بوليسيquot; الأميركية عن قيام مسؤولين رفيعي المستوى في الإدارة الأميركية بالإعداد سراً لخيارات محتملة من أجل مساعدة ودعم المعارضة السورية، من بينها التجهيز لمبادرة دبلوماسية كبرى والتلويح بخيار فرض حظر جوي على سوريا ndash; ولو أنه مستبعد في الوقت الراهن - وذلك وسط تصاعد أجواء العنف في سوريا وخروجها عن السيطرة.

وبعد عدة أسابيع من الانتظار، بدأ مجلس الأمن القومي، وبشكل غير رسمي، التحرك من خلال عمل quot;هادئquot; وquot;منسقquot; بين الوكالات لتجميع الخيارات المتاحة لمساعدة المعارضة السورية، وفقاً لما نقلته الصحيفة عن مسؤولين في الإدارة الأميركية.

وأشارت الـ quot;فورين بوليسيquot; إلى الانتقادات التي تواجهها الإدارة الأميركية من أعضاء الكونغرس واتهامهم إياها بالتقاعس عن اتخاذ رد فعل تجاه تدهور الأوضاع الأمنية في سوريا بعد مقتل ما يزيد عن خمسة آلاف مواطن سوري حتى الآن، وفقاً لتقارير اللجنة العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.
ويقول عدد من المشرعين الأميركيين قولهم إن البيت الأبيض ''يعمل في الخفاء'' لدعم المعارضة، في الوقت الذي تعمل فيه كل من تركيا وفرنسا والجامعة العربية على أخذ زمام المبادرة والبحث عن استراتيجيات أكثر صرامة من أجل زيادة الضغط على النظام السوري بقيادة الرئيس بشار الأسد.

ويقود هذه العملية ستيفن سايمون، مدير الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي، بمعية عدد من المسؤولين في وزارة الدفاع والخارجية والخزانة، إلى جانب الوكالات الأخرى ذات الصلة، مع مشاركة مسؤول بارز، ومن أكثر العارفين بهذا الملف، وهو quot;فريد هوفquot;، الذي ينسق الاتصالات مع قادة المعارضة السورية.

لكن المسؤولين الأميركيين نفوا هذه الشائعات، مؤكدين أنهم يتحركون ''بحذر بالغ'' بهدف تجنب زعزعة استقرار سوريا أكثر وأن هذا الحذر يهدف إلى دراسة الديناميكية المعقدة للبلاد قبل التورط أكثر في محاولة حل الأزمة السورية.
وترى الإدارة الأميركية أن الوضع الراهن في سوريا لا يمكن احتماله، وهذا ما يبرز بوضوح في تصريح مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية فريد هوف الذي وصف الرئيس الأسد في وقت سابق من الشهر الجاري على أنه ''رجل ميت يسير على قدمين''، وعليه فإن الإدارة الأميركية تكثف حاليا مباحثاتها حول القضية السورية.

ونقلت الـ''فورين بوليسي'' عن مسؤولين في الإدارة الأميركية، قولهم إنه بعد العديد من الاجتماعات التي عقدتها الإدارة الأميركية لمناقشة الأزمة السورية بدأ مجلس الأمن القومي الإعداد لعملية سرية لايجاد خيارات تهدف إلى تقديم الدعم والمساعدة للمعارضة السورية.
وأضاف مسؤولون أن هذه الخيارات - التي لا تزال قيد البحث- تشمل إنشاء ممر إنساني أو منطقة آمنة للمدنيين السوريين على طول الحدود السورية التركية المشتركة وتوسيع دائرة المساعدات الإنسانية للثوار السوريين وتزويد الأطباء السوريين بالمساعدات الطبية اللازمة والانخراط أكثر بالمعارضة السورية داخل وخارج البلاد وتشكيل مجموعة اتصال دولية أو تعيين منسق خاص للعمل مع المعارضة السورية كما حدث في ليبيا.
ويفضل المسؤولون الأميركيون العمل بحذر والتأكد من معرفتهم وإلمامهم بالأوضاع المعقدة في البلاد قبل أي تدخل، في ظل مخاوف من فراغ للسلطة في البلاد، وفقدان السيطرة على أسلحة خطرة، وأزمة اللاجئين، والاضطرابات في المنطقة، quot;وهذه ليست إلا جزءاً صغيراً من المشاكل التي يمكن أن يخلفها انهيار نظام الأسدquot;، كما عبر بذلك أحد المسؤولين، وأضاف: quot;هذه ليست ليبيا ، فما يحدث في ليبيا يبقى في ليبيا، لكن في سوريا الوضع مختلف والرهانات أكبرquot;.

ويشير أحد المسؤولين الأميركيين المطلعين على النقاشات إلى أن إدارة الرئيس باراك أوباما quot;تنظر الآن في الخيارات المتاحة حول سوريا غير أن هذه الخيارات لاتزال في مرحلتها الأولية'' مضيفاً أن هناك العديد من الأشخاص في الإدارة الأميركية الذين يدركون أن الوضع الراهن في دمشق لا يمكن احتماله كما أن هناك اعترافا داخليا بأن العقوبات المالية المفروضة على الحكومة السورية لن تؤدي إلى إسقاط النظام السوري في المستقبل القريب.
وقال: quot;بعد جولات عديدة من العقوبات المالية التي تم فرضها على قادة النظام السوري والتي لم تثمر عن جدواها، تحول التركيز حالياً إلى دعم المعارضة السورية بشكل مباشرquot;.
واعتبر المسؤول الأميركي أن فراغ السلطة في سوريا والانتشار الواسع لأسلحة الدمار الشامل في البلاد إضافة إلى أزمة اللاجئين وما تشهده الدول العربية الأخرى في المنطقة من ثورات، قد يؤدي في النهاية إلى انهيار النظام السوري.

ومن جانب آخر، أشارت فورين بوليسى إلى استبعاد خيار إقامة ممرات إنسانية، لأن ذلك يتطلب إنشاء منطقة حظر طيران فوق أجزاء من سوريا، بما يتضمن شنّ هجمات واسعة النطاق على الدفاع الجوي السوري ونظم القيادة والتحكم العسكري. وقال مسؤول في الإدارة الأميركية: quot;نظريا قد يعد هذا أحد الخيارات، لكن هذا بعيد جداً عن الواقع ولا أحد يفكر في هذا الأمر بجدية على الأقل في الوقت الراهنquot;.